وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
الاقليات الاسلامية بين التقيد بالثوابت والقيام بمقتضيات المواطنة
۱۳۹۸/۰۴/۰۳ ۰۸:۳۶ 1384

الاقليات الاسلامية بين التقيد بالثوابت والقيام بمقتضيات المواطنة

 

 

الاقليات الاسلامية بين التقيد بالثوابت والقيام بمقتضيات المواطنة

 

محمد علي التسخيري

الامين العام للمجمع العالمي  للتقريب بين المذاهب الاسلامية  

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على محمد وآله وصحبه وبعد.

 فقبل الدخول في صلب الموضوع لابد من القاء نظرة اجمالية على اوضاع المسلمين خارج البلاد الاسلامية والتعرف على عناصر القوة والضعف لديهم.

 

الاوضاع العامة:

من المعروف أن عدد المسلمين خارج العالم الاسلامي راح يقرب من عددهم داخله، كما ان عددهم داخل بعض البلدان كالصين والهند وفرنسا وروسيا واميركا يربو على عدد سكان كثير من البلدان الاسلامية ويتمتع هؤلاء المسلمون بميزات كثيرة اخرى لعل أهمها:

اولا: التنوع:

فهم ينتمون الى شتى الاعراق والامم حتى ليمكن القول بان انتماءاتهم يقارب عدد الاعراق في العالم اذ لاتجد قومية الا وفيها مسلمون اما يمتدون مع الزمن الى تاريخ طويل أو أنهم اسلموا في اوقات متأخرة.

وكمثال على ذلك نلاحظ ان كاتبة غربية هي (اكيينر) كتبت تقول: في الاتحاد السوفيتي يوجد الآن خمسة واربعون مليونا ونصف مليون مسلم وهؤلاء يمثلون احد التجمعات الاسلامية الكبيرة في العالم، والثاني من حيث الحجم بعد بلدان مثل اندونيسيا، بنغلادش، والهند وباكستان وهو مجتمع له صفات استثنائية من حيث البنى والثقافة والاختلاف الاقليمي.

ويتوزع المسلمون السوفيت على ارض غربا الى حدود بولندة وشرقا الى حدود الصين، يتواجدون في مناطق سيبرية شمالا وفي وسط آسيا وعبر القفقاز جنوبا.. انهم يمثلون لوحة واسعة من المجموعات العرقية فهناك الاجناس التركية كالتتار والآذربايجانيين والاوزبيك والاليغور، وهناك الايرانيون مثل الطاجيك والاوستينياس والاكراد والبلوش،  وهناك القوقاز والليزغبين والتاباصار، وهناك مجموعات عديدة صغيرة اخرى مثل العرب والارمن والكيمثيلز والصينيين الانفار وغجر آسيا الوسطى والمنغول والفينلانيين الخ) ([1])

وهذا التنوع نشهده كذلك في التوزع الجغرافي فلا تكاد منطقة تخلو من وجود مجموعة مسلمة، وهكذا نشهده في اللغات والثقافات والاعراف والمستويات العلمية ومدى المساهمة في مجرى الاحداث والسياسات المحلية والخارجية، ومدى تمتعهم بحقوقهم الاجتماعية، وقدراتهم الاقتصادية وغير ذلك.

 

ثانيا: الاعتزاز بالاسلام وتأصله في النفوس:

وهذه ظاهرة واضحة نرجعها نحن الى طبيعة الاسلام نفسه باعتبار طاقاته الذاتية على النفوذ الى اعماق النفس وتوجيه السلوك الانساني ومجمل الثقافة، وباعتبار انسجامه مع الفطرة الانسانية.

ولقد تحول الاسلام في بعض المناطق الى حالة قومية كاملة وهو ما نلحظه في البوسنة وروسية والصين وحتى في اميركا واوروبا احيانا.

تقول الكاتبة السابقة: (والواقع أن ظاهرة بقاء الاسلام هي في الواقع اكثر إثارة للاهتمام من نهوضه، وقد اعتقد كثير من الناس أن الاسلام خلال القرن التاسع عشر قد افلس روحيا، وقد تحدث رحالة مثل (شبيلر) و (فامبيري) عن الغياب الظاهر للدين الحقيقي في وسط آسيا. ولابد انه كان من الصعب عليهما ان يدركا أنه بعد قرن من ذلك الوقت وفي ظل نظام مختلف أن اولئك المواطنين مازالوا يعرفون أنفسهم على انهم مسلمون، والواقع ان كثيرا من المسلمين السوفيت لم يمارسوا واجباتهم الدينية كما يجب… وهكذا فانه ليس أي شيء ريائي او وهمي بالنسبة للمسلم السوفيتي بأنه ينتمي لمجتمع مسلم، القومية بلا ادنى شك كانت عنصرا في تأكيد تأثير الاسلام). ([2])

وهذا النص يشع بكثير من الامور ويوضح التفاعل بين الاسلام والقومية، ومدى تأصله في النفوس حتى عندما يكون الضغط بمستوى قهر السوفيت الطاغي والشامل والمتعمق بكل تخطيط لمحو الاسلام قبل كل شيء.

وقد حضرت مؤتمرا في جمهورية آذربايجان تحدث فيه رئيسها المتوفى (حيدر علييف) وكان مستشارا لبريجنيف رئيس الاتحاد السوفيتي فاكد ان الشيوعيين رغم محاربتهم للدين عموما باعتباره – كما تدعي الماركسية – افيون الشعوب، فقد مسوا المسيحية مسا خفيفا وركزوا كل همهم على الاسلام وتمزيقه. وتبين للعالم بعد انتهاء الحكم الشيوعي ان الاسلام اقوى من كل تخطيط لضربه مهما كان واسعا.

ويمكن ان نكتشف من خلال مطالعة هذه الحالة تأثير أبعاد الاسلام في عملية الصمود، وحتى ان بعض الاحكام الفرعية في العقد والزواج والطلاق والدفن كان لها تأثير كبير في الحفاظ على الهوية.

 

ثالثا: الشعور باللحمة التي تربطهم بالعالم الاسلامي بقوة.

 وهي ظاهرة عامة وان كانت تختلف شدة وضعفا من منطقة الى اخرى وهي ايضا ناتجة من طبيعة الاسلام وتخطيطه للحياة. وتعتبر من اهم العناصر الايجابية التي يجب تقويتها بشدة وهي نفسها ما يرعب اعداء الامة ويشكل هاجسا مستمرا لهم وربما يظهر هذا الهاجس احيانا في فلتات ألسنتهم.

ان المسلمين اينما كانوا يشبحون بانظارهم الى العالم الاسلامي ويتوجهون في صلواتهم الى قلب هذا العالم، ويعشقون لغة القرآن ويتفاعلون بشكل طبيعي مع آلامه وآماله.

 

رابعا: المشاكل المشتركة

ويشتركون جميعا في مواجهة حملة شرسة تعمل على افقادهم هويتهم وتقاليدهم وربما استهدفت وجودهم في تطهير عرقي فضيع كما شاهدنا الأمر في البوسنة. وتكاد المشاكل تتحد في اكثر الاماكن.

وبالطبع فان هناك تفاوتا كبيرا بينهم في الشدة والضعف، وفي القدرة على المواجهة الا ان الملاحظ تماما هو عملية الاستهداف المنسق والذي يزداد يوما بعد يوم وخصوصا بعد حوادث الحادي عشر من ايلول في اميركا.

