البدعة والتبديع.. رؤية حول المفهوم والتوظيف الأيديولوجي
الدكتور الشيخ أحمد حسين أحمد محمد
عضو اللجـة الشرعية للوقف الجعفري بدولة الكويت
عضــو الاتحــاد العالمي لعلمــاء المسلمين
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
يقيم المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية مؤتمره الدولي ليعالج قضايا الأمة الإسلامية الساخنة الهامة وفي هذا العام تم اختيار موضوع الخطط الإستراتيجية للأمة الإسلامية في مواجهة تحديات الوحدة موضوعا عاما تدور حوله البحوث والمقالات ولا ريب ان هناك كما كبيرا من الموضوعات مهمة للغاية تندرج تحت هذا العنوان العام، ورغبة منى في المشاركة في هذا المحفل الكريم فقد ارتأيت أن أتحدث بشكّل مختصر ومركز حول بعض الإشكّاليات الحقيقية التي تعتبر اداة تأزيم وفتنة حقيقية لابد من الوقوف بوجه انتشارها عبر تقديم الرؤية العلمية لها الأمر الذي يساهم في رفع مستوى الوعي لدى الفرد والمجتمع و يساعد على تهيئة المناخ الفكري و الثقافي المناسب لوحدة المجتمع والأمة مما يحقق التعايش الأمن والايجابي بين فئات المجتمع المختلفة وبين اتباع المذاهب الإسلامية المتنوعة.
انه من المهم جدا ان ننوه إلى أن الإشكّالية الحقيقية التي تواجه المجتمعات والأفراد في العالم الإسلامي ليست تنبع من عدونا الخارجي الذي يستقوى علينا بأسلحته الفتاكة و استراتيجياته المدمرة ولكنها تنبع من داخلنا الشقيق الذي يرفض اخاه وشريكه في الوطن والدين والتاريخ المشترك متخذا التعصب شريعة ومنهاجا له في الدين والدنيا وهذا هو أصل البلاء الذي يعانى منه عالمنا الإسلامي ولا ريب أن نشر ثقافة الكراهية أمر في غاية الخطورة و مكمن اصيل في انتاج الفتن والازمات يجب التصدي له و مواجهته بشجاعة و صدق و يقين.
من الملاحظ في الاونة الاخيرة انه وان كان للأمر امتداداته التاريخية إلا أن الاجندة السياسية الجديدة التي يراد لها ان تعمل على الساحة الإسلامية اليوم تحاول استغلال التنوع المذهبي لتخرج التعددية من حالتها الايجابية إلى حالة سلبية تحول النعمة إلى نقمة وتشعل فتيل الصراع الطائفي في بيئتنا العربية والإسلامية لا سيما في ظل وجود خطابات جاهزة للاثارة لا تحتاج لمزيد مؤونة إذا ما ارادت شحن النفوس ضد بعضها البعض توجد هناك أساليب كثيرة تساعد على وجود التطرف وهناك أدوات عديدة تستخدم لتحقيق النفرة بين أتباع الإسلام وتزييف الصورة الذهنية عن المسلم الذي أختلف معه أو يختلف معي و تعمل على إقصائه عن المجتمع ونبذه وتطويقه ولعل من أهم هذه الوسائل و الأساليب الفتاكة التي استخدمت وما زالت تستخدم في هذا المجال وكان لها الدور البارز في تفكيك الأمة الإسلامية سـلاح التبديع وإلصاق تهـم الابتداع للآخرين والانحراف بمفهوم البدعة لاستخدامه في عمليات الإقصاء والتسقيط وغيرهما و اود هنا ان اؤكد على ان الأمر من الخطورة بمكان بحيث لا يمكن ان تمارس فيه المجاملات غير المسؤولة فإنه لا يعنيني من قريب أو من بعيد إذ ان كل من يسمح لنفسه أو لغيره ان يمارس الاقصاء أو التهميش ضد سائر المسلمين فإنه متعصب مدان ينبغي له ان يراجع علمه ودينه وان ادعى انه من اكابر علماء أهل الأرض أو انه رمز من رموز العتدال والوسطية لانه ليس من حق أي انسان كائنا من كان أن يحكم على الأخرين ويخرجهم من دائرة المجتهدين في فهم الدين فلا يصح تقسيم المذاهب إلى معتبرة وغير معتبرة لأن ذلك يعتبر حرمانا ليس له ما يبرره لهم من حقهم الطبيعي في الاجتهاد في فهم الشريعة ونصوصها مادام ان ذلك يتم في جو منهجي علمي محترم و بأدوات علمية أصيلة.
لقد أثار هذا الموضوع اهتمامي وتفكيري أكثر من مرة بسبب ما اثاره البعض ممن كنا نتوسم فيهم خيرا كثيرا إذ فاجأنا بانقلابه اللا مبرر على كل مبادئ الوسطية والاعتدال و الفقاهة التي كان يرى نفسه من دعاتها الأوائل وإثارته المتعمد والمتكرر للخلافات القديمة بين المسلمين و لم يحترم اجتهادات فقهاء الأمامية من علماء الإسلام ولقد أظهر غفر الله له موقفه هذا في بادئ الأمر و كأنه غيرة على الدم الذي يسفك في بعض البلاد الإسلامية متهما الجمهورية الإسلامية الإيرانية المباركة الحاضن الأكبر لمشروع الوحدة الإسلامية بالقتل وإراقة دماء الأبرياء زورا وبهتانا ثم رايناه يطالب مراجع الشيعة بوقف قتل أهل السنة في العراق متجاهلا كل المواقف والتحركات الحثيثة والجادة التي قام بها هؤلاء الفقهاء الربانيون من أجل توحيد الأمة وعدم اراقة الدماء في أي مكان في العالم ولقد كانت هناك محاولات مباركة لوقف هذا الشحن الطائفي إلا أن هذا البعض كان يأبى إلا أن يقوم بين الحين والأخر بإثارة الفتنة والتعرض للشيعة حتى أفصح في المرة الاخيرة عن حقيقة ما يكنه في صدره لاخوانه من المسلمين الشيعة ولمشروع التقريب والوحدة الإسلامية بين السنة والشيعة فلقد كان يدعى طوال هذه المدة من الزمن أنه من دعاة التقريب لكنه كان يحمل في جنباته أمرا آخر لايمت بصلة إلى شان الاهتمام بكينونة الأمة ومستقبلها بل لقد كان انقلابه سريعا و شديدا على مشايخه الذين ادعى كثيرا انه يحمل منهجهم و لقد نسي أن الاعتدال والتوازن و الاحترام المتبادل لمشاعر المسلمين هي أصول الوسطية في الإسلام وهي من الفضائل التي تحتاج اليها النفس الإنسانية في تكاملها نحو الفضيلة التي لا تتحقق إلا بالتسامح وسعة الأفق وقبول الأخر واحترامه وان هذه هي الصفات الأصيلة للعالم الرباني المتنور الذي يسعى بكل جهده للإخلاص والتفاني من اجل الأمة المحمدية.
