والله أعلم .
1172 - قوله حدثنا يزيد بن إبراهيم هو التستري ومحمد هو بن سيرين والإسناد كله بصريون قوله وأكثر ظني أنها العصر هو قول بن سيرين بالإسناد المذكور وإنما رجح ذلك عنده لأن في حديث عمران الجزم بأنها العصر كما تقدمت الإشارة إليه قبل قوله ثم قام إلى خشبة في مقدم المسجد أي في جهة القبلة قوله فوضع يده عليها تقدم في رواية بن عون عن بن سيرين بلفظ فقام إلى خشبة معروضة في المسجد أي موضوعة بالعرض ولمسلم من طريق بن عيينة عن أيوب ثم أتى جذعا في قبلة المسجد فاستند إليها مغضبا ولا تنافى بين هذه الروايات لأنها تحمل على أن الجذع قبل اتخاذ المنبر كان ممتدا بالعرض وكأنه الجذع الذي كان صلى الله عليه وسلّم يستند إليه قبل اتخاذ المنبر وبذلك جزم بعض الشراح قوله فهابا أن يكلماه في رواية بن عون فهاباه بزيادة الضمير والمعنى إنهما غلب عليهما احترامه وتعظيمه عن الاعتراض عليه وأما ذو اليدين فغلب عليه حرصه على تعلم العلم قوله وخرج سرعان بفتح المهملات ومنهم من سكن الراء وحكى عياض أن الأصيلي ضبطه بضم ثم اسكان كأنه جمع سريع ككثيب وكثبان والمراد بهم أوائل الناس خروجا من المسجد وهم أصحاب الحاجات غالبا قوله فقالوا أقصرت الصلاة كذا هنا بهمزة الاستفهام وتقدم في رواية بن عون بحذفها فتحمل تلك على هذه وفيه دليل على ورعهم إذ لم يجزموا بوقوع شيء بغير علم وهابوا النبي صلى الله عليه وسلّم أن يسألوه وإنما استفهموه لأن الزمان زمان النسخ وقصرت بضم القاف وكسر المهملة على البناء للمفعول أي أن الله قصرها وبفتح ثم ضم على البناء للفاعل أي صارت قصيره قال النووي هذا أكثر وارجح قوله ورجل يدعوه النبي صلى الله عليه وسلّم أي يسميه ذا اليدين والتقدير وهناك رجل وفي رواية بن عون وفي القوم رجل في يده طول يقال له ذو اليدين وهو محمول على الحقيقه ويحتمل أن يكون كناية عن طولها بالعمل أو بالبذل قاله القرطبي وجزم بن قتيبة بأنه كان يعمل بيديه جميعا وحكى عن بعض شراح التنبيه أنه قال كان قصير اليدين فكأنه ظن أنه حميد الطويل فهو الذي فيه الخلاف وقد تقدم أن الصواب التفرقه بين ذي اليدين وذي الشمالين وذهب الأكثر إلى أن اسم ذي اليدين الخرباق بكسر المعجمه وسكون الراء بعدها موحده وآخره قاف اعتمادا على ما وقع في حديث عمران بن حصين عند مسلم ولفظه فقام إليه رجل يقال له الخرباق وكان في يده طول وهذا صنيع من يوحد حديث أبي هريرة بحديث عمران وهو الراجح في نظرى وأن كان بن خزيمة ومن تبعه جنحوا إلى التعدد والحامل لهم على ذلك الاختلاف الواقع في السياقين ففي حديث أبي هريرة أن السلام وقع من اثنتين وأنه صلى الله عليه وسلّم قام إلي خشبة في المسجد وفي حديث عمران أنه سلم من ثلاث ركعات وأنه دخل منزله لما فرغ من الصلاة فأما الأول فقد حكى العلائي أن بعض شيوخه حمله على أن المراد به أنه سلم في ابتداء الركعة الثالثة واستبعده ولكن طريق الجمع يكتفى فيها بأدنى مناسبة وليس بأبعد من دعوى تعدد القصة فإنه يلزم منه كون ذي اليدين في كل مرة استفهم النبي صلى الله عليه وسلّم عن ذلك واستفهم النبي صلى الله عليه وسلّم الصحابة عن صحة قوله وأما الثاني فلعل الراوي لما رآه تقدم من مكانه إلى جهة الخشبة ظن أنه دخل منزله لكون الخشبه كانت في جهة منزله فإن كان كذلك وإلا فرواية أبي هريرة أرجح لموافقة بن عمر له على سياقه كما أخرجه الشافعي وأبو داود وبن ماجة وبن خزيمة ولموافقة ذي اليدين نفسه له على سياقه كما أخرجه أبو بكر الأثرم وعبد الله بن أحمد في زيادات المسند وأبو بكر بن أبي خيثمة وغيرهم وقد تقدم في باب تشبيك الأصابع ما يدل على أن محمد بن سيرين راوي الحديث عن أبي هريرة كان يرى التوحيد بينهما وذلك أنه