مشكلة خلل التواصل لدى الاقليات الاسلامية
د. مصطفى بن صالح باجو
أستاذ محاضر بجامعة الأمير عبدالقادر للعلوم الاسلامية- قسنطينة- الجزائر
الحمد لله الذي ارتضى لنا الإسلام خير دين، والصلاة والسلام على من جاء رحمة للعالمين، وعلى آله وأصحابه الأكرمين، ومن سلكوا المنهج المستبين، فكانوا نجوما للسارين إلى يوم الدين.
السادة الأفاضل رواد الأمة وأئمتها المهتدين، ورعاة الأمانة العظمى؛ من العلماء والمجتهدين، والدعاة والمفكرين، سلام قولا من رب رحيم، وبعد؛
فأتقدم بين يدي هذه الورقة بإسداء جزيل الشكر للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية على جهوده المباركة، ومساعيه الحميدة لحمل همّ الأمة، وبذل ما في الوسع لتناول مشكلاتها الآنية والمستقبلية، وتوفير الجو الإيماني الطيب لتتضافر جهود علماء الأمة في البحث عن حل لهذه المشكلات، حتى تسترد الأمة دورها الريادي المفقود، وتحقق شهودها الحضاري المنشود. وأخص بالذكر في صدارة هذه المؤسسة المباركة أمينها العام سماحة آية الله الشيخ محمد علي التسخيري، ومن معه من الثلة الطيبة من العلماء والمفكرين، والشباب العاملين لإنجاح هذا المؤتمر العالمي المتميز، الذي ظل متجددا على امتداد قرابة عقدين من الزمان، حتى شهدنا انعقاد المؤتمر التاسع عشر هذا العام، وهو ما يسجل بمداد الفخر لهذا البلد المضياف، بلد كان ولا يزال رائدا في خدمة قضايا الأمة، وتجديد عزة المسلمين رغم كيد الكائدين والحاسدين، وما ينسجون من أحابيل مما يظهرون وما يضمرون، ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون.
الموضوع الأساس لهذا المؤتمر حول "المسلمون في الأقطار غير الإسلامية؛ حقوقهم، واجباتهم، مشاكلهم، وحلولها".
والتزامًا بالمحاور المقترحة في ورقة الدعوة الموجهة للمشاركين، فقد وقع اختياري على المحور الثالث، الذي يتناول المشكلات والحلول، وحددت من هذه المشكلات مشكلة "خلل التواصل لدى الأقليات الإسلامية"
وقد يتساءل البعض: لماذا البحث في موضوع الأقليات الإسلامية؟
وما موقع هذا الموضوع ضمن اهتمامات ومشاكل المسلمين العالمية؟
هل وجود هذه الأقليات وضع طبيعي؟ وهل استمرار هذا الوجود أمر ضروري؟
أم إنها حالة استثنائية عارضة، نسعى لإزالتها وتعميم غلبة المسلمين حيثما وجدوا، حتى لا يظلوا أقلية ينالون الازدراء، وينظر إليها نظرة شزراء، فتكون قلة عددهم سببا في جلب المشكلات لهم، ويجد المسلم الغريب عن أهله حرجا في المقام بأرض غيره، حين يجد الخوف عن الأمن بديلا، ولا يجد إلى الاستقرار سبيلا.
لقد كان التنبّه إلى وجوب الاهتمام بالأقليات الإسلامية في العالم، جزءاً من حركة اليقظة الشاملة حين أخذت الشعوب الإسلامية تتحرّر من أغلال الاستعمار الأوروبي، وإن تفاوت الاهتمام بها من مرحلة إلى أخرى، تبعاً لتباين مستوى الوعي بقضايا العالم الإسلامي في شتى المجالات السياسية والثقافية والفكرية. ثم غدا الاهتمام بالأقليات الإسلامية اليوم محورا أساسيا في العمل الإسلامي المعاصر، حين تكاثرت المشكلات التي تواجه هذه الأقليات وتعقدت في العقود الأخيرة، وصاحبها تصعيد أزمة العنصرية والعداء للإسلام عقيدةً وثقافةً وحضارةً.
لذا كان لزاما علينا أن نحلل الواقع وندرس الوضع بإيجابياته وسلبياته، ونتخذ الأسباب لعلاج مشكلاته. ولنا أن نتفاءل بعد ذلك أن ليس بعيدا ولا مستحيلا على الأقليات الإسلامية إذا كانت متمسكة بدينها؛ متماسكة فيما بينها، أن تصبح هي الأكثرية في مستقبل الأيام، ويصبح البلد بكامله دار إسلام، وتتغير الموازين والمواقع والمفاهيم، وهذا ما حدث بالفعل في اندونيسيا وماليزيا، وحدث قبل ذلك في كل البلدان التي رأت نور الإسلام منذ فجر الدعوة عبر امتداد تاريخ أمتنا المجيدة.
مفهوم الأقليات:
تتفق تعاريف الأقليات على تنوع عباراتها أنها مجموعة من سكان قطر أو إقليم أو دولة ما؛ تخالف الأغلبية في الانتماء العرقي أو اللغوي أو الديني ، دون أن يعني ذلك بالضرورة موقفاً سياسياً متميزاً([1]).
ومن ثم يمكن القول : إن الأقلية الإسلامية هي كل مجموعة بشرية تعيش بين مجموعة أكبر منها ، وتختلف عنها في كونها تنتمي إلى الإسلام ، وتحاول بكل جهدها الحفاظ عليه.
ويذكر بعض الباحثين أن مصطلح "الأقليات الإسلامية" كان وليد ضعف دولة الإسلام، حين فقدت نفوذها وهيبتها أمام مطامع الدول المتربصة بها.
فمصطلح الأقليات في نظر هؤلاء ليس مصطلحاً إسلامياً، وإنما هو مصطلح سياسي جديد بدأ ظهوره واستعماله بشكل كبير في بداية العهد الاستعماري الحديث.
ولكن الحقيقة أن الأقليات الإسلامية كانت موجودة أول الإسلام، وإن لم يوظَّف هذا المصطلح في أدبيات التخاطب بين الناس.
وقد استعمل القرآن لفظ "الفئة القليلة" في قوله تعالى: )كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ الله([سورة البقرة:249].
كما نجد في القرآن تأكيد حقيقة الأقليات حين وضع قاعدة هامة؛ هي قلة الشاكرين المؤمنين، في مقابل جحافل الجاحدين الكافرين لأنعم الله، المستكبرين عن الإذعان للخالق رب العالمين. وقد قال الله لرسوله e: )وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَو حَرَصْتَ بِمْؤمِنِينَ([سورة يوسف:103]. وقال أيضا مسلّيا: )وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُم جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِين([سورة يونس:99]. وقال أيضا: )وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ([سورة سبإ:13].
ولو أننا وسّعنا مفهوم الأقلية إلى هذا الأفق القرآني الرحيب، لحكمنا على كثير من المسلمين بأنهم أقلية في أوطانهم الأصلية، واعتبرنا الملتزمين بهدي المصطفى -القابضين على دينهم كالقابض على الجمر- أقلية وسط حشود الملايين ممن لا يعرفون من الإسلام إلا رسمه، ولا يحملون منه إلا اسمه.