لا اريد ان أتوسع في هذه الممارسات حتى لا انجرف نحو الجانب الشخصي لكن
حديث اتهام الأخرين و تبديعهم و اتهامهم بسهولة ودون ادنى التزام منهجي أو تفحص علمي يجعلني اعيد التأمل في مفهوم البدعة أصلها وحقيقتها والبحث حول من يملك الحق في وصف غيره بالابتداع وتزكية نفسه وطائفته بالنجاة والفوز لنحقق في أصل المسألة ولاشكّ أن تناول هذا الموضوع مهم لوضع الحدود التي يجب أن يلتزم بها كل مسلم تجاه أخيه المسلم ولصيانة المجتمع المسلم من الانقسامات المدمرة.
الفرع الأول
البدعة....... مفهوما
البدعة لغة:-
إذا بحثنا في المعاجم اللغوية يتبين أن البدعة اسم من الابتداع والمعنى الأساسي هو الانشاء والابتداء من غير سبق شىء مما يعنى انه لا يوجد للشيء في مرحلة زمنية سابقة ما يماثله أو يشابهه و من هنا جاء لفظ البديع بمعنى الأمر الذي يتضمن ميزتين ميزة في الايجابية مهما كانت درجتها و ميزة في التفرد بحيث لايوجد له مثيل أو مثال من قبل فإنه لم يأت مصنوعا عن مثال سابق ولذلك فقد كان (البديع) صفة من صفات الله سبحانه وتعالى تعالى لتفرده عن باقي الاشياء إذ ليس كمثله شيء في عدم الحاجة للاسباب التي من خلالها يتم الصنع والخلق والإبداع إذ انه هو الذي صنع الأسباب والمسببات فهي تعود إليه حدوثا وبقاء و مرهونة بمشيئته سبحانه وتعالى.
لقد ورد في مجمع مقاييس اللغة لابن فارس معنى آخر يدل عليه مجموع الباء والدال والعين وهو الانقطاع والكلال مثل قولهم (أبدعت الراحلة إذا اكلت وعطبت) وهذا بلا شكّ معنى يستغرق في السلبية كما هو واضح وهو يخالف المعنى الاول الذي يؤكد على التميز والتفرد و كلاهما ايجابي.
والشيء السابق من حيث الزمن أو الرتبة و الذي تتحدث عنه اللغة هنا وتتطلب وجوده ليتحقق انطباق وصف البدعة على هذا المورد أو ذاك المورد لا يخرج عن ان يكون اصلا أي مفهوما وقد يكون صورة أو مصداقا فعندما يقول سبحانه (قل ماكنت بدعا من الرسل) فإنه يتناول المصداق فيؤكد على أن الرسل قبله كثيرون فادعاءه بانه من اولئك الذين أرسلهم الله سبحانه وتعالى ليس أمرا جديدا على الامم التي علمت بتوارد المرسلين والأنبياء من قبل الله سبحانه وتعالى لاسيما في الفترة التي سبقته صلى الله عليه وآل وسلم إذ كان بعض الأنبياء يبعثون إلى أقوامهم خاصة كالنبي خالد بن سنان وغيره ممن لم يروي لنا إلا النزر اليسير من تاريخ حياتهم و سيرهم مع الاسف الشديد.
ونخلص من ذلك إلى ان الابتداع ليس في حقيقته اللغوية أمرا سلبيا على الدوام بل انه تعبير عن عدم المسبوقية لشيء ما في عالم المفاهيم والأفكار وهذا الأمر قد يوصف بالايجابية وقد يوصف بالسلبية تبعا لما ينتهي إليه البحث في الشيء المبتدع و مدى تناسقه مع الأصول العلمية النقدية وهو في مقامنا هذا ثوابت الإسلام اليقينية.
و لا ريب ان من المهم ان نبين ان حكمنا على الشيء بانت سنة أو بدعة يجب ان يفهم على انه دعوة صريحة لممارسة النقد العلمي المنهجي بكل حرية ما دامت ممارسة من قبل المختصين في العلوم الإسلامية والفلسفية والنقدية بشكّل عام بل هو يتناغم مع التغيير والابداع والتطوير وهي كلها تومئ من قريب أو بعيد إلى الاصلاح الديني و الاجتماعي على ان ذلك لا يمنع من وجود توظيف سياسي أيديولوجي كما سنراه لاحقا انشاء الله تعالى.
البدعة اصطلاحا:-
لا بد في هذا المجال من تقسيم الاصطلاح إلى ثلاثة أقسام الأول منها يعنى باستقراء تعريفات العلماء لمعرفة الأمر الذي يتفقون على مدخليته في تحديد مفهوم البدعة، والقسم الثاني فإنه يعنى بما يستفاد مباشرة من النصوص الشرعية القرآنية والنبوية وغيرهما أما القسم الثالث فإنه يعنى بذكر التطبيقات التي مارسها النبي وآله الطاهرين في تطبيق مفهوم البدعة وتنزيله على الوقائع الحياتية ولا شكّ ان ذلك كله يساهم في الحصول على نتيجة واضحة لوضع خط واضح فارق بين الصواب والخطأ في بناء هذا المفهوم.
القسم الأول - تعريفات العلماء:
ونورد في هذا القسم نماذج من تعريفاتهم وهي:-
أ - ورد في مناقب الشافعي للامام البيهقي ج1 ص 468 عن الإمام الشافعي أنه قال (المحدثات من الأمور ضربان أحدهما ما أحدث مما يخالف كتابا أو سنة أو فرضا أو اجماعا فهذه البدعة الضلالة والثانية ما أحدث من الخير لاخلاف فيه لواحد في هذا وهذه محدثة غير مذمومة قال عمر في قيام شهر رمضان : نعمت البدعة هذه).
ب - قال ابن حزم (البدعة في الدين كل مالم يأت في القرآن ولا عن رسول الله (ص) إلا أن منها ما يؤجر عليه صاحبه ويعذر بما قصد إليه من الخير ومنها ما يؤجر عليه صاحبه ويكون حسنا وهو ماكان أصله الاباحة كما روى عن عمر منه نعمت البدعة هذه.)
ج - قال الكرمانى في شرحه على صحيح البخاري ج 9/4 (البدعة كل شئ عمل على غير مثال سابق وهي خمسة أقسام واجبة ومندوبة ومحرمة ومكروهة ومباحة وحديث كل بدعة ضلالة من العام المخصوص).
د - قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى ج 20/163 (وماخالف المنصوص فهو بدعة باتفاق المسلمين ومالا يعلم أنه خالفه لا يسمى بدعة).
هـ -قال الشهيد الأول في القواعد والفوائد ج2/144 (محدثات الأمور بعد عهد النبي تنقسم أقساما لايطلق اسم البدعة عندنا إلا على ماهو محرم منها) و يلاحظ في كتاب الذكرى للشهيد الأول نفسه انه قد وسع دائرة البدعة لتشمل المكروه أيضا.
و - قال فخر الدين الطريحى (البدعة: الحدث في الدين وليس له أصل في كتاب ولا سنة وإنما سميت بدعة لأن قائلها ابتدع هو نفسه والبدع - بالكسر والفتح - جمع بدعة ومنه الحديث " من توضأ ثلاثا فقد أبدع " أي فعل خلاف السنة لأن مالم يكن في زمنه فهو بدعة) أنظر مجمع البحرين مادة بدع.