 

بعض المشاكل المشتركة:

والمشاكل التي يواجهونها كثيرة ومتنوعة فهناك مشاكل ثقافية ترتبط بالتشكيك في العقيدة واعطاء الجيل الناشيء معلومات مادية. ويزداد الامر خطورة عندما يتم ذلك في اجواء مادية بعيدة عن المعنويات تترك أثرها السلبي؛ عبر ايجاد حالة اللامبالاة وتعميق روح استغناء الفرد عن العائلة، وعدم الاكتراث والاهتمام بتطبيق الواجبات والحذر من المحرمات. وهناك مشاكل اجتماعية خطيرة تعليمية وتربوية واعلامية وسنذكر فيما يلي بعضها:

 

أ ـ المشاكل الثقافية:

وتعتمد ثقافة كل مسلم على القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، ومفتاح فهم هذه الثقافة هو اللغة العربية. وفي الوقت الحاضر فان الاختلاف الثقافي الأساسي بين الاقليات المسلمة والبلدان غير الاسلامية يعود الى الاختلاف في اللغة او بتعبير افضل عدم معرفة اللغة العربية في تلك المجتمعات.

وهذا الاختلاف يؤدي الى تباين نمط التفكير لدى هذه الاقليات خلال البحث عن المصادر الثقافية للفكر الاسلامي وهذا الامر اكبر خطر يهدد عقيدتها نفسها.

وهنا ينبغي القول ان المراد من الثقافة الاسلامية هو الرؤية الفكرية الكاملة التي يملكها الاسلام نحو الكون، لأن تعليم الانسان وهو في سن الطفولة والفتوّة انما يتم في تلك البلدان بعيداً عن الاسلام تماماً وبعقائد اخرى متأثرة باعلام البلدان الأنظمة غير الاسلامية البعيد تماماً عن الاهداف الاسلامية.

ومثل هذا الخطر ماثل ومحدق بالاجيال التالية،وكلما جاء جيل جديد كان اكثر من سابقه في الذوبان في الثقافة الاجنبية، مما يؤدي الى نمط من فقدان الهوية الثقافية لدى هذه الاقليات المسلمة، هذا اولاً.

وثانياً: يحصل نوع من اللاابالية  لدى ابناء الاقلية تجاه المجتمع الذي يعيشون فيه، مما يسفر – بحد ذاته – عن التفكك العائلي وازدياد حالات التمرد لدى الاطفال، والانتحار بين الكبار وخاصة بين المترفين والأثرياء، وفقدان الموجّه للشباب المسلمين.

وثالثاً: ان ذلك يسفر عن ظهور حالة من الفتور وعدم الاقبال تجاه تنفيذ الاحكام الاسلامية وأحقية الاسلام، وهذه الحالة لوحظت بين افراد الجيل الثاني للنساء وخاصة فيما يخص التزامهن بالحجاب وظهرت فيما بينهن حالة ازدواجية الشخصية.

فمن جانب؛ نجدهن يفضّلن عدم ارتداء الحجاب لكي لا يصبح ذلك سبباً في لفت الانظار اليهن وليتمكّن من العيش في المجتمع بسهولة وراحة اكثر. ومن جانب آخر فان التعاليم الاسلامية تمنعهن من القيام بذلك.

ورابعاً: يحصل نمط من الاختلاف الفاحش والبون الكبير في الاحتياجات المعنوية والنفسية للجيلين الاول والثاني.

 

ب – المشاكل الاجتماعية:

عندما يقطن مسلم في أحد البلدان غير الاسلامية يواجه العديد من المشاكل وما أقصد تبيانه هنا المشاكل الاجتماعية في المجتمعات التي تتوافر فيها حرية العقيدة والمذهب وباستطاعة المسلمين أن يؤسسوا الجمعيات والاتحادات الاسلامية وأن يمارسوا كل نشاطاتهم وعباداتهم الاسلامية.

ويمكن تقسيم أبرز المشاكل الاجتماعية التي يعانونها الى أربعة أصناف هي:

ــ مشكلة التعليم.

ــ المشاكل التربوية.

ــ مشكلة الاختلاط .

ــ مشكلة الاعلام.

 

1ـ مشكلة التعليم:

ان الخطر المهم الذي يهدد الاقليات القاطنة في البلدان غير الاسلامية هو النظام التعليمي ذو الاهداف الوطنية في تلك البلاد. في هذا النمط من الانظمة التعليمية ثمة تباين كبير بينها وبين النظام التعليمي الاسلامي، لأن الاخير له اصول ذاتية نابعة من داخله. وهدفه تعليم وتربية المسلم من حيث العقيدة والقيم والاخلاق وكيفية التعامل مع الناس، بينما نرى أن الانظمة غير الاسلامية تقوم بتعميق الاتجاهات والمشاعر القومية والوطنية والتاريخية للتوصل الى غاياتها.

وان مشكلة فقدان المدارس التعليمية للاطفال المسلمين تعتبر إحدى المشاكل المهمة واذا وجدت بعض المدارس التي تستهدف تربية وتعليم الاطفال والناشئة المسلمين استنادا الى الاصول والمبادئ الاسلامية فان فيها اثنين من النواقص والاشكالات المهمة:

احدها: انها مفتوحة في أيام العطل الاسبوعية فقط وفي سائر أيام الاسبوع يجري تعليم الاطفال المسلمين في المدارس الحكومية.

والثاني: ان هذه المدارس لا تعطي للدارس فيها وثيقة تخرج معترفاً بها رسمياً ليتمكن الشباب المسلمون من الحصول على عمل مناسب استناداً اليها.

ومن المشاكل الاخرى التي تعاني منها الاقليات الاسلامية فقدان المكتبات والمراكز التعليمية، ويمكن أن تبذل منظمة المؤتمر الاسلامي جهودها في سبيل تأسيس هذه المراكز في البلدان غير الاسلامية.

كما أن تأسيس مراكز التوثيق والمعلومات من أجل ايصال المعلومات وتوعية الاقليات يعتبر من أهم الامور التي ينبغي لمنظمة المؤتمر الاسلامي – باعتبارها تمثل العالم الاسلامي برمته – أن تدرجها في جدول أعمالها.

 

2- المشاكل التربوية:

إن اهم قضية تواجهها الاقليات المسلمة هي أنها تقطن في مجتمعات غير اسلامية تختلف عن المجتمعات الاسلامية من جميع النواحي. وبعبارة اخرى يمكن القول ان المجتمع هو الرحم الذي تنشأ وتتربى فيه شخصية الانسان. وبما أن الاقليات تعيش في رحم غير الرحم الاسلامي فان ذلك يقترن بخطرين:

الاول: انها تؤدي الى احباط مفعول التربية الاسلامية وجعلها غير مجدية.

الثاني: ان الاولاد يتعرضون لضغوط وتجاذب شديد من قبل نمطين من التربية، أحدهما ما يريده منه دينه والثاني ما يفرضه عليه الواقع الاجتماعي الذي يعيشه.

ومن المشاكل التربوية التي تعانيها الاقليات الاسلامية هو ان ابناءها يدرسون في مدارس غير اسلامية وتحت اشراف معلمين غير مسلمين، وفي كثير من الاحيان يتعرضون للذوبان في المجتمع غير الاسلامي مما يؤدي الى فقدان التربية الاسلامية وبالتالي يؤدي لاضعاف الهوية الاسلامية.

واضافة الى خطر المعلمين فان هناك خطراً آخر هو اختلاطهم بزملاء في الدراسة غير مسلمين يعايشونهم يومياً في تلك المدارس، وربما فاق تأثير هؤلاء على الطلبة الفتية المسلمين وعلى تبلور شخصياتهم، تأثير المعلمين أنفسهم.

