كما يشعر به التعرض لعنوان الربوبية وقيل : يحتمل أن يكون الامر بالذكر شكرا للنعمة مطلقا لا في خصوص تلك الايام وأن يكون في جمع أيام الحمل لتعود بركاته اليه والمنساق إلى الذهن هو الاول والجملة مؤكدة لما قبلها مبينة للغرض منها واستشكل العطف من وجهين : الاول عطف الإنشاء على الإخبار والثاني عطف المؤكد على المؤكد وأجيب بأنه معطوف على محذوف أي اشكر واذكر وقيل : لا يبعد أن يجعل الامر بمعنى الخبر عطفا على لا تكلم فيكون في تقدير أن الكلام وتذكر ربك ولا يخفى ما فيه كثيرا صفة لمصدر محذوف أو زمان كذلك أي ذكرا كثيرا وزمانا كثيرا وسبح بالعشي وهو من الزوال إلى لبغروب قاله مجاهد وقيل : من العصر إلى ذهاب صدر الليل والإبكر .
14 .
- أي وقته وهو من الفجر إلى الضحى وإنما قدر المضاف لأن الإبكار بكسر الهمزة لا وقت فلا تحسن المقابلة كذا قيل : وهو مبني على أن العشي جمع عشية الوقت المخصوص واليه ذهب أبو البقاء والذي ذهب اليه المعظم أنه مصدر أيضا على فعيل لا جمع واليه يشير كلام الجوهري فافهم وقرئ والأبكار بفتح الهمزة فهو حينئذ جمع بكر كسحر لفظا ومعنى وهو نادر الاستعمال قيل : والمراد بالتسبيح الصلاة بدليل تقييده بالوقت كما في قوله تعالى : فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون وقبل : الذكر اللساني كما أن المراد بالذكر الذكر القلبي وعلى كلا التقديرين لا تكرار في ذكر التسبيح مع الذكر و أل في الوقتين للعموم وأبعد من جعلها للعهد أي عشي تلك الايام الثلاثة وأبكارها والجار والمجرور متعلق بما عنده وليس من باب التنازع في المشهور وجوزه بعضهم فيكون الامر بالذكر مقيدا بهذين الوقتين أيضا وزعم بعضهم أن تقييده بالكثرة يدل على أنه لا يفيد التكرار وفيه بعد تسليم أنه مقيد به فقط أن الكثرة أخص من التكرار .
وهذا ومن باب البطون في الآيات أن زكريا عليه السلام كان شيخا هما وكان مرشدا للناس فلما رأى ما رأى تحركت غيرة النبوة فطلب من ربه ولدا حقيقيا يقوم مقامه في تربية الناس وهدايتهم فقال : رب هب لي من لدنك ذرية طيبة أي مطهرة من لوث الاشتغال بالسوى منفردة عن إراداتها مقدسة من شهواتها فنادته الملائكة وهو قائم على ساق الخدمة يصلي في المحراب وهو محل المراقبة ومحاربة النفس إن الله يبشرك بيحي وسمي به لأن من شاهد الحق في جمال نبوته يحيا قلبه من موت الفترة أو لأنه هو يحيا بالنبوة والشهادة مصدقا بكلمة من الله وهو ما ينزل به الملك على القلوب المقدسة وسيدا وهو الذي غلب عليه نور هيبة عزة الحق وقال الصادق : هو المباين للخلق وصفا وحالا وخلقا وقال الجنيد : هو الذي جاد بالكونين طلبا لربه وقال ابن عطاء : هو المتحقق بحقيقة الحق وقال ابن منصور : هو من خلا عن أوصاف البشرية وحلى بنعوت الربوبية وقال محمد بن علي : هو من استوت أحواله عند المنع والاعطاء وارد والقبول وحصورا وهو الذي حصر ومنع عن جميع الشهوات وعصم بالعصمة الازلية وقال الاسكندراني : هو المنزه عن الأكوان وما فيها ونبيا أي مرتفع القدر بهبوط الوحي عليه ومعددا من الصالحين وهم أهل الصف الأول من صفوف الأرواح المجندة المشاهدة للحق في مرايا الخلق قال استعظاما للنعمة : أنى يكون لي غلام والحال قد بلغني الكبر وهو أحد الموانع العادية وامرأتي عاقر وهو مابع آخر قال كذلك الله يفعل ما يشاء حسبما تقتضيه الحكمة قال رب اجعل لي آية على العلوق لأشكرك على هذه النعمة إذ شكر المنعم واجب وبه تدوم المواهب الالهية قال آيتك