أثر التكفير في تقويض جهود الوحدة
د.عثمان محمد جاه
مدير المركز الإسلامي للتقريب بين المذاهب - غامبيا
بسم الله الرحمن الرحيم
تمهيد:
الحمد لله الذي بنعمته وتوفيقه تتم الصالحات.
والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين بشيرا ونذيرا. وعلى آله الطاهرين وصحبه الكرام.
وبعد.
فإن من أخوف ما تنبأ به المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم الخبر الذي رواه عنه ثوبان ونقله عنه أبو داود. حيث قال المصطفى:
(يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها" فقال قائل: ومن قلة نحن يومئذ؟ قال:" بل أنتم يومئذ كثير , ولكنكم غثاء كغثاء السيل, ولينزعن الله عن صدور عدوكم المهابة منكم, وليقذفن الله في قلوبكم الوهن" فقال قائل: يارسول الله, وما الوهن؟ قال: حب الدنيا وكراهية الموت" رواه أبو داود في الملاحم.
فعلى ضوء هذا الحديث الذي يعتبر من أوقع ما تنبأ به المصطفى جاء موضوع مؤتمر هذا العام: الخطط الإستراتيجية للأمة الإسلامية في مواجهة تحديات الوحدة).
فحالة أمتنا اليوم تستدعي إلى دراسة متأنية , وخطة محكمة, وإستراتيجية متقنة تمكنها من الخروج من أزمة التمزق الذي أدى بها إلى ما وصلت إليه من ضعف.
ولما كان التكفير من أعظم عوامل التفرق, جعلته موضوع بحثي كمساهمة متواضعة نستعين بها في بحثنا عن الحلول.
والله ولي التوفيق.
تعريف التكفير
التكفير تفعيل من كََفر بتشديد الفاء. ويعنى نسبة الكفر إلى شخص ...
والكفر من كفر الرجل كفرا وكفرانا أي لم يؤمن بوحدانية الله أو بنبوة الأنبياء أو الشريعة أو بثلاثتهما.
والكفر صفة ممقوتة متى نسب إلى آدمي. حيث يعنى حينئذ تغطية ما ينبغي إظهاره. ومتى شددت الفاء ونسب إلى الرحمن كان صفة كمال ومرغوب فيه.
أنواع الكفر
عند التدقيق في نصوص الهديين :القرآني الكريم, والنبوي الشريف بالإضافة إلى الاستقراء, واستنتاجات العلماء,. نخلص إلى القول بأن الكفر شعب وأقسام. مقابلة بشعب وأقسام الإيمان.
فمن الكفر ما يمكن وصفه بالأكبر, والآخر بالأصغر. وقد سلك كثير من العلماء هذا المسلك اعتمادا على مدلولات النصوص القرآنية والهدى النبوي الشريف.
كقوله تعالى (إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون والذين كفروا إلى جهنم يحشرون.....) (الأنفال36.)
فالكفر في هذه الآية لا يحتمل إلا الأكبر الموجب للعذاب- إلا من رحمه الله - والعياذ بالله. ولكن آيات أخرى وردت ولا تحمل المعنى نفسه, وإنما يمكن أن يفهم منها ماهو أقل مما د لت عليه الآية السابقة.
وهي قوله تعالى (إنا هد يناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا) (الإنسان3).
فالمفهوم يشمل الكفر الأكبر والأصغر معا. والله تعالى أعلم.
ولكي نفهم المسألة بدقة فلنقارن بين قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم (سباب المسلم فسوق وقتاله كفر) رواه مسلم ج2.
وبين قوله تعالى (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما....) (الحجرات 9).
فقد نسب النبي صلى الله عليه وآله وسلم صفة الكفر في الحديث إلى مرتكبي الجريمتين العظيمتين هما: سب المسلم أو قتاله. في وقت اثبت فيه رب العزة في الآية لمرتكبيهما الإيمان. ففهم منه أن المعصية قد تطلق عليها الكفر. ولكن ذلك الكفر لا يرتفع إلى الذي يخرج المسلم من ملة الإسلام حتى يستباح دمه وماله وعرضه.
والنصوص الواردة لتأكيد هذا المنحى كثيرة. والخطاب فيها موجه إلى مسلمين عاصين, لا إلى كفار. ومن ذلك: ـ
1ـ وصف النبي صلى الله عليه وآله وسلم النساء بأنهن يكفرن العشير.حيث قال:أريت النار, فإذا أكثر أهلها النساء يكفرن. قيل: أيكفرن بالله؟ قال: يكفرن العشير ويكفرن الإحسان...) البخاري ج1
2ـ وقوله : ليس منا من دعا إلى عصبية, وليس منا من قاتل على عصبية, وليس منا من مات على عصبية) رواه أبو داود ج5.
