ثوابت القرآن والسنّة بالنسبة لحركة
المجتمع المسلم في المجالات الاجتماعية والسياسية
والثقافية والاقتصادية وظروف المسلمين الحاضرة
شفيق نظام
بسم الله الرحمن الرحيم
إنّ المجتمعات الإسلامية تمرّ بمراحل حرجة، فنحن نطلّ على القرن الحادي والعشرين والأمّة الإسلامية ممزّقة مهيضة الجناح، متفرّقة متخلّفة علمياً واجتماعياً وحضارياً عن الركب العالمي.
وقد انتهت المجموعة الشيوعية، وأفلست بعد نيف وسبعين سنة من الدعايات الممّوهة.
والحضارة الشيوعية المادّية الملحدة لم تستطع الثبات والاستمرار مع الحضارة المادّية الرأسمالية، وبخاصّة بعد أن أرهقتها المنافسة في مشروع حرب النجوم، فتضعضعت وتشرذمت وتراجعت إلى الصفّ الثاني، لذلك انفردت القوى الرأسمالية المادّية وأصبح العالم وحيد القطب، وتلفَّت الغرب الأوروبي الأميركي بعد أن هزم الشيوعية منتشياً بانتصاره، وبدأ يفتّش عن عدو للحضارة الغربية المادّية، فلم يجد إلا الإسلام الذي أخذ ينشط من عقاله وبدأ يهدّده في عقر داره، وقد أثبت الإسلام – بعد صحوته – أنّ لديه
ـ(332)ـ
الطاقات المبدعة والإمكانات الخلاّقة التي تؤهله لأن يجعل المسلمين – إذا اخلصوا وضحّوا بأموالهم وأنفسهم- مؤهّلين لأن يكونوا أئمّةً في الأرض ومن الوارثين.
وقد راع الغرب أنّ المسلمين في انجلترا وفي فرنسا أصبحوا يشكّلون الأقّلية الأولى بعد الأكثرية المسيحيّة، وأنَّ بعض المثقّفين البارزين في الغرب والذين لهم باع طويل في السياسة والاجتماع والأدب قد بهرهم الدين الإسلامي وما به من منطق وعقلانيّة، وسبق إلى كثير من المستجدات الاجتماعية والفكرية فاتّخذوه ديناً لهم، كما حدث للدكتور جارودي وأمثاله.
فالغرب الذي ملأ الدنيا ضجيجاً بتبنّيه حقوق الإنسان واعتقد أنّه من المجلِّين اكتشف أنَّ الدين الإسلامي قد سبقه إلى ذلك بألفٍ وثلاثمائة سنة، حين قرَّر في القرآن المجيد حقوق الإنسان بالآية الكريمة:
﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً﴾(1).
وفي عهد الإمام علي بن أبي طالب للأشتر النخعي نقرأ «الناس صنفان: إمَّا أخ لك في الدين، وإمّا نظير لك في الخلق».
وإنَّ غير المسلمين - الذمّيين - لهم كرامة في دار الإسلام، وحتّى كلمة الذمي تعني أنّه في ذمّة الله ورسوله فله الاحترام والكرامة.
وإنَّ القرآن كان ولا يزال وسيبقى النور والمنهاج والدستور الخالد للأُمة الإسلامية، بل هو الثقل الأكبر مع أهل البيت الذين «ما إن تمسَّكتم بهما لن تضلوا من بعدي»(2).
وقد حفظه الله تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾(3).
_______________________________________
1 - سورة الإسراء: 70.
2 - خطبة الرسول صلّى الله عليه وآله وسلم في بيعة الغدير.
3 - سورة الحجر: 9.
ـ(333)ـ
فهو صالح لكل زمان ومكان حتّى يوم الدين، ويحتوي القرآن على معانٍ خالدة ومتجدّدة ومعينهُ لا ينضب؛ قال تعالى: ﴿وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ﴾(1).
ولاغرو فهو كتاب الله.
﴿الرَّحْمَنُ $ عَلَّمَ الْقُرْآنَ﴾(2).
﴿تَنزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ﴾(3).