ز - قال المحقق الآشتيانى في بحر الفوائد ص 80 (البدعة إدخال ما علم أنه ليس من الدين في الدين).
ح - قال السيد محسن الأمين وهو من اجود واتم ما قاله أهل العلم : (البدعة إدخال ماليس من الدين في الدين كإباحة محرم أو تحريم مباح أو إيجاب ماليس بواجب أو ندبه أو نحو ذلك سواء كانت في القرون الثلاثة أو بعدها وتخصيصها بما بعد القرون الثلاث لا وجه له ولو سلمنا حديث " خير القرون قرني " فإن أهل القرون الثلاثة غير معصومين بالاتفاق وتقسيم بعضهم لها إلى حسنة وقبيحة أو إلى خمسة اقسام ليس بصحيح بل لا تكون إلا قبيحة ولا بدعة فيما فهم من إطلاق أدلة الشرع أو عمومها أو فحواها أو نحو ذلك وان لم يكن موجودا في عصر النبي) انظر كشف الارتياب /143.خلاصة ما يستفاد من الاقوال التي أوردناها ان البدعة ليس إلا أحداث أمر في الدين أي إضافة ما لم يرد من الشارع المقدس والباسه لبوس الدين الذي ورد من الله و من رسوله المصطفى صلى الله عليه واله وسلم اما سائر الأمور التي ذكرت في تضاعيف الأقوال ففيها ما اتفق عليه وما اختلف عليه وهذا دليل على انها لا تدخل في النقاط المركزية في حد البدعة.
القسم الثاني - نظرة حول نصوص البدعة: الواردة في الكتاب والسنة
القرآن الكريم:-
قال الله سبحانه وتعالى في سورة الحديد الآية 27 (ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله فما رعوها حق رعايتها).
ونلاحظ ذكر الابتداع هنا قد ورد في سياق الكلام حول إرسال الرسل وكيفيته وغرضه منه سبحانه وتعالى فلقد ذكر سبحانه أنه قد أرسل الرسل بالبيانات وأمدهم بالوحي والشريعة التي يوزن بها الحق من الباطل ثم أورد من الأمور مثل النصر بالغيب وأنه قد جعل في ذرية نوح وإبراهيم الاصطفاء الالهى رغم ان ذلك لا يمنع من وجود فاسقين في ذريته ثم ذكر سبحانه وتعالى أمر عيسى بن مريم وكتابه الإنجيل كما ذكر سبحانه أنه جعل في قلوب الذين اتبعوه الرأفة والرحمة إذ كانوا رحماء بينهم ثم ذكر رهبانيتهم التي اشتهروا بها بين الناس إذ اشتهر عنهم في ذاك العصر وبعده ايضا أنهم كانوا من المنقطعين للتعبد والتبتل إلى الله و نكران الدنيا ورفضها، إلا أنه أوضح سبحانه وتعالى عدم مطلوبية هذه الرهبانية التي تزيد عن حد العبادة التي نصت عليها الشرائع السماوية كلها فذكر انهم قد وضعوا هذا النمط من الالتزام التعبدي من عند أنفسهم حبا في الله سبحانه وتعالى وان الله لم يطلبها منهم ولم يأمرهم بها ولم تشرع للناس ولقد اشار سبحانه إلى انهم ابتدعوها إبتغاء رضوان الله، ولقد كانت عندهم من عناصر الإيمان ومقومات التقوى التي تورث الاجر ويوصف من لم يلتزم بها بالفسق والخروج من طاعة الله سبحانه وتعالى، و نلاحظ هنا أن الأمر الذي اهتم الشارع المقدس به هو بيان ان تحول هذه الحالة التي التزم بها اولئك إلى شريعة إلهية يحتاج إلى إمضاء من الشارع المقدس و عندئذ يستطيعون أن يلتزموا بها ويعملوا وفقا لمقتضياتها و هذا هو الشأن الأهم والذي أراد سبحانه وتعالى التركيز عليه فالرهبانية غير مشروعة و لا يجوز نسبتها ابتداء إلى أمر الله و نهيه وهذا يكشف لنا أن القاعدة العامة للتشريع الإلهي في جميع الشرائع السماوية هو الالتزام بالمقومات الأساسية وهي اليسر والرفق والتوازن بين متطلبات الروح ومتطلبات المادة ولذلك كان من المهم جدا التأكيد على دوران أحكام الشريعة حول اللازمة العقلية التي تقتضي الالتزام بكل ما فيه جلب مصلحة ودرء مفسدة وأن هذا المقصد العام الرئيس للشريعة السماوية واحكامها تدور مدارها والشريعة الإسلامية من ضمن هذه الشرائع بلا شكّ.
ولعل هذا هو النص القرآني الوحيد الذي ورد فيه لفظ بدعة و سائر مشتقاتها واستخدمت فيه بشكّل اصطلاحي مميز علما بأن هناك نصوص أخرى كقوله تعالى (ماكنت بدعا من الرسل) و لن أتناول هذه الاستخدامات لأنها استعمال للفظ في معناه اللغوي الحقيقي.
ولذلك نطوي هذه الصفحة و ننتقل إلى النصوص النبوية و سائر النصوص التي وردت عن ائمة الهدى من ال البيت النبوي الطاهر عليهم السلام وهي - عندنا معاشر الامامية - ذات قوة تشريعية قاطعة شانها شان النص النبوي الشريف ولا ريب ان هذه النصوص تمثل المصدر الثاني من مصادر الشريعة الإسلامية الغراء.
2- النصوص والروايات:
توجد نصوص شرعية كثيرة تتحدث كل منها عن البدعة من زاوية معينة مما يعطى تصورا واضحا لما هو المقصود من البدعة ولعل منشأ الاشكّالية التي كانت ترد في اذهان الكثيرين هو ان البدعة ظلت رهينة الاستخدام السياسي وكانت وسيلة للابتزاز الطائفي وتهميش الآخرين ولذلك لم يجد العقل الإسلامي وقتا مناسبا لدراسة البدعة من منطلق علمي منهجي ومحايد كما ان الدراسات المتأخرة ركزت على بعض النماذج التطبيقية التي أوردها الفقهاء وعلماء الكلام والتي كانت جزءا من المناظرات والمشاجرات العقائدية الكلامية والفقهية بين اتباع مختلف المذاهب الإسلامية ولذلك فلقد كانت معطيات النصوص تتأرجح بين افهام ومرتكزات لها قناعاتها المسبقة التي غطت على الوجه الحقيقي للمفهوم الصحيح للبدعة ولذلك فإن العودة إلى النصوص أمر في غاية الأهمية لاستجلاء حقيقة ما أراده الشارع بالبدعة ومعيارها الحقيقي.
ومن هذا المنطلق قد كانت هذه الجولة السريعة لدراسة بعض النصوص والتي انتجت الأمور التالية:-
أولا:- ان النصوص الشرعية تتناول البدعة في كثير من استخداماتها من زوايا مختلفة لهذا المصطلح ونلاحظ هنا مايلى:-
أ) توجد عدة روايات تستخدم مصطلح البدعة في قبال مصطلح السنة المقابل ففي الحديث (إذا وجدت السنة ذهبت البدعة) وان (البدعة هوى) وانه يجب الرجوع إلى الكتاب وان ماسواه رد وباطل وهذا التقابل لاشكّ أنه قائم بين مصدر الدين وهو الكتاب ومصدر اللادين وهو الهوى.