ونفي الانتساب إلى النبي صلى الله عليه وسلم أو إلى المسلمين يعني الكفر.
3ـ وقوله: اثنتان في الناس هما بهم كفر : الطعن في النسب, والنياحة على الميت. رواه مسلم ج2.
4- وقوله: من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك) رواه الترمذي ج4. والإشراك سيد الكفر.
الخلاصة : أن الأفعال إيجابا أو سلبا درجات, وأصناف. فتتنوع الأحكام الصادرة من أجلها بتنوعها. وعليه يكون من الخطاء التخليط بين أمرين غير متجانسين. و تحديد الحد الفاصل بينهما من الصعوبة بمكان. فلا يمكن إلا لمن يلم بالقواعد والأسس التي تحكم النصوص .
خلفية تاريخية عن مصدر داء التكفير
يرجع الباحثون تاريخ نشأة داء التكفير بين المسلمين إلى ظهور الخوارج . الفرقة التي ولد تها نتائج التحكيم بعد معركة صفين بين أمير المؤمنين على بن أبى طالب ومعاوية بن أبى سفيان رضي الله عنهما عام 41 من الهجرة .
وقد نقل بعض المؤرخين القول بأن أمير المؤمنين عليا رضي الله تعالى عنه لما وجه خطابا إلى الخوارج ـ بعد خروجهم ـ يدعوهم إلى المجيء والانضمام إليه لحرب أهل الشام, كتبوا إليه قائلين: (أما بعد فإنك لم تغضب لربك وإنما غضبت لنفسك, فإن شهدت على نفسك بالكفر, واستقبلت التوبة نظرنا فيما بيننا وبينك. وإلا فقد نابذناك على سواء.إن الله لا يحب الخائفين ) تاريخ الأمم الإسلامية ج2.
قول عظيم في حق أمير المؤمنين. تلك الشخصية الفذة التي أقر لها النبي صلى الله عليه وآله وسلم كل فضل, وذكر لها مناقب جمة دونتها كتب التاريخ والسير.نبذوها بهذه الكلمات النابية تطرفا وجهلا بمقام أمير المؤمنين رضي الله تعالى عنه.
هكذا تكونت تلك الطائفة من بين المسلمين بسبب تمسكهم برأي يرونه أو بخلاف وقع بينهم وبين إخوانهم من المسلمين والعلماء الأجلاء.
رأوا في أنفسهم صلاحا وفهما ونزاهة لم تتوفر في غيرهم. ولم يروا وصفا أدنى من الكفر لمخالفيهم, فكفروهم. والدافع إلي هذا الحكم هو الشبهة وهوى النفس. ويا حبذا لو اكتفوا بتكفير من خالفوهم في الرأي- وإن كان سيئا-, ولكنهم جمعوا بين الأخضر واليابس معا فحرقوهما. ثم تما د وافي منهجهم هذا إلى تكفير كل مذنب من المسلمين من غير تفريق بين الذنوب.
ويرون أن من أخطأ في رأيه إنما ارتكب ذنبا يخرجه من ملة الإسلام.فيستبيحون دمه, وماله’ وعرضه. ويعتبرون داره دار حرب .
تطرف لم يشهد التاريخ الإسلامي مثله من قبل. وهذا التاريخ يعيد نفسه اليوم كما بدأ .
فقد توارثت العصور الفكر الخارجي وتبناه السطحيون والمتشددون في كل عصر. فكانوا مصادر الفتن والتفريق بين المسلمين في عصورهم إلى وقتنا هذا . وعليه يعتبر التكفير من أخطر البدع وأضرها بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
التكفير في الوقت الحاضر
لا يختلف إثنان في أن خير القرون قرن سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم. وقد أكد ذلك في أحد أقواله.
كان هو الهدى والنور الذي يهتدي به المتقون. وجاء بعده أصحابه المنتجبون, وآله الطاهرون. الذين تربوا على هديه واقتبسوا من نوره, و كانوا حديثي عهد به. ومع ذالك فقد دبت بين صفوفهم قوة الشر والفتنة, مما أوصلتهم إلى التراشق بتهم شنيعة, وقتال. ونمت بينهم عداوات بغيضة.
ولا أحد ينكر كونهم في القرن الأول, قرن سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم, الذي وصفه صاحبه بخير قرن.
وعليه فليس من المستغرب أن يتدهور وضع المسلمين بعد عشرات قرون مضت من قرنه عليه السلام.
إن التكفير أصبح من أشد الأزمات التي مضت وذاق المسلمون مرارتها, لما سبب في تمزيق الأمة وتضعيفها.