كما أن عدم معرفتهم باللغة العربية تجعلهم عاجزين عن فهم القرآن الكريم وكتب التراث والسيرة والاحاديث النبوية، وهذه الاخرى احدى المشاكل التربوية التي يعانون منها، وفضلاً عن ذلك فان خطر غسيل الدماغ يتهدد ابناء الاقليات الاسلامية وهو نموذج للغزو الفكري السائد في تلك المجتمعات.

 

3- مشكلة الاختلاط:

ليس للاقليات المسلمة القاطنة في بلدان غير اسلامية مناصٌّ من مراعاة الجو الاجتماعي والعادات الاجتماعية السائدة في تلك البلدان. ولكن لا يجوز للنساء ارتداء الالبسة التي ترتديهــــا نساء تلك البلدان، ومن أجل حل هذه المشكلة فلابد من الاهتمام بملابس المرأة اهتماماً خاصاً، بحيث ان لهذا الامر آثاراً في نمط تفكيرها وسلوكها، ويجعلها مصونة من انحرافات ووساوس المجتمعات غير الاسلامية. ولابد أن يتخذ هذا اللباس صفة الطابع العام بين نساء المسلمين هناك. وينبغي الاهتمام بالجمعيات والاتحادات الاسلامية، اكثر لكي تولي اهتماماً خاصاً بهذا الامر ويمكن استخدام البرامج التي تبث عبر القنوات الفضائية الاسلامية لارشاد النسوة المسلمات كي يحافظن على أصالتهن، وان لا يقلد الناشئة والشباب والشابات المسلمات ابناء المجتمعات التي يقطنون فيها، من حيث الظاهر وطبيعة الملابس التي يرتدونها.

 

4- مشكلة الاعلام:

وهذه المشكلة شأنها شأن التعليم، وفي الحقيقة انهما وجهان لعملة واحدة ويعكسان افكار المجتمعات غير الاسلامية. وبشكل عام فان وسائل الاعلام العامة تشغل حيزاً واسعاً من اذهان الناس وتفكيرهم في تلك المجتمعات، فهذه الدول لا تشحن اعلامها بالمفاهيم القومية والوطنية فحسب، بل إن الاعلام في هذه الدول مشحون بالمفاهيم المنحرفة والمروجة للفساد والهادفة الى تحقيق الغايات والاهداف المادية والسياسية.

والعلاج الوحيد لهذه القضية ترسيخ اسس واركان شخصية المستمع والمشاهد للبرامج الاعلامية لوسائل الاعلام  ورفض ما فيها من مفاهيم مناوئة للاسلام ومناقضة لافكار المسلمين. ولكون هذه الافكار تشغل حيزاً واسعاً من برامج وسائل الاعلام المذكورة فإن ذلك أدى الى انكماش تلك الاقليات عن مجتمعاتها وعدم تقبل تلك المجتمعات لهذه الاقليات في الوقت نفسه.

 

ج – المشاكل الاقتصادية:

تعاني الاقليات الاسلامية – وعدد ابنائها ليس بالقليل – من ضائقة مالية واوضاع اقتصادية صعبة، ويضطر الوالدان في تلك الاسر لتخصيص كل اوقاتهم للعمل من أجل كسب لقمة العيش وتوفير المأوى لتلك العوائل، ومن هنا فان مثل هؤلاء الاشخاص يصعب عليهم الاهتمام بتعليم ابنائهم.

وان الفقر الاقتصادي يستتبع التدني في الاوضاع الصحية الناتجة عن سوء التغذية، وكلاهما يتظافران لايجاد العوائق والعقبات في حياة الاقليات المسلمة.

وبعض العوائل المسلمة التي تعيش في مستوى اقتصادي متوسط عاجزة هي الاخرى عن بناء مسجد او مدرسة، خاصة عندما يمتنع بعض افراد هذه العوائل عن دفع الاعانات والمساهمات المالية. وهنا لابد من القول إن فقدان التنسيق بين الجهود والامكانات يؤدي الى اضعاف موقف المسلمين وعدم تمكنهم من مواجهة المشكلات والصعوبات التي تعترض طريقهم. وبعض الانظمة والحكومات تحاول صب الزيت على النار وزيادة حدة التناقضات والخلافات القائمة في هذا الصدد.

 

اقتراحات لحل المشاكل الاقتصادية للاقليات:

1ـ ينبغي لمنظمة المؤتمر الاسلامي – باعتبارها تمثل العالم الاسلامي أجمع – أن تقوم بخلق الظروف الاقتصادية المناسبة للاقليات الاسلامية لأن لذلك دوراً كبيراً في تحسين اوضاعها الثقافية.

على سبيل المثال ذكرت الاحصاءات التي نشرتها منظمة العمل العربية حول اوضاع سوق العمل في فرنسا، ان اكثر من 560 ألف من المهاجرين – واكثرهم مسلمون – يعيشون في بيوت الصفيح ومحلات قديمة وخرائب وتضيف الاحصاءات أن 250 ألف مهاجر يسكنون بيوتاً مزدحمة تفتقد الى مياه الشرب وفي ظروف شاقة.

وتؤكد الاحصاءات المتعلقة بعام 1975 أن اكثر من 32% من العمال العرب في فرنسا يعيشون في مثل هذه الظروف العسيرة. وربما كان ذلك احد الاسباب للاضطرابات الاخيرة.

2- ينبغي أن تؤسس منظمة المؤتمر الاسلامي جمعية او رابطة مهمتها التواصل مع الشباب المسلمين الذين غادروا بلدانهم ومسقط رأسهم لغرض الدراسة، وتقوم هذه الجمعية او الرابطة بتقوية اواصر هؤلاء الشباب مع بلدانهم الاصلية والحيلولة دون انقطاع صلاتهم بها نهائياً، والعمل على توفير مهن ووظائف وفرص عمل لهؤلاء الخريجين في بلدانهم نفسها.

3- تأسيس صندوق دولي لرعاية الأقليات المسلمة بمشاركة واسهام البلدان المسلمة والمنظمات الاسلامية والاثرياء الخيرين من المسلمين. وظيفة الصندوق دعم ومساعدة الاقليات المسلمة في شتى المجالات كتأسيس المدارس والمعاهد والمكتبات ومراكز تحفيظ القرآن الكريم والتعليم الديني.

4- يقوم الصندوق المذكور بتوفير ظروف معيشية وفرص عمل مناسبة ووحدات سكنية ومراكز تعليم مناسبة للمسلمين في البلدان غير الاسلامية التي يقطنونها.

5- من الضروري أن تخصص منظمة المؤتمر الاسلامي المزيد من المساعدات للبرامج والخطط المتعلقة بتحسين اوضاع الاقليات المسلمة، لغرض تمكينها من تأسيس المدارس والمراكز الاسلامية والثقافية.

6- دعوة الاقليات الاسلامية لمواصلة نضالها ومقاومتها لغرض المحافظة على كيانها وعلى حريتها الاقتصادية والقيام بواجباتها الدينية وشعائرها المقدسة وتوفير التسهيلات اللازمة لابناء هذه الاقليات ليؤدوا فريضة الحج وغيرها من الفرائض الدينية.

 

د – المشاكل السياسية للاقليات الاسلامية:

في الحقيقة ان الاقليات الاسلامية فقدت كيانها السياسي ولابد لمنظمة المؤتمر الاسلامي أن تستنفر كل امكاناتها وتستخدم شتى الاساليب السياسية والدولية لاسترجاع كيان هذه الاقليات وترسيخ وجودها.

