وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
عالمية الإسلام
۱۳۹۷/۱۱/۳۰ ۱۰:۳۲ 1366

عالمية الإسلام

 

 

عالمية الإسلام

 

خالد سيف الله الرحماني

أمين عام المجمع الفقهي الإسلامي، الهند

 

بسم الله الرحمن الرحيم

من أكبر خصائص الإسلام وميزاته، عالميته وخلوده، فالإسلام دين عالمي خالد إلى قيام الساعة، إنه جاء بنظرية إله لا يخص ليهود أو نصارى أو لطائفة من الطوائف، وإنما هو إله الجميع ورب كل شيء ومليكه، وهو المتوحد في التصرف في الكون وتدبير الأمور، وإن كتاب الله القرآن أول ماشرع به من الآيات قد بلج هذه الحيثية والمكانة للإله فيها، وقال: (الحمد لله رب العالمين) وجعل رسوله المصطفى محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وآله وسلم) رسولا إلى كافة البشرية، قال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيراً وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ)([1]).

وقال: (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ الله إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ) ([2]).

 

وان رسالته(صلى الله عليه وآله وسلم) ممتدة إلى كافة البشرية، ورسالته وسيلة للرحموت والبركات والخيرات والفضل لها، قال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ) ([3]).

 

والكتاب الذي انزله الله تبارك وتعالى على هذا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لا يختصر على أمة دون أمة، ولا يخص بقوم دون قوم، أو بجيل دون جيل، أو كادر من الكوادر، وإنما هو منبع هداية ومصدر دلالة للبشرية جمعا، وإن الله تبارك وتعالى يصف هذا الكتاب بعبارة سمقت في التعبير، وقال: (ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ)([4]).

 

وهذا يشعر بأن الكتاب المذكور منبع هداية لكل طالبي الحق، وفي مكان آخر أشار تعالى إلى هذه المعنى بعبارة أوضح من هذا فقال: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ)([5]).

 

ولا يوجد دين من أديان العالم ما جاهر بعالميته، مثل ماجاهر الإسلام بهذا القدر من الإيضاح والبيان، والنبي(صلى الله عليه وآله وسلم) عبر هذه المطلب بعبارته هذه: (كان كل نبي يبعث إلى قوم خاصة، وأنا بعثت إلى كل أحمر وأسود)([6]).

 

وفي أي موضع من مواضع الكتاب والسنة، لم يتم توجيه الخطاب إلى بني إسماعيل أو إلى العرب بالتخصيص والتعيين، مثل ماوجه الخطاب في التوراة والإنجيل وغيرهما من الكتب السماوية إلى الأمم والأقوام الخاصة، حيث وجه الخطاب فيها إلى إسرائيل وبنيه، وأما القرآن فإنه يوجه الخطاب إلى البشرية جمعاء، ويقول: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ) وربما يخاطبهم بإعتبار إنتمائهم الديني وإنضمامهم إلى دين من الأديان بكلمات (المؤمنين) و(الكافرين) و(أهل الكتاب) ولم يخاطبهم أبدا بمنظور القومية والوطنية والعرقية، وهذا الجانب وحده يكفي لثبوت عالميته أو الاستدلال به عليها.

الشريعة الإسلامية وتناسقها مع الفطرة البشرية

والإسلام عدا عالميته يمتاز عن الأديان الأخرى بتناسقه وموافقته مع الفطرة البشرية، والمبدأ فيه أنه يجعل البشر أفضل خلق الله في الأرض وأشرفه وأكرمه، قال تعالى: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً)([7]).

 

ومن الناحية الخلقية أيضاً جعل قالب البشر وبنيته أنيق القوالب وأحسنها، قال تعالى: (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ)([8]).

أية مكرمة وعز وشرف يتصور أعلى وأفضل من أن جعله الله خليفته في الأرض، قال تعالى: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً)([9]).

 

والقرآن جعل البشر أصحاب كافة الموجودات في هذا الكون، وأدلى بأن المخلوقات برمّتها لم يتم إحداثها وإيجادها إلا لخدمة البشر، قال تعالى: (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً)([10]).

 

وبناء على أنه خليفة الله في الأرض، يحق له أن يتصرف في هذه الموجودات في اطار الأحكام الإلهية وحدود الشريعة الإسلامية، قال تعالى: (وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ)([11]).

 

فلما أوجد الله جل شانه هذا الكون بمحتوياته، وسخره لخدمة البشر وكلفه على اسداء خدماته نحوه، وأنزل عن طريق نبيه تعليمات وتوجيهات للعشرة وإمضاء الحياة، فيستدعي هذا بالطبع أن المنزل العليم الخبير قد راعى في أوامره وأحكامه انسجامها وتناسقها مع الفطرة البشرية، والواقع أن تعاليم الإسلام ووصاياه تتوافق في كل خطوة وكل منعطف مع الفطرة البشرية، تطابق مواصفاتها وتعادل معيارها، من أجل ذلك جعل الله تبارك وتعالى الإسلام دين الفطرة، وقال: (فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا)([12]).

 

ونفس هذه الفطرة قد عبرها القرآن في آياته بلفظه (الميزان) لأن الإتزان والوسطية التي اودعها الله تعالى في جميع موجودات هذا الكون، هي فطرة الكون الأصلية – المرأ عندما يبتعد عن الأحكام الشرعية وينعزل عنها فكأنه يطغى على ميزان الرب الذي أقامه، ويتمرد على مطالبه ويخرج عليها، قال تعالى: (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ)([13]).

 

وميول الشريعة هذه، وصبغتها وطابعها الخاص هذا يبدو ويتلألأ في كل مكان وفي كل زاوية، مثل العقيدة والايمان والعبادة والمعاملات والقضايا الإجتماعية والحيوية، والقوانين الإجتماعية والمعيشية وما إلى ذلك من الجوانب.

 

وفي هذا الموطن يطيب لي أن أذكر بعض أمثلة يوضح هذا المعنى:

 

1- الأكل والشرب حاجة من حوائج الانسان الفطرية فلا يمكن أن يبقى حياً إلا بهما، وبعض مذاهب العالم جعل هذا المطلب الفطري أيضاً حاجزا دون المراقى الروحية، وعائقا عن إجتياز مدارج الرقى والتطور الروحي، ففي الديانة الهندوسية يجب للتقرب إلى الإله والمعبود تحمل الجوع العطش، وعدم اتباع الوسائل لكسب المعاش على الأقل، وهي نظرية تتخذ بالغ الأهمية في هذه الديانة الهندوسية وتعم بين أفرادها، وعند النصارى لما غلبت الرهبانية على أهلها، فلم ير عندهم الأكل والشرب وكسب المعيشة بمنظار الاستحسان، وعلماء الديانة (بودها) يعولون حتى الآن على التكفف والتوسل أمام الناس، والذي يعبر بكلمة (دكهشا) في مصطلحها الديني، لكن الأكل والشرب حاجة ملحة للبشر وليست لسدها وسيلة ذات شرف وعزوكرامة إلا وسيلة كسب المعاش، من أجل ذلك وإن نهى الإسلام عن الاسراف والتبذير لكن أذن للأكل والشرب يرغد العيش، وإتخاذ الوسائل لهما، بحرية وبساطة، قال تعالى: (وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ)([14]).

 

وهكذا دعاهم وبعثهم على الإهتمام بكسب المعاش فقال تعالى: (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ الله)([15]).

 

والنبي المصطفى(صلى الله عليه وآله وسلم) جعل كسب المعيشة من أهم الفرائض بعد تأدية حقوق الله، وقال: (طلب الحلال فريضة بعد الفريضة)([16]).

 

وحرض الناس على التجارة، وقال(صلى الله عليه وآله وسلم): (التاجر الصدوق الأمين مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين)([17]).

 

وبين فضل الزراعة والفلاحة وحرث الأرض لإنتاج مايقتات به الناس، ثم أحكام الحلال والحرام التي وضعها الإسلام، روعيت فيها تمام الرعاية مقتضيات الفطرة البشرية، والجسم الإنساني يحتاج إلى الأغذية النباتية كما يحتاج إلى اللحميات فروعيت هذه الحوائج في الشريعة الإسلامية، والنباتات أو الحيوانات التي بإمكانها أن تترك آثارا جانبية أو مضرات على الصحة البدنية أو على القوة الفكرية والذهنية، وقدراتها الإدراكية، جعلتها الشريعة محرما، والإفراط والتفرط والمبالغة والتقصير الذي تتصف به الأديان الأخرى يمكن الشعور به حسياً، وبطريقة واضحة.