ولقد تزايد في الآونة الأخيرة ظهور أفراد وجماعات ومؤسسات كلهم تبنوا الفكر الخارجي. وصنفوا المسلمين إلي مرتدين ومبتدعين وكفار.- أصبح دم الإنسان, وماله, وعرضه رخيصا.
وعند البحث عن الدافع لا نجدة يرجع إلى ذنب يرتكبه في حق خالقه أو دينه. وإنما ذنبه كل ذنبه في مخالفته الآخر في رأيه , أو مذهبه , أو معسكره السياسي.
فكم من قائل في هذا الزمان يقول:( هذا كافر أو مرتد عن الدين فاقتلوه). مثل هذه الفتاوى الرخيصة تصدر غالبا ولا يكون السبب منها إلا مخالفة المحكوم عليه لرأي يراه الشيخ الفلاني أو قررته المؤسسة الفلانية.
أفراد ومؤسسات احتكروا الرأي الصحيح من الدين ولا صحة في الدين إلا ما يرونها.
وبحكم جفافهم وشدتهم وتنفيرهم يشعر المرء وكأنهم لا يعنون بحكمهم هذا ذلك الإنسان الذي كرمه الله في الأزل( ولقد كرمنا بني آدم.....)الإسراء 70. وفضله على كثير ممن خلق تفضيلا.
وذالك قبل الدم والدين. ذالك الإنسان الذي عبر عن قيمته وأهميته سيد الخلق صلى الله علي وآله وسلم.حيث قال:
"لأن تهد م الكعبة حجرا حجرا خير عند الله من أن يهدر دم مسلم " مهانا ومتهما في أي سلوك أو فكر يتبناه. ومن قبل رجال أو هيئات أو مؤسسات نصبوا أنفسهم وكلاء لله على أرضه. ولا يمكن دخول جنته إلا بتصريح منهم. تاركين وراءهم النصوص الدالة على أن الإسلام دين فطرة, وبساطة, وتيسير, وعلاقة مباشرة بين الخالق والمخلوق. دين حرامه أقل من حلاله, وحلاله هو الأصل في الأمور كلها. والعلة هنا تكمن في رجاله، وفي ومؤسساته لا في ذاته.
و تكمن المعضلة الكبرى هنا في تحول هذا الدين البسيط إلى أناس ومؤسسات وصلوا في التعقيد والجمود الفكري إلى ما وصلوا إليه اليوم.
والمؤسف في الأمر أن ينتمي إلي هؤلاء الرجال أفراد يأسرهم خطاب تلك المؤسسات, وأفكارها, وأهدافها. فينتجون هم أيضا الخطاب نفسه, على أساس أن المؤسسة وحدها هي الممثلة الشرعية للدين الصحيح. وغيرها خروج عن المحجة البيضاء, وانحراف عن معتقد الفرقة الناجية التي لا يعرف معالمها أحد سوى رجال المؤسسة.
فحين يتحول دين إلى مؤسسة ذات أهداف وغايات ومناهج موضوعة، لم يعد من الضروري أن تكون متسقة مع جوهر الدين الذي أتى به سيد الخلق صلى الله عليه وسلم.
بل لم يعد هو دينا وإنما هو أداة تتحكم بالأبدان, وتوجه العقول, وتحكم السلوكيات. والأشد من ذلك إذا أسست معاهد وجامعات
هد فها تعليم الناس على تصنيف المسلمين, وإصدار أحكام عليهم, وتقسيمهم على معسكرات, ومؤسسات تحمل أسماء مبتدعة لا يصح إسلام المرء عندهم مالم يكن منتميا إليها.
فما يحدث اليوم في الأمة الإسلامية من تصنيف, لصورة حية من المسيحية بعد المسيح عليه السلام.
كانت دعوة السيد المسيح عليه السلام أخلاقية, وإرشادية و روحية. وكان الهد ف منه رفع الإنسان إلي أعلى درجات الرقى والسمو في التسامح. إلا أن تلك الدعوة تحولت بعده على أيدي رجال ومؤسسات تسلطوا على العباد, فعانت أوروبا كل أنواع القمع والقتل وسفك الدماء من أجلها. كله باسم المسيح ودين المسيح. والمسيح وتعاليمه من كل ذاك براء. فجعلوا دين المسيح مطية تحقق لهم أهدافهم الشخصية.
وجعلوا من أنفسهم طبقة من رجال دين لا ينتقدهم ولا يقترب من ساحتهم أحد. ولا يسألون عما يفعلون.فلحومهم مسمومة . ولحوم غيرهم سائغ وحلال.
وخشيتي اننا اليوم نمر بذات المرحلة التي مر بها دين المسيح وأديان أخرى قبله.