وقد درس القرآن كثير من المستشرقين والعلماء الغربيين المتخصّصين، وقارنوه ببقيّة الكتب المقدّسة، فتبيّن لهم بالتمحيص أنّه الكتاب الموثوق والبعيد عن التحريف؛ قال الرسول صلّى الله عليه وآله وسلم: «القرآن غنىً لا فقر بعده ولا غنىً دونه». وقال صلّى الله عليه وآله وسلم أيضاً: «والله القرآن هو الدواء».
«وألبس القرآن الحروف والأصوات، رحمة من الله وشفقة على خلقه، وإلاّ فما للتراب وربّ الأرباب»(4). والسنّة النبوية تأتي بعد القرآن، والرسول الأعظم كان خلُقه القرآن، والقرآن هو ميزان الحديث وعليه يُعرض، وكل حديث عارض القرآن فليضرب به عرض الحائط، كما علّمنا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم.
والقرآن الكريم والسنّة النبوية هما النهج الذي يجب أن يترّسمه ويسير عليه أهل دار الإسلام، وطريق الخلاص الذي ينتهجه المؤمنون والصالحون والشهداء ﴿وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا﴾(5).
ولهما انعكاسات على المجتمع الإسلامي في المجالات الاجتماعية والسياسية
_______________________________________
1 - سورة الأنعام : 38 .
2 - سورة الرحمن 1 - 2 .
3 - سورة يس : 5 .
4 - مفاتح الغيب، المقدمة لصدر الدين الشيرازي.
5 - سورة النساء : 69 .
ـ(334)ـ
والثقافية والاقتصادية.
وقد رسم لنا الله تعالى الطريق إلى ذلك بالآيات التالية:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ $ وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ $ وَاذْكُرُواْ إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ $ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ $ وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ $ يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إَن تَتَّقُواْ اللّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾(1).
أثرهما في المجال السياسي:
ينصّ الحديث الشريف على ما يلي: «يوشك أن تتداعى عليكم الأُمم من كلّ أفق، كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها، قلنا يا رسول الله: أمن قلّة بنا يومئذٍ ؟ قال: أنتم يومئذٍ كثير، ولكن تكونون غثاءً كغثاء السيل، تنتزع المهابة من قلوب عدوّكم، ويجعل في قلوبكم الوهن وكراهية الموت»(2).
فالكثرة ليست غاية في ذاتها، وإنّما المسؤولية الحقيقية في إخلاص الأُمة، وتآزرها، ووعيها، وتكافلها الاجتماعي، وتعاون أفرادها على الصعود بالواقع إلى المأمول وشعورها بكرامتها؛ وتأمّل الإحساس بالكرامة في قوله تعالى ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا $ إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ
_______________________________________
1 - سورة الأنفال: 24 - 29.
2 - مسند أحمد: 278.
ـ(335)ـ
لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُورًا﴾(1).
أثرهما في المجال الاجتماعي:
فحضارة الغرب المادّية والإباحية مع وجود وسائل الاتصال الحديثة من تلفزيون، وأقمار صناعية، وفيديو، وسينما، جعلت هذا الوباء يعمّ الأوساط الاجتماعية في مشارق الأرض ومغاربها؛ وأصبح الشباب في كلّ قطر يحاول أن يتغرّب، وأن يحاكي نظراءه في أميركا حذو النعل بالنعل.
فـ (الهامبرغر)، (إلهات داغ) هو الطعام المفضّل، و(الشورت) والألبسة المهلهلة طغت على لباس التقوى، وعرض المرأة كاسية عارية كسلعة رخيصة في أسواق النخاسة، والمتاجرة بها كسقط المتاع هو المرغوب، والموسيقى الصاخبة والرقص والإباحيّة أصبحت السوق الرائجة، ولا يمكن إيقاف العدوى من هذه الأوبئة إلّا بسيطرة الدولة الإسلامية على وسائل الاتّصال والإعلام والتلفزيون والسينما بما هو مقبول في حدود الشريعة، والاستغناء عن هذه الصراعات والانفلات الخُلقي، وكلّ ما يشوّه قدسيّة الأديان وكرامتها.