 

فالديانة (الهندوسية) و(الجينية) ترى اقتبات اللحم من المحرمات، وحضارة الغرب المعاصرة، والأمم العائشة تحت تأثيرها قد حللت الخمور والخنازير التي لها أثر بالغ في كيفيات دنائة الأخلاق وأوصاف الوحشية والحيوانية، وتترك آثارا جانبية على الصحة البدنية والعدالة الفكرية والإتزان الذهني، فإما إفراط ومبالغة أو تفريط وتقصير، وهما جميعا مبنيان على التمرد والخروج على الفطرة الإنسانية والصرف عن مقتضياتها السليمة.

 

والمال الذي كان يرى منبع المفاسد ومصدر الشرور والفتن ولا يرجى منه الخير والصلاح والتنمية الروحية، قد عبر عنه القرآن بـ(الخير) و(الفضل) والكلمات هذه ترمز إلى أن المال إن تم إكتسابه عن طريق حلال، ويصرف في مصارف الحلال وسبيله، فلا يتصور شرا وإنما يتحقق خيرا، ولا يكون للإنسان دافع وزر وإنما يكون دافع أجر، ولو سرحنا الأنظار إلى تعاليم أديان العالم السابقة المتعلقة بالمال وكسبه، ثم قمنا بمقارنتها مع تعاليم الإسلام ليتجلى لنا أن الإسلام قد راعي فيه تمام الرعاية الفطرة الإنسانية والإتزان والعدالة.

 

2- والجانب الآخر من جوانب رعاية الفطرة البشرية هي الأحكام التي عيّنها الإسلام للنساء، فمازالت الأمم والأقوام في الإفراط والتفريط، والمبالغة والتقصير عن حقوق المرأة ومكانتها، وظلوا متجاوزين حدود العدالة والوسطية.

 

والأديان التي مصنت قبل الإسلام جعلت المرأة بابا من أبواب المعاصي ومصدرا من مصادر المآثم، ورأي إلى وجودها بنظرة الإهانة والنزالة والإذلال، فلم تكن تستطيع أن تمتلك شيئا وتتولى على ممتلكات، ولم يكن لها نصيب في الميراث. ولا أن تعقد النكاح بنفسها، فكانت تتصور مدخلا من مداخل المآثم وتتصور مجموعة من المكر والخدعة والأگاذيب، حتى كانت النقاش دائرة بين علمائها عن أن الروح الموجودة فيها هي روح إنسانية أم روح حيوانية، أو روحها دون روح الانسان وفوق روح الحيوان، وإن هذه القسوة والعدوان لم تتحقق مراعاتها في قوانين البشر الوضعية فحسب وأنما كانت ديانات العالم المختلفة أيضاً تحمل هذه التصورات والأفكار البالبة، فالإنجيل أيضاً جعلت المرأة مبدأ كل المآثم، وكان هذا المأثم متأصلة إلى حد توارث جيلا بعد جيل، حتى أن عيسى – عليه السلام – حسب عقيدة الدين المسيحى، قد أفدى نفسه على الصليب تطهير للبشرية، وضحى نفسه شنقا للغرض نفسه، وكتب الديانة الهندوسية المقدسة المزعومة حافلة بمثل هذه الأوامر والوصايا بأسلوب أشد قساوة وغلظة جدير في هذا المكان بذكر البعض منها: يجب على المرأة أن تظل في الطفولة تحت تصرف الأب، وفي الشباب تحت تصرف الزوج، وعقب وفاة الزوج تحت تصرف الأولاد، ولا يسع لها أن تستقل بنفسها([18]).

 

المرأة لا حاجة لها إلى العبادة، وخدمة الزوج هي أعظم عبادتها، وأكبر وسيلة لنجاتها، وليس لها (يگييه) و(برت) و(أياس) (أنواع العبادة في الديانة الهندوسية) وبمجرد خدمة الزوج تتلقى النجاة الأخروية وتحوز المراقي الروحية وتنال أعلى المراتب والدرجات([19]).

 

ولا تؤذن للزواج الثاني بعد وفاة الزوج، ويفرض عليها أن تستمر على ركب الحياة ومطية العيش مقتنعة بقدر الكفاف ماتسد به الجوع، بالعفاف والنزاهة.

بعد وفاة الزوج لا تنوي بدا ولا تفكر في الزواج وتعيش وتبقى حتى الموت متعبدة ومنزوية بهزالة الجسم([20]).

 

وذكر في كتاب (چاكيه نيتي) من كتب الديانة الهندوسية المقدسة، ومعناه : (ينبغي أن تتعلم الأداب والأخلاق والحضارة والثقافة من الأمراء وحلوّ الكلام وعذوبته من العلماء، والكذب والزور من المقامرين، والمكر والمراوغة من النساء)([21]).

وازاء هذه النظرية قد ثارت حركة تحرير المرأة في الغرب قبل مآتي عام، والحركة هذه وان نشات في أوربا ولكنها قد تلقت بقبول عام في الولايات المتحدة جراء التطور العلمي، ويمكن أن يشعر اليوم بإمتداد مضاعفاتها وآثارها في كافة ارجاء العالم، وتهدف الحركة هذه إلى تسوية النساء بالرجال في كافة الشؤون وجوانب الحياة، وأنها تقول بالمساواة الكاملة مع الرجال في جميع الحقوق والواجبات، والتفاوت القائم اليوم بين الرجال والنساء، إنما هو – في ما يظنون – بدافع العدوان الإجتماعي، والظلم والإعتداء والإستغلال من الأزواج، وإلا ففيها المواهب والمؤهلات والصلاحيات والقدرات والعقل مثل ما يتمتع به الرجال، ففي الدول الغربية قد تم توفير الحقوق العادلة المساوية بين الرجال والنساء في كافة شعب الحياة بالتشريع ووضع القوانين.

 

فكما أن ابقاء المرأة مقهورة مضطهدة عاجزة، وتصورها مدخلا من مداخل المعاصي والآثام، وإتخاذها مُلكاً للرجال وممتلكا من ممتلكاته كان من الظلم والضيم والمعارض للفطرة البشرية، كذلك جعلها معادلة للرجال في الدرجات والمناصب والتسوية بينها وبين الرجال معاكس للفطرة البشرية ومنتهى التمرد والخروج عليها.

 

وإن هذه الحركة لاتزال تمارس منذ مأتين من الأعوام في الدول الغربية، واتيحت لها فرص أعلى التعاليم والدراسة وأرقاها، وهيأ لها مجال العمل والوظيفة في كافة شعب الحياة، ولكن لو استقرينا رؤساء هذه الدول المتطورة والنامية، وقمنا باعداد قائمة الأسماء لهؤلاء القادة والرؤساء فلعل اسم المرأة لا يأتي فيها، ولو قمنا باستقراء رؤساء الوزراء في هذه الدول فالنسبة لا تتجاوز من واحد في المائة، أو أقل منه، وهكذا حالها في تولى المناصب التنفيذية، والمراتب ذات خطورة بالغة في مختلف الميادين والمجالات، ومعظم الشعب والواجبات، وهكذا وضعها في إحراز المستويات الرفيعة، وإستحقاق الجوائز والوسام في مجالات العلم والبحث التحقيق والدراسة، مثل جائزة نوبل وغيرها، ونسبتها من بين الحائزين على هذه الجوائز والوسامات – ولو كان هذا جراء الإستغلال الإجتماعي لما ظهرت هذه المضاعفات في مثل هذه الدول.

 

والهند دولة ديموقراطية تحتضن مختلف الأمم والأقوام والديانات، وقد تربع الجنس الناعم فيها على منصب رئاسة الوزراء لفترة طويلة، وحركة تحرير المرأة قد تلقت التشجيع والإستحسان ولإستنهاض في هذه الدولة، وبامكان المرأة أن تحرز أعلى المناصب والرتب فيها مستخدمة المواهب والمؤهلات، ولكن ترى الوضع أن منظمات النساء وجمعياتهن ترفع الأصوات في البرلمان منذ أعوام لتحفظات وحجوزات (33%) ثلاثة وثلاثين في المائة، ولكن لم تحرز النجاج بعد في مطالبتها رغم مواصلتها المساعي للإقناع، فتنشأ التساؤلات أن الرجال والنساء مادامتا لا تتفاوتان في القدرات والمواهب والمؤهلات، فلماذا يضطررن للتكفف أمام الرجال ويبسطن أيدي السوال والإستجداء أمامهم للحجوزات والتحفظات؟ ولماذا لا يستجدي الرجال ويطالبون منهن هذه التحفظات لأنفسهم؟ ومالحاجة إلى هذا الحجز والتحفظ وبإمكان المرأة أن تنال حقوقها بالمنافسة والمسابقة والمقاومة، وتفوز بمساعيها في الإنتخابات ، وحاجة الإستبقاء والإستحفاظ تلامس مَن يتصور مِن الضعفاء والعاجزين، وهذا أكبر دليل وأصرخ برهان على أن التفاوت الذي يشعر به، والفارق الذي يعتمل ليس هو الفارق والتفاوت الناجم عن إستغلال المجتمع، وإنما هو التفاوت الخلقي الناجم عن مكونات الفطرة، فتنكبا عن الأفراط والتفريط وابتعادا عنهما قدم الإسلام نظرية تتناسق تماما مع الفطرة الإنسانية ، قال تعالى: (يا أيُّها النّاس اتّقوا ربّكم الّذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها)([22]).