فالدين الذي يبشر بالرحمة, وأدخل في الجنة رجلا لمجرد كلب سقاه بخفه, كما أد خل في النار امرأة لهرة حبستها.أخشى أن يتحول خطابه إلى خطاب نقية, وخوف, ووعيد, ونداء إلى سفك الدماء وجز الرقاب. وذالك- بكل بساطة- حين يتحول إلى مؤسسة وتتحكم فيه أهواء الرجال وغاياتهم ومحدودية أفها مهم.
والدين إذا تحكم فيه رجال يبد لون خطابه المفتوح إلى القلوب بآخر منغلق ومنفر للقلوب. وحينئذ لايعود دينا وإنما هو شيء آخر يمكن وصفه بأي شيء عدا وصف الدين.
مرارة ذقتها
قيل من قبل" ليس من جرب كمن سمع""و ليس الخبر كالعيان". فعلى قاعدة " أن الحكمة ضالة المؤمن يأخذها أنى يجدها " أسست في بلادي مركزا إسلاميا لتشجيع الحوار والتسامح المذهبي. على اعتبارهما الأساس في تحقيق التفاهم والتعاون بين المنتمين إلى المذاهب الإسلامية المختلفة, مما يضمن للأمة المحمدية قوتها القاهرة وهيبتها أمام أعدائها.
وكنت أرى أيضا أن أي مذهب ديني يمكن نسبته إلى الإسلام مادامت أركانه هي الخمسة المتعارف عليها: الشهادتان, والصلاة والزكاة, والصوم, والحج. ويؤمن أتباعه بالله ربا, وبملائكته, وكتبه ورسله, واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره.
خصوصا وأنا أعيش في بلد دستوره علماني يشجع على التعايش السلمي وحوار الأديان. ولكن, ما إن فتحت المركز إلا وقوبلت بوابل من أحجار مسومة. تهم وصلت في شناعتها إلى الكفر والخروج من ملة الإسلام.
وقد أصدر هذا الحكم أولئك الرجال الذين دربوا على تصنيف المسلمين والحكم عليهم .
وحين قرأت مذ كرتهم بحثا عن الدافع وراء هذا الحكم وجدته يكمن في النقاط الآتية:
1- إنه يتعاون مع الشيعة في الجمهورية الإسلامية في إيران.
2- إنه يدهم اليمنى في غامبيا.
3- إنه مؤسس مكتبة إسلامية عامة جمع فيها أهم المصادر من المذهبين السنة والشيعة.
4- إنه أنشأ موقعا في الإنترنيت لتشجيع الحوار المذهبي وفكرة التقريب بين المذاهب الإسلامية.
5- هذا بالإضافة إلى تسلمهم مبلغ 10000( عشرة آلاف دولار) من شخص- و ليس من مصلحة الدعوة إلى الوحدة أن أذكر جنسيته- جاء إلى بلادي فقط لترويج فكرة الانغلاق والتعصب المذهبي وتكفير الشيعة . ولسوء الحظ وجد ذالك الرجل أرضا خصبة يضع بذرته المهلكة وآذانا صاغية مدربة على سماع مروجي الفتن.
فكان أول خطوة خطوها تكليف أحد أتباع الفرقة المكفرة بكتابة بحث عنوانه( تاريخ دخول الشيعة إلى غامبيا). وكان من أهم العناوين التي تناولها الباحث في بحثه" أبرز شخصيات الشيعة في غامبيا" ثم جعل إسمي على رأس القائمة, ثم أسماء الآخرين. وفي نهاية بحثه حكم على المذهب الشيعي بالبطلان والكفر.
وبعد استكمال بحثه وزعه على الأئمة من أعضاء الفرقة فبدأوا يتناولون أسماءنا على المنابر بالسب والشتم. مما سبب ضجة إعلامية كبيرة كان من الممكن أن تجر الشعب الغامبي إلى فتنة طائفية, لو لا الله تعالى ثم تدخل الحكومة.
وقد تزعم هذه الحملة المفتعلة شخص نصب نفسه مفتيا للديار. وهو في الأساس لا يفهم مقاصد الشريعة , ولا يفقه القواعد والأسس التي تبنى عليها دعائم الإفتاء الشرعي.
فلا غرو إذن أن يصدر هذا الحكم المجحف من شخص هذه صفته.
الأحكام المترتبة على التكفير
الكفر من أشنع الأوصاف التي يمكن أن يوصف بها المخلوق. سواء كان أصغر أم أكبر. لأن الله تعالى خلق الإنسان من عدم وصوره فأحسن صوره, و أسبغ عليه نعمه التي لا تعد ولا تحصى, وفضله على كثير ممن خلق تفضيلا.