في المجال الثقافي:
يجب تدريس القرآن والحديث على جميع مستويات التعليم وعلى جميع الأصعدة: الابتدائي والثانوي والجامعي، وتبسيط وسائل التعليم للغات الحيّة التي أصبحت هي لغة العلم، والسعي للحصول على المراجع العلميّة العالمية، وجعلها في متناول الجميع والإكثار من المؤتمرات العلمية والثقافية، وتعزيز المكتبات بالكتب الجديدة في
_______________________________________
1 - سورة الإنسان: 8 و 9.
ـ(336)ـ
جميع مجالات العلم، وتشجيع الجامعات في مجالات البحث العلمي، وإرسال البعثات العلميّة إلى جميع أنحاء المعمورة، ليستقوا من معين المعرفة، وينهلوا من الموارد الثرة المتوفرة، على أن يحافظوا على كرامتهم وأخلاقهم واستقامتهم، ويعلموا أنّهم يمثلّون كرامة الإسلام وروعة الإيمان، وأن يأخذوا النافع الجيّد، والمعرفة العلمية المطلوبة ويعرضوا عن الغثّ والسقيم، ويكونوا مثالاً للعزّة والكرامة والإباء وليقلّصوا الفجوة بين ماضي المسلمين وحاضرهم؛ هذا الحاضر الذي ينطق بتراجعهم عن موقع الريادة، وتوقّفهم عن مواصلة العطاء في أخطر ميادين العلم والثقافة، واعتمادهم على غيرهم في أكثر ما يحتاجون إليه في معاشهم وأبنية مجتمعهم؛ ودخولهم تبعاً لذاك – مجتمعين أو متفرقين – في دوائر النفوذ السياسي والاقتصادي لدولٍ كبرى تحرص على استدامة تبعيّتهم لها، كما تحرص على اتّساع الفجوة بينهم.
وإنّ عدم توفر الوحدة الاقتصادية بين الدول الإسلامية والتي يملك بعضها كمّياتٍ كبيرة جداً من البترول، وتقاعس بعض هذه الدول عن استخدام مواردها في سبيل تقدّم الأُمة الإسلامية أخّر الحصول على الاكتفاء العلمي الذاتي، وعرقل مواكبة التقدّم الحضاري والتقني.
وها قد أوشك عصر النفط الذهبي أن ينقضي دون أن يبني المسلمون لأنفسهم في ظلّه حضارةً مستقرّة أو بنيةً أساسيّة، يمكن أن يقوم عليها هيكل اقتصادي قوي قادر على حماية الاستقلال السياسي والثقافي للأُمة.
ولو أن تلك الجهود ورؤوس الأموال الكبرى، والعائدات المالية الضخمة توجهت إلى بناء مجتمع إسلامي جديد، يؤمن باستقلال إرادة المسلمين وتعمير أرضهم، والوقوف سدّاً منيعاً في وجه محاولات المستكبرين الحقيقيين؛ لتحويل الكيان الصهيوني إلى قوّة ردعٍ عظمى وسط العالم العربي الإسلامي لبلغنا غاية المراد.
ـ(337)ـ
أسبابها:
ولكن هذه الفجوة سوف تتّسع ولا تضيق مادمنا مستسلمين لأمور أربعة:
1 - تغييب العقل وتحكيم العاطفة؛ وقد قاد تغييب العقل إلى نقص المعرفة، وفساد منهج التفكير، والعجز عن حيازة لغة العصر وآلة التقدّم والبحث، كما قاد إلى انتشار الخرافة، وسيطرتها على عقل ووجدان كثير من المسلمين.
2 - قلّة الاحتفاء بحرّية الإنسان وتقييد حرّيته في أن يقول ما يعتقد ويعتقد ما ارتآه واطمأن إليه، وأن يُصان دمه وعرضه وماله على كل حال.