 

و(من) في العربية للتبعيض، وهكذا يبين القرآن أن المرأة جزء من الرجل، ومكملة له، والمرء يألف إلى جزءه ويحبه، وينظر إليه بنظر التوقير والتكريم والإحترام، ومن المستحيل أن يحب الرجل جسمه ويبغض العين مثلا، وهذا مشعر بأنها تليق بالمحبة والتكريم والتوقير، وبدونها وجود المرأ غير مكتمل، وماقيل أنها مدخل من مداخل الآثام، وأنها مصدر من مصادر المعاصي والمفاسد، رد عليه القرآن وأوضح أن حواء لم تغو آدم وإن الشيطان هو الذي استغواهما، قال تعالى: (فازلّهما الشّيطان)([23]).

 

وبناء على أن الرجل كان قوى الجثة شديد البنية من بينهما، ومسؤوليته تتضاخم في السلامة والابتعاد والابعاد عن الزلل والخطل، فأُسند الخطأ إلى آدم – عليه السلام – قال تعالى: (فعصى آدم ربّه)([24]).

 

وجعل الإسلام المرأة مستقلة بنفسها ومالها، وذات سيادة وتصرف في أموالها وممتلكاتها، واعطاها مكانة عز وشرف في المجتمع ومن ناحية أخرى يرى الإسلام أن التفاوت واقع بين قدراتها، فالرجل قوي صلب، والمرأة ناعمة ضعيفة، والرجل حام للمرأة، وهي في حاجة إلى من يحميها، فيفوض إلى الرجال الواجبات والمسؤوليات ذات مشقات ومتاعب، وتعفى عنها النساء، قال تعالى: (الرّجال قوّامون على النّساء)([25]).

 

وفي الجسم الإنساني أعضاء، منها الأيدي والأرجل، ومنها الأدمغة والأعين، فالأرجل والأيدي من الأعضاء التي تستطيع أن تتحمل ضربات الأحجار والأعواد والعصى، ويمكن اصلاح انكسارها، ولكن العين حساس بالغ الدقة في الشعور بالآلام، وتبلبل ألماً بأدنى الشوكة والتبنة، ومن الممكن أن تعدمها الحصيات الصغيرة.

 

وإن كان المرض في الكرش والمعدة فبامكان أي طبيب من أطباء الجراحة أن يقوم بعمليتها دون تروع وتردد، ولكن لو كان في المخ والدماغ فلا يقوم بعمليتها كل واحد، الإخصائيين منهم والمهرة في الجراحة يهابون من اقتحامها واستلام مسؤوليتها، لأن مسئلة المخ وخلايا الدماغ حساس بالغ الحساسية، وهذا لا يعني أن العين لا يحسب لها حساب ازاء الأيدي والأرجل، والمخ لا يقدر له القدر بالنسبة إلى الكرش والأمعاء، وإنما هو اظهار نظام الفطرة، واشعار بأن الأعضاء كيت وكيت تحتاج إلى الصيانة والوقاية أقل، وأعضاء أخرى تحتاج إليها أكثر.

 

وحينما يقال أن التفاوت واقع في القدرات والمواهب بين الرجال والنساء، ويفترق مجال عملهما، وللرجال مكانة زعامة الأسرة: (للرجال عليهن درجة) ([26]).

 

وإن الفطرة الكونية قد خلق الرجال (قوامين) حماة وأمناء على إدارة الأمور، فان هذا القول مناداة فطرة ترتد صداها من واقع الفطرة ، والمجتمع الذي اوقفت الأناث فيه متكاتفة للذكور هي غير مأمونة فيه، وتأن تحت وطأة الأعباء وعناء العمل وترزح من تضاخم الأشغال والمتاعب، وتواجه مطامع الرجال وشحهم، ونظام الأسرة مفكك ومدمر، والأسرة حماة لأفرادها، وكلما يتفكك نظام الأسرة تعود مضرته على فئة تحتاج للكفالة والحماية إلى الآخرين، من أجل ذلك نرى المرأة الآئسة العاجزة عن العمل عبأ على المجتمع والأسرة، في أوربا حينما تظل في عهد شبابها وأيام جمالها واناقتها أداة إشباع الهوى والأطماع للرجال.

 

3- وأهم قانون من قوانين الإسلام العائلية والإجتماعية هو قانون الطلاق ، وقد جعل الطلاق محظورا في الديانات القديمة وتراتيب القوانين الوضعية، فلم يكن له مكان في الديانة الهندوسية، لأن المرأة فيها كانت تشبه بأداة خدمة وبصناعة ممتلكة، حتى البعض منها كانت تحرق حيا مع جثة الزوج، وقد نقلت جملة أدبية ناصحة عن عيسى بن مريم – عليه السلام – قال فيه (من وصله الله، لا ينبغي لأحد أن يقطعه) فجعلها النصارى قانونا، واعطاها صيغة قانونية، ولم يفسح المجال للطلاق لكنه كان أمرا معاكسا للفطرة، لأن الخلاف والشقاق بين الزوجين ربما يتفاقم ويتصاعد إلى حد يستعصى المسايرة مع بعضها البعض في ركب الحياة، وبهذه المناسبة والفرص إن لم يوسع المجال للطلاق. ليضيق خناق الحياة عليهما وتصبح حياتهما جحيما يحترقان فيها معا، وفي هذا الوضع والحال لابد أن يفسح المجال لإنهاء عقد النكاح وقطع الصلة والقرابة الزوجية ليسعدا في حياتهما المتبقية، ويعيشا بالإرتياح وهدوء البال.

 

ففي العصر الراهن قد اعترفت الواقعية والجدية في العالم بأسره، أن جواز الطلاق حاجة اجتماعية، من أجل ذلك الديانات التي كانت لاتجوزه قد درج متبعوها على تشريع قانون يفسح مجاله، لكنهم اخطأ وافي تسوية الأناث بالذكور واستزادوا في الخطأ عندما فوضوا سلطة الطلاق إلى المحاكم دون الأزواج كيلا يستطيع الواحد منهما الحاق الضرر بالآخر، ونسوا في هذا المكان وجهلوا عن جديدة تنم عن أن الزوج (الرجل) أقوى الطرفين، وأسباب الطلاق ربما تقتضي التستر وعدم المجاهرة، وبالتالي الزوج الذي يريد التخلص والتملص من زوجتها، وتشق عليه المرافعات ومتابعة المحاكم والتردد الطويل إلى أبوابها، ويستعصي عليه توفرا لشهادات، والحجج والبينات، فقد بحث عن أيسر طرق وأسهل وسيلة للتخلص منها، واختار له طريق اغتيال الزوجة أو احراقها، وتبرئة النفس بإلحاق الواقعة بالعملية الإنتحارية، وهكذا القضية التي قد تستغرق مدة طويلة وتستلزم المصارف الباهظة والنفقات الضخمة في تسويتها بالمحاكم، ينال غرضه هكذا بثمن بخس وبدون تعب وعناء، ومثل هذه الوقائع يكثر وقوعه في الهند خاصة، في الأيام الراهنة، ونظر إلى أن الطلاق في الدول الغربية سهل المنال وميسور الإرتضاخ من المحاكم فقد عمت هناك ظاهرة أخرى وبدأ كل يوقعه حتى في الأمور العادية الطفيفة وتصاعد أمر الطلاق إلى حد تجاوزت نسبته نسة النكاح، وهذان الأمران كانا مغايرين للفطرة الإنسانية، والإسلام يكره الطلاق ويبغضه ، والنبي(صلى الله عليه وآله وسلم) جعله: (أبغض الحلال)([27]).

 

ولكن بناء على أنه حاجة إجتماعية ملحة فقد سوغ المجال، وفوض سلطة الطلاق إلى الرجال كي يتم استخدامه في التخلص من المضايق عند حدوث أشد النفور النشوز، ولا تتعرض الزوجات لإرهاق النفس والمخاطرة أو تشرف حياتها على الهلاك، ويستعصى عليها ابقاء الحياة، نعم قد وسع المجال للمرأة أيضاً حيث ان كان الظلم والضيم والعداوان ولفأ الحقوق من الزوج فلها أن تثبت دعواها في المحاكم وتفسخ النكاح من القضاة، ولم تفوض إليها سلطة التطليق من جانب متحيز؛ لأنها قد جبلت على العاطفية والإنفعالية وسرعة اليأس والقلق والهموم، ولو اسندت إليها هذه السلطة فكان من غالب الامكان أن تتضاخم نسبة الطلاق وتتضاعف إلى غاية لا تتصور الآن.