ولما كان الإيمان والتوحيد من أعظم مطالب الخالق من خلقه, كان الكفر بأي نوع من أعظم ما يبغض من خلقه. إذ هو الشعار والحد الفاصل بين انتماء المرء إلى حزب الرحمن أو إلى حزب الشيطان .
ولقد حد الشارع تعالى الكفر فجعل صفاته تختلف مع صفات المؤمن وداره تختلف من دار الإيمان. ورتب أحكاما وأسسا خاصة للتعامل مع أي من الفريقين.
والإنسان لا يخلوا: إما أن ينتمي إلى دار الكفر أو إلى دار الإيمان , ولا ثالث لهما في حق الرحمن. وأما في حق الآدميين فالنفاق هو الصنف الثالث, وذلك لعجز الإنسان عن معرفة الغيب.
ولكي لا يخلط المرء بين الاثنين: الإيمان والكفر, وضح الشارع معالم لكل منهما, وبأسلوب سلس يفهمه كل عاقل .
جاء في صحيح البخاري من حديث رواه بن عمر عن أبيه رضي الله عنهما قال " بينما نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ذات يوم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شد يد سواد الشعر لا يرى عليه أثر السفر ولا يعرفه منا أحد حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع كفيه على فخذيه وقال: يا محمد أخبرني عن الإسلام؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله, وتقيم الصلاة, وتؤتى الزكاة, وتصوم رمضان, وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا . قال: فعجبنا له يسأله ويصدقه؟ قال: فأخبرني عن الإيمان: قال أن تؤمن بالله وملائكته, وكتبه, ورسله, واليوم الأخر, وتؤمن بالقدر خيره وشره . قال: صدقت. قال فأخبرني عن الإحسان؟ قال: أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك ....).
وفي النهاية أخبر النبي عليه السلام الجلوس بأن السائل كان جبريل عليه السلام.
المنطوق من هذا الحديث هو أن كل من أقر بالأركان الخمسة للإسلام, والستة للإيمان, وعمل بمقتضاهما فهو مسلم ومؤمن في آن واحد وحسابه على الله.
ومفهوم المخالفة لهذا الحديث يجعل كل من لم تتوفر فيه هذه الصفات كافرا. لأن الإيمان نقيض الكفر.
هذه ثوابت دينية لا يختلف عليها اثنان وسهل فهمها.
فمجال الإسلام عقيدة, وشريعة, وآدابا, وأخلاقا, ومعاملات واسع. فهو منهج عام ينظم شؤون الحياة كلها. أحكام استنبطت من القرآن والسنة المطهرة, وما أثر عن آل بيت النبوة رضي الله عنهم والصحابة المنتجبين, بالإضافة إلى الأصول والقواعد الفقهية التي تستخدم في علاج الأحداث الطارئة والمشاكل المستحدثة .
فأي إنسان اجتمعت فيه هذه الصفات, أو على الأقل أهمها. يعتبر مسلما ومؤمنا بحكم الله تعالى. فهو أخ وجار لنا في المسكن والملجاء. وليس لآي شخص بعده, كائنا من كان أو أية مؤسسة أن يحكم بكفره, أو بإخراجه من ملة الإسلام لمجرد خلاف في جزئية من الأصول ( العقائد) أو الفروع ( العبادات والمعاملات) كما هو سائد الآن.
ولقد ابتدع بعض المسلمين لمذاهبهم ونحلهم أصولا وقواعد يعتمدون عليها في حكمهم على إيمان, أو إسلام, أو كفر الآخر ين. ولكل فرقة أو جماعة أو طائفة من هؤلاء توحيد خاص بها يختلف مع التوحيد المنزل من القرآن. ويحكمون على من يخالف توحيدهم هذا بالكفر والخروج من الملة .
وما تم ذ كره يدلل على خطورة التكفير, ولما يترتب عليه من أحكام. ومن أهمها:
1ـ إحلال دم المحكوم عليه بالكفر.
2ـ د خوله النار وخلود ه فيها.
3ـ تحريم زواجه/ ها مسلمة/مسلما.
4ـ انقطاع ولايته على أولاده.
5ـ منع التوارث بينه وبين زوجاته وأولاده وأقاربه المسلمين .
وغير ذلك من الأحكام التي يترتب على داء التكفير.
يا ترى فأي من بني آدم أعطاه الله حق التصرف في هذه الحقوق التي استأثر الله بها؟.