ب) توجد روايات تستخدم البدعة بمعناها المعروف الذي يتبادر للذهن فعندما يقول (أو ابتدع بدعة بغير سنة) فالبدعة هنا احداث أمر جديد في الدين بغير مستند تصح نسبته إلى الشارع.
ج ) عندما يتناول الإمام أمير المؤمنين تحديد مصطلح أهل السنة واهل البدعة فإنه يعرفهم قائلا: (أما أهل السنة فالمتمسكون بما سنه الله لهم ورسوله وان قلوا، وأما أهل البدعة فالمخالفون لأمر الله وكتابه ولرسوله والعاملون برأيهم واهوائهم وان كثروا)، وهذا يدلل على ان البدعة تعنى أولا مخالفة أمر الله وأمر رسوله أي مخالفة الدين المنصوص عليه وليس الفهم الديني الذي يخص أهل العلم والحكمة، وثانيا العمل بالأهواء والآراء الموضوعة من غير حجة دينية.
د ) ورد عن أمير المؤمنين قوله (أما السنة فسنة رسول الله (ص) وأما البدعة فما خالفها واما الفرقة فأهل الباطل وان كثروا واما الجماعة فأهل الحق وان قلوا)، ويلاحظ هنا ان البدعة هي مخالفة سنة رسول الله وهذه المخالفة لايمكن ان تتحقق إلا إذا كانت السنة واضحة المعالم وثابتة من الدين بالدليل والبرهان القطعي ولاشكّ انه لايدخل في ذلك الموارد التي تقع محلا لاجتهاد الناس أو اجتهاد الفقهاء واهل العلم وفي هذا القسم نجد استخداما لفظيا أخرا عندما يعبر عن البدعة بالمحدثات وان محدثات الأمور شرارها ولاريب ان المحدثات تأتى هنا بمعنى أحداث حكم أو مفهوم جديد ونسبته إلى الله سبحانه وتعالى المشرع لهذا الدين من غير دليل وهذا برهان واضح على ان الدائرة المقصودة في فهمنا لحدود السنة وحدود البدعة الواردتين في لسان الروايات هي دائرة ماثبت من الدين دون الحاجة إلى تأويل وبرهان صريح قاطع لا ماتدخل فيه الاجتهادات العلمية ويمارس فيها الفقيه أو عالم الدين فهمه للنصوص.
هـ) بعض الروايات تناولت موضوع البدعة وورد فيها تصنيف للناس يقوم على أساس مدى التزام الإنسان بإتباع المنهج الرباني الذي أرسل الله به الأنبياء الكرام والرسل العظام من عدمه وهذا بيان لأهمية ان يعيش الإنسان حالة الاستقامة المبنية على علم ومعرفة في سلوكياته سواء المرتبطة بالأخر أو تلك التي تتعلق بذاته ولاشكّ ان للاستقامة دورها الفعال المميز في تحويل الإنسان من الانغماس في عالم المادة إلى السمو في عالم الإيمان والروح والذي هو أساس الحياة الطيبة التي رسمها الله للإنسان وحثه عليها ولاشكّ ان للحياة الطيبة وسائل وأساليب أساسها الالتزام والانضباط الأخلاقي الايجابي الذي يطور الحياة وفقا لما يحبه الله للإنسان وليس وفقا لما يحبه الإنسان لنفسه وذاته ولاريب أن من الأمور التي تقبلها النفس البشرية ولو بشكّل لا واعي ان يمارس اهواءه مسبغا عليها لبوس التدين ليرفع عن نفسه الإحساس بألم المعصية ولاشكّ ان البدعة من شئون المعصية وأقسامها ولذلك فالبدعة يجب أن ينظر اليها على أنها مخالفة للالتزام بما جاء به الدين وليس بما جاءت به الجماعة أو الطائفة وأهوائها.
ولذلك فقد ورد عن ال البيت الطاهرين عليهم السلام قولهم: (وانما الناس رجلان متبع شرعة ومبتدع بدعة ليس له من الله سبحانه وتعالى برهان وسنة ولا ضياء وحجة) ومن خلال التأمل في هذا النص نجد أن حالة الإنسان تجاه الالتزام الديني اما الرفض واما القبول وان قبوله لايخلو من احد شكّلين اما الشكّل الأول فإنه شكّل من يلتزم بالدين من واقع قناعة راسخة مبنية على علم فهو لايعبد الله على حرف ولا على جهل بل يبنى ايمانه على العلم المستنير بالدليل والبرهان والحجة المقبولة لدى العقل الواعي والذي يتمثل وعيه في التخلص من الانسياق للوهميات والظنيات التي لاتغني من الحق شيئا كما بين الباري سبحانه وتعالى وهذا الشكّل هو الذي تتحقق فيه العبودية المتكاملة والاتباع الصحيح لأن العبد لايكون عبدا إلا إذا كان متبعا ولايكون كذلك إلا إذا أعمل العقل الواعي واحترم النص المقدس ودمج بينهما فاصبحا كليهما مشعلا منيرا اما الشكّل الثاني فهو ذاك الذي يبتدع ويدعى ان بدعته هذه عين الدين ويختلق الحجج والمبررات لموقفه هذا وهو في الواقع يفترى على الله الكذب وقد تنكب عن الصراط المستقيم فضل وأضل عن سواء السبيل.
و ) ذكرت بعض الاحاديث الشريفة البدعة والسنة إلا انها اطلقت على السنة مصطلح (العزائم) ولقد شرحت العزائم بأنها ماكان يتوافق مع الشريعة المقدسة مما يؤكد أن المقصود منها الشريعة المقدسة بأكملها وليس الأحاديث الواردة عن النبي كما ورد لدى بعض علماء الأصول ولذلك فإن اتخاذه صفة لطائفة دون طائفة يندرج ضمن التوظيف الايديولوجي المرفوض دينيا وأخلاقيا إذ يستخدم وسيلة لاقصاء البعض عن دائرة المنتمين للدين الحنيف وهذا التوظيف عمل غير أخلاقي يقصد منه الاتهام في الدين والذمة والاقصاء من الوجود المتفاعل علما بان الدين ليس حكرا على أحد ولايملك أحد أن يخضعه لاجتهاد من هذا أو ذاك كما ان الإنسان حر في اختياره لقناعة دينية مادامت حريته مسؤولة و ما دام اختياره قائما على أسس علمية منهجية يتحقق فيها معنى الالتزام، الأمر الذي يؤكد ان المذهبية خيار انسانى علمي محض ينشأ لدى الفرد ثم يتحول إلى خيار جمعي مشترك و ينبغي ان يقوم على أساس علمي وليس على أساس توظيفي أيديولوجي.