 

فالإسلام لم يشد حبل الطلاق ولم يعقده إلى حد بدأ الأزواج يلعبون بحياتها، ولم يرخها إلى حد يتم إستبدالها وتغييرها كالملابس والبدلات، وهذا هو مقتضى الفطرة البشرية.

 

وقوانين الإسلام الجنائية والعقوبات، من أهم عناوينها قانون الحدود والقصاص، يعنى لو قتل أحد أحدا عمدا، ولا يرضى ورثة المقتول بالعفو والصفح عن القاتل، فالقاتل يقتل في جريمته، ونطق القرآن بأن القصاص وإن يبدو منه قتل نفس وهلاك شخص لكن في واقع الأمر تكمن فيه حياة المجتمع برمته، قال تعالى: (ولكم في القصاص حياة يا أولى الألباب)([28]).

 

وهذا يعني أن الإنسان لا يردع عن القتل إلا خشية القتل، فتحققت فيه حياة النفس.

 

وفي العصر الراهن قد كثر المقال والكتابات عن عقوبة الإعدام، ولكن تجارب العديد من الدول تشهد على عدالتها، فقد الغيت قوانين الإعدام فيها ثم لما ظهرت الجرائم الشنعاء والوقائع المرهقة للإنسانية، فاعادت تشريع هذا القانون وتطبيقه، ومن أصرخ أمثلتها مثال دولة (سيري لنكا) حيث الغى برلمانها في عام 1956م قانون الإعدام بإصدار قانون مكانه، ولكن لما اقتحم أحد من المجرمين منزل رئيس وزرائها المدعو / بندرانائيكا في 26/سبتمبر عام 1959م واغتاله بضراوة وعنف، فبعد الفراغ من المراسم النهائية دعى انعقاد جلسة طارئة لأعضاء البرلمان، وعقب النقاش المستغرق أكثر من أربع ساعات اعيد قانون الاعدام، وتم الاتفاق على وضعه من جديد .

التناسق مع العقلانية والجدية

من أهم ميزات الإسلام وخصائصه إنسجامه مع العقل والمشاهدات، من أجل ذلك إتخذ العقل والتدبر والتفكير بالغ الأهمية والخطورة في الإسلام، وذكره القرآن في العديد من المواقع، وأرشد الناس إليه، وقال تعالى في أسلوب التمثيل: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلاَ تَتَفَكَّرُونَ)([29]).

 

وقال: (مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالأَعْمَى وَالأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ)([30]).

 

وفي مكان آخر شبه العقلاء وعادمه، بالنور والظلمة، فقال: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ) ([31]).

 

(وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ * وَلَا الظُّلُمَاتُ وَلَا النُّورُ)([32]).

 

وهكذا لفت الله أنظار المكلفين وارشدهم إلى التدبر والخوض في غمارة التفكير والبحث في آيات الله المرصودة في هذا الكون المبعثرة في أرجائه، وقال: (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاء إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنفُسُهُمْ أَفَلَا يُبْصِرُونَ)([33]).

 

وكثر في القرآن إستخدام كلمات (أَفَلَا تَعْقِلُونَ) (لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) (إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ) (يَتَفَكَّرُونَ) (يَتَدَبَّرُونَ) وغيرها، وهذا الجميع دعوة عامة شاملة للإنسانية للتعقل والتفكر، ولم تتم مقارنة هذه الوصايا والتوجيهات مع أوامر الأديان الأخرى التي كانت لا تسمح أتباعها للتحقيق والدراسة والبحث والخوض في المسائل، والاعراب عن آرائهم ليبلج وضوحا أن الإسلام قام بتشجيع إستخدام العقل وبالغ في إستحسان من تفكر وتدبر وباشر القدرات الفكرية في الإستنتاج والإستشمار، لأجل ذلك يبدو جليا انسجامه التام مع العقل والمشاهدات في جميع شعب الحياة وأحكامها من العقائد والأحكام الأصلية والفرعية، وكانت للأمم والأقوام والقبائل نظريات مختلفة قبل الإسلام عن الكسوف والخسوف، فيرى أهل الصين أن الشمس يبتلعها الثعبان عند الكسوف واحتجاج قرصها، فكانوا يحدثون الصرخات والويلات والحشرجات والصيحات ويزمجرون عندئذ، ولما تنجلي الشمس وزال عنها الكسوف يزعمون أن الثعبان قد إستقائها وقذفها، وكانت العرب تزعم أن الشمس لا يحدث بها الكسوف إلا بموت أحد من العظماء وكبار الشخصيات أو ولادته، ومن المصادفات أن الشمس قد كسفت يوم توفي ولده (صلى الله عليه وآله وسلم) إبرهيم فزعم الأصحاب وهاجس في نفوسهم أنها كسفت بموت ولد نبي الله، وبلغ الخبر والشائع إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فجمع الناس في مسجده، وخطبهم وقال: إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا علاقة لها بموت أحد أو حياته([34]).

 

والإسلام قد عارض إتباع الأوهام ومساورة الظنون، فكان الناس قبل الإسلام يرون بعض الأيام والشهور نحسا ومشؤما، ويصدفون عن الزواج والصفقات والمعاملات فيها، ويتصورون الشؤم في بعض الطيور والحيوانات، وكان معظم أمم العالم والأقوام تزعم بتخبط الأرواح الخبيثة وتسكعها، فجاء النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) وطمس هذه الأوهام والخرفات ومحق معالمها وملامحها، وقال: (لا عدوى ولا طيرة ولا صفر ولا هامة) ([35]).

 

وإن هذا التصور الإعتقادي قد ترك طابعا خاصا واثرا بالغا على المسلمين، ونمت فيهم قدرات أدراك الحقائق والواقعية مكان إتباع الأوهام والخرافات، وقد اشتهر منها ما نقل معظم المؤرخين، فقال ابن كثير في تفسيره: (قال ابن لهيعة عن قيس بن حجاج عمن حدثه قال: لما فتحت مصر أتى أهلها عمرو بن العاص وكان أميرا بها حين دخل بؤونه من أشهر العجم فقالوا: يا ايها الأمير إن لنيلنا هنا سنة لا يجري إلا بها، قال: ومازال قالوا: إذا كانت ثنتا عشرة ليلة خلت من هذا الشهر عمدنا إلى جارية بكر بيد أبويها فارضينا أبويها وجعلنا عليها من الحلي والثياب وأفضل ما يكون، ثم القيناها في هذا النيل فقال لهم عمرو إن هذا لا يكون في الإسلام، أن الإسلام يهدم ماكان قبله فأقاموا بؤونة، والنيل لا يجري حتى هموا بالجلاء، فكتب عمرو إلى عمر بن الخطاب بذلك، فكتب إليه عمر إنك قد اصبت بالذي فعلت، وقد بعثت إليك بطاقة داخل كتابي هذا فالقها في النيل، فلما قدم كتابه أخذ عمرو البطاقة ففتحها فإذا فيها:

 

(من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى نيل أهل مصر، أما بعد فانك ان كنت تجري من قبلك فلا تجري، وإن كان الله الواحد القهار هو الذي يجري فنسأل الله أن يجريك، قال: فألقى البطاقة في النيل، فاصبحوا يوم السبت وقد اجرى الله النيل ستة عشر ذراعا في ليلة واحدة وقد قطع الله تلك السنة عن أهل مصر إلى اليوم، رواه الحافظ أبو القاسم اللالكائي الطبرى في كتاب السنة له) ([36]).

 

ومثل هذه الوقائع قد حدثت في المناطق الساحلية بالهند أيضاً من التجار العرب، بما اعتنق الإسلام عدد لا بأس به من سكان هذه المناطق تأثرا بها.

 

ولو ينظر إلى أبواب الإعتقاد والإيمان نفسها ليتجلى أن وحدانية الله، وحاجة الرسالة، واقامة الجزاء والثواب هي أحكام أوثق الانسجام مع العقلانية والفطرة البشرية، وازاء هذه النظرية، نظرية التثليث عند النصارى، وتصور الكفارات عندهم كم من بعيد عن العقل ومعارض له؟ وعدم معقوليته واضحة جلية لا حاجة إلى القاء الضوء عليه.