بيد أننا -التزاما بحدود المصطلح المتعارف عليه، وتقيّدًا بمحاور المؤتمر- سنحصر حديثنا على الأقليات الإسلامية التي تعيش في بلدان غير إسلامية حسب ظاهر تلك الأقليات وغالب ما في تلك البلدان.
حماية الإسلام للأقليات:
جدير بنا قبل الإفاضة في موضوع الأقليات أن ننوّه بحقيقة جوهرية ثابتة، تمثل روح دين الإسلام، وهي ما يمتاز به من مرونة في التعايش مع مختلف البيئات الفكرية والثقافية والاجتماعية، حين جعل "التسامح"، مبدأ ومنهجا في التعامل مع الناس، وجسده واقعا حقيقيا في كثير من التشريعات والأحكام، إن على صعيد الحقوق الشخصية، أو الاجتماعية أو الفكرية، أو العلاقات الدولية.
وما صحيفة المدينة التي أنشأها رسول الله e حين هاجر إلى المدينة، واتخذها دستور الدولة الإسلامية الأولى إلا ترجمان لهذه الحقيقة الكبرى، فقد أقر الرسول e ودوّن في هذه الصحيفة حقوق الأقليات الدينية المساكنة مع المسلمين في المدينة المنورة، وضمن لها حريتها وكرامتها، وأحاطها بالحماية والرعاية، في أرواح أهلها وأبدانهم، ودمائهم وأعراضهم، ما استقاموا للمسلمين؛ فلم يعينوا عليهم عدوًّا، ولم ينكثوا لهم عهدا.
بهذه الخصيصة استطاع الإسلام احتضان البشر واستيعابهم واجتذابهم إلى قيمه ومبادئه، مذكرا لهم بوحدة أصل البشرية قاطبة، بصريح القرآن: )يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ([سورة الحجرات:13]. وقول النبيّ e: «كلكم لآدم وآدم من تراب»([2]). فكانت الكرامة الإنسانية ثمرة هذا الأصل المشترك، وغدا التعايش ضرورة لا مناص منها بين الجميع، مهما اختلفت الألوان والأديان، وتباينت اللغات والثقافات.
كما تتجلى سماحة الإسلام في أنه يقرّ باشتراك الديانات في أصول عامة؛ هي توحيد الله، والإيمان بالبعث والجزاء، وإثبات أصول الأحكام والأخلاق. بل إن القرآن ينهى عن سب آلهة المشركين إذا أفضى ذلك إلى سب الله رب العالمين، فقد قال الله تعالى: )وَلاَ تَسُبُّوا الذِّينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللهِ فَيَسُبُّوا اللهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ([سورة الأنعام:108].
وتاريخ الإسلام على امتداد أربعة عشر قرنا من الزمان طافح بنماذج لا تحصى لهذا التسامح والاحترام الذي حُظِي به غير المسلمين في أحضان المجتمع الإسلامي، وما نالوه -ولا يزالون- من صيانة لقيمهم ومبادئهم، وحماية لمقدساتهم ومعابدهم. مما يعدّ تجسيدا لقيم الحضارة الإنسانية الحقة، ولمبادئ التسامح والحرية والعدل في أروع صورها. ذلك ما شهد به غير المسلمين، ممن سجلوا وكتبوا في ذلك شهادات حفظها التاريخ وعرفها الجميع، كانت دحضًا لما يثيره له الإعلام الموجه، الذي يصوّر المسلمين قوما لا صلة لهم بالحضارة، لذلك كانوا ينظرون إلى حضارة الغرب نظرة حاسد عجز عن مواكبة الركب، فاتخذ من عدائه متنفسا لعجزه.
وبناء على هذا التشويه الذي جوزي به المسلمون رأينا كيف غدت الأقليات الإسلامية في البلاد الغربية أول ضحايا هذا العدوان، فهم رأس الحربة الذين يدفعون ثمن هذا العداء الحضاري.
ورغم هذا البغي السافر، فلا يحملنا هذا الخلل في أنظار هؤلاء على القول بتصادم الحضارات، بل إن المنطق القرآني يقيم أسسا راسخة، ومنهجا رائدا في علاقات الحوار الهادف بين الحضارات، ابتغاء تبيان الحق، وإقامة العدل، لأنه الغاية من خلق الإنسان أساسًا، وهو الحكمة من إرسال الرسل وإنزال الكتب ابتداء وانتهاءً.
أسباب نشأة الأقليات الإسلامية:
مَن تأمل آيات القرآن وحقائق التاريخ يستيقن أن وجود الأقليات وضع طبيعي من سنن الله في الكائنات، وهو حالة عرفها الإسلام في أول عهده كما أشرنا، فقد كان النبي ولا أحد معه، ثم بدأ أتباعه بخديجة رضي الله عنها، أعقبها السابقون إلى الإسلام كأبي بكر وعليّ وبلال وعمار وسمية رضي الله عنهم، ومن معهم من الفئة المؤمنة، الذين ظلوا بمكة أمدًا غير قصير، يتلقون ألوان العذاب صابرين، وتكال لهم الاتهامات جزافا، حتى فتح الله عليهم بالهجرة إلى الحبشة فكانوا فيها -وهم غرباء- أقلية مكرمة، بعد أن كانوا أقلية مضطهدة بين أهليهم في مكة المكرمة.
وكذلك عرف المسلمون وضع الأقليات في العصر الحاضر، ونشأت هذه الأقليات الإسلامية في غير بلاد الإسلام في ظروف تاريخية معينة، ولأسباب عديدة، سواء أكانت اقتصادية بحثا عن لقمة العيش، أم اجتماعية هروبا من الحروب والفتن الداخلية، أم سياسية فرارا من ظلم الرعاة وسطوة الحكام، أم استعمارية حملت هؤلاء على الهجرة رغم أنوفهم بقوة الحديد والنار.
ويمكن أن نحصر أهم أسباب نشأة الأقليات المسلمة في العصر الحالي في هذه الأسباب:
1- اعتناق الإسلام: فحين يعتنق أفراد بلد دين الإسلام يصبحون أقلية. وهذا قد يتم في أي بلد على وجه الأرض، كما كان الرسول e وأوائل المسلمين في بداية الدعوة الإسلامية وسط كثرة كاثرة من المشركين.
2- هجرة بعض المسلمين إلى أرض غير مسلمة، وهذه الهجرة قد تكون لأسباب سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية، وهو حال أغلب الأقليات المسلمة اليوم في أوروبا وأميركا وغيرها([3]).
ومما يؤسف له أن العالم الإسلامي رغم غناه بثروات لا حصر لها، فإن معظم شعوبه لا تزال تعاني الفاقة وانسداد سبل الكسب، مما يضطر كثيرين من المسلمين إلى الهجرة من بلادهم طلباً للرزق في بلاد غير إسلامية، حين وجدوها أكثر رخاء، وأكثر استيعاباً للقوى العاملة، على اختلاف مؤهلاتها وتخصصاتها.