ولاشك ان الاقليات الاسلامية تتعرض في كثير من دول العالم للتعذيب والمجازر والتدمير. ومن الطبيعي أن مثل تلك الانظمة التي تنتهك أبسط حقوق الانسان ترى أن أبرز مشكلة تواجهها هو أن تحافظ الاقليات الاسلامية على كيانها السياسي . ولذلك نرى أن هذه الانظمة تمارس التمييز العنصري  ضد الاقليات  الاسلامية، وتحرص على حرمانها من حقوقها ومن امتلاك وسائل الاعلام، وتعتدي على الثقافة والقيم والعقائد التي يؤمن بها المسلمون في تلك البلدان، وتفرض مضايقات متعددة وبأنماط شتى على تلك الاقليات.

ومثلما أن الاقليات الدينية في البلدان الاسلامية لا تتعرض لأية ضغوط من أجل تغيير دينها او التخلي عن عقائدها الخاصة، فمن المنتظر أن لا يتعرض المسلمون في البلدان غير الاسلامية الى الضغوط والمضايقات والممارسات التي تستهدف اجبارهم على التخلي عن دينهم (كما هو الوضع في انغولا وبورما) ونجد أن كثيراً من العادات والتقاليد والاعراف الاجتماعية في العديد من البلدان تتعارض مع عادات وعقائد المسلمين فيها، ولذلك فان حيّزاً كبيراً من الاعلام والدعاية في تلك الدول مخصص لمحاربة المسلمين والطعن في افكارهم.

 

سر المشكلة واختلافات الحالات

و يمكن القول ان سر المشكلة يكمن في التناقض بين ثوابت ومقتضيات الاسلام (عقيدة ومفاهيم وشريعة) ومقتضيات العيش في مجتمعات لا تنسجم مع ذلك ويتفاوت عدم الانسجام هذا من حالة الى حالة:

أ ـ فقد يكون الى حد ما طبيعياً بأن يتطلب الأمر قيام المسلم بمقتضيات المواطنة التي تعني تحمل المسؤولية في المجالات الاجتماعية والسياسية العامة والخاصة بما يصاحب ذلك احياناً من تناقض مع الثوابت الاسلامية وتنازل عنها .

ب – وقد يكون مصحوباً بهجوم وتخطيط حكومي لمحو كل مظاهر الهوية الاسلامية في جو ديمقراطي مدعى  بحجة التوطين او تحقيق الانسجام وتوحيد الموقف كما لاحظنا في قضية الحجاب في فرنسا وأمثالها.

جـ – وقد يتم ذلك في جو لا انساني فضيع كما حدث في روسية والصين والبوسنة  وانغولا واثيوبيا (وان كان المسلمون فيها هم الاكثرية) وغيرها من البلدان حيث التهجير، والتطهير العرقي، والتفكيك، والعزل، والتشكيك والتمييع وغير ذلك.

ولا ريب في ان الموقف يختلف باختلاف الحالات واختلاف امكانات المسلمين، واوضاعهم من حيث كونهم سكان اصليين او مهاجرين او مقيمين، ومن حيث توفر الحماية القانونية الدولية او المحلية وعدمها، وكذلك من حيث وعي المسلمين بذاتهم الاسلامية وثوابتها ومدى امكان التعامل ومن هنا فعلينا ان نعرف حقيقة الثوابت الاسلامية  اولاً وجوانب المرونة الممكنة نظرياً ثانياً والعوامل المساعدة على تحقيق الانسجام في المرحلة التالية.

 

الثوابت الاسلامية:

وهي مالا يمكن التنازل عنه من وجهة نظر الاسلام ، وتشمل:

أولاً: مجال العقيدة وتشمل كل أبعاد العقيدة الاسلامية  التي تتمحور حول الايمان بالتوحيد والنبوة والمعاد بتفريعاتها التي تثبت بالعقل او النقل الصحيح، ولا ضرورة لدخولنا في التفاصيل.

ولما لم يكن هذا الجانب يقبل الضغط لأنه واقع نفسي فان عمليات التشكيك الواسعة من جهة، وعملية الدفاع عن العقيدة الصحيحة من جهة أخرى، (الأمر الذي قد لا تسمح الظروف القائمة في تلك المنطقة به) مما يدخل الحالة في عملية الصراع ويتطلب ذلك البحث عن العلاج.

ثانياً: مجال التشريع الالزامي: وتدخل فيه كل الاحكام التكليفية الالزامية (الواجبة او المحرمة) بما يلازمها من احكام وضعية مشابهة كقضايا الملكية والزوجية والصحة والفساد. وتدخل جميعاً في الثوابت مع اختلاف في درجات الأهمية.

ثالثاً: مجال الاحكام غير الالزامية ويشمل التقاليد الاسلامية والمستحبات والمكروهات التي يحرص المسلم على تنفيذها في حياته . ولا ريب في ان هذا المجال مما يمكن التسامح فيه الى الحد الذي لا يتنافى مع الصبغة الاسلامية العامة. فقد تشكل بعض الامور غير الواجبة معلماً اسلامياً يؤدي التنازل عنه الى نوع من الانكسار امام العدو وحينئذ لا يمكن التفريط به.

 

فقه الغربة عن العالم الاسلامي

ومن هنا احتاج الأمر الى عنصر مهم يجب العمل على تحقيقه مهما كلف الأمر.

وهو توفر مركزية فقهية معترف بها وذات نفوذ بين اوساط المسلمين بحيث يمكنها ان تنظم الأمور وتنسق المواقف مع امتلاكها لتصورات فقهية تحقق التوازن المطلوب بين الحفاظ على الثوابت والاستفادة الجيدة من عناصر المرونة لمواجهة الضغوط وتحقيق المصالح ودرء المفاسد.

وتقوم هذه المرجعية بالعمل في المرحلة الاولى على توفير الجو الطبيعي لتطبيق كل توجهات الاسلام حتى على مستوى الاحكام غير الالزامية ذلك ان هذه الاحكام تشكل في الغالب طريقاً لتطبيق الاحكام الالزامية وضمانة للاداء الجيد لها فان مستحبات شهر رمضان مثلاً توفر اجواء التنفيذ الجيد  لواجب الصوم، ومكروهات التعامل بين الرجل والمرأة تعمل على ابتعادهما عن المحرمات وهكذا.

وقد يصل الحال ببعض الامور المستحبة ان تشكل معالم للمجتمع المسلم – كما قلنا – من قبيل بناء المساجد او افشاء السلام او امتلاك مقابر خاصة او عقد صلوات الجماعة الكبيرة، او اقامة مراسم الافطار الجماعي وحينئذ يتم الاصرار مهما امكن على الاحتفاظ بها بل وتوسعتها. واذا كانت الضغوط اكبر من هذا المستوى فمن الطبيعي ان يتم التركيز على الواجبات والمحرمات قبل كل شيء فتمنع عملية المساس بالزاميتها ، ويتم الحث على الالتزام بها ويستفاد في سبيل ذلك من كل الوسائل التوعوية والضغوط الاجتماعية والحقوقية والسياسية الداخلية والخارجية.

ويستعين هذا المركز بمجموعة كاملة من الاضوية الكاشفة.

 

الاضواء الكاشفة – المساهمة في عملية تكوين الموقف الاسلامي

هناك احكام وقواعد وتعليمات اصولية وفقهية وعامة  تشكل اضواءً في مسيرة التعامل مع الآخرين يمكن ان يعتمدها هذا المركز او هذه المرجعية للوصول للموقف الصحيح وقد تجد هذه الامور تطبيقاتها في كل الظروف لكن البعض منها يجد مصاديقه بشكل اوضح في حياة المغتربين والاقليات الاسلامية. ومنها مايلي:

1ـ المقاصد الشرعية العامة.