 

وعقيدة التوحيد التي هي عقيدة فطرية وطبيعية، ومنسجمة تماما مع العقل البشري، قد لعبت دورا بارزا في تنشيط الحياة العلمية، وتطوير القدرات العلمية، والأمم التي كانت متصوكة بأوحال الشرك والضلال، قد جعلت كل موجودات هذا الكون إلها ومعبودا، والآله ياله إليه القلب ويألفه ويميل اليه حبا وتوقيرا وتعظيما، وما يكون معظما ومحترما يتحاشى عن البحث والتدقيق والتفتيش والغربلة في ذاته، فلم تحرز العلوم الطبيعية تطورا قبل الإسلام إلا قليلا؛ لأن الشيء إذا سلم أنه فوق الدراسة والتحقيق، فكيف يمكن التطور والتقدم في رحلتها العلمية والبحثية؟

 

ولا يعترف اليوم أهل العلم من المسلمين فحسب، أو إنما خبراء العلوم الطبيعية أيضاً يتفقون معهم ويعترفون بأن المعلومات التي رصدت في القرآن بالتنصيص والتصريح أو بالإشارات والدلالات عن مراحل الخلقة الإنسانية وتطورات الجنيني المختلفة، التدريجية في المشيمة، وعن الحياتيات والطبعيات والفلكيات والأرضيات، تؤيدها العلوم الحديثة المعاصرة تائيدا يبهر العيون، ويذهل العقول.

 

وكتاب بورس بوكائي شهير في المقارنة بين العلوم الطبيعية والقرآن ، ويحمل اسم (الانجيل والقرآن والعلوم) وغير خاف عن أعين أهل العلم والخبرة.

 

وهكذا حال أحاديث الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) الصحيحة المعتبرة الثابتة، فالحقائق والأسرار التي كشف اللثام من وجوها فيها عن الطب والمواضيع الأخرى، توافق العقل البشري وتؤيد الواقعية، فقد خاص بعض العلماء في البحث في هذا الموضوع أيضاً، فسعيهم مشكور ومحمود، ولكن النهمة باقية تمس الحاجة لمزيد العمل في هذا الجانب والمحال، وقد ابدى المحدثون علامة من علامات الأحاديث الموضوعة أن تغاير العقل وتضاد المشاهدة؛ لأن يعارض الواقع لا يمكن أن يكون منطوقا من لسان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لأن مصدر علمه، هو الله وعلمه، ولا يمكن أن يتصور الخطأ في علم علاّم الغيوب.

 

نعم! كون الشيء خلاف العقل أمر، وكونه فوق مستوى العقل والإدارك شيء آخر، وإن يحاول لإفهام الأطفال وصغار السن المسائل المتعلقة بالكبار أو يحاول لإفهام الفلاح وأهل الحرث اكتشافات الطب الحديث المعقدة، فبالطبع يعجز هذا الفلاح الأمى والطفل الصغير عن فهمها وإدراكها ولا يتمكن عقلهما من تحمل غوامضها وحقائقها، فهل تتصور هذه المسائل والإكتشافات خلاف العقل؟ كلا، ليس هي مضاد العقل، وإنما هي فوق مستوى عقله، هكذا عقول البشر قاصرة، وبدأ نطاق الفهم والإدراك يتوسع الآن وماكان بعيد التصور والإدراك قبل مائة عام قد اصبح اليوم واقعا مشهودا وحقيقة ثابتة لا تنكر، فمن الممكن أن يوجد في الإسلام مايكون فوق مستوى الإدراك، وخارج نطاق المشاهدة، ولا يعني ذلك؛ بأنه خلاف العقل ومضاده.

 

وعلى كل حال لا يمكن اليوم لأيّ دين من الأديان أن يعادل الإسلام في ميزان العلوم الحديثة ومواصفات ومقاييس العقل والإستدلال ؛ لأن الغش والتزييف والشوائب قد اخفقت الحقائق واحجبت الصداقة، ولم يبق ملجأ لعقلاء العالم إلا الإسلام وحده.

 

النظرية العادلة للحقوق الأساسية

 

أهم الضرورات التي تتواجد اليوم وتقوم في عالم الإنسانية، منها (الأمن والسلام) وهو المحور الذي يدور عليه كافة التسهيلات ووسائل الترف والبذخ والتنعم والمتعة، من أجل ذلك ذكره الله تعالى مما امتن به على العبد، قال تعالى: (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ) ([37]).

 

والمنتان اللتان ذكرهما الله جل شانه في دعوة قريش مكة إلى التوحيد علاوة الإمتنان بهما على الموحدين هي الأمن من الخوف والجوع، قال تعالى: (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ) ([38]).

 

ويجب لتحقق الأمن أن يتمسك جميع أفراد المجتمع بأهداب العدل والإنصاف، ويقوموا بتأدية حقوق الآخرين، فالعدل تعليم من أهم تعليمات الإسلام وتوجيه من أعظم توجيهاته الأساسية، قال تعالى: (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)([39]).

 

ثم يعلمنا القرآن أن التفريق في العدل بين المسلم والكافر، والصديق والعدو، والقريب والبعيد، لايصح البتة، قال تعالى: (وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى)([40]).

 

وتفاصيل إقامة العدل في المجتمع الإنساني، ووضع القوانين واللوائح له، هي (الحقوق الانسانية الأساسية) في الأمر الواقع والأصل، ويتصور عامة أن مبدأ هذه الحقوق هو القرار الذي تم الاتفاق عليه في الهيئة العمومية للأم المتحدة عام 1948م، واصدر مرسومها من رصيفها إلى أمم العالم، ويزعم بأنه إنتصار عظيم للقيم الإنسانية لكن المزاعم هذه إما ناجمة عن الجهل بالتاريخ أو تجاهله، والإعراب عن مثل هذه الأقاويل بعيد عن العدالة أقصى البعد؛ لأن أول قائمة منظمة جامعة ومكتملة للحقوق الإنسانية هي الخطبة التي القاها النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) في التاسع من شهر ذي الحجة عام 10/ من الهجرة، المصادف 6/مارس عام 632 الميلادي، بمناسبة حجة الوداع في عرفة، وقد تناولت الخطبة من الحقوق الإنسانية الآتية:

 

1- حق حفظ الأموال والأرواح والأعراض والأولاد.

2- حق حفظ الممتلكات وأداء الأمانات والودائع.

3- القضاء على استغلال الفقراء والمساكين عن طريق تحريم الربا.

4- حق التعايش والمعاشرة بالمسالمة والتعاون المتبادل.

5- حق حفظ المناصب، وكرامة النفس، والتمليك والتملك.

6- المساواة في الدية والقصاص.

7- حق حفظ حقوق النساء ورعايتها.

8- حق حفظ حقوق الموالي.

9- المساواة والمعادلة بين كافة الطبقات.

10- حق التعليم والتعلم والمدراسة.

11- الضمان الإجتماعي.

 

والواقع أن الخطبة التي القاها النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) في حجة الوداع، خطبة جامعة تستدعي للتفكير والتدبر، وتحققت نقطة تحول وإتجاه، وأثارت الوعي والصحوة الجديدة، ففيها الحلول الناجعة للقضايا الإنسانية، وإضافة إلى ذلك، قد جاءت في الكتاب والسنة أوامر وتوصيات، وبيانات وإيضاحات عن الحقوق الإنسانية، منها:

 

إن الله جل شانه قد جعل نفوس كل فرد من أفراد البشر معصومة إلا في بعض الجرائم الخاصة التي دعت لمجازاتها القتل أو الرجم، قال الله تعالى: (مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً) ([41]).

 

ففي الآية هذه ورد قتل النفس مطلقا، وذلك يشمل المؤمن والكافر جميعا، من أجل ذلك لو قتل مسلم كافرا، يقتل المسلم قصاصا، وروى الإمام الشافعي – رحمه الله عليه – في مسنده: (أتى علي بن أپي طالب – رضي الله عنه – برجل من المسلمين، قتل رجلا من أهل الذمة، قال: فقامت عليه البينة، فأمر بقتله، فجاء أخوه، فقال: قد عفوت، فقال: لعلهم فزعوك او هددوك؟ قال: لا، ولكن قتل لا يرد على آخر وعوضوني، قال أنت اعرف، من كان له ذمتنا قدمه كدمنا وديته كيدتنا)([42]).

 

وقد وردت روايات أخرى بهذا الصدد، يرتبط معظما بعهد الخلفاء الراشدين([43]).

 

والدية مثله، يستوى فيها المسلم والكافر، فما تكون دية المسلم تكون دية الكافر وأهل الذمة، وقد سبق قول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه – أن (من كان له ذمتنا فدمه كدمنا وديته كديتنا) ([44]).

 

ووردت في بعض الروايات من أحاديث الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) وآثار الخلفاء الثلاثة (أن دية المعاهد كيدة المسلم الحر) ([45]).