ز) لقد وردت روايات شريفة تتناول البدعة بمعنى بعيد عن دائرة الاعتقاد إذ جاءت بمعنى الغش واتباع الاهواء وهذا يؤكد على ان البدعة ترتبط على نحو عكسي بحال الالتزام الديني ولذلك جاءت في مقابل السنة التي تم توضيح انها عبارة عن الدين كله ومن هنا يأتي وصف البدعة بالضلالة وانها في النار أي علة مباشرة لاستحقاق العذاب الإلهي في الآخرة وذلك لأن البدعة هي مخالفة الدين الثابت وليس الرؤية الخاصة المبنية على الاجتهاد والذي قد يكون مبنيا على الهوى أو الشبهة في اكثر الاحيان ولذلك فإن دعوى البعض بتكفير المبتدع تصح ولكن ليس بالمعنى الذي يفهمونه بل لأن البدعة هي مخالفة دين الإسلام و القيم و المباديء المشتركة للشريعة المقدسة و التي لا خلاف عليها ومن هنا كان تبديع الفرد أو الجماعة لغيرهما لاختلاف المذهب فقط أمر خاطئ جدا فالبدعة مخالفة الدين الصريح الثابت وليس أمرا خارجا عنه، ولاشكّ هنا ان لا يضير المسلم الذي يعيش الالتزام الحقيقي بالدين ان يمارس الحرية الفكرية مادامت ضمن المناهج العلمية، في سبيل فهم النص الشرعي، ولذلك فإن أحاديث العرض على الكتاب والسنة يجب ان تفهم من خلال ما تقدم إذ ان السنة هي الدين الثابت وليست الأحاديث وإلا لزم تقدم الشيء على نفسه، كما ان تقديم ما ليس بحجة على ما هو حجة غير صحيح، وتفسير الحجة بنص لا حجية له و ساقط عن الاعتبار الشرعي كلها أمور غير مقبولة ولا معقولة البتة، ولقد ورد في هذا السياق عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال حينما سأله الحلبي عن ادني مايكون العبد به كافرا فقال (ان يبتدع شيئا فيتولى عليه ويبرأ ممن خالفه).
وقد ورد ايضا عن الإمام الباقر (عليه السلام) (أدنى الشرك ان يبتدع الرجل رأيا فيحب عليه ويبغض) أي يتخذه دينا لانه من المتفق عليه ان الحب والبغض له موقع في المنظومة الدينية الإسلامية كما تنص عليه روايات كثيرة، والرأي هنا بمعنى الابتداع في الدين ولاريب أن هذا الرأي سيتخذ شكّل الحكم الديني والا كيف يصبح أساسا للحب والبغض و هنا تكمن خطورة البدعة عندما تكون نسبة أمر لله ورسوله كذبا وزورا.
القسم الثالث - مفهوم البدعة من خلال التطبيقات النبوية والامامية:-
ذكرت السيرة الشريفة سواء تلك التي وردت عن النبي (ص) أو عن ائمة أهل البيت عليهم السلام تطبيقات كثيرة لمفاهيم إسلامية فلقد كانت الحياة اليومية تسير وفقا لمنهج إسلامى واضح المعالم وكانت توجد متابعة دقيقة من قبل النبي (ص) لذلك المجتمع وتفاعلاته ولكن لا تعنى المتابعة بالضرورة ان الأمور قد سارت في ذاك المجتمع كما يرغب النبي ويرتضيه في كل الاحوال بل لقد صدرت الكثير من الاخطاء من المسلمين أو غير المسلمين من مواطنى الدولة الإسلامية مما كانت تسبب له (ص) انزعاجا شديدا إلا انه من منطلق قيادته يتابع الاداء ليبلغ رسالة الاصلاح ويرسى دعائمها لتدوم ولتتحول من دولة إلى أمة ومن ثم إلى حضارة رائدة.
وحيث ان فعل النبي وتقريره أصل من أصول الدين وأسسه ومصادره فلقد كان من الضروري النظر في هذه التطبيقات لانها تساعد على استكمال الصورة الصحيحة وفهم الدين والشريعة مـن خلالها ولابد هنا من التأكيد على أن فعل النبي (ص) وتقريره جزء من التشريع فهو دين وليس اجتهادا كما قد يراه البعض.
وسوف اذكر تطبيقات اربعة فقط ستزيح الستار عن صحة ما انتهينا إليه مسبقا مما ينبغي الإشارة إليه وهي:
المورد الأول:-
روى الشيخ الصدوق في كتابه التوحيد (الحديث 11 من الباب 55) بسنده المتصل إلى أبي الصلت الهروي قال: سأل المأمون يوما على بن موسى الرضا (عليه السلام) فقال له: يا ابن رسول الله ما معنى قول الله عز وجل (ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين وما كان لنفس أن تؤمن إلا بإذن الله) فقال الرضا: حدثني أبي موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن على عن أبيه علي ابن الحسين عن أبيه الحسين بن علي عن أبيه علي بن أبي طالب ان المسلمين قالوا لرسول الله (ص): لو أكرهت يارسول الله من قدرت عليه من الناس على الإسلام لكثر عددنا وقوينا على عدونا فقال رسول الله (ص) ماكنت لألقى الله عز وجل ببدعة لم يحدث إلى فيها شيئا وما أنا من المتكلفين فأنزل الله تبارك وتعالى يامحمد ( ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا).
ويلاحظ هنا ان أمير المؤمنين استخدم لفظ البدعة ليعبر عن الأسس الأصيلة التي قامت عليها الشريعة الإسلامية التي لم تأت لاجبار الناس واكراههم على الإيمان بالله بل جاءت لكى تحقق هداية الإنسان عبر الإيمان المبنى على الاختيار ولقد أراد الإمام الرضا (عليه السلام) ايضاح بعض ما يرد على الذهن عند قراءة بعض الآيات القرآنية والتي قد تتسبب في اخطاء غير مقبولة فقال (عليه السلام) (فأنزل الله تبارك وتعالى: يامحمد (لو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا) على سبيل الالجاء والاضطرار في الدين كما يؤمنون عند المعاينة ورؤية البأس في الآخرة ولو فعلت ذلك بهم لم يستحقوا منى ثوابا ولا مدحا لكني أريد منهم ان يؤمنوا مختارين غير مضطرين ليستحقوا مني الزلفى والكرامة ودوام الخلود في جنة الخلد (أفانت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين) وأما قوله عز وجل (وما كان لنفس أن تؤمن إلا بإذن الله) فليس ذلك على سبيل تحريم الإيمان عليها ولكن على معنى انها ما كانت لتؤمن إلا بإذن الله واذنه أمره لها بالإيمان ماكانت مكلفة متعبدة) أي ما دامت قد اختارت طريق الإيمان والتزمت به فإن التوفيق والهداية لكمال الإيمان هو من قبل الله اعانة لها لا على سبيل الاضطرار والاجبار.
والذي يهمنا في بحثنا أن نؤكد على أن البدعة تعنى مخالفة الدين في حقائقه واصوله الكبرى الثابتة وليست في المتبنيات الفكرية الخاصة التي تعد من الاجتهادات التي تعبر عن الافهام المختلفة، كما نفهم من خلال ماتقدم من الرواية الشريفة أن فعل الإكراه أو التدخل عامة في الاختيار الديني للاخرين هو انحراف عن تعاليم الدين و لا يعتبر بأي حال من الاحوال دعوة إلى الله إذ أن الهداية وهي الغاية الاسمي من النبوات لايمكن ان تحقق إلا باحترام عقل الإنسان واختياره الحر عبر ارشاده بالحكمة والموعظة الحسنة وهذا أمر لاجدال فيه وأن الإكراه هو البدعة في الدين.