2- قاعدة توخي القسط كما قال تعالى: (يا ايها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط)([3]) .

3- قاعدة الدفاع عن حقوق المستضعفين. قال تعالى (مالكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان) ([4]) .

4- قاعدة قضاء حاجة المحتاجين واطعامهم وكسوتهم : قال رسول الله(ص): (ان لكل كبد حرى لأجراً) أو (في كل ذات كبد رطبة أجر) ([5]) .

او (وان لنا في البهائم لأجر) ([6]) .

5- قاعدة اتيان الرخص الشرعية: قال رسول الله(ص): (ان الله يحب ان تؤتى رخصه كما يحب ان تؤتى عزائمه)([7]) .

6- قاعدة الطهارة: كما ورد في الحديث (كل شيء لك طاهر حتى تعلم انه نجس بعينه.

7- قاعدة الاباحة حتى تثبت الحرمة

8- قاعدة الاستصحاب وقد ورد انه (لا تنقض اليقين بالشك) و(ابق ما كان على ماكان).

9- قاعدة الحوار السليم المتسم بالموضوعية ونسيان الماضي واستهداف الحقيقة وعدم المجادلة وتطلب النقاط المشتركة والابتعاد عن التهويل واعتماد البرهان وامثال ذلك من الشروط التي يمتلك كل منها سنداً من النصوص الشريفة.

10- قاعدة المنع من الافراط والتفريط واتباع المنهج الوسطي قال تعالى: (والذين اذا انفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا) ([8]) .

11- قاعدة التعاون على البر والتقوى قال تعالى: (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان) ([9]) .

12- قاعدة المودة: قال تعالى (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم ان تبروهم وتقسطوا اليهم) ([10]) .

13- قاعدة احترام الانسان باعتباره انساناً قال الامام علي: (فانهم صنفان ام اخ لك في الدين او نظير لك في الخلق) ([11]) .

14- الاستفادة  من احكام الهجرة اللازمة عند التضييق في الدين .

15- الاستفادة من احكام الطهارة المتنوعة من قبيل:

أ ـ طهارة اهل الذمة.

ب – الحكم بالطهارة عندما لا يعرف شيء عن الطرف المتعامل معه.

جـ – عدم انتقال النجاسة الا مع البلل.

د- السوائل طاهرة الا مع العلم بنجاستها.

هـ – الحكم بطهارة الكحول الصناعية.

و – اساليب تطهير المطهرات.

ز- احكام الجلود المحتمل استيرادها من البلاد الاسلامية. وغير ذلك من الاحكام.

16- احكام الصلاة المتنوعة من قبيل:

أ ـ كيفية تحديد القبلة

ب – معرفة اوقات الصلوات

حـ – احكام التقصير في السفر والاستيطان.

جـ – احكام الصلاة في وسائل النقل كالطائرة.

د – حكم مزاحمة العمل للصلاة.

هـ – حكم الصلاة في الامكنة المشكوك غصبها.

17- احكام الصوم ومنها:

أ ـ  تعيين مبدأ النهار ومنتهاه.

ب – حكم الاعتماد على المراصد الفلكية.

حـ – احكام العلاج المغذي.

18- احكام الدفن

19- احكام الطعام والشراب من قبيل:

أ ـ حكم اكل الطعام اذا خلا مما يحرم على المسلم.

ب – حكمه في حالة الشك.

حـ – حكم المعلبات مع احتمال التنجيس.

د – احكام التذكية.

هـ – حكم الجلوس على موائدهم وفيها الخمر.

و- حكم الجلود ومشتقاتها.

20- احكام التعامل مع القوانين النافذة هناك من قبيل:

أ ـ حرمة مخالفة الحقوق المعترف بها للآخرين او للدولة بشروط .

ب – جواز النشاطات المدنية بشروط كما تاتي الاشارة الى ذلك .

حـ – جواز اللجوء للمحاكم بشروط كما تأتي الاشارة الى ذلك.

د – حرمة الغدر والخيانة ونقض العهود وهذا أمر مهم.

21- احكام العمل والتداول المالي من قبيل:

أ ـ حرمة اذلال المؤمن لنفسه.

ب – حرمة العمل في محلات القمار والملاهي.

جـ – جواز الشركة مع الآخرين في الاعمال التجارية.

د – مسائل الايداع في البنوك المحلية.

هـ – حرمة شراء منتجات الدول المحاربة للاسلام والمسلمين .

و – الحقوق المعنوية وبيعها.

ز – احكام التوارث.

ح – احكام بيوع الصرف وبيع اواني الذهب والفضة.

22- الاحكام الاجتماعية من قبيل:

أ ـ وجوب صلة الرحم.

ب – وجوب احترام الوالدين.

حـ – حقوق الجيران.

د – حكم تهنئة غير المسلمين باعيادهم.

هـ – المداراة الاخلاقية.

و – التخلق بالاخلاق الحسنة.

ز – احكام المؤلفة قلوبهم.

هذا وهناك الكثير من الموارد التي يمكن ذكرها ولكننا نكتفي بما ذكرناه باعتبارها نماذج وإشارات ينتفع به فقه المغتربين بملاحظة الظروف هناك وهي متنوعة من قطر لآخر ومن حكومة لأخرى.

ثم أنه قد تستجد او تفرض ظروف قاهرة تمنع من تطبيق هذه الاحكام التي نسميها (الاحكام الأولية) باعتبارها تترتب على الشيء بعنوانه وطبيعته، وهذه الظروف القاهرة تمنح الموضوع عنواناً استثنائياً ولذلك نسمي ذلك (العنوان الثانوي).

العناوين الثانوية المتقدمة على العناوين الاولية.

اذا استنفدت كل الوسائل وخيف من أخطار مهمة وتعرضت الكيانات الاسلامية للخطر فان هناك مجالاً للركون الى العناوين الثانوية والتي تتقدم في ظروفها على الاحكام الاصلية.

وقد ذكر العلماء هذه العناوين كما يلي:

الف:  عنوان الضرورة والاضطرار وقد جاءت نصوص كثيرة لتقر هذا المبدأ منها قوله تعالى: (انما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه ان الله غفور رحيم) ([12]) .

باء – عنوان الضرر وهو منفي بمقتضى النصوص الاسلامية ومن اهمها حديث (لا ضرر ولا ضرار في الاسلام) المشهور بين المسلمين([13]) .

جيم – العسر والحرج والمشقة الزائدة حتى لو لم يستتبعها ضرر ودلت على نفيه آيات من قبيل قوله تعالى (وما جعل عليكم في الدين من حرج) ([14]) . وروايات من قبيل حديث (الرفع) ([15]) .

دال – تزاحم الاهم والمهم في التنفيذ حيث يقدم الاهم بحكم العقل المؤيد بالشرع.

هاء – ان يقع العمل مقدمة للواجب او للحرام فيكتسب حكمه.

 الى ما هنالك من عناوين ذكرها العلماء.

وهنا ننبه الى أنه يجب التأكد من تحقق موضوعات هذه العناوين والاحتراز عن الوهم والظن الباطل. كما يجب التفريق بين حالات الضرورة والحرج وبين حالة فقدان بعض المكاسب مما يعتبر في بعض الأعراف حالة حرجية.