3 - إسقاط قيمة العمل والإنتاج؛ هناك كثير من المسلمين نسي أنّ العمل عبادة حقيقية كتبها الله على عباده، وهتف بها الوحي ﴿وَقل اعمَلُوا...﴾(1)، وأنّ للعمل أخلاقاً وآداباً تدعو إلى تكثيفه في حجمه وتجويده في نوعه، وممارسة أقصى درجات الإبداع والتجديد في أدائه.
وحبذا لو وجّه المسلمون أبصارهم نحو شعوب كشعب اليابان وكوريا وهونغ كونغ، إذن لرأوا خلايا كخلايا النحل لها طنين لا ينقطع في الليل والنهار، ولرأوا ملايين البشر يتعبّدون بالعمل، كما يتعبّد بعضنا بالكسل والبطالة، ولآمنوا حينئذٍ بأنّ عدل الله هو الذي يقضي بين خلقة حين يرفع أقواماً ويخفض آخرين؛ لأنّه يرفع الذين يتعاملون مع سنّته ويعمّرون الأرض التي استخلفهم فيها، ويخفض الذين آتاهم آياته فانسلخوا منها وقعدوا وعجزوا وغرّتهم الأماني.
4 - فساد ذات البين؛ وهي التي أغرت أُمّةٍ مسلمة بمحاربة أمّةٍ مسلمة أخرى، تاركة الدولة الصهيونية آمنة مستقرّة تحيك الدسائس وتنتظر الفرصة المناسبة بالدول
_______________________________________
1 - سورة التوبة: 105.
ـ(338)ـ
العربية المجاورة والأُمة الإسلامية على السواء.
هذه الفتن يغذّيها تحريك المحرّكين وتحريض المحرّضين، وتقود لضعف المجموعة الإسلامية وتدهورها.
وإنّ عناصر القوّة وأدوات النهضة قائمة بيننا موزّعة في أرجاء العالم الإسلامي، فيجب تجميعها وصيانتها من الانحراف والانعطاف، وتوجيهها إلى ما ينفع الناس؛ ورحم الله الإمام علي بن أبي طالب حين يقول: «رُبّ همّة أحيت أُمّة» ويقول الله تعالى:
﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ﴾(1).
والجهاد - كما بينه رسول الله - جهاد أصغر، وجهاد أكبر؛ والجهاد الأكبر: هو جهاد النفس في نطاق البيت والمجتمع والأُمّة، وفي جميع المجالات الاجتماعية والسياسية والثقافية والاقتصادية.
ونحن نلمس هجوماً عالياً على المجتمعات الإسلامية في جميع أطراف الأرض، من البوسنة والهرسك إلى الشيشان إلى الأقلّيات المسلمة في أوروبا وأمريكا ضمن خطّة عالمية تهدف إلى تدجين الإسلام، وتحويله من دين عالمي ذوي إشعاع واسع وتأثير بالغ في العالم إلى دين طقوسٍ شكليّة ومظاهر مادّية ونوم عميق.
لذلك يجب على المسلمين أفرادا ودولاً:
1 - إيجاد برامج عمل تتطلّب أرضيّة مشتركة من الاحترام الكامل لمختلف القيم الدينية والخلقية والثوابت الثقافية.
2 - الالتزام بالأحكام المستمدة من الشريعة الإسلامية، وبخاصّة في مجالات الأسرة والمرأة والطفل وكل المجالات الحيوية الأخرى.
3 - التركيز على أنّ الأسرة هي الوحدة الأساسية في المجتمع والعمل لتوثيق
_______________________________________
1 - سورة العنكبوت: 69.
ـ(339)ـ
وتنمية أواصرها:
﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾(1).
4 - توفير المساواة ين الناس جميعاً وبين الرجل والمرأة وفقاً للنص القرآني:
﴿وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِن كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُواْ إِصْلاَحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكُيمٌ﴾(2).
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾(3).