 

يحق لكل شخص في الإسلام أن يمتلك مالا، ويحمى مافي حوزته من الممتلكات، ويتصرف فيه كما شاء، قال تعالى: (وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ) ([46]).

 

والنبي(صلى الله عليه وآله وسلم) اذا اعطى الأمان كان يعطيها على ماله ونفسه كليهما([47]).

 

وروي عن النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) قال: (الا من ظلم معاهدا أو انتقصه أو كلفه فوق طاقته، أو أخذ منه شيئا بغير طيب نفس فأنا حجيجه يوم القيامة) ([48]).

 

وعرف من هذا أن حقوق امتلاك الأموال، والتصرف فيها، وحمايتها وصيانتها، يتمتع بها غير المسلم مثل ما يتمتع بها المسلم، من أجل ذلك جازت المتاجرة والمبايعة والمهاداة مع غير المسلمين، وتنتقل تركته إلى الورثة بعد وفاته، ويترتب الجزاء على سرقة ماله مثل ما يترتب على سرقة مال المسلم.

 

الإسلام يحمى أعراض البشر بأجمعه دون تفريق، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ)([49]).

 

فإقرار حد القذف في الاتهام، والنهي عن الغيبة والنميمة، وتحريم الزنا والزام غض البصر، والأمر بصيانة الفرج والبصر، لم يقصد بجميع هذه الأحكام إلا الحفاظ على العصمة والأغراض، ولا فرق فيه بين المسلم والكافر، فما يترتب الجزاء على الزنا بالمرأة المسلمة يترتب نفسه إذا ارتكب مع الكافرة.

 

الإسلام لم يباشر توزيع الطبقات باعتبار المهنة والحرف مثلما بوشر في الديانة الهندوسية، حيث وزع النوع البشري فيها باعتبار المهنة إلى أربع طبقات، ومثلما وزعهم أفلاطون في كتابه (الجمهورية) إلى أن الحكام والولاة خلقوا من الذهب، والمستشارون للولاة ووزرائهم ومعاونوهم من الفضة، والفلاحون وأهل الحرف والمهنة من الحديد والنحاس.

 

وإنما الإسلام ينظر إلى البشر بأنهم جميعا سواء في أصلهم ، ويحق لكل واحد منهم أن يختار مايشاء من المهنة حسب رغباتهم وميولهم وقدراتهم ومواهبهم، ولا فارق فيه بين المسلم والكافر، ونجد في عهد النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) وجود تجار، وفلاحين، والنجارين والحائكين وأصحاب صناعات الأقمشة وغيرها من غير المسلمين أيضاً، ولم تكن في ذلك العهد وسيلة، لكسب المعاش إلا من هذه الوسائل المعتادة.

 

نعم إن كان أحد لا يتأهل لعمل، وبدأ يمتهن بمهنته، ويباشر العمل بدون تأهل، ويخشى منه لحوق الضرر بالناس، فالمباشر والممتهن مسلما كان أو كافرا يحظر منه ويلزم عليه بتركه، وروى عن النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: (من تطيب ولم يعلم منه قبل ذلك الطب فهو ضامن)([50]).

 

والإسلام اعطى الجميع حق الدراسة وأخذ العلوم فقال (صلى الله عليه وآله وسلم) (العلم فريضة على كل مسلم)([51]).

 

وقال في حديث آخر (الكلمة الحكمة ضالة المؤمنين) ([52]).

 

وهذا الحكم عام يشمل الجميع، ويستوى فيه المسلم والكافر، والذكر والأنثى، والثرى والفقير، وكانت في المدينة مدرسة لليهود تحمل اسم (بيت المدارس) عاينها النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)! ودبر النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) تعليم الجيل المسلم وأطفال المسلمين، ووضع تراتيبه من أسارى بدر الشمركين، وجعله فدية لهم([53]).

 

وتعلم زيد بن ثابت ـ رضي الله عنه ـ اللغة السريانية من اليهود بأمر من النبي ـ صلى الله عليه وسلم([54]).

 

وعرف من هذا أن غير المسلمين لا يتحررون في شؤونهم التعليمية فحسب وإنما لا يشين انعقاد الروابط العلمية المتبادلة بين المسلم والكافر.

 

الحرية الدينية، لاشك أن الكفر والشرك والالحاد معتقدات باطلة من الأباطيل، فمن أعرض عن عقيدة التوحيد يحرم من النجاة الأخروية، ولكن يحق لجميع أفراد العالم أن يظل على عقيدته ودينه الذي يدينه، قال تعالى: (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ)([55]).

 

وقال تعالى مخاطبا نبينا عليه الصلاة والسلام: (وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ)([56]).

 

وكذلك يحق للجميع العمل بدينه، قال تعالى: (لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ)([57]).

 

حتى أن النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) أذن بعض غير المسلمين لتأدية عبادتهم في مسجده النبوي، قال: ابن القيم الجوزية: (وقد مكن النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) وفد نصارى نجران من صلاتهم في مسجده إلى قبلتهم)([58]).

 

وكذلك يحق لكافة الوحدات الدينية حماية معابدهم وصيانتها ، قال تعالى: (وَلَوْلَا دَفْعُ الله النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ الله كَثِيراً وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ)([59]).

 

من أجل ذلك كان النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) إذا ابرم العهود مع غير المسلمين، يصرح فيها أن لا يتدخل في شؤونهم الدينية، والهدنة التي اتفق عليها النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) وابرمها مع أهل نجران وردت بالصيغة التالية: (ولنجران وحاشيتهم جوار الله تعالى وذمة محمد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) على انفسهم وأموالهم وأرضهم وملتهم وغائبهم وشاهدهم وعماراتهم وبيعهم وسلمهم ، ولا يغير أسقف من اسقفيته، ولا راهبا من رهبانيته)([60]).

 

ويبدو من تصريحات بعض الفقهاء، أن غير المسلمين أيضاً يحق لهم اعمار معابدهم في أراضيهم الممتلكة، قال الإمام محمد الشيباني: (ولا يمنعون أن يجعلوا بيعا في أراضيهم ولا صوامع ولا كنائس)([61]).

 

وكذلك يجب على أهل الديانات بأجمعها، أن يحترموا مشاعر الآخرين من الديانات، وليفكروا في أن اللوم والتنديد والادانة من يستحقها أكثر من معبودي الكفرة والمشركين الأپاطيل، ولكن بناء على أن مشاعر الآخرين تجرح بإدانتها، نهى الله جل شأنه عن سبابها، قال تعالى: (لاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ الله)([62]).

 

ويحق لجميع المسلمين أن يقوموا بمهام الدعوة في جميع أفراد البشر، بل هي فريضة تعود عليهم، قال تعالى: (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ)([63]).

 

وكذلك أهل دين من الأديان الباطلة يحق لهم أن يدعوا الآخرين من أهل الديانات الآخرى الباطلة، ويقوموا بأمر دعوة دينهم فيهم، قال الامام مالك مفسرا لمفهوم حديث الارتداد: (ومعنى قول النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) فيما نرى والله اعلم من غير دينه، فاضربوا عنقه أنه من خرج عن الإسلام إلى غيره مثل الزنادقة وأشباههم، ولم يعن بذلك فيما نرى، والله اعلم، من خرج من اليهودية إلى النصرانية، ولا من النصرانية إلى اليهودية، ولا من يغير دينه من أهل الأديان كلها إلا الإسلام([64]).

 

وبناء على أن الدولة الإسلامية تكون دولة دينية، وحكومة قائمة على الدين والشريعة الإسلامية، ولا يقتصر الإسلام فيها على عقيدة فردية وانما يكون دستور الدولة تابعا لهذه العقيدة فلم يرض الإسلام بأن تقوم فئة كافرة بهمام الدعوة فيما بين المسلمين، وتدعوهم إلى اعتناق دينها ومعتقداتها، وتدفعهم إلى الكفر من الإسلام حتى أن مسلما لو ارتد في دار الإسلام، تعطى لهم المهلة للنظر في أمره فان تاب خلال هذه المهلة، وإلا يقتل؛ لأن النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) قال: (من بدل دينه فاضربوا عنقه)([65]).

 

أما المرأة إن ارتدت عن دينها الإسلامي فلا تقتل عند الأحناف وانما تحبس هي إلى أن تتوب وإن طال الأمد.