 

الموقف من محاولات الدمج والتوطين

وهي محاولات مغرية ومنطقية في الظاهر اذ يقال ان المسلم الذي يعيش في ظل دولة وقانون معين يجب ان يتحمل كل المسؤوليات الاجتماعية ليتمتع بامتيازات المواطنة . وهذا الكلام الى هذا الحد منطقي لكن العملية تسير به الى ابعد من ذلك فتحاول التأثير على نمط حياته ، وتصرفاته العبادية والسلوكية ، واسلوبه التربوي لأطفاله، وحتى سلوكه الشخصي، واسلوب تعامله مع الآخرين الأمر الذي لا تسمح به حتى مبادئ الحرية الشخصية التي يدعى التمسك بها. وقد لاحظنا بعض الدول كالاتحاد السوفيتي، وبلغاريا الشيوعية تتخذ حجة الدمج الاجتماعي وتفرض على المسلمين حتى التسمي باسماء محلية رافضة الاسماء المتعارف عليها اسلامياً.

والمعيار الذي يجب ان يطبق في هذه الحالات، وطبعاً اذا امكن اختيار الموقف هو التمسك بالثوابت ومنها الحفاظ على الطابع الالزامي ، وعدم فقدان الهوية الاسلامية فضلاً عن السماح بالاندماج الاخلاقي المتميع، او التصوري والمفاهيمي المنافي للتصور الاسلامي.

 

الاسهام في الانشطة السياسية والاجتماعية وغيرها

ولا مانع  بل من المحبذ الاسهام في هذه الأنشطة باعتبار ماسيعود منها على الفرد والفئة المسلمة بل وعلى المجتمع كله من خير وعطاء شريطة التحرز عن مايلازمها من أمور ممنوعة شرعاً كالاعتداء على الآخرين ، والإعانة على الإثم والكفر والفساد ولا يدخل المورد تحت قانون التزاحم بين الأهم والمهم بملاحظة قلة المعصية مثلا في قبال كثرة العوائد. لان قانون التزاحم انما يجري اذا لم يكن هناك مناص من ارتكاب احد الخطأين.

 

الموقف من التعددية في المجتمعات موضع البحث

العولمة والتعددية:

 ان هناك سياستين عامتين يتم تطبيقهما الآن في العالم، إحداهما قضية (التعددية) في النواحي والميادين  المختلفة، والاخرى (العولمة). وان التعددية ـ بشكلها البسيط ـ لا تعتبر شيئا جديدا، ففي تاريخ البشرية هناك نماذج ومصاديق كثيرة للتعددية.

وفي ايران  ايضا كانت هناك تيارات ومجتمعات ميالة نحو التعددية، وفي بعض الاحيان  وجد ـ على الاقل ـ اثنا عشر مذهباً أو ديناً منها خمسة محلية المنشأ. فالدين الآري، والزرادشتي، والميترائي والأديان الابراهيمية (اليهودية، والمسيحية، والاسلام)، كانت متبعة في هذا البلد، وفي هذا  اليوم يوجد في ايران اتباع مذاهب عديدة، رغم قلتهم، وكلهم يتمتعون بحريات طبيعية في نطاق الحكومة الاسلامية وطبقا لاحكام القانون الاساسي (الدستور) والقوانين العادية، وهكذا توجد في كثير من الدول اقليات دينية مختلفة من جملتها الاقليات المسلمة.

إلا  ان النقطة المهمة هنا هي انه كان الناس في الماضي  يتصورون أن التعايش الاجتماعي بين الاديان أمر غير ميسور، لذلك كان من المعتاد أنهم يعيشون منفصلين عن بعضهم بعضا، ويتجنب احدهم الاخر.

فكان أتباع كل  نحلة أو مذهب  يتمركزون في احدى محلات المدينة ـ بحيث مازلنا نرى هذه الظاهرة مشهودة في البلدان المختلفة ـ وفي القرى نجد أن اصحاب الاديان المختلفة يسكنون في قرى مختلفة، وفي هذه الظاهرة، نجد ان المذهبية والطائفية والعيش في عالم الذات المغلق كان يعد نمطا من الواجب. وربما اشار القرآن الكريم الى نمط مشابه حين طلب النبي موسى(ع) من بني اسرائيل ان يجعلوا بيوتهم قبلة.

والمسيحيون مضى على اتصالهم وتماسهم مع المسلمين ما يربو على الالف عام، بيد إنهم مازالوا  لا يعرفون عقائدهم ولا مراسمهم، بشكل دقيق و موضوعي، والعكس صحيح أيضا. ويعبر عن هذا النمط من التعددية  بالتعددية السلبية.

ويمكننا ان نتصور انه بالرغم من ان نوع النظام رهين بالدين والاخلاق ورأي الاكثرية بيد ان الاقليات يمكن أن تتمتع ـ أيضا ـ بحقوقها الانسانية والثقافية وتتعاون وتتعارف فيما بينها وهذا ما يمكن ان يطلق عليه بالتعددية الايجابية.

القضية المهمة الاخرى التي غدت تلعب دورا مهماً الان في نطاق السياسات الثقافية والاقتصادية والخطط السياسية هي قضية وحدةالثقافات المتباينة وسيطرة ثقافة واحدة على باقي الثقافات بمقتضى العولمة. هذه الثقافة المهيمنة ليست سوى واحدة من لوازم الحداثة – كما يدعى -  وهي ترغب في فرض نفسها على الجميع بالقوة والقهر.

ولكن هل يمكن ان تصل العولمة الى هدفها و بأي نوع من التعددية؟ فمضمون الاعلان العالمي لحقوق  الانسان وخاصة الميثاق المتعلق بالحقوق المدنية والسياسية، يعطي جميع المواطنين حق حرية الفكر والعقيدة والدين، وحق تاسيس المحافل والتنظميات السلمية والنقابات والاتحادات المهنية، وحق تشكيل العائلة والمساواة امام القانون والاهم من كل ذلك، تتمتع الاقليات بثقافة ولغة خاصة بها والقيام بالمراسم والوظائف الدينية والعبادية.

فنظرة هذا الاعلان ذات طابع تعددي من النمط  الايجابي، بيد ان سياسة عولمة الثقافات رغم انها قبلت في الظاهر بمفاد هذا الاعلان لكنها تميل عبر فرض سيطرة ثقافتها الى محو وازالة قضية التعددية الثقافية. وفي هذا السياق فانها تحاول  استخدام التكنولوجيا، والارتباطات والاتصالات، وتسعى لتسخير مفاد المواثيق القانونية وغيرها لتحقيق غاياتها وهنا يظهر التباين والتعارض بين الحداثة ومابعد الحداثة.

ان من واجب المفكرين المسلمين تعيين استراتيجية  التصدي لهذين النمطين من التفكير، وان جميع الاقتراحات المطروحة في الندوات المختلفة ومن جملتها في قضية الاقليات ينبغي ان تكون في سياق نوع انتخاب هذه الستراتيجية.

وان انتخاب التعددية السلبية كستراتيجية، يؤدي اليوم الى النزاع والمواجهة بين الشعوب والفرق المختلفة في نهاية المطاف، كما يعكس للعالم طابعا خشناً وارهابياً عن الاسلام والمسلمين، ويشوه صورته في انظار الرأي العام العالمي. .علاوة على ذلك، فاننا لايمكننا الجمع بين سياسة الحوار بين الحضارات ومبدأ التعددية السلبية، فهاتان قضيتان متناقضتان دائما.