وكما جاء في الحديث النبوي: «يا أيها الناس كلّكم لآدم وآدم من تراب» لذلك يجب توفير الآليات اللازمة للجنسين لتحقيق المشاركة الفاعلة في بناء الأُمّة الإسلامية، وأن يكون للمرأة تواجد واعٍ في حقول العمل السياسي، والحياة العامّة والتعليم العالي - في حدود الشريعة الإسلامية - وأن يكون لها أسهام في القضاء على الفقر والجهل والمرض. فالنساء كما قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم: «شقائق الرجال» وقد قال الرسول الأعظم: «كلّكم راع وكلّ راع مسؤول عن رعيته»(4) إنّ التراخي في هذه الرعاية يقود الجيل الناشئ الصاعد إلى العنف والمخدّرات والفحشاء، وهؤلاء الشباب: هم أمل الأُمّة، لذلك يجب توفير التعليم والمناخ الخلقي لهم، كما يجب تشجيعهم حتّى يكونوا في المستقبل على مستوى الآمال المعقودة عليهم، فالشباب المؤمن القويّ هو اللبنة الأساسية للمستقبل:
﴿وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ﴾(5).
والعلم غير كافٍ وحده، وإنّما يجب أن يشفعه خُلق كريم وتمسّك بالقرآن والحديث، وما يتبع ذلك من الصدق والأمانة، وبرّ الوالدين، وصلة الرحم والوفاء بالعهد،
_______________________________________
1 - سورة الروم: 21.
2 - سورة البقرة: 228.
3 - سورة الحجرات: 13.
4 - رواه أحمد وأبو داود.
5 - سورة الأنفال: 60.
ـ(340)ـ
والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والدفاع عن الوطن والحرمات، كما يشمل المحافظة على الأحوال العامّة للدولة، وخدمة المصالح العامّة، وتنمية الضمير المهني للعالمين في مختلف المجالات.
كما يجب أن نوفّر النشاطات الرياضية والثقافية والاجتماعية للشباب، لنبعدهم عن المزالق التي انحدر إليها الشباب الغربي الذي فقد الإيمان والتقوى، فطغيان المادّة على القيم الروحية، وانهيار الوازع الديني يغري كل فرد وكل شعب لاستغلال ما لديه من قوة وسلطان، للاستئثار وطغيان الأنانية التي تقود في خاتمة المطاف إلى شقاء المواطنين، وقد وضع القرآن الكريم مخطّطاً للسلوك الإسلامي؛ قال تعالى:
﴿فَمَا أُوتِيتُم مِّن شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ $ وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ $ وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ $ وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ $ وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ $ وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ $ إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُوْلَئِكَ لَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ $ وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾(1).
التوازن الاجتماعي:
هو المظهر المميّز لمذهب الإسلام الاجتماعي فهو ضرورة ملحّة، رغم أنّ الإسلام يقرّ أنّ الناس متساوون عند الولادة تمام المساواة، فهم يولدون على الفطرة، صفحاتهم بيضاء ثم بعد ذلك تتفرّق بهم السبل وتتفاوت الأنصبة.
_______________________________________
1 - سورة الشورى 36 - 43.
ـ(341)ـ
وإنّ التقوى هي معيار التفاضل والتمايز والتفاوت، والتقوى هي اتّقاء كلّ ما هو سلبي، فهو معنى جامع لعمل المعروف وتجنّب المنكر، أي على المشروع والشرعي من الأسباب.
وإنّ إسهام أفراد المجتمع حسب طاقاتهم في إيجاد التوازن الاجتماعي يشبه إسهام كلّ عضو من الأعضاء في حياة الجسد وحيويّته.
ولعلّ هذه الحقيقة الاجتماعية والسنّة الحاكمة في العمران البشري - سنّة التوازن - هي التي جعلت مذهب الإسلام الاجتماعي لا ينكر حقيقة تميّز المجتمع إلى طبقات اجتماعية، مع تأكيد ضرورة الحفاظ على أن تكون العلاقة بينها عند مستوى العدل (التوازن).