 

وجزاء الارتداد هذا، ليس إلا في دار الإسلام ولا يجري هذا الحكم في دار الكفر، لأن الارتداد في دار الإسلام يراد في الخروج على دستور الدولة، والتمرد والخروج على الدولة ودستورها، جزائه القتل في جميع قوانين العالم، والدولة التي لا يتكون إسلامية ويكون الإسلام فيها كدين فئة من الفئات المواطنة ولا يكون دستور الدولة، لا يكون القتل فيها جزاء الارتداد وانما يعامل معهم معاملة الوعظ والنصح والارشاد ، نعم! يحق لغير المسلمين الانتقاد الرصين الجاد على الإسلام، وقد كانت اليهود في المدينة وأهلها ينتقدون حسب معقتداتهم ومزاعمهم على النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) ويعترضون على بعض الأحكام الإلهية الواردة في كتاب الله، فكم من آية نزلت في رد معتقداتهم هذه، ووردت في حسم شبهاتهم وانتقاداتهم ونصارى النجران لما وفدوا إلى جناب الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) ناقشوا على أمور واجروا المباحثات واعربوا عن وجهات نظرهم بصراحة، حتى أنهم إذا لم يقبلوا القول العائد إلى الدليل والبرهان، فدعاهم النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) للمباهلة، ولكنهم بناء على ماكانوا على علم ومعرفة تامة بصدق دعوى نبوته لم يتجرأوا عليها وانهاروا وتخلفوا عنها، ولو يتم التفكير في هذه الواقعة، وامثالها من الوقائع لبلج أن غير المسلمين لهم حق توجيه الانتقاد إلجاد الرزين إلى الإسلام حتى قال الفقهاء: (انهم إن انتقدوا على ذات النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) فلا ينقض به العهد الذي تم إبرامه معهم.

 

(ومن امتنع عن الجزية أو قتل مسلما أو سب النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) أو زنى بمسلمة لم ينقض عهده).

 

ثم يستدل على هذا المرغيناني في كتابه بعبارة تالية: (ولنا أن سب النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) كفر منه، والكفر القارن لا يمنعه، فالطاري لا يرفعه)([66]).

 

ومن الواضح أن هذا حكم لإنتقاد ليس فيه التنقيص أو الإهانة ، فإن كانت فيه السائة والمساس بشانه(صلى الله عليه وآله وسلم) فله حكم آخر، وقد روي عن عرفة بن الحارث أنه مر بنصراني من أهل مصر يسمى (مندقون) فدعاهم إلى الإسلام، والنصراني ذكر النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) وأساء اليه: (فذكر النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) فتناول).

 

فرفع الأمر إلى عبد الله بن عباس – رضي الله عنهما – فطلب ابن عباس عرفة، وقال: (اعطيناهم العهد) فرد عليه عرفة، قائلا: (معاذ الله أن نكون أعطيناهم العهود والمواثيق على أن يؤذونا في الله ورسوله، إنا أعطيناهم على أن بينهم وبين كنائسهم يقولون فيها مابدالهم، وأن لا نحملهم ما لا طاقة لهم به، وأن نقاتل من ورائهم، وأن يخلي بينهم وبين أحكامهم إلا أن يأتونا، فيحكم بينهم بما انزل الله)([67]).

 

هذا حكم اذا كانت دعوتهم موجهة إلى المسلمين لصرفهم عن دينهم الإسلامي، إلى الدين المبنى على الكفر، أما إذا كانت دعوتهم فيما بين أفراد الديانات الآخرى غير المسلمين، فالإسلام لا يفرص الحظر على ذلك، ولا يعترض على أن يعتنق أهل دين دينا آخر، ويبدل دينه القديم، وقد سبق قول الإمام مالك – رحمه الله – في شرح حديث الارتداد.

 

والإسلام يعطي الجميع حرية مجاهرة الرأي، والانتقاد المتزن الرصين، ورفع الإحتجاج والعقيرة، قال تعالى: (لاَّ يُحِبُّ اللّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ وَكَانَ الله سَمِيعًا عَلِيماً) ([68]).

 

وهكذا الإسلام لم يأذن للقيام بهمام الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فحسب بل اثار المسلمين على هذا الواجب، وأمرهم بممارسته فعلا، وهذا الأمر والنهي، لا يعني إلا أن ما يتصوره الإنسان في ذهنه صوابا يدعو إليه، ومايراه خطأ يتنكب عنه، وماوسع مجال الإجتهاد فيما لم يرد فيه النص من الشارع، يفتح أپواب حرية مجاهرة الرأي والفكر.

 

من أهم ضرورات الإنسان هي حماية حياته الذاتية وصيانتها، والإسلام يعترف هذه الضرورة كحق ثابت لكل فرد من أفراد البشر، فجاء النهي عن التجسس والتطلع إلى حياة الناس الشخصية([69]).

 

والنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ نهى عن الإطلال على البيوت واستراق النظر إليها([70]).

 

والقرآن نفسه يوصى ويقول: (لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا)([71]).

 

والمجتمع الإنساني لا يتأسس إلا على العدل والإنصاف في نظر الإسلام، ويستوى فيه جميع أفراد البشر، فيحق لكل واحد أن يتقاضى العدل ويتلقاه، قال تعالى: (وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ)([72]).

 

ووجه إلى أن أمة إن كانت بينكم وبينها عداوة فلا ينبغي أن تكون العداوة هذه مانعة عن العدل، قال تعالى: (وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَن تَعْتَدُواْ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى)([73]).

 

ويؤكد القرآن على أن كل فرد من أفراد البشر يكون بريئا عن عمل غيره، وجزاء جريمة واحد لا يلقي على الآخر، قال تعالى: (وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى)([74]).

 

وقال تعالى: (وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى)([75]).

 

وقال تعالى: (مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ)([76]).

 

وقال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا)([77]).

 

وجزاء الظلم لا يتلقاه إلا المجرم: قال تعالى: (فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ)([78]).

 

ولو يمعن النظر لتبلور أن العامل الأساسي والسبب الأصلي لإغتصاب الحقوق الإنسانية والاجحاف بها، هو الفوارق والتميزات التي ابيحت ولصبت بين فئام من البشر ودون مختلف الطبقات والطوائف، بأن تعلق الأهمية بفئة ويعار لها الإهتمام، والفئة الأخرى لا تقام لها الوزن و لا تؤخذ بعين الإعتبار ويعامل مع طائفة معاملة نظر ورعاية، والطائفة الأخرى تهمل شؤونها إهمالا، أو يعامل معهما معاملة ظلم وعدوان.

 

فالإسلام يقضي على هذا المبدأ والأساس للظلم وعدم الإنصاف المتعلقة بالحقوق الإنسانية؛ لأن مغزى كافة توجيهات الإسلام وتعاليمه هي أمران:

 

(1) الإعتقاد بوحدانية الله.

 

(2) والوحدة الانسانية، أي الايقان بأن الله وحيد لا شريك له ولاند له، والإنس برمتهم قد تم تخليقهم من أب وأم واحدة، كما أشار إليه النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) في خطبته وقال: (ان الهكم اله واحد، وكلكم من آدم).

 

وهذا هو المبدأ والأساس الذي بإمكانه أن يحسم عاقبة أمر الحقوق الإنسانية ويقضي على النقائص المتواجدة فيها.

 

ولا تزال الفوارق العرقية والعنصرية والخلقية والتمييز بين الأسود والأپيض، وبين جيل وجيل، قائمة على أصولها وعلى ما اعرب عنه الفلاسفة والحكماء مثل أفلاطون الذي قرر أن مواد التخليق تختلف وتتبين، فللحكام والولاة مادة، وللشعوب وعامة الجماهير مواد أخرى.

 

وهذه السطور التي رصدنا فيها فكرة الإسلام عن الحقوق الإنسانية ببالغ الإيجاز والإختصار يمكن القياس منها أن الإسلام قد درج على رحب الصدر والسماحة في هذا المجال، وفي كل خطوة ومرحلة راعي كرامة الإنسان وشرفه، ولا يقتصر دمث اخلاق الإسلام ومجاملته ونصحه على المسلمين فحسب.

 

وإنما غير المسلمين أيضاً استحقوا لحسن سلوكه ومجاملته وعدله، وبالاضافة إلى هذا لو يتم التفكير والتدبر في الحقوق التي أدرها الاسلام على البشر عن النساء والأطفال والشيوخ والهرم وكبار السن، والأجانب، والمحكومين والرعايا، وذكرها الله تبارك وتعالى في كتابه العزيز، وبينها النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) في أحاديثه الثابتة الصحيحة، وناولها الفقهاء في كتبهم، ليجلأ كل منصف إلى الإعتراف بأن الإسلام هو الدين الوحيد الذي يستطيع المسايرة مع الزمان، ويتأهل لتلبية مقتضيات العصر، وتستطيع الإنسانية بحذافيرها أن تتنعم باحراز السعادة والحبور والفلاح في ظلالها الوافرة اللطيفة البهية.