اذن، فلا مناص من أن نتبنى التعددية الايجابية وهذا ما فعلناه، وان مفاد القرارات ومضمون المقالات المتعلقة  بالعلاقة بين الاسلام  وحقوق الانسان، يركز في الغالب على هذه الرؤية ويؤكدها.

وهنا ينبغي للمفكرين المسلمين ـ وخاصة في المجتمعات غير الاسلامية ـ أن يركزوا و يؤكدوا على التعددية الذاتية والتنوع الطبيعي في التقاليد والسنن والتراث الديني والثقافي والحضاري، وأن يوظفوا جهودهم من اجل  الدفاع عن الخصائص التي  تشكل هوية الاديان والحضارات المختلفة و ان لايسمحوا بأن يتمكن الاتجاه الساعي لفرض الهيمنة والتسلط بان يجعل العالم كله ذا لون وطابع واحد يريده هو ويحدده بنفسه ويبلغ نشوته ويحقق مآربه عبر فرض تلك الهيمنة.

كما أن عليهم أن يفهموا الاخرين بأن السنن الدينية  والتقاليد الثقافية كثيرة ومتنوعة وان السعي لتوحيدها واضفاء  طابع ولون واحد عليها عمل غير مجد بل ومضر جداً.

وبالطبع فانه من الواضح ان هذا الامر ينبغي ان لايتحول الى ذريعة  لانتهاك حقوق الانسان وسائر المفاهيم والقيم الانسانية والاخلاقية العامة، وتبديل ذلك الى وسيلة يستخدمها المقتدرون والمتسلطون لتحقيق غاياتهم و مآربهم المعادية للانسانية، او ان نقصر نحن ونستنكف عن عرض وطرح آرائنا الاسلامية.

وللأسف نجد احياناً  ان بعض المسلمين يميلون الى النمط السلبي من التعددية، وكما أسلفنا فان هذه الستراتيجية لا تعطي للرأي العام انطباعاً جيدا عن المسلمين. ومن ناحية اخرى نرى احيانا ان المسلمين الذين يقبلون التعددية الايجابية غدوا يظهرون بعض التراخي في الاصرار على عقائدهم وحقوقهم، نتيجة لتأثير وتلقين وسائل الاعلام العامة  وللروابط القائمة، بل وطفق بعضهم يروج لفكرة فصل الدين عن السياسة، وهذا وجه خطير آخر للمشكلة.

 

مدى مشروعية التحاكم للقضاء غير الاسلامي؟

ان الحكم الاولي  في الموضوع واضح فلا يجوز التحاكم  الى قضاء غير اسلامي لأمرين اساسيين:

الاول ان حكم الحاكم لاينفذ على أحد لانه خلاف الاصل الا ان يمتلك الحاكم ولاية وفق قانون شرعي او ان يتفق عليه المتحاكمان بارادتهما الحرة. والحاكم غير المسلم وتحت ظل حكومة غير مسلمة لايمتلك حق القضاء هذا.

الثاني أن القوانين التي يقضي بها الحاكم  ليست قوانين شرعية ملزمة الا ان يقال ان التزام الفرد بحق المواطنة يعني الدخول في عقد اجتماعي ملزم وحينئذ فلا ينفذ هذا الالتزام  الا في الحدود المقبولة شرعاً.

فالاصل اذن ان لا يتم التحاكم الى القضاء غير الاسلامي اللهم الا اذا عدم القضاء الاسلامي وتوقف استنقاذ الحق على مثل هذا التحاكم. ([16])  واذا شعر المسلم بان القاضي اعطاه فوق حقه فعليه الامتناع عن التمتع به.

 

اسس و توصيات تجب ملاحظتها

وفي ختام البحث نقترح ما اقترحناه سابقاً في اجتماعات عقدت بهذا الشأن.

فندعو الى مراعاة جملة من المبادىء والأسس أهمها ما يلي:

1) ترابط الامة الإسلامية وتضامنها وتعاونها على اختلاف شعوبها وأقطارها.

2) الثوابت الاسلامية يجب العمل على احترامها والالتزام بها بدقة.

3) احترام حقوق الإنسان وضرورة المحافظة عليها بكل الصور الممكنة على أساس مراعاة القواعد والمبادىء الدولية في التعامل.

4)  القبول بالتعددية الايجابية  واحترام الرأي والدعوة للحوار الايجابي بين الاديان والحضارات بهدف البحث عن كل صور التفاهم والتعاون الممكنة لتحقيق خير الانسان ومصلحته.

5) احترام مبدأ سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية.

6)   دعوة المسلمين في كل بلد يعيشون فيه إلى ان يكونوا مواطنين صالحين يسعون لتقدم بلادهم ورفعتها في اطار تقابل  الحقوق والواجبات.

7) ضرورة اعتماد المبادىء نفسها في التعامل مع الاقليات مسلمة كانت أم غير مسلمة في الدول الاسلامية او غيرها.

8) تشابك العلاقات  الدولية واهتمام الدول بصورتها أمام المجتمع الإنساني وبعلاقاتها الدولية سياسية كانت أو اقتصادية أو ثقافية.

9) اعتماد المعلومات الصحيحة واتخاذ المواقف بعيداً عن الانفعال والتشنج والحرص على الحكمة في المعالجة والاستفادة من كل الظروف المتاحة و من كل صيغ العمل المتوفرة.

ويلاحظ أن أهم ما يجب ملاحظته عند التصدي لموضوع الاقليات هو اختلاف أوضاع الاقليات من بلد إلى آخر. فلايمكن النظر إليها جميعاً بمنظار واحد،  فبعضها قد نال حقوقه وبعضها مايزال يعمل لتأكيدها في المجتمعات التي تعيش فيها، وبعضها تهدد وجودها عمليات الاستئصال والتطهير العرقي.

وعلى ضوء ذلك فاننا نؤكد على معالجة موضوع الاقليات بكل ابعاده وأنه يجب ان يقوم على المحاور التالية:

أولاً: المحافظة على وجود هذه الاقليات وحمايتها من الاستئصال والطرد الجماعي

ثانياً: المحافظة على هوية الاقليات المسلمة وذاتيتها الخاصة حتى لا تتعرض للذوبان والتصفية الفكرية والثقافية.

ثالثاً: احترام حقوق هذه الاقليات باعتبارهم مواطنين لهم كامل الحقوق في الدول التي يعيشون فيها.

رابعاً: تفعيل دور الشعوب والدول الاسلامية والمنظمات والهيئات التابعة لها في دعم ومساعدة هذه الاقليات على اساس احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها.

خامساً: الاستفادة من الإمكانات المتاحة لدى هذه الاقليات عملية واقتصادية في مختلف الميادين في الدول الاعضاء.

وبالتالي نقترح التوصيات التالية:

1) مناشدة الاقليات المسلمة في كل دولة العمل على توحيد صفوفها ، وعلى تشكيل  اتحادات تمثلها أمام السلطات  المحلية كي تتحدث بصوت واحد وتخطط لنموها الثقافي والتعليمي والاقتصادي، وتسهم في عملية البناء الاجتماعي العام، ومناشدتها نبذ الخلافات  المذهبية والعرقية والحزبية وكل ما من شأنه إضعاف صفها الاسلامي وعبر ما تراه مناسبا من آليات وصيغ.

2) التاكيد على ضرورة ايجاد مركز أو مرجعية فقهية وفكرية تعمل على توحيد الموقف.

3) تشجيع الاقليات المسلمة على  إقامة المؤسسات  التعليمية النظامية لكل المراحل الدراسية والتي تعنى بالتربية والثقافة الإسلامية للحيلولة دون فقدان الهوية والذوبان في المجتمعات الاخرى.