وفي عهد الإمام علي بن أبي طالب إلى واليه على مصر الأشتر النخعي - والذي يُعدّ من قمم الوثائق الفكرية والسياسية والاجتماعية والإدارية في تراثنا الإسلامي - يقول: «وأعلم أنّ الرعية طبقات لا يصلح بعضها إلا ببعض، ولا غنى ببعضها عن بعض فمنها جنود الله، ومنها كتّاب العامّة والخاصة، ومنها قضاة العدل، ومنها عمّال الإنصاف والرفق، ومنها أهل الجزية والخراج من أهل الذمة، ومسلمة الناس، ومنها التجار وأهل الصناعات، ومنها الطبقة السفلى من ذوي الحاجة والمسكنة.
فالجنود: حصون الرعية، وسبل الأمن، ثم لا قوام للجنود إلّا بما يخرج الله لهم من الخراج، ثم لا قوام لهذين الصنفين إلّا بالصنف الثالث من القضاة والعمّال والكتّاب، ولا قوام لهم جميعا إلّا بالتجار وذوي الصناعات».
مقاصد الشريعة الإسلامية:
يجب أن يعي الشباب المؤمن المتعلم مقاصد الشريعة الإسلامية، وهي: الحفاظ على النفس والدين والعقل والعرض والمال والحريّة، وأن ترشده العقلانيّة المؤمنة
ـ(342)ـ
إلى جادّة الصواب.
مصادر المعرفة:
وأنّه يتأكد أنّ مصادر المعرفة إضافة إلى الوحي هي:
العقل والنقل والتجربة الحسّية والوجدان والاجتهاد، فلا يقف عند العقل والتجربة كما صنعت عقلانيّة التنوير الغربي المادّية، ويجب أن يؤمن الشباب المؤمن المتعلم بعقلانيّة المؤاخاة بين الشريعة والحكمة - بتعبير ابن رشد - وكما ميّزها الغزالي بقوله: «يجب التحقّق من أنّه لا معاندة بين الشرع المنقول والحقّ المعقول، وأنّ من ظنّ بوجوب الجمود على التقليد واتّباع الظواهر، إنّما أتى ذلك من ضعف العقول وقلّة البصائر، وأنّ من تغلغل في تصرّف العقل حتّى صادم به قواطع الشرع ما أتى بذلك إلّا من خبث الضمائر».
مضامين المصطلحات:
وهناك قضيّة مهمّة تتعلق بمضامين المصطلحات، فعندما نتكلّم عن الحريّة نقصد بها نقيض العبوديّة، فلابدّ من تحديد حرّية من، في مواجهته لمن ؟
فالمؤمن يرى في ذلّ العبودية لله قمّة الحريّة، وهذه الحريّة هي عكس ما يراه المادّيون والوضعيّون.
والمرأة المؤمنة لا ترى في حقوق الله في (العفّة) قيوداً تنتقص من حرّيتها، بينما غير المؤمنة ترى في العفّة قيوداً واستعباداً، فترفع شعار الحريّة الجنسية كما يتردّد في المجتمعات المعاصرة: «هذا جسدي وأنا حرّة فيه».
وبينما يرى المؤمن في الشهوات والغرائز المحرّمة قيوداً على الحرّية واستعباداً لعقله وروحه:
ـ(343)ـ
﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ $ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ﴾(1).
يرى فيها غير المؤمن تحقيقاً لألوان من الحرّيات الإنسانية.
وأخيراً يجب أن تكون العلاقة بين الله والعالم والإنسان واضحة في أفكار النشء المتعلّم، فهناك (إله واحد) و(عالَم) مخلوق لله تحكمه وتسيّره أسباب، هي الأخرى مخلوقة لمسبّب الأسباب، و(إنسان) خليفة الله، وقد سُخّرت للإنسان ظواهر العالم والطبيعة لتعينه على أداء أمانة الاستخلاف في عمران الأرض وفق بنود عقد وعهد الاستخلاف، هذه هي سنة الله: ﴿اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا﴾(2).
الناحية الاقتصادية والعلمية:
فالبحث عن اللقمة مقدّم على التفكير فيما بعدها، والكفاية القمحية والأمان الاقتصادي الذاتي لأيّ بلد مسلم، هي من أهمّ وسائل الدفاع ضدّ المستعمر؛ وقد لعب القمح دوراً في إخضاع النظم المتمرّدة على أميركا؛ والتقنية العلمية الصناعية وحتى الزراعية - التحكّم بالجنس النباتي - محصورة في أيدي الأقلّية من علماء أميركا والغرب ومحجورة على العالم الثالث.