3- وقد تكون الهجرة للعمل الوظيفي في الهيئات الدبلوماسية والمؤسسات التابعة لإحدى الدول الإسلامية في البلاد غير الإسلامية.
4- كما قد تكون الهجرة بسبب احتلال أرض المسلمين من قبل دولة غير إسلامية، فتحاول الدولة المحتلة بطرق مختلفة طرد سكان الأرض الأصليين، أو أن يندمج هؤلاء المسلمون مع سكان البلد المحتل، وهو ما حدث في شرق أوربا والهند وتركستان الشرقية.
5- ويمكن أحياناً أن تتكون الأقلية الإسلامية من أكثر من طريق واحد ، كأن تتكون عن طريق الهجرة واعتناق الإسلام.
واقع الأقليات الإسلامية في غير بلاد الإسلام:
إن الحديث عن المسلمين خارج ديار الإسلام، عميق الأثر في نفس كل مسلم غيور على دينه وأمته، ولا يملك المرء أزاء ما يطرق سمعه من أوضاع المسلمين في كثير من تلك الديار إلا تصعيد الزفرات وذرف العَبَرات، أسى وحزنا لما ينالهم من بلاء وفتن، وما يعانون من ألوان القهر والظلم، رغم أنف القوانين الدولية والمنظمات الإنسانية والمواثيق والأعراف الأممية.
ولا عجب في هذا؛ ما دام الحق أسير منطق القوة، وخادم ركاب الغالب، أما سائر القيم والمبادئ ومفاهيم العدل والإنسانية، وما تردده المؤتمرات من قرارات وتوصيات، فهي شعارات وسراب لامتصاص غضب المظلومين، وألعوبة لتسلية الضعفاء والمحرومين.
ولكن رغم كل هذه الصورة القاتمة لمشاكل الظلم الواقع على الأقليات الإسلامية في كثير من بلدان العالم، فإن بعضهم يتمتع بمناخ من الحرية والتقدير، ويحظى بالاحترام الكبير من قبل السلطات الرسمية؛ والشعوب التي يعيش بين أحضانها، وهذا أمر واقع لا ينكره إلا جاحد أو جاهل.
في البيئة الجديدة استوطن هؤلاء المسلمون، وتقادم بهم العهد، فمنهم من تزوج من تلك البلدان، ومنه من استقدم معه أهله وأولاده، فاندمجوا -بدرجات متفاوتة- في الوسط الجديد، ومكثوا فيه لأمد مديد.
وفي خضم بلاد المهجر، حيث الأغلبية على غير دين الإسلام، أفرزت حياة هؤلاء المسلمين مشكلات كثيرة، منها ما يتعلق بالجيل القديم، ومنها ما يتعلق بالجيل الجديد.
فنجد كثيرين من هؤلاء المهاجرين قد ضعفت صلتهم بالوطن الأم وكادت تنقطع، أما الجيل الجديد فمعظمهم لا تربطهم بوطن آبائهم إلا ترداد ذكريات ضبابية لا تحرك فيهم ساكنا، ولا تدفعهم حتى لزيارة تلك الديار من باب حب الاستطلاع، بله أن يشدهم إليها حنين أو رغبة في المقام والأوبة في مستقبل الأيام.
ومن جهة أخرى فإن بعض الحاقدين يرون هذه الأقليات المتكاثرة في العالم الغربي بؤرا للتوتر وتصعيد العداء بين العالمين الإسلامي والغربي، نظرا لما يُعرَف عن هذه الأقليات من سمة التواصل والتماسك بين أفرادها عموما، ولما يربط بينهم من انسجام عقيدي وثقافي، وسعي حثيث لممارسة شعائر دينهم والتعبير عن هويتهم بشكل واضح، وذلك بعض أسباب التحدي، ومثيرات المشاكل لدى هذه الأقليات. إذ يرى الغرب فيهم الخطر الجديد الذي قام بعد زوال الخطر الشيوعي الأحمر، بل هو في نظر كثير منهم أولى بالاهتمام من الخطر الأصفر القادم من عالم الصين.
من هذه المنطلقات نرى أن مشكلات الأقليات الإسلامية متعددة المصادر والأشكال، عميقة الجذور متشابكة الإشكال.
فهناك المشاكل الاجتماعية، المتمثلة في العنصرية والعرقية من قبل المتساكنين مع هؤلاء المسلمين، وهناك مشاكل التفكك الأسري، بسبب اختلاف الدين والعادات بين الأزواج.
وهناك المشاكل الأخلاقية الناجمة عن الانسياق وراء نمط الحياة الغربية، والانسلاخ من الثوابت لدى كثير من أبناء الجيل الجديد، وعدم ارتباطهم بقيم ومبادئ الآباء، حين اختلفت البيئة وتغير المناخ الثقافي، وسُلبت هذه المميزات في خضم الموج الإعلامي الجارف، وتحت ضجيجه الصاخب.
وهناك المشاكل الاقتصادية المتمثلة غالبا في ضعف الدور الاقتصادي لمجموع الفئة المسلمة مقارنة بغيرها من فئات البلدان غير الإسلامية، وقلة الإسهام في رفع المستوى الاقتصادي للمسلمين هناك وهنا في البلدان الأصلية، إما لضعف المستوى الاقتصادي، وإما لضعف الشعور والانتماء بهذه الأوطان، وانقطاع الصلة بالوطن الأم، مما يؤدي إلى عدم المشاركة في المشاريع الخيرية المتكاثرة في هذه البلدان، رغم حاجتها إلى المساعدة من أي كان.
أما المشاكل الثقافية فعديدة أيضا، وتتمثل أساسا في الجهل بالدين، والجهل بالهوية الثقافية، وبروز ظاهرة الاستلاب الفكري تحت ضغط التيار الثقافي المادي، مما ورث في الجيل الجديد، بل وحتى في القديم أيضا الشعور بعقدة النقص، ورسوخ هذه العقدة لانعدام سبل مكافحتها بالأدوية المضادة التي تصنعها مراكز التكوين والتحصين الفكري، كالمساجد والنوادي والمراكز والمكتبات، ومن يقوم عليها من المرشدين، علماء ومفكرين، وأدباء مستنيرين.
والواقع أن استقصاء الحديث عن هذه المشكلات بجوانبها العديدة، مجال رحيب تقصر عن مداه هذه الورقات المحدودة، فضلا عن عجزها عن تناولها بالتحليل والنقد وتقديم الحلول.