الكثرة الحضارية مع الوحدة الإعتقادية

أحكام في الشريعة الإسلامية بينت تفاصيل حدودها وقيودها وطريقة تأديتها بكل صراحة وإيضاح، فهي عامة لجميع أفراد الأمة المسلمة، ويستوي فيها العامة والخاصة إلا ماهي الإجتهادية منها، فربما يقع فيها الإختلاف بين الفقهاء والمجتهدين، والعامة يختارون قول من يعتمدون عليه ويتقون برأيه.

 

وهذه الأحكام هي أحكام تتعلق بالعقائد والعبادات والمأكل والمشرب، والمعاملات، والحلة والحرمة في النكاح، وحقوق مختلف الأقارب ، وقوانين الأحوال الشخصية والعائلية، والحدود والقصاص، وما إلى ذلك.

 

وجزء كبير من الأحكام ماعينت لها الشريعة القواعد والأصول، وتعتبر هي جهاتها الأربعة التي تحدها من الجوانب، ولم يتعرض فيها لبيان جزئياتها، كتشكيلات الملابس والأزياء، ونوعية اللباس، وطريقة الأكل والشرب، والتنوع في الطبخات واعداد الأطعمة والمأكولات، وطراز انشاء المباني، وآداب المعاشرة والتلاقي، وأسلوب التحدث والكلام، ففي هذه المسائل والأحكام قد إتخذت الشريعة الفسحة والارتداح.

 

والحضارات عامة تتعلق بهذا النوع الآخر من المسائل والأحكام ، اكثر من خمسين دولة إسلامية توجد اليوم في العالم بين سكانها فوارق واختلافات متباينة كثيفة، في العادات والسلوكيات وطرق الحياة الإجتماعية وأساليب التخاطب والعشرة، فهم متوحدون في العقيدة، ومختلفون في الإجتماعية والحضارة كازهار الباقة، فقد راعى الإسلام أن يكون المسلمون حملة الحضارات والثقافات المتنوعة العديدة بعد اتحادهم في العقيدة والأعمال الدينية والمحضة.

 

والحضارات ترتبط بالأحوال والأوضاع الجغرافية والإستراتيجية، وعادات الأمم المجاورة، وتقاليد الأسرة الوراثية وأشباهها فيجب لدين الإسلام العالمي الآفاق أن يقبل هذا التنوع في الحضارات.

تطور الحضارات والمجتمعات في ظلال الإسلام

كما سبق الآن أن عناصر المجتمع التي تتشكل منها الحضارات، قد عين لها الإسلام أصولا وقواعد، ولم يتعرض لسرد تفاصيل جزئياتها وفروعها، ففيها المساغ للتغيير والتبديل والتطوير حسب تغير الزمان، والنقوش والآثار التي تركها المسلمون في فيافي العرب وصحرائها، والمسلمون الذين وصلوا من الشرق إلى سمرقند، وبخارى ، والهند وما أوقدت العرب نبراس حضارتهم في الأندلس، يمكن تلمس التطورات الحضارية والإجتماعية التدريجية في هذه التحولات.

 

فالإسلام يحتضن الفسحة لتطور الحضارة الإنسانية، على أن تبتني هذه الحضارة والمجتمع على العفاف والحياء، والورع والتقوى والعدل والمؤدة.

 

والإسلام لا يسمح للخلاعة والمجون والدعارة والفساد وإتباع الهوى، وإستغلال النساء واهدار المقومات الخلقية والإنسانية على حساب الحضارة لأنها ليست التطور الحضاري وانما هي انتحار الحضارة الإنسانية وشنقها.

 

فليس من حسن الإعتقاد، وإنما هو الأمر الواقع أن الأمن والسكينة والطمأنينة التي تضطرب الإنسانية للبحث عنها والعثور عليها، وتتعرض للتجرد عن العدل والإنصاف، لا توجد لها الحلول في أي دين من الأديان أو قانون من القوانين غير الإسلام، والقوانين الوضعية التي صاغها الإنسان تعجز عن ايجاد حلولها، لأنه لا يطلع حق الإطلاع على كافة قضايا الإنسانية، ويجهل عن عواطفها ومشاعرها ومشاكلها وحلول هذه المشاكل.

 

وبناء على أن كل فرد من أفراد البشر يرتبط بوحدة من الوحدات الإنسانية، فلا يرجى منه أن يباشروا العدل مع كافة الوحدات والفئات والطبقات الإنسانية، ولم تظهر الديانات إلا لسد هذه الضرورة والإقتضاء، ولكن الأديان الموجودة اليوم في العالم غير الإسلام، ليست على بنيتها الأصلية الحقيقية والتدخلات الانسانية وتحريفاتها ومزجاتها لم تتركها صالحة للقيام بواجب هداية البشر وإرشادهم وتوجيههم، فنهمة الإنسانية اليوم وهيامها لن تذهب الا من منهل الإسلام، وأي دين أو نظام حياة لا يستطيع أن يسد بهذه الحاجة، أو يحل محله، وقد صدق الله الذي يحق الحق بكلماته في قوله (إنّ الدّين عند الله الإسلام).

الهوامش:

([1]). النساء: 3.

([2]). الاعراف: 20.

([3]). انبياء: 7.

([4]). البقرة: 2.

([5]). البقرة: 185.

([6]). كنزل العمال، رقم الحديث: 32094.

([7]). الاسراء: 7.

([8]). التين: 9.

([9]). البقرة: 30.

([10]). البقرة: 29.

([11]). الحديد: 7.

([12]). الروم: 23.

([13]). الحديد: 25.

([14]). الاعراب: 31.

([15]). الجمعة: 10.

([16]). كنزل العمال، رقم الحديث: 9231.

([17]). كنزل العمال: 92170.

([18]). أنظر 5: 148.

([19]). أنظر : 5 : 155.

([20]). أنظر 5: 157 - 158.

([21]). أنظر 13: 8.

([22]). النساء: 1.

([23]). البقرة: 36.

([24]). طه: 131.

([25]). النساء: 34.

([26]). البقرة: 228.

([27]). انظر: مسند أبي داود، رقم: 2182.

([28]). البقرة: 179.

([29]). الأنعام: 50.

([30]). هود: 24.

([31]). الرعد: 16.

([32]). فاطر: 19 – 20.

([33]). السجدة: 27.

([34]). انظر: نص الحديث في مجمع الزوائد: 5 : 162.

([35]). سنن أبي داود، رقم: 3911.

([36]). تفسير ابن كثير: ج4 ، ص464.  

([37]). العنكبوت: 67.

([38]). قريش: 3 – 4.

([39]). النحل: 90

([40]). المائدة: 2.

([41]). المائدة: 2.

([42]). مسند الامام الشافعي، ص : 344، وسنن البيهقي، ج2، ص46 رقم الحديث: 16363.

([43]). انظر: سنن البيهقي: ج12، ص43، رقم الحديث: 16357، والمصنف لعبد الرزاق: رقم: 18515 – 18518.

([44]). نصب الرأيه: 337.

([45]). انظر كتاب الآثار لمحمد بن الحسن الشيباني: رقم 687.

([46]). البقرة : 188.

([47]). انظر: مسند أبي داود، رقم: 3027، عن عامر بن شهر.

([48]). سنن أبي داود: رقم: 3052.

([49]). الحجرات : 11.

([50]). مسند أبي داوود، ج2، ص 620.

([51]). مجمع الزوائد، 1:119.

([52]). كنزل العمال، رقم: 44090.

([53]). انظر: مسند الامام أحمد، 307، رقم: 2215 عن عبد الله ابن عباس.

([54]). انظر: أسد الغابة في تمييز الصحابة، ج2، ص232.

([55]). البقرة : 99.

([56]). يونس : 99.

([57]). الشورى : 15.

([58]). أحكام أهل الذمة لابن القيم، ج1، ص316.

([59]). الحج: 40.

([60]). كتاب السير والخراج والعشر للشيباني، ص 249.

([61]). كتاب السير والخراج والعشر، ص 253.

([62]). الأنعام : 108.

([63]). آل عمران : 110.

([64]). مؤطا الامام مالك، ص 308، القضاء فيمن ارتد عن الإسلام.

([65]). سنن أبي داود: ج2، ص598، باب الحكم فيمن ارتد، وسنن الترمذي: ج1، ص270، باب ماجاء في المرتد.

([66]). الهداية: ج4، ص 326، باب الجزية ط كراتشي.

([67]). مجمع الزوائد: 6:397، رقم: 10569.

([68]). النساء: 148.

([69]). انظر: الحجرات: 13.

([70]). انظر: مجمع الزوائد، كتاب الأدب، رقم 12803.      

([71]). النور: 27.

([72]). بالنساء: 55.

([73]). المائدة: 8.

([74]). الأنعام: 164.

([75]). النجم: 39.

([76]). النساء: 123.

([77]). فصلت: 46.

([78]). البقرة: 193.

ارسال نظر