المورد الثاني:-
ذكر العلامة الطبرسي في كتابه الاحتجاج ج ا ص 617 حوارا طويلا جرى بين أمير المؤمنين (عليه السلام) وبين ابن الكواء حول فعل الخوارج من أهل النهروان و حربهم على أمير المؤمنين (عليه السلام) والخروج على طاعتـه وقـد البسـوا هذا العصيان الذي حرمه الله سبحانه وتعالى لبوس الدين والتقوى كذبا وزورا فكانوا اشد الناس مروقا من الدين ولقد ورد هذا الحوار كما يلي:-
ابن الكواء: يا أمير المؤمنين اخبرني عن قول الله عز وجل (قل هل ننبئكم بالأخسرين اعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا).
أمير المؤمنين (ع): كفر أهل الكتاب اليهود والنصارى وقد كانوا على الحق فابتدعوا في اديانهم وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا).
ثم نزل (ع) عن المنبر وضرب يده على منكب ابن الكواء قائلا (يا ابن الكواء وما أهل النهر وان منهم ببعيد).
ابن الكواء: يا أمير المؤمنين ماأريد غيرك ولا أسأل سواك.
قال الراوي: فرأينا ابن الكواء يوم النهروان فقيل له: ثكلتك أمك بالأمس كنت تسأل أمير المؤمنين عما سألته وانت اليوم تقاتله، يقول الرواى: فرأينا رجلا حمل عليه فطعنه فقتله.
أقول: من خلال هذا المشهد التاريخي نلاحظ استخداما للبدعة في البعد السياسي الذي ينبغي ان يلتزم به المسلم وهو طاعة ولى الأمر الشرعي وخليفة رسول الله بالحق وأن ذلك من مقتضيات الإيمان والالتزام بالشريعة المقدسة ولذا اكد أمير المؤمنين (ع) على أن بدعتهم ومخالفتهم للدين تمثلت في الخروج على إمامهم الذي فرض الله طاعته عليهم ولكن ماهو السبب الذي جعل فعل الخروج على الإمام ومحاربته بدعة في الدين؟؟؟ أليس ذلك دليل واضح على أن طاعة الإمام والالتزام بأوأمره ونصائحه والانضمام إلى رايته هي من الحقائق الشرعية التي قامت عليها الأدلة الصحيحة، وهنا ينبغي أن نؤكد على وجوب فهم الفارق الكبير بين الإمام ودوره في تدبير الأمة وبين الحاكم و هاجسه نحو السلطة اما الاول وهو الإمام فإنه يعد رمزا لوحدة الأمة وكرامتها وعزتها وهو يلتزم بأن لا تخضع الأمة للاستبداد أو الاستغلال، اما الحاكم فإنه يعبر عن النظام وليس عن الأمة ولذلك يتخلى أكثرهم عن هموم الأمة ان تعارضت مع تطلعات و اطماع السلطة، وتجدر الاشارة هنا إلى ان قيادة الإمام للمجتمع هو نظام إسلامي أصيل يجب احترامه ولايجوز الخروج عنه بأي حال من الأحوال ضمانا لاستقرار المجتمع لا ضمانا لاستقرار الحاكم فردا كان أو جماعة اذن فاحترام القيادة الشرعية واجب شرعي مادامت هي نفسها تحترم الشرعية أما إذا انحرفت القيادة الحاكمة عن الشرعية فلا لا اعتبار لها ولذلك كانت حركة الخوارج في حد ذاتها بدعة في الدين تراكمت بعدها البدع والمنكرات حيث انها حاولت تغطية و اخفاء الموقف الباطنى الذي يسعى لتدمير الدولة و راسها و ابراز موقف ظاهري يستخدم الدين والتدين اداة لتحقيق الباطن و يتجلى هذا الظاهر في صورة نقد الإمام (عليه السلام) في كيفية تدبيره لشئون الأمة والخروج عليه بالسلام ولقد صاحبت حركة الخوارج دعاوى دينية زائفة وأكاذيب ما انزل الله بها من سلطان مما كشف عن بدعية حركتهم إذ انها دعوة إلى مخالفة الدين والخروج على الإمام وهي بدعة تستهدف المجتمع المسلم المستنير مما اقتضى صدهم بوضوح كما فعل أمير المؤمنين (ع).
المورد الثالث:-
ان الجدال العقائدي العقيم والذي يسهم في ضياع الأمة الإسلامية وافراغها من مبادئها المشتركة وعدم مواجهتها لتحدياتها الحقيقية واغراقها في دوامة الكراهية المتبادلة بين افراد الأمة أمر قبيح أخلاقيا و بدعة كبرى في الدين ولقد روى التاريخ أن أمير المؤمنين قد مر على قوم من أخلاط المسلمين ليس فيهم مهاجرى ولا أنصارى أي ليس فيهم أحد من المسلمين الأوائل بل كلهم من حديثي العهد بالإسلام ولقد كانوا يخوضون في أمر عظيم وهو أمر القدر الذي اختلف فيه الناس و ارتفعت اصواتهم واشتد في الأمر جدالهم فوقف أمير المؤمنين وسلم عليهم فردوا عليه ووسعوا له وقاموا إليه يسألونه القعود معهم فلم يحفل بهم ثم ناداهم قائلا:-
" يامعشر المتكلمين ألم تعلموا أن لله عبادا قد أسكتتهم خشيته من غير عى ولا بكم فأين انتم منهم يامعشر المبتدعين ألم تعلموا أن أعلم الناس بالضرر أسكتهم عنه وان أجهل الناس بالضرر أنطقهم فيه) البحار ج 3 باب 9 ح 30 ص 266.
ولقد لاحظنا هنا ان هناك قيمة إسلامية أصيلة تتلخص في الاحتكام لمنهجية العلم والعقل و استخدام النقد العلمي فيما ينفع ولا يضر الفرد أو المجتمع ويحقق الهداية العامة والهداية الخاصة لها ولافرادها و صونا لهذه الهداية نبه الشارع المقدس إلى عدم الخوض في بعض الموضوعات التي تتسبب في عدم الاستقرار الإيماني و تثير حالة جدلية في النفوس مما يفسح المجال لانتشار الشبهات والخرافات و الشكّوك وقد تتسبب في صدام ونزاع بين أبناء الدين الواحد والمجتمع الواحد، وهذا أمر يخالف مقاصد الشريعة الإسلامية الغراء التي تدعوا إلى التآلف والتآخي ونشر المودة والرحمة بين الناس فالبدعة هنا قد صدرت من هؤلاء المتكلمين لأنهم خالفوا أصلا ثابتا من أصول الإسلام وقد ورد في لسان القران الكريم إذ قال تعالى (ولا تقف ماليس لك به علم).