وأحسب أن هذا دور مؤتمركم الكريم، فالكل في شغف لتلقف ثمرات جهود الورقات المقدمة إلى هذا المؤتمر، وما سوف يتمخض عنه هذا التجمع الإسلامي الكبير بإذن الله عن قرارات وتوصيات تتضمن الحلول الناجعة والشاملة لتلك المسائل، وتترجم إلى واقع عملي منهجي، نسعى جميعا -كلٌّ من موقعه- لتفعيلها على أرض الواقع، حتى نخفف عن إخوتنا في الدين بعض ما يعانون، وننال الأجر الذي وعد المصطفى أتباعه حين قال: «من فرّج عن مؤمن كربة من كرب الدنيا فرّج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة». وإذا كان مفعول تلك الثمرات هداية الضال وإرشاد الحائر، كان الأجر أوفى وأعظم، «ولَأَن يهدي الله رجلا على يديك خير لك مما طلعت عليه الشمس».
وفي اتجاه عمودي مركّز أحصر ورقتي في تناول نوع من المشكلات التي يعاني منها المسلمون في غير بلاد الإسلام. وهذه المشكلة تتمثل في ما أسميته بـ"مشكلة خلل التواصل لدى الأقليات الإسلامية"، وأقصد به عدم انسجام علاقة المسلمين في بلاد المهجر بموروثهم الديني والثقافي، من جهة، وعدم انسجامهم بالبيئة التي يعيشون فيها من جهة ثانية.
وعليه فبإمكاننا تقسيم هذا الخلل إلى شطرين، أولهما عن الخلل على المستوى الداخلي مع الإسلام الصحيح نفسه، ومع المسلمين أنفسهم. وثانيهما على المستوى الخارجي مع غير المسلمين ومع الفكر الإنساني السليم.
وهذا الخلل ليس واردا على هؤلاء من خارج، ولم يفرض عليهم بقوة الحديد والسلاح، بل سعوا إليه بأنفسهم، ونسجوا شباكه بأيديهم، فهم يتحملون نتائج هذا الخلل، وعليهم وحدهم عبء التخلص منه، ومن آثاره.
فالشطر الأول من هذا الخلل يتمثل في إسقاط الواقع الإسلامي في البلدان الإسلامية، بكل ما يحمله من إرث تاريخي، وتناقض اجتماعي، وصراع فكري، وحمل كل هذا الركام إلى البلدان غير الإسلامية، واستنساخه برمته هناك.
وإسقاط الواقع الإسلامي المختل على حياة الأقليات الإسلامية يعكس صورة سيئة عن الإسلام في أذهان غير المسلمين، ويركز ما رسمته الآلة الإعلامية الساحرة في أذهان الناس عن الإسلام والمسلمين.
كما يشكّل هذا الإسقاط العامل الأكثر خطورة في الدعاية السلبية ضد الإسلام، لما يضعه من أسوار من حديد أمام الراغبين في التعرف على هذا الدين، ويوصد الباب في وجه المتحررين للانضمام إلى رحابه.
وكلنا يتذكر مقولة الأوربي الذي أسلم ثم زار بلاد المسلمين فرأى حالهم وتناحرهم، وغياب قيم الإسلام من حياتهم، وكأنهم خلقوا لمناقضة كل ما جاء به الإسلام، فقال هذا الأوربي: «الحمد لله الذي هداني فعرفت الإسلام قبل أن أعرف المسلمين».
ومما يأسى له حر الضمير ما يطرق سمعنا بين الفينة والأخرى، من تطاحن وشجار يقع في المساجد والمنتديات، وفي بعض المراكز الإسلامية حول قضايا خلافية فرعية لا أثر لها على الأصول والمعتقد، فتضخم ألف مرة حتى تصبح هي القضية الجوهرية في اهتمام هؤلاء المتشنجين، فيستميت كل على رأيه، ويذهب به التعصب والخرق إلى اتهام الآخر في دينه واستباحة عرضه، ورميه بكل صنوف الأوصاف الذميمة، وينسى في سبيل هذا التعنت كل النصوص القطعية في حرمة دم المسلم وعرضه وماله، وقد يتسع خرق المشكل فيصل إلى أروقة المحاكم، وتدخل الشرطة، فيحرم المسلمون كثيرا من الامتيازات، وقد تغلق بسبب ذلك المساجد، وتوصد المراكز، إلى أن يهدأ إعصار الصراع والتناحر الداخلي بين المسلمين.
لقد أظهرت بعض الجاليات الإسلامية في مهاجرها صوراً شتى للإسلام وسلوكيات مختلفة في العقائد والعبادات، والعادات والمواقف، حتى اختلفت الفرق في داخلها إلى مذاهب شتى يتعصب أهلها تعصباً شديداً يتمسك بما يراه وينفي الآخر .. تماماً كما يجري داخل العالم الإسلامي، مما أوجد بلبلة شديدة واضطراباً عظيماً حال دون معرفة العالمَ معرفة حقيقية بالإسلام الذي حملته الجاليات الأولى إلى تلك الآفاق.
وكنتيجة لهذا الخلل في صلة الأقليات بموروثها الديني والثقافي، واهتزاز صورة الإسلام الناصعة في أذهانها وضمائرها، تَرِد أسئلة عديدة إلى العلماء في العالم الإسلامي، تسأل: هل يجوز أن نصلي خلف الفئة الفلانية، أو الجماعة الفلانية، أو فلان الذي فعل كذا أو وصفه كذا.
ومن تلك التصرفات الفجة ما يفعله بعضهم من منع بعض الأنشطة كعرض أشرطة مرئية في المساجد بحجة حرمة التصوير، رغم ما فيها حقائق ووثائق علمية تزكي النفوس وتهذب السلوك، كما يتجه آخرون إلى تحريم ممارسة بعض الأنشطة بدعوى بدعيتها، ويلزم الناس برأيه، وينتصر له، ويعقد لذلك الحلقات، ويقيم لأجله الندوات. ويعلنها حربا شعواء، لمحاربة عدو وهمي، وإحلال الفرقة والشحناء، بدل الأخوة والمحبة والصفاء.
هذا عن خلل العلاقة بين الإسلام الصحيح، المفضي إلى خلل العلاقة بين أفراد هذه الأقليات.
والشطر الثاني خلل العلاقة أو القطيعة مع البيئة التي يحيا فيها هؤلاء المسلمون، مما يولد جفوة وسوء فهم للإسلام والمسلمين، ويترك مجالا لترسيخ التصورات الخاطئة والأحكام الجائرة حولهم.
فقد اتجه كثير من المسلمين خارج بلاد الإسلام إلى إعلان القطيعة مع المحيط الذي يعيشون فيه برمته، أفرادا وجماعات، وهيئات وإدارة، وأفكارا ونظاما، ومنهجا وحضارة.
وكان لهم مبرر في ما ذهبوا إليه من أدلة عامة استندوا إليها من نصوص الكتاب والسنة، وتوظيف غير سديد لمبدإ الولاء والبراء، فتقطعت صلتهم بالعالم من حولهم، وأغلقوا دون جماعتهم الباب، وتركوا الناس يظنون فيهم وفي دينهم الظنون.
وهذا سلوك غير سليم، لم يأمر به الله، ولم يرشد إليه رسوله الكريم، ولم يكن عليه أمر المسلمين في القديم. بل إن تاريخ الإسلام شاهد على أن المسلمين كانوا على صلة وثقى بالفئات المختلفة التي يساكنونها خارج أرض الإسلام، فكان لهذه الصلات أثرها في فتح القلوب لاعتناق الدين الجديد.
