بيصلي أو على تقدير كون يصلي حالا من ضمير قائم لان العامل فيه وفي الحال شئ واحد فلا يلزم الفصل بالأجنبي كما يلزم على التقادير الباقية كذا قوله والذي يظهر أن المسألة من باب التنازع فان كلا من قائم و يصلي يصح أن يتسلط على في المحراب على أي وجه تقدم من وجوه الاعراب فتدبر .
ثم أعلم أن الصلاة في المحاريب المشهورة الموجودة الآن في مساجد المسلمين قد كرهها جماعة من الأئمة وإلى ذلك ذهب على كرم الله وجهه وإبراهيم C فيما أخرجه عنهما ابن أبي شيبة وهي من البدع التي لم تكن في العصر الأول فعن أبي موسى الجهني قال : قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم : لا يزال أمتي بخير مالم يتخذوا في مساجدهم مذابح كمذابح النصارى وعن عبدالله بن أبي الجعد قال : كان أصحاب محمد صلى الله تعالى عليه وسلم يقولون : إن من أشراط الساعة أن تتخذ المذابح في المساجد وعن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قال : اتقوا هذه المذابح يعني المحاريب والروايات في ذلك كثيرة وللإمام السيوطي رسالة مستقلة فيها أن الله يبشرك بيحيى أي بان الله وبعد إسقاط حرف الجر المطرد في أن وإن يجوز في المنسبك اعتبار النصب واعتبار الجر والأول مذهب سيبويه والثاني مذهب الخليل وقرأ نافع وابن عامر بكسر همزة إن وخرج على إضمار القول وهو مذهب البصريين أو على إجراء النداء مجرى القول لأنه نوع منه وهو مذهب الكوفيين وقرأ حمزة والكسائي يبشرك من الإبشار وقرأ يبشرك من الثلاثي .
أخرج ابن جرير عن معاذ الكوفي قال : من قرأ يبشر مثقلة فإنه من البشارة ومن قرأ يبشر مخففة بنصب الياء فانه من السرور ويحيى اسم أعجمي على الصحيح وقيل : عربي منقول من الفعل والمانع من الصرف على الاول العلمية والعجمية وعلى الثاني العلمية ووزن الفعل والقول بأنه لا قاطع لمنع صرفه لاحتمال أن يكون مبنيا بجعل العلم جملة بأن يكون فيه ضمير كما في قوله : نبئت أخوالي بني يزيد ليس بشئ لما في ذلك الاحتمال من التكلف المستغنى عنه ما يكاد يكون دليلا قطعيا للقطع والقائلون بعربيته منهم من وجه تسميته بذلك بأن الله تعالى أحيا به عقر أمه وروى عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ومنهم من وجه ذلك بأن الله تعالى أحيا قلبه بالإيمان وروى عن قتادة وقيل : سمى بيحي لانه علم الله سبحانه أن يستشهد والشهداء أحياء عند ربهم يرزقون وقيل : لانه يحيا بالعلم والحكمة اللتين يؤتاهما وقيل : لان الله يحي به الناس بالهدى قال القرطبي : كان اسمه في الكتاب الأول حيا ورأيت في إنجيل متى أنه عليه السلام كان يدعى يوحنا المعمداني لما أنه كان يعمد الناس في زمانه على ما يحكيه كتب النصارى وجمع م يحي م يحبون رفعا ويحيين جرا ونصبا وتثنيته كذلك يحييان ويحيين ويقال في النسب إليه : يحيى بحذف الالف ويحتوي بقلبها واوا ويحياوى بزيادة ألف قبل الواو المنقلبة عن الألف الاصلية وفي تصغيره يحيى بوزن فعيعل قال مولانا شيخ الاسلام : وينبغي أن يكون هذا الكلام إلى آخره محليا بعبارة من الله D على منهاج قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله الآية كما يلوح به مراجعته عليه السلام في الجواب اليه تعالى بالذات لا بواسطة الملك والعدول عن إسناد التبشير بنون العظمة حسبما وقع في سورة مريم للجري على سنن الكبرياء كما في قول الخلفاء : امير المؤمنين يرسم لك كذا وللايذان بأن ما حكى هناك من النداء والتبشير وما يترتب عليه من المحاورة كان كل ذلك بواسطة الملك بطريق الحكاية منه سبحانه لا بالذات كما هو المتبادر وبهذا يتضح اتحاد المعنى في السورتين الكريمتين فتأمل انتهى وكان الداعي إلى