و(عالم الكامبيوتر) يضاعف إنجازاته بصورة مذهلة تفوق التفكير، و(وسائل الاتّصال) وقواها الساحرة، وتدفّقها الوحيد الاتجاه، و(الهندسة الوراثية) وما تطرحه من إنجازات ورؤى جديدة، والليزر وإمكاناته اللّامحدودة، والذرّة وبدائل الطاقة، وما خلقته من أزمات في الشرق الوسط وفي كوريا الشمالية، و(المعلوماتية) وما حقّقته
_______________________________________
1 - سورة المؤمنون: 5 - 6.
2 - سورة فاطر: 43.
ـ(344)ـ
وسائلها وتسهيلاتها، إلى غير ذلك ممّا يستجدّ في حقل العلم عامّة، والصناعة خاصّة، والزراعة المبرمجة، ممّا يجعل الأُمّة التي لا تواكب هذه التقدّمات الحضارية نسياً منسيّاً.
النظام الدولي الجديد: كيف تواجهه ؟
إنّ النظام الدولي الجديد يحاول تطبيع وتطويع وتسريع الهيمنة الغربيّة الأميركية مع شريكتها وربيبتها إسرائيل على العالم الإسلامي، وجميع الأطراف الغربية الأميركية تحاول تقزيم العالم الإسلامي، وإخراجه من ساحة التأثير في المعترك الدولي العالمي، لذلك يتوجّب على الشباب المؤمن أن يكون وثيق الاتّصال بالقرآن والسنّة، أي:
1 - ارتباطه بعقيدته والسير على هداها، ليكون قادراً على الثبات على منزلقات الحياة، وهذا الارتباط يشبه ارتباط النبات بجذره، وهذا الارتباط يتحدّى ظلمات الشكّ وعقبات الطريق، ويحفظ لـه صلته بالأرض الطيبة (أرض الإيمان).
2 - ارتباطه بالمجتمع الإسلامي، ويمثّل هذا البعد الأُفقي ويقود هذا الترابط إلى كسب عقولٍ وقلوب جديدة.
3 - ارتباطه بالعصر، أي أن يتقن لغة (الكومبيوتر) وقيادة الطائرة واستعمال الآلات المعقّدة وفهم الرموز والاصطلاحات الهندسية، مع معرفة تطبيقات الكهرباء والالكترونيّات ودقائق نظام المعلوماتيّة، وأن يُحسن التكلّم باللغات الحيّة.
وان يكون على معرفة جيّدة بعلم النفس وعلم الاجتماع، وأن يفهم السياسة العالمية ومنطق الأقوياء، أي أن يكون شاهداً على عصره: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللّهُ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ﴾(1).
_______________________________________
1 - سورة البقرة: 143.
ـ(345)ـ
﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ﴾(1).
الموجز:
إنّ المجتمعات الإسلامية تمرّ بمراحل حرجة، كما أن الأُمّة الإسلامية جمعاء تطلّ على القرن الحادي والعشرين مهيضة الجناح، بسبب تفرّقها وعدم تمسّكها القرآن والسنّة، وعدم مواكبتها للعلم والفكر والتكنولوجيا.
والإسلام الذي أخذ ينشط بعد ركود طويل ويمرّ بصحوة - هذا الركود الذي سبّبه جهل المسلمين، وغيابهم عن قافلة التقدّم والازدهار والعمل - كشفت أنّ لدى الإسلام طاقات مبدعة وإمكانات خلّاقة، وأنّهم (أي المسلمين) أهل لأن يكونوا أئمّة في الأرض وأن يكونوا من الوارثين.
والقرآن والسنّة النبوية سيبقيان الدستور الخالد للأمّة الإسلامية.