ونسجل أن هذا الوعي والصلة الوثقى بتعاليم الإسلام كانت حاضرة لدى عدد من الجاليات الإسلامية المعاصرة، فكان منهم من وعى هذه الحقيقة، وسعى لتجسيدها على أرض الواقع، وجدد سيرة المسلمين الأولى، ووجدنا اليوم فئة من المستبصرين المعاصرين استطاعت استثمار الواقع المعيش في تلك البلدان، فأحكمت الصلات بأهل تلك البلدان في مختلف المواقع، وسعت لتوظيفها لخدمة الأقليات، وعلاج مشكلاتها.
ورأينا من هؤلاء من يقيمون جسور التواصل مع الآخر، في أطر منظمة يسودها الاحترام والحوار الهادف الهادئ، ويسعون لإبراز صورة الإسلام الحقيقية كما وضع معالمها وأحكم نسجها رسول الله e وصحابته الكرام.
وبفضل وعي هذه الفئة بواقعها، فقد اكتسبت الأقليات الإسلامية في معظم البلدان الأوروبية والأمريكية كياناً قانونياً يوفّر لها إمكانات الاندماج في المجتمعات التي تعيش في وسطها على النحو الذي لا يُفقدها خصوصياتها، ولا يؤثّر في تركيبتها الاجتماعية التي تستند إلى الهوية الثقافية الحضارية التي تتميّز بها، بحيث صار اندماجُ هذه الأقليات في الحياة العامة للمجتمعات التي تعيش فيها، لا يتعارض مع صفة التمايز الحضاري الذي يطبع المجتمعَ الإسلاميَّ في أية بقعة من الأرض ينشأ ويتكوّن هذا المجتمع. وهو الأمر الذي يجعل هذه الأقليات في موقع القدرة على الحوار والتعايش مع جميع الفئات في مجتمعاتها، ويمكّنها في الوقت نفسه، من التعامل المتكافىء مع الظروف المحيطة بها، وبقدر كبير من الاستقلالية في القرار، والحرية في التصرّف.
وتأخذنا المقارنات إلى تأكيد البون الشاسع بين السلوك المنغلق لبعض المسلمين من أبناء تلك الجاليات، وبين السلوك المتفتح لأسلافهم، حين خرجوا من الجزيرة العربية في صدر الإسلام يبتغون الرزق ويضربون في مناكب الأرض شرقا وغربا، حتى بلغوا قلب أوربا ومجاهل إفريقيا وأقصى شرق آسيا في الهند والصين.
وقد كانت تلك الهجرات ناجحة بكل المقاييس، حيث استطاع أولئك المهاجرون القلائل أن يندمجوا في مجتمعاتهم ويحافظوا ـ في نفس الوقت ـ على أصالتهم الإسلامية وثوابتهم العقيدية، ويعبروا عن مقاصد الإسلام وغايته أجلّ تعبير، ونجحوا على قلة عددهم في تعريف أهل هذه البلاد التي هاجروا إليها بحقيقة الإسلام، سموًّا وسماحةً ومطابقةً للفطرة الإنسانية النقية. فآمن أهل تلك البلاد بالإسلام طوعاً حتى انتشر الإسلام وصار أهله أغلبية، وحكموا تلك البلاد، لأنهم أهل لسياستها بما منحهم الإسلام من سداد رأي وقول، ورشاد سلوك وإقامة عدل. مصداقا لتعاليم القرآن قوله تعالى: )وقُولُوا للنَّاسِ حسْنًا([سورة: البقرة 83]. وقوله تعالى: )وإذَا حَكَمتُم بينَ النَّاس أنْ تحكُمُوا بالعَدلِ([سورة النساء: 58].
لقد تحولت هذه المجتمعات إلى الإسلام بفضل هؤلاء الدعاة وسلوكهم وأعطاهم أهلها مقاليد الحكم عن طواعية ورضا وحرية كاملة في الاختيار([4]).
وبهذا الاتزان والصلة السوية بالواقع استطاع هؤلاء أن يفتحوا للدين قلوبا كثيرة، فكان لهم بذلك الأجر والثناء، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.
ويسجل التاريخ أن المسلمين كانوا العنصر الحاكم في الهند إلى سنة 1875م ولم يزحزحهم عن صدارة الحكم إلا الاستعمار الإنجليزي، حين أثار النزعات الدينية والتعصب الطائفي والعرقي، وساند انفصال المسلمين في معظمهم عن الهند.
هذه الرؤية الواعية لدى هذه الفئة من المسلمين تشكل جسرا للتعاون والتفاهم بين الحضارتين الإسلامية والغربية. «والتشابه في الرؤية والمنظومات الأخلاقية يمكن أن يؤدي إلى اكتشاف الرقعة المشتركة وتوسيعها، كما يمكن أن يشكل أساساً لإبرام عقد اجتماعي دولي يتم بمقتضاه تنظيم العلاقة بين العالمين الغربي والإسلامي على أساس من الاحترام المتبادل والمساواة والعدل»([5]).
لقد وفق هؤلاء إلى حد كبير حين استبصروا بتجربة المسلمين في العهد الأول، وكان لهم في مسلمي مكة ومهاجري الحبشة نموذج يقتدى، إذ كان هؤلاء:
- على إيمان صادق ويقين لا تزلزله الجبال.
- وعلم وبصيرة بالدين، لا يشوبه غبش أو جهالة في أصول ولا فروع.
- وخلق فاضل كريم،
- وسلوك رفيع يترجم أصالة تلك الأخلاق،
- وأفق واسع في الحوار والإقناع.
وقد تمثلت هذه القيم في حوار مهاجري الحبشة مع وجهاء قومهم حين جاؤوا يطلبون من النجاشي أن يسلمهم هؤلاء المسلمين ليقتادوهم إلى أهليهم وأوطانهم صاغرين.
وكان جواب النجاشي حكيما عادلا، حين سمع مقالتهم ورأى صدق ما سمع، فأكد لهم تجديد الحماية، وبسط عليهم مزيد عطف ورعاية، بل إن تلك الصورة الطيبة لم تدع له مجالا للاختيار فأسلم لله، وحاز فضل صلاة رسول الله عليه حين وافاه الأجل. وتلك بعض ميزات السلوك الرشيد للمسلم خارج ديار الإسلام.
وبقراءة متأنية لسلوك هذه الجالية في الحبشة ندرك:
ـ كيف واجهت هذه الجالية الأولى المؤامرات عليها وعلى الإسلام من قبل دهاة قريش وعلى رأسهم عمرو بن العاص، الذي كان على الشرك آنذاك!!