إن أخطر ما يواجه الأمة الإسلامية اليوم هو التمزق والحروب الداخلية. ولا يوجد على وجه الأرض سبب أدعى إلى الحروب الداخلية من التكفير.إذ هو أعلى درجة الاحتقار و الحط من شأن الإنسان المسلم. كما يعتبر أعلى درجة من درجات العجب, ورؤية الفضل, وتزكية النفس ممن أصدر الحكم من بني آدم بدون دليل شرعي. وقد قيل: إن الحدود تدرأ بالشبهات.)- ولكن فاقد الشيء لا يعطيه-.
إن الذين يتصدرون هذه الأحكام, ويرمون المسلمين بداء الكفر أينما وجدوا, فهم من صعاليك ذالك المجتمع, وأكثرهم انغلاقا وتشددا. ويا حبذا لو توفرت فيهم آلة التصدي للإفتاء الشرعي والاجتهاد.
فمن أراد أن يتصدى للفتوى والحكم في المسائل الفقهية ينبغي أن يسأل نفسه هل توفرت فيه شروط الاجتهاد التي لابد أن يكون من بينها الآتي:
1ـ العدالة, والفقة, والتقوى, والورع. بحيث لا ينتصر لنفسه أو لجماعته أو لمذهبه في الخلافات الفكرية أو العقدية أو في المواقف السياسية.
قال الله تعالى ( ولايجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعد لوا هو أقرب للتقوى ) (1) المائدة8.
2ـ حفظ جملة- على الأقل- من آيات الأحكام والأحاديث النبوية ذات العلاقة. وفهمها فهما دقيقا وعميقا, بحيث يمكن الرجوع إليها بسهولة متى دعت الضرورة إلى ذلك .
3ـ أن يكون ملما بالمسائل الفقهية ذات العلاقة مع فهم دقيق لأصول الفقه, لكونه هو الأساس الذي تقوم عليه أركان بناء الإفتاء.
4 ـ وأن يكون على درجة كبيرة من الإلمام بقواعد اللغة العربية من نحو وصرف وبيان وعلم المعاني.
5ـ وإذا كانت المسألة التي يتصدى الإفتاء فيها تتعلق بتكفير شخص-للأسف-, فينبغي أن يكون قادرا على جمع أطراف جميع النصوص التي تسلب صفة الإيمان من المسلم ثم يقارنها بالتي تقرها له. فحينئذ تتضح الصورة أمامه وتتفتح عيونه أكثر.
ومن تلك النصوص ماذكرت آنفا من حديث الرجل الذي جاء يسأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن الإسلام, والإيمان ,والإحسان. وحديث بني الإسلام على خمس ...).رواه البخاري.
أو يرجع إلى قوله عليه السلام "من شهد أن لا إله إلا الله واستقبل قبلتنا وصلى صلاتنا وأكل ذبيحتنا فهو المسلم له ما للمسلم وعليه ما علي المسلم " رواه البخاري.
والكلام يطول. ولا أخال الجماعات المكفرة تصغي آذانها إليه, إذ إنهم لايبنون أحكامهم على قواعد علمية, وإنما اختاروا منهجهم هذا لإشباع رغباتهم في تمزيق وحدة الأمة وإرضاء ساداتهم من المشايخ والساسة الذين غالبا ما يكون بينهم وبين من يحكمون عليهم بالكفر خلاف سياسي لا ديني.
والغريب في الأمر أنهم وصلوا في تعصبهم لآرائهم إلى حد يفضلون فيه موالاة الكفار والمشركين, والتعامل والتعاون معهم, بل وتأليبهم, ثم مناصرتهم على مخالفيهم في الفروع من إخوا نهم المسلمين.
فهل هذا دين؟.لا, وكلا. فكم من علماء ودعاة يبنون قواعد موالاتهم
وبراءتهم على قواعد الانتماءات السياسية والمعسكرات الدفاعية والمصالح التجارية أو المواقع الجغرافية.
وكأنهم معنيون من قوله تعالى " اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله " 31 التوبة.
فأين عزة الإسلام؟. وأين الأخوة الإسلامية؟. ثم أ ين عموم الرسالة وشمولتها؟.
لم تعد مسألة التكفير منحصرة على المخالف في المذهب الآخر, وإنما دب الداء إلى المخالف في ذات المذهب , فأصبح المذهب الواحد مذاهب عدة. فإلى متى هذا الويل.؟
منهج النبي عليه السلام في القضايا ذات العلاقة
إن طبيعة النبوة تتنافر تماما مع منهج التكفير خصوصا نبوة سيد الخلق مصطفى صلى الله عليه وآله وسلم. بعثه الله تعالى إلى عامة الناس بشيرا و نذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا. فهو لم يكن قط منفرا أو سبابا. دعا كافة المسلمين إلى الوحدة وقال مقولته الشهيرة في حجة الوداع: لا ترجعوا بعدى كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض "رواه مسلم ج2.