المورد الرابع:-
ومن الأمور التي وصفت بالبدعة ماقامت به بعض الجماعات في بغداد في العصر العباسي فلقد ورد عن القطيني أن الإمام أبو الحسن الثالث قد كتب إلى أحد الشيعة القاطنين في بغداد حول فتنة خلق القرآن ما يلي:
(بسم الله الرحمن الرحيم عصمنا الله واياك من الفتنة فإن يفعل فاعظم بها نعمة والا يفعل فهي الهلكة نحن نرى ان الجدال في القرآن بدعة اشترك فيها السائل والمجيب فتعاطي السائل ماليس له وتكلف المجيب ماليس عليه وليس الخالق إلا الله وماسواه مخلوق) ولاشكّ ان بغداد كانت المدينة المركزية التي عاشت تلك المحنة وعاش أهلها تلك الفتنة التي طالت نيرانها العلماء والفقهاء والصالحين وعامة الناس ولقد كانت على مرحلتين تصارعت فيها طائفتين من المسلمين ولقد أثر ذلك على مسيرة الفكر الإسلامي مما حدا بالامام إلى بيان أن المسألة برمتها بدعة لا أساس لها من الدين لأنه جدال بغير علم وتحويل كتاب الله الذي جعله الله مشعل هداية للناس إلى كتاب فتنة ولقد ابان الإمام عن منهج علمي واضح إذ يبين ان الله هو خالق كل شئ وأن كل ماسواه فهو مخلوق وأن السؤال والجواب ماهو إلا وسيلة من وسائل تحصيل اليقين العلمي أما أن يتخذ وسيلة للتشكّيك والتنازع في الآراء فهذا أمر يهدم الغرض من انزال هذا الكتاب السماوي الخالد الذي جاء هدى للناس وفرقانا للحق تلاحظ هنا أن الإمام (عليه السلام) لم يصف أحدهما بالابتداع دون الأخر بل وصفهما معا بذلك ووصف الجدال في القرآن بأنه بدعة.
" القسم الثاني "
من يملك الحق في تبديع الآخرين وتزكية نفسه:-
هذا سؤال مهم ومن الضروري الاجابة عليه بدقة حيث ان الاتهام بالبدعة أو ما أطلقنا عليه اسم التبديع قد بات اليوم سلاحا فتاكا يستخدم كثيرا جدا من قبل من يتقرب إلى الله بنشر الكراهية بين المسلمين ليخلق أجواء مظلمة من الفتن والأزمات والصراعات التي قد تصل في بعض الأحيان إلى اعمال عنف دموية و للأسف فلقد وصلت إلى هذا الحد بالفعل في بعض البلاد الإسلامية التي كانت تعانى من عدم الاستقرار السياسي والانفلات الأمني وتظهر أهمية البحث حول هذا الأمر حينما يحاول بعض من يدعى المرجعية الدينية أن يهاجم أتباع المذاهب الإسلامية الأخرى متهما إياهم بالبدعة واصفا اياهم بالغلو والإفراط ومحاولا التشهير بهم وإخراجهم من دائرة أهل الاجتهاد و سلبهم حرية التفكير في فهم النصوص الإسلامية شأنهم في ذلك شأن الآخرين.
وأعتقد أنه في هذا المقام لابد أن نتدارس الأمر بعيدا عن حديث الفرقة الناجية والذي وان أثبت الكثير من العلماء عدم صحته إلا انه قد اثر في مسيرة فكرنا الإسلامي إلى حد كبير و آثاره مازالت باقية إلى هذا اليوم ومايزال البعض يلتزم بما جاء فيه.
ان الأصل العام الذي تدور عليه دراسة هذه المسألة هي أن نخلق حالة توافقية معرفية حول بعض النقاط المنهجية ذات الأصالة الفكرية ثم نحكم على الأمر علميا وليس أيديولوجيا فلا ننساق وراء التوظيف الأيديولوجي الذي يمارسه الكثيرون و لذلك نؤكد على ما يأتي :-
أولا:-
ان اقحام الايدولوجيا في شئون الدين أمر غاية في الخطأ والخطورة إذ انه تخريب لحقيقة الالتزام الديني الذي يهدف إلى إيجاد التوازن الروحي والذاتي والانتظام الاجتماعي والانتظام السياسي التدبيري إذ ان السلوك الديني شكّل خاص من النشاط الاجتماعي وبالتالي فإنه لابد من حفظ الانتظام الاجتماعي وضبط النشاط الإنساني والحراك السياسي والاجتماعي والثقافي بعيدا عن التوظيف الإيديولوجي الذي يخدم المصالح و لا يبنى المفاهيم السليمة.
ولا ريب ان تحليل أي ظاهرة دينية يحتاج إلى بيان الأمور التي تميز بوضوح بين النسق الديني وبين النسق الدنيوي وتطبيق نتائج ذلك البيان داخل نسق القيم لضمان عدم التعارض بين قيم الدين وغيرها من القيم.
ثانيا:- تتشابه وسيلة التبديع المبنية على أساس ان المبدع - بكسر الدال - هو ممثل الفرقة الناجية مع دعوى الخلاص التي تدعيها الكنيسة الكاثوليكية في مقابل سائر الكنائس المسيحية و هنا يبين واضحا الاختلاف الواضح بين التدين المحترف وبين التدين الطبيعي فإننا في فكرة المخلص نلاحظ توظيفا لصيغ لاعقلانية كدعوى التأمل الصوفي والتعبد الاحتفالي الطقوسى وهذا الأمر هو الذي ساعد على نشوء الطوائف على أساس ديني محض ولذلك حدث في المسيحية على اثر ذلك اصطدامات من الطوائف مع الطائفة الأم وتنافسات على الانتماء ودعوى الخلاص.
كما أن رجل الدين المسيحي هو من يمثل السلطة الدينية الوظيفية التي تمارس من خلال مؤسسة الخلاص البيروقراطية هذا في المسيحية.
أما المتشددين من المسلمين فإنهم يرون أنفسهم دعاة الدين الحقيقي وأن مذهبهم هو الذي يخلص من النار ويحقق النجاة ولذلك فقد استخدموا صيغ عديدة لتوظيف السلطة الدينية ولاشكّ أن التبديع احداها ولذلك فإنهم يمارسون تدينا محترفا وهو بلا شكّ منحرف عن الأصل الشرعي.
ثالثا:- ان جوهر الإسلام يتمثل في عدة مقومات من أهمها الفطرة فالإسلام دين الفطرة تنسجم تعاليمه معها وهي أصل من أصوله ولا تتعارض تعاليمه معه وهناك مفاهيم أخرى مهمة للغاية تعاضد الفطرة مثل احترام وحدة المشتركات الإنسانية وإعطائها القيمة الكبرى و احترام التعددية في ان واحد ولذلك كان الإسلام دعوة ايضا إلى قيم فطرية جديدة كقيمة التعارف التي تحافظ على الوحدة والتعددية في آن واحد بل ان التعارف ليس سوى مرحلة من مراحل الانسنة الحضارية التي يدعوا اليها الإسلام إذ يعقب ذاك التعارف عملية التنافس في الخيرات الذي يحقق تكامل المشتركات الإنسانية وإكتمال الدورة الحضارية للأمة بنجاح.