وفي المجال السياسي يلاحظ أنّ العالم الغربي بعد أن هزم الشيوعية اتّخذ الإسلام العدوّ الأكبر والأوحد، يحاول مقارعته وتحجيمه ودفعه خارج دائرة النور، ولكن هيهات: ﴿يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ﴾(2).
وفي المجالات الاجتماعية طغت حضارة الغرب المادّية والاجتماعية، يضاف إلى ذلك أنّ وسائل الإعلام والاتّصال الحديثة من تلفزيون وأقمار صناعية وفيديو وسينما وصحافة اقتحمت دار الإسلام محاولةً تمييع الفكر الإسلامي، وهزّ الحصانة الإسلامية ولا يمكن مقاومة ذلك إلا بإيجاد البدائل الإسلامية الأصيلة، والتحصّن بالعلم الأصيل،
_______________________________________
1 - سورة ق: 37.
2 - سورة التوبة: 32.
ـ(346)ـ
والتركيز على الصالح والمفيد والعلمي من النتاج الغربي، وإهمال الرواسب والنفايات.
وفي المجال الثقافي ضمّ التراث إلى قافلة العلم المتقدّم، وفتح النوافذ لرياح المعرفة المستجدّة والعلم الأصيل، وتمحيص الغث من السمين.
وإنّ هناك فجوات بين ماضي المسلمين وحاضرهم في المجال الفكري والعلمي والتقني.
ولا يمكن تجاوز هذه الفجوة إذا لم نسرع الخطى، ونضاعف الجهود ونستخدم كل الإمكانات المادّية والفكرية المتاحة، مع ضمّ الجهود المتفرّقة للّحاق بقافلة العلم.
أسباب الفجوة الفكرية العلمية:
أ – تغييب العقل وتحجيم الفكر.
ب – قلة الاحتفاء بحرّية الإنسان.
ج – إسقاط قيمة العمل والإنتاج.
د – فساد ذات البين.
الشباب وموقعهم في الأُمّة هم أمل الأُمّة والرؤية المستقبلية.
الأُسرة حجر الزاوية في المجتمع، إذا صلحت صلحت الأُمّة.
المرأة وموقعها في الأسرة والمجتمع المرأة نصف المجتمع ولا يقف المجتمع على قدم واحدة، ويجب توفير الإمكانات اللّازمة للجنسين لتحقيق المشاركة الفاعلة في بناء الأُمة الإسلامية، وللإسهام في القضاء على الفقر والجهل والمرض، فالنساء شقائق الرجال.
التوازن الاجتماعي وعهد الإمام علي بن أبي طالب إلى الأشتر النخعي بعد توليته على مصر، الذي يُعدّ من قحم الوثائق الفكرية والسياسية والاجتماعية والإدارية.
مضامين المصطلحات وأثرها في الفهم الصحيح للفلسفة الإسلامية في تحديد
ـ(347)ـ
حرية من؟ في مواجهة من ؟
الناحية الاقتصادية والعلمية: تأمين الّلقمة هو الأصل، حرب القمح.
التسارع العلمي وضرورة الّلحاق به.
التقنية العلمية الصناعية والزراعية وضرورتها لحياة ورفاه الأُمّة.
عالم الكامبيوتر وإنجازاته المذهلة.
تقدّم وسائل الاتّصال والأقمار الصناعية، وانعكاساتها على الحياة والصلات الدوليّة.
الهندسة الوراثية ورؤاها الجديدة.
عالم الليزر وإمكاناته الحربيّة والسلميّة اللّامحدودة.
نظام المعلوماتية وما حقّقه في عالم المعرفة.
النظام الدولي الجديد ومحاولة تطويع العالم الثالث للهيمنة الغربية الأميركيّة مع شريكتها وربيبتها إسرائيل، وكيف يجب أن يقف العالم الإسلامي للحفاظ على كينونته وكرامته ومستقبله في هذه العواصف التي تحيق به.
ووسيلة الخلاص هي:
1 - الارتباط بالعقيدة.
2- الارتباط بالمجتمع الإسلامي العالمي.
3- الارتباط بالعصر: أن يكون الإنسان المؤمن شاهد عصره.
ـ(348)ـ
ارسال نظر