4) مطالبة حكومات الدول الاعضاء في منظمة المؤتمر الاسلامي والمنظمات والهيئات الإسلامية الدولية بدعم المشروعات التعليمية  للأقليات المسلمة وفتح المجال  للمنظمات غير الحكومية للقيام بواجبها في هذا المجال.

5) مطالبةالحكومات والمؤسسات الاسلامية تسهيل زيارة ابناء الجماعات المسلمة في الدول غير الاعضاء الى الاقطار الاسلامية لتعميق انتمائها للأمة الاسلامية ورسالتها الحضارية.

6)  زيادة وتفعيل البرامج التي تقدمها الدول والهيئات الاسلامية لزيارات العلماء المسلمين في شتى المجالات العلمية والشرعية، والشخصيات الاجتماعية للاقليات للتعرف على أوضاعها في اماكن وجودها ومتابعة احوالها والاسهام في النهوض بهذه الاحوال.

7) دعوة الدول الاعضاء في منظمة المؤتمر الاسلامي لوضع خطة لاحتضان المتفوقين من أبناء الاقليات المسلمة، ودعوة المنظمة الاسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) بالتعاون مع البنك الاسلامي للتنمية وصندوق التضامن الاسلامي والهيئات الاسلامية العاملة في هذا المجال لزيادة المنح الدراسية التي تقدم لهم في داخل بلادهم أو خارجها.

8)  توسيع العضوية في لجنة العمل  الاسلامي المشترك  في مجال الدعوة لتشمل اتحادات الاقليات المسلمة في الدول المختلفة وذلك بعد تأسيسها تباعاً  والإسراع في وضع آلية عملها الجديدة.

9)  إعطاء قضايا المرأة والأسرة المسلمة في الاقليات الاهتمام الذي تستحقه ودعم مؤسساتها الاجتماعية  والعلمية حتى تساهم في تربية النشء وإقامة البيت والمجتمع المسلم الفاضل.

10) الطلب من البنك الاسلامي للتنمية والمؤسسات المالية الاسلامية زيادة و تفعيل استثمار رؤوس الاموال في مشاريع تخص الاقليات لدعم كيانها الاقتصادي ومشاركتها في مسيرة التنمية في بلادها.

11) التأكيد على التزام مبدأ الحوار بين الحضارات والأديان باعتباره السبيل الأساس في معرفة الاخر والتعاون معه، مع التأكيد على احترام الخصوصيات العقيدية والثقافية للأقليات المسلمة، وإدراج ذلك في التقرير الذي سيقدم إلى الجمعية  العامة للامم المتحدة للسنة القادمة،  وعقد اللقاءات والندوات والمؤتمرات التي تحقق ذلك.

12)  تفعيل إدارة الاقليات بمنظمة المؤتمر الإسلامي ومدها بالامكانات التي تمكنها من تأدية اعمالها على الوجه المطلوب على أن تعمل الإدارة  على إصدار نشرة فصلية تهتم بشؤون الاقليات وتغطي أنشطتها وتكون مصدر المعلومات عنها وحلقة بينها وبين الدول والمجتمعات الإسلامية في جميع انحاء العالم بالاضافة الى عمل هذه الادارة على الاستفادة من القانونيين المختصين في مجالات القوانين الدولية وحقوق الاقليات.

13)  ايلاء اهتمام مميز بالمهتدين الجدد من النواحي الثقافية والاجتماعية، وإدراكا لمتطلبات بناء شخصيتهم الاسلامية وفق تعاليم الاسلام الصحيحة بالتركيز على اساسيات الدين وجوهر العقيدة والبعد عن تشويش أفكارهم بالأمور الثانوية والخلافات المذهبية، ومن الضروري أن تضطلع المنظمة بالتعاون مع الهيئات الدعوية الإسلامية  بتنظيم ندوات ودورات وورش عمل تحقق تلك الغايات.

14) تأسيس مركز معلومات شامل عن أوضاع الاقليات المسلمة في الدول غير الاعضاء يغطي تركيبتها الديمغرافية وتاريخها ومكانتها في دولها، والمنظمات الاسلامية العاملة في نطاقها وأية معلومات مفيدة أخرى في اطار مسح شامل لاوضاع هذه الاقليات.

15) إنشاء موقع على شبكة الانترنيت يعرف بوضع الاقليات المسلمة والمشكلات التي  تتعرض لها.

16) توثيق الصلات بلجان حقوق الإنسان الدولية وتزويدها بالمعلومات اللازمة عن الاقليات التي تتعرض للاضطهاد أو التمييز.

17) تفعيل فريق الاتصال على مستوى المندوبين للدول الاعضاء ولدى الامم المتحدة في نيويورك وجنيف لمتابعة حالات انتهاك حقوق الجماعات والاقليات المسلمة.

18) مناشدة جميع الدول والهيئات والمؤسسات الاسلامية بضرورة العمل على ابراز حقيقة الاسلام أمام المجتمع الإنساني ودوره في تأكيد كرامة الإنسان وحريته ومناهضته لكل أنواع الارهاب  والاضطهاد والتطرف ودعوته إلى تعاون إنساني شامل وبناء مجتمع تسوده قيم الحق والعدل  والمساواة مع الاهتمام بإبراز مساهمة المسلمين الواسعة في بناء الحضارة الإنسانية والمعاملة المميزة التي يقدمها الإسلام للأقليات غير المسلمة في المجتمعات الإسلامية.

19)  الاهتمام بإعداد الدعاة المؤهلين القادرين على التعامل مع واقع الاقليات المسلمة والمجتمعات التي تعيش فيها من حيث اللغة والمعرفة للعادات والتقاليد والظروف السياسية والفكرية والاقتصادية والاجتماعية لتلك  المجتمعات.

20)  الاستفادة من العلاقات السياسية والاقتصادية التي تقوم بين دول المنظمة والدول التي تقيم فيها هذه الاقليات وذلك في سبيل تحسين ظروفها وأوضاعها العامة ودعوة الدول التي تستقدم العمالة الوافدة ان تحرص على ان هذه العمالة من الاقليات الإسلامية التي لديها استعداد لذلك.

21)  الاستفادة من التقنيات الحديثة في ميادين الاعلام والاتصال وتوظيف دور الفضائيات لخدمة الاقليات المسلمة والحرص على تعلم وتعليم اللغات الحية باعتبارها أداة اساسية في نقل الافكار وتبادل الآراء، ودعوة وزراء الإعلام في الدول الاعضاء لتبني ندوة متخصصة تشارك فيها الفضائيات المعنية والمسؤولون من قطاعات الإعلام في الدول الاعضاء.

([1]) الشعوب الاسلامية في الاتحاد السوفيتي السابق ص 25.

([2]) ن.م. ص 39.

[3] - المائدة/ 8.

[4] - النساء/ 75

[5] -  جاء في البخاري في ابواب متعددة.

[6] - جاء في الموطأ باب صفة النبي.

[7] - مسند احمد.

[8] - الفرقان/ 67.

[9] - المائدة/ 2.

[10] - الممتحنة/ 8 .

[11] - نهج البلاغة.

[12] - البقرة/ 173.

[13] - راجع مثلاً الوسائل ، ج 3، ص 270.

[14] - الحج/ 78.

[15] - خصال الشيخ الصدوق ، ص 485.

[16] ـ راجع القرار رقم 95/8/د9 من قرارات مجمع الفقه الاسلامي الدولي الصادر في دورته التاسعة في ابوظبي بدولة  الامارات  العربية المتحدة.

ارسال نظر