يصف هذا العمل كفرا, خوفا من أن تؤثر الخلافات الجانبية يوما في وحدة الأمة الإسلامية.
والمتتبع لسيرة المصطفى لن يعثر على قصة كفر فيها النبي صلى الله عليه وآله وسلم في عهده أحدا من المسلمين لهذه الأسباب الرخيصة . وإنما يرد التكفير من رب العزة فيترجمها هو.كما في قوله تعالى حاكيا عن أناس احتقر والله وآياته ورسوله.
(..قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم...).(التوبة56-66)
وإلا فلم يكفر النبي أحدا من المسلمين لكبيرة من كبائر الذنوب ارتكبها, كشرب الخمر والزنا أو التخلف عن قتال العد و.
قال الإمام النووي: واعلم أن مذهب أهل الحق أنه لا يكفر أحد من أهل القبلة بذنب ولا يكفر أهل الأهواء والبدع...) مسلم ج1.
وقصة حاطب بن أبى بلتعة من أكبر ما يستشهد به في هذا المجال. وكان عليه السلام يوسع لأصحابه صدره ويتفهم تأويلاتهم ويعترف بأخطائهم. فلم يكن فظا ولا غليظا.
فبعد معركة حنين طلب منه بعض أصحابه أن يحدث لهم عملا من أعمال المشركين. وذلك حين قالوا له: يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم- المشركين- ذات أنواط ."رواه الترمذي في الفتن.
فهذا تشبه بالكفار, وكبيرة من الكبائر. ومع ذلك التزم النبي عليه السلام منهجه في الدعوة والإرشاد فلم يكفرهم, وإنما سبح الله ثم قال: هذا كما قال قوم موسى:اجعل لنا إلها كما لهم آلهة والذي نفسي بيده لتركبن سنة من كان قبلكم.)آخر مصدر.
والسيرة النبوية مملوءة بمواقف يحذر فيها النبي أمته من هذا الداء.
أورد البخاري ومسلم حديثا قال فيه النبي صلى الله عليه وآله وسلم (إذا قال الرجل لأخيه: يا كافر فقد باء بها أحدهما، فإن كان كما قال : وإلا رجعت عليه ) .
وفى حديث آخر قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم:
( ... ولعن المؤمن كقتله، ومن رمى مؤمنا بكفر فهو كقتله، ومن ذبح نفسه بشيء عذب به يوم القيامة).متفق عليه.
وعند ابن حبان قال عليه السلام: ( ماكفر رجل رجلا إلا باء أحدهما بها، إن كان كافرا، وإلا كفر بتكفيره)
والنصوص في هذا المجال لايمكن حصرها .
ويكفينا مثلا نضربه صمت النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن الإفشاء بأسماء المنافقين مع علمه بأعيانهم, مخافة تقويض دعائم بناء الوحدة الإسلامية وكراهة رمي الكفر إلى شخص شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله.
تلك الكلمة التي جعلها النبي الحد الفاصل بين الإيمان والكفر(.. فإذا قالوا لا إله إلا الله عصموا منى دماءهم وأموا لهم إلا بحقها وحسابهم على الله) رواه مسلم ج1
الحل
ليس من المستغرب ـ كما قلت آنفاـ أن تصدر فتاوى التكفير من هؤلاء المشايخ الذين تم وصفهم بالانغلاق والتعصب. لأنهم منسجمون مع أنفسهم، ومع الفكر الذي يحملونه. ولكن لا ينبغي أن يكون انسجامهم مع أنفسهم على حساب الإنسان وحياته وكرامته وحريته. ولا على حساب الدين وقوته ووحدته.
فإن الأصل الأصيل من مصادر الشريعة الإسلامية المحمدية هو القرآن الكريم. وقد جعل الخالق آياته محكمات ومتشابهات, طبقا لمشيئته الكونية. وجعل الخلق شعوبا وقبائل " ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة " (هود118).
وجعل الخلاف في الرأي والمذهب طبيعة بشرية. وفتح باب الاجتهاد على مصراعيه, لتوقف النصوص وتجدد الأحداث. وجعل العلماء ورثة الأنبياء في تفسير النصوص.
كل ذالك دليل على الحث على التسامح الديني.
وعليه فإن على أتباع المذاهب الإسلامية وخصوصا السنة والشيعة أن يرتقوا إلى الشعور بالمسئولية,ويقدموا الأخوة الإسلامية على المذهبية, ويحاولوا ضبط النظرات الدونية التي يبد يها بعض علماء المذاهب إلى من يخالفونهم في الرأي من المذهب الآخر.