ـ وكيف كان فهمها للإسلام والعلاقة بينه وبين الأديان الأخرى؟
ـ وكيف كان أسلوبها في الحوار بين الإسلام والعالم؟
ـ وكيف كانت محافظتها وثباتها على خصائصها الذاتية؟
وكيف كان أثرها ومدى نجاحها في تهيئة جو أفضل حولها، وتعريف الإسلام للناس بحقيقته؟
هذه العناصر كلها أوجزت معانيها مقالة جعفر بن عبد المطلب حين تحدث عن الأقلية المؤمنة مدافعا ومبينا وداعيا، فماذا قال؟
«قال جعفر: أيها الملك: كنا قوماً أهل جاهلية، نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام ونسيء الجوار، ويأكل القوي منا الضعيف، فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولاً منا، نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه، فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده، ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان، وأمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، ونهانا عن الفواحش، فصدقناه وآمنا به، واتبعناه على ما جاء به من الله، فعدا علينا قومنا فعذبونا وفتنونا عن ديننا ليردونا إلى عبادة الأوثان..
فلما قهرونا وظلمونا وضيقوا علينا، خرجنا إلى بلادك، واخترناك على من سواك ورغبنا في جوارك ورجونا ألا نظلم عندك ..
فسأله النجاشي أن يتلو عليه شيئاً مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من عند الله، فقرأ عليه جعفر صدراً من سورة مريم، فبكى النجاشي حتى اخضلت لحيته، ثم قال لهم: إن هذا والذي جاء به عيسى ليخرج من مشكاة واحدة، ثم التفت إلى رسولي قريش (عمرو بن العاص وعبد الله بن أبي ربيعة) قائلاً: انطلقا، فلا والله لا أسلمهم إليكما ولا يُكَادون.
ثم إن رسولَيْ قريش عادا فقالا للنجاشي: أيها الملك إنهم يقولون في عيسى بن مريم قولاً عظيماً، فأرسِلْ إليهم فسَلْهُم عما يقولون، فأرسل إليهم في ذلك، فقال جعفر بن أبي طالب: نقول فيه الذي جاءنا به نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم يقول: هو عبد الله وروحه وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء البتول. فأخذ النجاشي عوداً وخط به ثم قال: ما عدا عيسى ابن مريم مما قلت هذا العود ..
ثم رد النجاشي هدايا قريش التي جاء بها عمرو بن العاص وعبد الله بن أبي ربيعة وردهما خائبين».
هكذا نجح جعفر في عرض الإسلام عرضا سليما، لأن تصوره عنه كان واضحا، وتمثله له كان صادقا، فبيّن للسامعين -وفي صدارتهم النجاشي- ما يتميز به هذا الدين، ويقوم عليه من توحيد الله وعبادته سبحانه وحده، والبعد عن الفواحش، والتزام الصدق والأمانة، والترابط الأسري، وهذه أسس دائمة وأعمدة أساسية لكل حضارة حقيقية في أي عصر.
كما استغل القواسم المشتركة في المعتقد بين الإسلام والمسيحية، واستطاع أن يضيق الفجوة بين أتباع الديانتين.
وفي سيرة المصطفى وتعاليم القرآن شواهد تؤكد هذه القواسم المشتركة بين الديانات، وتدعو إلى استثمارها لفتح قلوب أهل الملل الأخرى أمام دعوة الإسلام، وكذلك كان شأن الدعاة الأوائل حين خرجوا من الجزيرة العربية وانتشروا في البلاد يبشرون بالدين الجديد، فدانت لهم البلاد وانضوى تحت لوائهم العباد. وبلغ دين الإسلام أقصى الأرض في زمن وجيز.
والواقع المعيش اليوم يحتم على المسلمين التكيف مع الأوضاع المتباينة، حتى لا تختل صلتهم به، فمن الطبيعي أن تختلف الأوضاع العامة للأقليات الإسلامية، من بلد إلى آخر، ومن قارة إلى أخرى.ولكن، وعلى الرغم من هذا الاختلاف القانوني والدستوري، فإن هناك قدراً مشتركاً من التشابه فيما يجب القيامُ به تجاه هذه المجتمعات الإسلامية، من حيث العناية بشؤونها، والاهتمام بأحوالها، وتقديم الدعم الثقافي والتربوي والعلمي لها، ومساندتها في حماية هويتها وصون ذاتيتها الحضارية.
وأيّاً ما كانت الظروف التي تكتنف كلَّ فئة من الفئات التي تتكوّن منها الأقليات الإسلامية، فإنه مما لاشك فيه، أن العلاقات التي تـُقيمها هذه الأقليات مع غير المسلمين، هي المحك الذي يمحص سلامةَ الكيان الحضاري للمسلمين في غير ديار الإسلام ؛ فبقدر ما تنتظم هذه العلاقات وتستقيم على النهج الصحيح وتقوم على القواعد السليمة، يتقوى استقرار الأقليات الإسلامية، ويتعاظم الدور الذي تؤدّيه في الحياة العامة، وتَتَزَايَدُ المكاسب التي تحققها والمنافع التي تجنيها.
إن العلاقات التي تـُقيمها الأقليات الإسلامية مع غير المسلمين في البيئات التي تعيش فيها، تنبع أولاً من خصوصية الثقافة الإسلامية التي تنفتح على الغير، وتتميّز بالتسامح مع جميع أهل الأديان والعقائد والثقافات والحضارات، وتتجه نحو التعاون في إطار الأخوة الإنسانية التي تجمع بين البشر كافة، من دون اعتبار للاختلاف في المعتقد والمذهب، أو في العرق والجنس، وتقتضيها ثانياً، ضرورات التعايش الذي أصبح سمة العالم الجديد، وتـُمليها متطلبات الحياة في المجتمعات المعاصرة، وتفرضها المصلحة الضرورية المؤكدة لهذه الجماعات الإسلامية الناشئة في غير البلاد الإسلامية.
الحلول المقترحة:
تتمثل الحلول المقترحة لعلاج مشكل خلل العلاقة بين الجاليات الإسلامية وبين أمتها وتعاليم دينها من جهة، وخلل علاقتها بواقعها المحيط بها من جهة ثانية، في الاقتراحات الآتية:
1- علاج المشكل الداخلي الإسلامي في البلدان الإسلامية ذاتها، لأنها مدد لا ينضب، ومصدر رئيس للمعارف والقيم لأبناء المسلمين؛ الذين يَصدُرُون عنها إلى شتى البلدان.
2- الفصل بين مشكلات المسلمين داخل البلدان الإسلامية، وحصرها في داخل بلدانهم وعدم تصديرها، أو استيرادها من قبل المهاجرين والمقيمين خارج أرض الإسلام، نظرا لاختلاف البيئات والظروف الاجتماعية والنفسية في تلك الديار، عنها في البلدان الإسلامية.
3- بذل الجهد الكافي لتكوين خلفية علمية وخلقية متينة للجيل الجديد في تلك البلدان، إذ من المؤسف أن نجد نسبة كبرى من هذه الأقليات لا تعرف عن دينها إلا أنها مسلمة بالوراثة أو الانتماء، وكثير منها يجهل أركان دينه، وأحكامه، ولا يملك أدنى معرفة بتاريخ الإسلام وسيرة الرسول وتراث المسلمين. فكان لزاما على الجميع تدارك هذا الخلل والجهل الخطير، وتكوين جيل مستنير يكون قادرا على حمل رسالة الإسلام وفهم واقع المسلمين في غير البلدان الإسلامية، بكل جدارة واقتدار، وأمانة وإخلاص، لأن القوة العلمية والخلقية والسلوكية أساس نجاح الأقليات في استقطاب احترام الآخر، بل والتأثير عليه.
