وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

الله تعالى فسنة مني ماضية فإن لم يكن سنة مني فما قال أصحابي بمنزلة النجوم في السماء فأيما أخذتم به أهتديتم وإختلاف أصحابي لكم رحمة وأراد بهم صلى الله تعالى عليه وسلم خواصهم البالغين رتبة الإجتهاد والمقصود بالخطاب من دونهم فلا إشكال فيه خلافا لمن وهم والروايات عن السلف في هذا المعنى كثيرة .
فقد أخرج البيهقي في المدخل عن القاسم بن محمد قال : إختلاف أصحاب محمد رحمة لعباد الله تعالى وأخرجه إبن سعد في طبقاته بلفظ كان إختلاف أصحاب محمد رحمة للناس وفي المدخل عن عمر بن عبدالعزيز قال : ما سرني لو أن أصحاب محمد لم يختلفوا لأنهم لو لم يختلفوا لم تكن رخصة وأعترض الإمام السبكي بأن إختلاف أمتي رحمة ليس معروفا عند المحدثين ولم أقف له على سند صحيح ولا ضعيف ولا موضوع ولا أظن له أصلا إلا أن يكون من كلام الناس بأن يكون أحد قال إختلاف الأمة رحمة فأخذه بعضهم فظنه حديثا فجعله من كلام النبوة وما زلت أعتقد أن هذا الحديث لا أصل له وأستدل على بطلانته بالآيات والأحاديث الصحيحة الناطقة بأن الرحمة تقتضي عدم الإختلاف والآيات أكثر من أن تحصى ومن الأحاديث قوله صلى الله تعالى عليه وسلم : إنما هلكت بنو إسرائيل بكثرة سؤالهم وإختلافهم على أنبيائهم وقوله E : لا تختلفوا فتختلف قلوبكم هو وإن كان واردا في تسوية الصفوف إلا أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ثم قال : والذي نقطع به أن الإتفاق خير من الإختلاف وأن الإختلاف على ثلاثة أقسام أحدها في الأصول ولا شك أنه ضلال وسبب كل فساد وهو المشار إليه في القرآن والثاني في الآراء والحروب ويشير إليه قوله صلى الله تعالى عليه وسلم لمعاذ وأبي موسى لما بعثهما إلى اليمين : تطاوعا ولا تختلفا ولا شك أيضا أنه حرام لما فيه من تضييع المصالح الدينية والدنيوية والثالث في الفروع كالإختلاف في الحلال والحرام ونحوهما والذي نقطع به أن الإتفاق خير منه أيضا لكن هل هو ضلال كالقسمين الأولين أم لا فيه خلاف فكلام إبن حزم ومن سلك مسلكه ممن يمنع التقليد يقتضي الأول وأما نحن فإنا نجوز التقليد للجاهل وألاخذ عند الحاجة بالرخصة من أقوال بعض العماء من غير تتبع الرخص وهو يقتضي الثاني ومن هذا الوجه قد يصح أن يقال : الإختلاف رحمة فإن الرخص منها بلا شبهة وهذا لا ينافي قطعا القطع بأن الإتفاق خير من الإختلاف فلا تنافي بين الكلامين لأن جهة الخيرية تختلف وجهة الرحمة تختلف فالخيرية في العلم بالدين الحق الذي كلف الله تعالى به عباده وهو الصواب عنده والرحمة في الرخصة له وإباحة الإقدام بالتقليد على ذلك ورحمة نكرة في سياق الإثبات لا تقتضي العموم فيكتفي في صحته أن يحصل في الإختلاف رحمة ما في وقت مافي حالة ماعلى وجه مافان كان ذلك حديثا فيخرج على هذا وكذا إن لم يكنه وعلى كل تقدير لا نقول إن الإختلاف مأمور به والقول بأن الإتفاق مأمور به يلتفت إلى أن المصيب واحد أم لا فإن قلنا : إن المصيب واحد وهو الصحيح فالحق في نفس الأمر واحد والناس كلهم مأمورون بطلبه وإتفاقهم عليه مطلوب والإختلاف حينئذ منهي عنه وإن عذر المخطيء وأثيب على إجتهاده وصرف وسعه لطلب الحق .
فقد أخرج البخاري ومسلم وأبو داؤد والنسائي وإبن ماجه من حديث عمرو بن العاص إذا حكم الحاكم فأجتهد وأصاب فله أجران وإذا حكم فأجتهد فأخطأ فله أجر وكذلك إذا قلنا بالشبه كما هو قول بعض الأصوليين وأما إذا قلنا : كل مجتهد مصيب فكل أحد مأمور بالإجتهاد وبإتباع ما غلب على ظنه فلا يلزم أن يكونوا كلهم مأمورين بالإتفاق ولا أن لا يكون إختلافهم منهيا عنه وإطلاق الرحمة على هذا التقدير