والعقلاء ففى ذلك تنفير عنها وترغيب فيما عند الله تعالى والمزين هو الله تعالى كما أخرجه ابن أبى حاتم عن عمر بن الخطاب رضى الله تعالى عنه وروى عن الحسن الشيطان والله زينها لهم لانا لا نعلم أحدا اذم لها من خالقها وفى الانتصاف التزيين للشهوات يطلق ويراد به خلق حبها فى القلوب وهو بهذا المعنى مضاف اليه تعالى حقيقة لانه لا خالق إلا هو ويطلق ويراد به الحض على تعاطى الشهوات المحضورة فتزيينها بالمعنى الثانى مضاف إلى الشيطان تنزيلا لوسوسته وتحسينه منزلة الأمر بهل والحض على تعاطيها وكلام الحسن رحمة الله تعالى محمولا على التزين بالمعنى الثانى لا بالمعنى الاول فانه يتحاشى أن ينسب خلق الله تعالى إلى غيره والاسناد فى كل حقيقة كما أشرنا اليه فيما تقدم ومن قال : الظاهر أنه من قبيل أقدمنى بلدك حق لى عليك إذ لا إقدام هنا بل قدوم محض أثبت له مقدم للمبالغة والمراد أن الشهوات زينت فى أعينهم لنقصانهم ولا زينة لها فى الحقيقة من غير أن يكون هناك مرين إلا أنه أثبت مزين مبالغة فى الزينة وتنزيلا لسبب الزينة منزلة الفاعل فقد تعسف وتصلف ومن قال : المزين فى الحقيقة هو الشيطان لان التزيين صفة تقوم به .
والقائل : بأنه هو الله تعالى لانه الخالق للافعال والدواعى مخطئ فى الدعوى وغير مصيب فى الدليل فالمخطئ ابن أخت خالته وقرأ مجاهد زين بالبناء للفاعل ونصب حب من النساء والبنين فى محل النصب على الحال من الشهوات وهى مفسرة لها فى المعنى وقيل : من لبيان الجنس وقدم النسء لعراقتهن فى معنى الشهوة وهن حبائل الشيطان وقد روى عنه صلى الله تعالى عليه وسلم أنه قال : ما تركت بعدى فتنة أضر على الرجال من النساء ويقال : فيهن فتنتان قطع الرحم وجمع المال من الحلال والحرام وثنى بالبنين لأنهم من ثمرات النساء فى الفتن وقد روى عنه صلى الله تعالى عليه وسلم أنه قال : الولد مبخلة مجبنة ويقال فيهم فتنة واحدة وهى جمع المال ولم يتعرض لذكر البنات لعدم الاطراد فى حبهن وقيل : إن البنين تشملهن على سبيل التغليب والقناطير المقنطرة جمع قنطار وهو المال الكثير كما أخرجه ابن جرير عن الضحاك .
وأخرج أحمد عن أبى هريرة قال : قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم : القنطار إثنا عشر ألف أوقية وأخرج الحاكم عن أنس قال : سئل رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم عن ذلك فقال : القنطار ألف أوقية وفى رواية ابن أبى حاتم عنه القنطار ألف دينار وأخرج ابن جرير عن أبى بن كعب قال : قال رسول الله : القنطار ألف أوقية ومائتا دينار وعن معاذ ألف ومائتا أوقية وعن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما اثنا عشر ألف درهم وألف دينار وفى رواية أخرى عنه ألف ومائتا دينار ومن الفضة ومائتل مثقال وعن أبى سعيد الخدرى ملء جلد الثور ذهبا وعن مجاهد سبعون الف دينار وعن ابن المسيب ثمانون الفا وعن أبى صالح مائة رطل وعن قتادة قال : كنا نحدث أن القنطار مائة رطل من الذهب او ثمانون الفا من الورق وعن أبى جعفر خمسة عشر الف مثقال والمثقال اربعة وعشرون قيراطا وقيل : القنطار عند العرب وزن لا يحد وقيل : ما بين السماء والأرض من مال وغير ذلك ولعل الأولى كما قيل : ما روى عن الضحاك ويحمل التنصيص على المقدار المعين فى هذه الاقوال على التمثيل لا التخصيص والكثرة تختلف بحسب الاعتبارات والاضافات واختلف فى وزنه فقيل م فعلان وقيل : فعنلان فالنون على الاول أصلية وعلى الثانى زائدة ولفظ المقنطرة مأخوذ منه ومن عادة العرب أن يصفوا الشئ بما يشتق منه للمبالغة كظل ظليل وهو كثير