والنصرة وليس من باب قول المتنبى : شجو حساده وغيظ عداه أن يرى مبصر ويسمع واع على ما زعم الطيبى واستدل بالاية على أن السمع والبصر صفتان زائدتان على العلم بناء على أن قوله تعالى اننى معكما دال على العلم ولو دل اسمع وارى عليه ليضا لزم التكرار وهو خلاف الأصل .
فاتياه أمر باتيانه الذي هو عبارة عن الوصول اليه بعدما أمر بالذهاب اليه فلا تكرار وهو عطف على لا تخافا باعتبار تعليله بما بعده فقولا انا رسول ربك أمرا بذلك تحقيقا للحق من أول الأمر ليعرف الطاغية شأنهما ويبنى جوابه عليه وفي التعرض لعنوان الربوبية مع الأضافه إلى ضميره من اللطف ما لا يخفى وان رأى اللعين أن في ذلك تحقيرا له حيث أنه يدعى الربوبية لنفسه ولا يعد ذلك من الاغلاط في القول وكذا قوله تعالى فارسل معنا بنى اسرائيل إلى أخره خلافا للامام والفاء في فارسل لترتيب ما بعدها على ما قبلها فان كونهما عليه السلام رسولى ربه تعالى مما يوجب ارسالهم معهما والمراد بالارسال اطلاقهم من الاسر وأخراجهم من تحت يده العادية لا تكليفهم أن يذهبوا معهما إلى الشام كما ينبئ عنه قوله سبحانه ولا تعذبهم أي بابقائهم على ما كانوا عليه من العذاب فانهم كانوا تحت ملكة القبط يستخدمونهم في الأعمال الشاقة كالحفر والبناء ونقل الاحجار وكانوا يقتلون ابناءهم عاما دون عام ويستخدمون نساءهم ولعلهما إنما بدا ابطلب ارسال بنى اسرائيل دون دعوة الطاغية وقومة إلى الأيمان للتدريج في الدعوة فان اطلاق الاسرى دون تبديل الاعتقاد وقيل : لأن تخليص المؤمنين من الكفرة اهم من دعوتهم إلى الأيمان وهذا بعد تسليمه مبنى على أن بنى اسرائيل كانوا مؤمنين بموسى عليه السلام في الباطن أو كانوا مؤمنين بغيره من الأنبياء عليهم السلام ولا بد لذلك من دليل وقيل : إنما بدا ابطلب ارسالهم لما فيه من ازالة المانع عن دعوتهم واتباعهم وهى اهم من دعوة القبط .
وتعقب بأن السياق هنا لدعوة فرعون ودفع طغيانه فهى الأهم دون دعوة بنى اسرائيل وقيل : أنه أول ما طلبا منه الأيمان كما ينبى عن ذلك آية النازعات إلا أنه لم يصرح به هنا اكتفاء بما هناك كما أنه لم يصرح هناك بهذا الطلب اكتفاء بما هنا وقوله تعالى : قد جئناك باية من ربك استئناف بيانى وفيه تقرير لما تضمنه الكلام السابق من دعوى الرسالة وتعليل لوجوب الارسال فان مجيئهما باية من جهته تعالى مما يحقق رسالتهما ويقررها ويوجب الأمتثال بأمرهما واظهار اسم الرب في موضع الاضمار مع الأضافة إلى ضمير المخاطب لتاكيد ما ذكر من التقرير والتعليل وجئ بقد للتحقيق والتاكيد ايضا وتكلف لافادتها التوقع وتوحيد الآية مع تعددها لأن المراد اثبات الدعوى ببرهانها لا بيان تعدد الحجة فكانه قيل : قد جئناك بما يثبت مدعانا وقيل : المراد بالاية اليد وقيل : العصا والقولان كما ترى .
والسلام على من اتبع الهدى .
47 .
- أي السلامة من العذاب في الدارين لمن اتبع ذلك بتصديق ايات الله تعالى الهادية إلى الحق فالسلام مصدر بمعنى السلامة كالرضاع والرضاعة وعلى بمعنى اللام كما ورد عكسه في قوله تعالى لهم اللعنة وحروف الجر كثيرا ماتتقارض وقد حسن ذلك هنا المشاكلة حيث جئ بعلى في قوله تعالى انا قد أوحى الينا من جهة ربنا ان العذاب الدنيوى والأخروى على من كذب بآياته