إن ما نلاحظه اليوم من بعض علماء منطقتنا من احتقارهم لأي مسلم لا ينتهج نهجهم الحياتية, ولا يتبنى أفكارهم التشددية وسلوكهم التعصبية, يخيف كل مسلم غيور بالوحدة الإسلامية, وتقوية شوكة المسلمين.
وها نحن قد جنينا ثمار هذا السلوك في التطبيق العملي من بعض النظم في العالم الإسلامي أثناء وبعد العدوان الصهيوني الغاشم على إخوتنا المسلمين في غزة بفلسطين.
فقد حال التأثير المذهبي والجهوي والأيديولوجي دون خروج الرؤساء وملوك وأمراء العالم الإسلامي بقرار حي وصريح يدين الصهاينة ويشيد بدور حماس السلطة المنتخبة ديمقراطيا, والمستميتة في دفاعها عن حقوق الشعب الفلسطيني, ومقاومتها للصهاينة الغاصبة.
تقاعس أغلب الزعماء عن القيام بواجباتهم تجاه القضية المركزية المتمثلة في فتح المعابر, وإنهاء الحصار, وتحرير فلسطين في النهاية. فقط لأن دولة ما تساند حماس . وتلك الدولة ليست في معسكرهم.
ذلك المعسكر الذي يبنى إيديولوجيته وإستراتيجيته على الاستسلام والتفاوض- غير المتكافئ مع الصهاينة - في حقهم الذي اغتصبتها بقوة السلاح واعتبرتها جزءا من مملكة ورثتها من اجدادها هدية من إلههم.
ثم كيف يتفاوض المرء في قضية تم حسمها من جانب الصهاينة لكونها جزءا من عقيدتها التي تتعبد بها الله تعالى؟.
سواء شئنا أم أبينا, فإن- الذي أخذ بالقوة لا يسترد إلا بمثلها.قاعدة لم نعثر في التاريخ قديما أو جديدا ما يناقضها, خصوصا مع الصهاينة.
فقد دعا الإسلام أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم إلى الوحدة ونبذ الخلافات الجانبية الفرعية.فقال في محكم تنزيله:
( واعتصموا بحبل الله جميعا ولاتفرقوا..)(آل عمران103).
وقال تعالى: (إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم وأتقو الله لعلكم ترحمون) (الحجرات10).
وقال في سورة الأنبياء ( إن هذه أمتكم أمة واحدة، وأنا ربكم فاعبدون)الأنبياء92.
وقال تعالى: ( ولاتنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم....) (الأنفال 46. )
وقال النبي صلى الله عليه وآله و السلم :
ترى المؤمنين في تراحمهم وتوادهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر جسده بالسهر والحمى) رواه البخاري ج10.
وروى أبو موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله:
( إن المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا.) رواه البخاري ج1.
فعلى الأمة أن تسعى جاهدة لتحقيق حلم سيدها ونبيها محمد صلى الله عليه وآله وسلم المتمثل في بناء أمة قوية شريفة عزيزة على الكافرين ذ ليلة على المؤمنين تجاهد في الله حق جهاده ولا تخاف فيه لومة لائم.
وهذا المطلب يتأكد في هذا الوقت الذي أصبح فيه العالم قرية واحدة توجهها الموارد البيئية والقد رأت الاقتصادية والتقنية والفضائيات . فما المانع إذن أن نباد ر- معاشر الأمة الإسلامية- إلى الاقتفاء بآثار أوروبا, فنهد م الحواجز والحدود والقوميات والأعراق والانتماءات المذهبية وغيرها من عوامل التفرق.
ونمكن الشركات الرأسمالية في العالم الإسلامي على الهيمنة الاقتصادية وتأمين الأسواق الاستهلاكية.
فبهذه التكتلات الإقليمية والنظم السياسية والاقتصادية أرتقت الشعوب غير الإسلامية في العالم, ونالوا السيادة والكلمة العليا في إدارة العالم إلى حيث شاءوا. فبقينا نحن عالة عليهم, في وقت كان من المنتظر أن يكون العكس هو الصحيح,وذالك لما في العالم الإسلامي من إمكانات مادية, بيئية, اقتصادية وجغرافية هائلة. ولم نزل نحن متمسكين بمسائل لا تخدم الوحدة الإسلامية ولا يستفيد منها إلا أعداء الإسلام, فنقيم الدنيا ونقعدها بسببها. ونبني عليها قاعدة الولاء والبراء. ونعتبر دار المخالف دار حرب ودار الكافر الشريك في التنمية الاقتصادية دار سلم .
والله المستعان.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
الكاتب/ الأستاذ عثمان محمد جاه.
المدير التنفيذي للمركز الإسلامي للتقريب بين المذاهب.
عضو الجمعية العمومية للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية. في 11/02/2009م
ارسال نظر