رابعا:- انه من المهم جدا الحديث عن طبيعة المعرفة الدينية للتعرف اكثر على لغة الدين واثر تعدد القراءات على الدين وإمكانية استفادة الميقينيات منه وانه هل من الصحيح القول ان تحصيل اليقين يستدعى ما يقوم به البعض من التمسك بلغة الإقصاء لمن يختلف معهم في الفهم والقراءة وذلك باسم موافقة السنة ومخالفة البدعة، هذا المنطق المعكوس الذي لادليل حقيقي عليه إلا ماكان من زيف التعصب الحاقد المقيت ولاريب ان الحق الذي يدافع الدين السماوي عنه دائما ليس إلا حق الإنسان في التمتع بالخيار الذاتي على المستوى الفردي الخاص بالحياة الدينية للإنسان ولاشكّ أننا إذا فهمنا الدين على أنه حق من حقوق الإنسان في أن يختار مايشاء في اعتقاداته في الحياة فإنه لاشكّ سنفهم البدعة بمعناها الصحيح الذي أكدناه فيما مضى من هذا البحث.
لاشكّ أن مانبحث حوله يدور في فلك البحوث الكلامية الدينية التي تعنى بموضوع التعددية الدينية وهي تشكّل هاجسا فكريا لدى الكثيرين في العالم وتعتبر رهانا حقيقيا على مسيرتنا نحو المستقبل فاما ان ينتشر فقه السلام والاتحاد بين المسلمين و اما تنزلق مجتمعاتنا نحو الفتن والدمار ولذلك فإنه من الضروري احترام التعددية الدينية وركائزها كالتسامح والاحترام المتبادل للعقيدة التي يحملها أي إنسان وتوفير اكبر مساحة من الحرية التي تحترم في الإنسان طرحه للأسئلة والنقد وطلب المعرفة وتحترم كذلك حرية الإنسان في قناعته الفكرية والدينية.
خامسا:- في هذا المجال يتضح أنه من الصعوبة بمكان ادعاء الحرية الفكرية في الإسلام ثم استخدام أسلوب التبديع و وصم أي عمل نقدي فكرى سواء كان ذو صبغة دينية أو ذو صبغة فلسفية. بالبدعة فهل نتصور انسجاما بين الحرية و التقييد والكبت في ان واحد
وهنا نؤكد على مايلى:-
ان الشريعة الإسلامية تحترم حرية الإنسان في اختيار معتقده فالإسلام لايفرض على الإنسان معتقدا أو دينا ما ولكنه في نفس الوقت يفرض عليه الالتزام الشرعي بعد أن يعتقد باختياره المطلق.
ان البدعة مفهوم يعنى بوضع خط يفصل يبين أصول الشريعة والعقيدة وما ليس كذلك وذلك صيانة للدين الالهى من زخرف و أهواء الإنسان الذي يطيع في أغلب الأحوال أهوائه وملذاته الخاصة جدا والذي قد تسول إليه نفسه احيانا الباسها لبوس الدين ونسبتها إلى البارى عز وجل، ولذلك فقد كان حديث الباري عز وجل حول المبتدعين في الدين وأن اعمالهم لاتقبل منهم لانهم نسبوا إليه سبحانه وتعالى مالم يصدر منه.
علمنا أن البدعـة نظـام وضع لحماية الدين ولكن من يقوم بهذا العمل وماذا يستخدم بشأنه ؟ وهنا لابد من توضيح أن من يقوم بمثل هذا العمل هم العلماء الربانيون ممن وصل إلى درجة الاجتهاد المطلق في العلوم الشرعية ومن الذين يمتلكون من القدرة العلمية مايؤهلهم لبيان حدود الدين واسرار التشريع فيكشفون للناس ماهو بدعة في الدين ولا ينشئون رأيا جديدا في هذا الأمر فإن الدين قد كمل و تمت النعمة.
ولابد هنا من الإشارة إلى ان هذا العالم ان لم يكن عاملا بعلمه مخلصا لله فإنه يفقد صلاحيته وأهليته لعمل الأمانة الربانية و لا شكّ ان هذا النمط من العلماء هم من تعقد عليهم الآمال لبناء أجيال حاضنة للعلم والاجتهاد الديني الذي يتجاوز الأطر المذهبية الضيقة.
سادسا:- هناك من يخطأ في تشخيص الثابت والمتغير من الدين الإسلامي الحنيف سواء في الجانب الفكري أو في الجانب الواقعي العملي ولاشكّ ان هذا الخلط قد تسبب في تخلفنا حضاريا و ضياع المشروع الإسلامي الحضاري بل تحول إلى مشروع طائفي يقوم على الكراهية ونشر التبديع والتفريق بل لقد أصبح التبديع في حد ذاته مشروعا فكريا استراتيجيا لهؤلاء ولذلك فقد ركزت الجماعات المتشددة جهودها لنشر ثقافة تدعوا إلى الصراع المذهبي والتصادم الإسلامي الإسلامي الأمر الذي ساهم في كسر عجلة التغيير الحقيقي للمجتمعات الإسلامية ولذلك فلابد من اعادة صياغة المفردات وبناء المفاهيم من جديد في ضوء تعاليم الإسلام ودراستها بحرية مع استخدام كافة ادوات النقد العلمي المنهجي المتاحة في سبيل تحقيق ذلك.
من هنا اننا نخلص إلى: أنه من الضروري تغيير فهمنا للبدعة لنتفق على انها مخالفة أصول الدين الإسلامي وقواعده المشتركة المتفق عليها وأن ممارسة النقد للمسائل الدينية تكون عبر نقدها بالأدوات والوسائل العلمية الاصلية والمنهجية وليس بكيل التهم و الافتراءات كما يفعله بعض أصحاب الأجندات الخاصة اليوم كما ان البدعة تتحقق بنسبة أمور لمنظومة الدين الإلهي وإلى الشارع المقدس، مع التأكيد على انه لايملك أحد مهما بلغ من العلم أن يبدع الآخرين ويخرجهم من الملة وأقصى ما يمكن للعلماء المجتهدين هو نقد المفاهيم وبناء الافكار.
اننا بحاجة اليوم إلى دراسة الاشكّاليات ومعالجة المشاكل العلمية وما ورائها من مبادئ فكرية وجذور معرفية في شتى المجالات و لا سيما المجال الديني ولذلك فإن الأمر ضروري نحو بناء المفاهيم والاعداد لمنظومة تحفظ التعددية العلمية الفكرية وتوثق القراءات الدينية المتعددة علميا حتى لا يختل توازن البناء التعددي في الإسلام وحتى نعيش في ظل تعايش آمن ولا نقع في فوضى معرفية.
وفي الحقيقة فاننا كأمة إسلامية نستطيع ذلك ونملك من مبادئنا الاخلاقية مايفتح لنا المجال نحو بناء نمط جديد من الحوار والتبادل الثقافي والفكري مع الأخر سواء كان مسلما أو غير مسلم مما يساعد على تحرير الأمة من براثن التعصب.
هذه خلاصة ما اردنا بيانه في هذه العجالة والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين واصحابه المنتجبين.
ارسال نظر