4- التركيز على إعادة بناء الهوية الإسلامية لأبناء الجاليات الإسلامية في تلك البلدان، حسب معطيات كل بلد وظروفه. وتخصيص فرق متفرغة للبناء الثقافي، الديني، والعلمي، تتدرب على العمل الدعوي بمنهجية معاصرة، توظف فيها علوم النفس والتربية والاجتماع، وتدعمها آليات العصر ووسائله الحديثة، فضلا عن الزاد المعرفي الديني من عقيدة وفقه وسيرة وتاريخ، وما يخدم هذه العلوم من اللغة العربية واللغات الحية، وبخاصة لغات البلدان المقصودة التي توجد بها هذه الأقليات.
5- تكثيف رحلات العلماء إلى هؤلاء الأقليات الإسلامية، لتبصيرها بأمور دينها، والإشراف على مساجدها ومراكزها ومدارسها، وتوثيق الروابط بين هؤلاء المسلمين وبين إخوانهم المسلمين في دولهم وشعوبهم ليحسوا بهذه الأخوة الإسلامية روحاً ومادة، وليقوموا بحقوقها وواجباتها. والعلماء ورثة الأنبياء في الدعوة وتبليغ الدين، وإلا قامت عليهم الحجة، وتحملوا وزر ضياع الأمانة يوم القيامة.
6- ضرورة التركيز على فقه الأولويات في تكوين الجيل المسلم، وعدم الخلط بين الثوابت والمتغيرات على صعيد العمل الإسلامي، وتجلية الجوانب الإيجابية في شخصية المسلم، وهي التي تشكل القضايا الجوهرية في الإسلام، وقامت عليها أدلة قطعية من الكتاب والسنة.
7- من واجب الجاليات الإسلامية اليوم أن تسترشد بهدي المسلمين الأوائل، ممن سبق إلى مضمار الدعوة للدين، فتعنى بالقضايا الجوهرية المتمثلة في العقائد والأصول المتفق عليها، والتي لا يختلف عليها المسلمون مهما تعددت مذاهبهم. وأن تعمل بجد وإخلاص على أن تلتقي في مواضع الخلاف في الأحكام الشرعية الفرعية العملية على كلمة سواء.
8- وجوب الإغضاء عن بعض المسائل الفرعية التي تقوم على أدلة ظنية تحتمل تعدد الأوجه، ولا يفسد الاختلاف حولها للود قضية، ويمكن التضحية بها عند الحاجة من أجل الحفاظ على الثوابت والقطعيات، وصون ماء الوجه وشرف سمعة المسلم أمام الغير، حتى لا يكون المسلمون فتنة للذين كفروا، كما هو واقع في كثير من الأحيان.
9- إن تعذر الاجتماع على كلمة سواء فعليها أن تتخذ من هذه التعددية نقطة إيجابية يقدم فيها الإسلام خيارات وبدائل في مجال التطبيقات العملية، ولا تتخذ منها نقاط خلاف ينعكس سلباً على صورة الإسلام.
10- أن تتمسك بالقيم الأخلاقية في الإسلام من التسامح والرحمة والإخاء والتعاون، لأنها جوهر مقاصد الشريعة الإسلامية. وأن لا تتخذ من اختلاف الدين مع الآخرين سببا للتنافر أو التناحر، طالما كان المختلفون لا يقاتلون المسلمين في دينهم ولا يخرجونهم من ديارهم.
11- على هؤلاء المسلمين أن يندمجوا في مجتمعاتهم ويشاركوا في البناء والتنمية لهذه المجتمعات، مع المحافظة على خصائصهم الذاتية ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً.
12- أن تركز محاوراتهم مع أهل الكتاب على التذكير بنقاط الاشتراك والتواصل مع الأديان السماوية، وعلى العمل بالقيم الإنسانية العامة التي تتجاوب مع الفطرة الإنسانية النقية، لأن هذه القضايا تحتل مكان الصدارة والاهتمام في الإسلام.
13- أن تعي هذه الجاليات أنها لن تمحو اختلاف الأديان؛ لأنه سنة كونية: )وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ([سورة هود:118]. فللناس حرية الاختيار، ثم عليهم مسؤولية اتخاذ القرار، )فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا إِنْ عَلَيْكَ إِلاَّ الْبَلاغُ([سورة الشورى:48].
14- تكوين روابط وجمعيات مؤاخاة وتعارف بين المسلمين وغيرهم في البلدان التي توجد بها هذه الأقليات، حتى تكون هذه الروابط جسورا للتعارف ووسائل للتقارب، وأسبابا لتقديم فكر الإسلام نقيا في إطار من الثقة المتبادلة، بعيدا عن التهم وسوء الظنون، إذ يقدم الإسلامَ أناسٌ خبروه وبصُروا به، إلى أناس وثقوا منهم وأنسوا إليهم، فيكون ذلك أدعى للقبول والترحيب، ولا عجب أن يكون مفتاحا لدخول الإسلام إلى تلك القلوب.
15- تشير بعض الدراسات الاجتماعية إلى وجود قواسم مشتركة بين بعض الفئات المسلمة وغير المسلمة من حيث التشابه العرقي وسحنات الوجه وبعض الممارسات الاجتماعية، كما هو الحال في بلدان أمريكا الجنوبية، وطبيعة العلاقات الاجتماعية فيها بين المسلمين وبين السكان الأصليين، وهي عوامل إيجابية يمكن استثمارها لدعم مسيرة الحوار والتفاعل وتصحيح صورة الإسلام في أذهان الكثيرين، وتوفير فرص نشر الإسلام في تلك الديار. وعلى المهتمين بالعمل الإسلامي العمل بحكمة من أجل توحيد المجتمعات على اختلاف قطاعاتها وشرائحها في إطار العمل الجماعي، لتحقيق هذا الهدف النبيل، الذي يعود بالاستقرار على المجتمع كله، كما مارسه الرسول والصحابة في دستور المدينة([6]).
16- وفي هذا الإطار أيضا فإنه ينبغي على رواد الأقليات الإسلامية التقرب من الأشخاص الذين يتولون مراتب معتبرة في المؤسسات الحكومية والوزارات؛ من أجل توطيد علاقات مستديمة معهم، لكسب مودتهم ومنفعتهم لصالح المسلمين، وكف أذاهم أو أذى غيرهم بهم عند الحاجة. وما شرع سهم المؤلفة قلوبهم ونص عليه في المصحف الشريف إلا لهذا الغرض الشريف.
17- ضرورة فقه الواقع المعاصر، والاستفادة منه بحكمة وتبصر، والاستفادة من إفرازات الحضارة، وانتقاء العناصر الإيجابية فيها، المتمثلة في جوانب فكرية ومادية وتنظيمية عديدة، منها النظرة العقلية المتزنة إلى الأمور، والتركيز على النقد الموضوعي للأفكار والطروحات، ومناقشة الآراء والتوجهات، والأخذ بأسباب التنظيم الحديث، وآليات العمل الفردي والجماعي، بصورة منظمة مدروسة، ووضع الخطط في العمل للصالح العام، والإفادة من معطيات الحضارة بكل إنتاجها في خدمة الدين والمجتمع، ونصرة قضية المسلمين في كل مكان.
18- إنشاء منابر لتعزيز صورة الإسلام الحية بواسطة وسائل الإعلام المختلفة، المقروءة من صحف ومجلات، والمسموعة من إذاعات بمختلف اللغات، ومن مرئية بالمحطات الفضائية والأنترنت. ولا تنكر الجهود المبذولة سابقا في هذا المجال، بيد أن معظمها جهود فردية، ومبادرات شخصية، تسير حينا وتتعثر أحيانا وإن دعمتها أياد خيّرة، بيد أن المطلوب أن تقوم بها جهات رسمية قادرة، تعمل في الوضوح، والشفافية، وتتحرك تحت غطاء القانون، فيكون لها من أسباب النجاح والاستمرار والفعالية ما لا يسنح لغيرها، وتحقق من الثمرات ما لا يقدر بثمن.
19- من خلال دور المسلمين الفاعل في غير بلاد الإسلام يمكن تقديم حلول كثيرة لمشكلات العصر، وبخاصة مشاكل الإنسان الغربي، الذي طحنته آلة الإنتاج، واستهلكه التهالك على السلع، واللهث وراء المتعة واللذة باعتبارها القيمة الوحيدة للإنسان في ظل الحضارة المادية العمياء.
20- استغلال تيار العولمة الثقافية، واتجاه العالم إلى النهل من ينابيع الروح، بعد سقوط كل شعارات الحضارة المادية، وإعلان إفلاسها، وتزايد معدلات الجرائم والانتحار والشذوذ في خضم الترف المادي الفاحش، واستغلال التعطش الكبير للإنسان الغربي بعامة، وغير المسلمين بخاصة إلى دين منقذ يخلصهم من متاهات الضياع التي تخبطوا فيها لأمد طويل، وذلك بتقديم صورة ناصعة عن الإسلام، منهج حياة، وسلوكا حضاريا يشبع تطلعات الإنسان الروحية، ويؤمن استقراره النفسي وتوازنه المادي، ويحقق سعادة الإنسان التي ظلت حلمه الأوحد، وهدفه الأكبر على امتداد التاريخ.
21- تكوين لجان أو هيئات منبثقة من المنظمات الإسلامية العالمية والإقليمية، كمنظمة المؤتمر الإسلامي ومجمعها الفقهي، ورابطة العالم الإسلامي، ومنظمة الإسيسكو، ورابطة الجامعات الإسلامية، والاتحاد العالمي للشباب الإسلامي، وهذا المجمع المبارك للتقريب بين المذاهب الإسلامية، لدراسة أوضاع هذه الأقليات في جانبها التربوي، ووضع مقررات دراسية كفيلة بتغطية جوانب النقص في تكوين الجيل المسلم الجديد في تلك البيئات، مع مراعاة الخصوصية التي تميز كل أقلية حسب كل بلد وأنظمته وقوانينه، وكل شعب وأعرافه وتقاليده. ويقوم بذلك خبراء أكفاء أمناء، هدفهم تقديم خدمة تربوية علمية راقية، وبناء أساس معرفي متين، وإقامة الحجة بذلك على المسلمين وغير المسلمين.
22- أخيرا يجب تفعيل توصيات وقرارات المؤتمرات والندوات الدولية والإقليمية التي تدرس أحوال الجاليات الإسلامية، مثلما فعل مجمع الفقه الإسلامي مشكورا في الدورة السابعة عشرة، وكذا منظمة المؤتمر الإسلامي في دراستها لأوضاع الجماعات والأقليات المسلمة في الدول غير الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي، ومساعدتها في كثير من المشاريع الحيوية عبر صندوق التضامن الإسلامي. وتلك جهود مشكورة تظل بحاجة إلى تثمين ومؤازرة، حتى تؤتي ثمارها المرجوة وافرة بإذن الله.
والحمد لله رب العالمين
[1] - عبد الوهاب الكيالي ، موسوعة السياسة 244 ، الطبعة الأولى ، المؤسسة العربية للدراسات والنشر ، بيروت 1987.
[2] - رواه أحمد. 15/411، مجمع الزوائد للهيثمي، 8/84.
[3] - يبلغ عدد المسلمين اليوم في البرازيل ثلاثة ملايين شخص، من بين مائة وسبعين مليونا من سكان البلاد، وأصل المسلمين من الهجرة إلى تلك البلاد قبل قرنين من الزمان، وقد تبوأ بعضهم مرتبة عالية في تلك البلاد.
[4] - وقد نقل الدكتور عبد المنعم النمر عن أحد مؤرخي الهند القدامى وهو الشيخ زين الدين بن عبد العزيز المعبري (ق10 ـ هـ) صاحب كتاب "تحفة المجاهدين في بعض أخبار البرتغاليين" ـ وهو يتحدث عن ازدهار الإسلام وانتشاره في هذه البلاد برغم أن حكامها لم يكونوا من المسلمين، وذلك بفضل نشاط المسلمين ومركزهم المالي والتجاري في البلاد، فكانوا يبنون المساجد ويقيمون الجمع والأعياد وينفذون فيما بينهم أحكام شريعتهم. وينظر الهندوس المحليون إليهم نظرة إكبار وتقدير، وإذا اعتنق هندوسي الإسلام ولو كان من الطبقة السفلى فإنه ينال نفس الاحترام والتقدير مما كان سبباً لدخول كثير من المضطهدين في الإسلام. (د. عبد المنعم النمر. تاريخ الإسلام في الهند ص65. دار العهد الجديد للطباعة، القاهرة 1378 هـ 1959م).
ومازالت بعض الأصول العرقية العربية المهاجرة من الجزيرة العربية تحكم حتى الآن في بعض الدول في جنوب شرق آسيا، أكثرها عائلة بلفقيه في بروناي دار السلام، ويتولى أبناء هذه الأصول العربية كثيراً من المسئوليات المتقدمة في هذه المجتمعات.
[5] - عبد الوهاب المسيري، الإسلام والغرب، مقال منشور بموقع الجزيرة نت.
[6] - تشير بعض الإحصائيات أن المسلمين المهاجرين في أمريكا الجنوبية يشكلون نصف عدد المسلمين فيها، أي أن المسلمين من أصل تلك البلدان يشكلون أيضا نصف عدد المسلمين، وهي نسبة طيبة لتحقيق حوار بينهم وبين بني عمومتهم لصالح الإسلام والمسلمين في النهاية. وقد نجد نفس النسبة أو قريبا منها في بلدان أخرى.
ارسال نظر