الشيخ محمد الغزالي
الشيخ محمد الغزالي
وكيل مراقبة الشؤون الدينية بوزارة الأوقاف
بسم الله الرحمن الرحيم
له في مجال التقريب:
ـ لا أنكر أن هناك خلاف نشب بين بعض العلماء والبعض الآخر، بيد أن ذلك لا يسوغ نقله إلى ميدان الحياة العامة ليقسم امتنا ويصدع حاضرها ومستقبلها.
ـ هب ذوي الأغراض أو ذوي البلاهة صنعوا ذلك قديما، فلحساب من يستبقى هذا الشر، وتعاني الأُمة كلها ويلاته؟
بل لحساب من يستبقى هذا الشر حتّى يجيء من الأجانب من يقول هناك إسلام سني وإسلام شيعي. إن بعض القاصرين يفهمون أن الشيعة قوم غرباء عن الإسلام منحرفون عن صراطه، وسيأتي في باب الإعجاز ما يزيد معرفة بالقوم.
إن الخلاف نشأ سياسيا ووسّعت شقته مسالك الحكام ومطامع السلطان وعلى الساسة أن يصلحوا ما افسد أسلافهم، وان يسخّروا قواهم في التجميع بعدما سخرت قديما في الفتق والشتات..
لكن الدور الآن للعلماء فإن العلم تأثر بالحكم دهرا، وتلونت الدراسات الدينية بمآرب الحاكمين، ثم ذهب المنتفعون من ذوي السلطة، وبقي المخدوعون من أهل العلم اعني العامة وأشباههم.
علينا نحن ـ حملة الإسلام ـ أن نصحح الأوضاع وان نزيل الأوهام. واعتقد أن فتوى الأستاذ الأكبر الشيخ محمود شلتوت شوط واسع في هذه السبيل، وهي استئناف لجهد المخلصين من أهل السلطة وأهل العلم جميعا، وتكذيب لما يتوقعه المستشرقون من أن الأحقاد سوف تأكل هذه الأُمة قبل أن تلتقي صفوفها تحت راية واحدة، وهذه الفتوى في نظري بداية الطريق، وأول العمل) (1).
وله تحت عنوان: (على أوائل الطريق)... ما ذكره المستشرق المجري (جولد تسيهر): أن الملك نادر شاه سعى جادّا كي يعقد مع الأتراك صلحا ينقي الجو بين الشيعة والسنة ويضع حدا للخلاف القائم بين الفريقين، وقد وضع لذلك مشروعا حسنا، كاد يخرج إلى نطاق التنفيذ لولا أن المنية عاجلته فمات قبل أن تتحقق أمنيته.
_____________________________
1ـ نحو الوحدة الإسلاميّة: 66 ـ 67.
قال (جولد تسيهر): (ولدينا فيما اشتملت عليه كتابات الفقيه السني ـ عبدالله بن حسين السويدي ـ وثيقة هامة معاصرة عن مجمع ديني عقده (نادر شاه) وجمع فيه بين فقهاء الفريقين، في هذا المجمع انتهوا إلى اتفاق يقضي بضم التشيع إلى المذاهب السنية الأربعة وجعله مذهبا خامساً.
وصار من السهل بعد قليل بموجب هذا الاتفاق، أن يخصص مقام خاص للمذهب الجعفري في دائرة الحرم الملكي بجوار مقامات المذاهب الأربعة السنية وصار لزاما منذ ذلك الوقت الإقرار بسنية هذا المذهب.
قال: (وما أبعدها من طريقة ضم بها الإسلامي الشيعي إلى مذهب أهل السنة، ولكن سرعان ما ظهر هذا كله، كان حلما براقا وأمنية بعيدة، فالحقد المتوارث الذي يحمله كلا الفريقين للآخر والضغائن التي شطرت فقهاء المذهبين شطرين جعلتهم بعد موت نادر شاه لا يستصوبون ساسة التسامح والوفاق ـ ثم قال:
وقد يكون الرجل شرد عن الجادة في حديثه الطويل عن الإسلام ولكنه اقترب من الواقع في تصويره لأحوال المسلمين، وتجسيمه للشقاق الذي دبّ بينهم عدة قرون وهو الخلاف الذي نرجو ان يتقلص سواده وتنقطع أبعاده والذي يعمل رجال التقريب لتخليص المسلمين من عوائقه، هل هناك اسلامان حقا في امتنا ؟ انه إسلام واحد إسلام عار عن هذه الأوصاف الزائدة مجرد من تلك الإضافات المحدثة، إن الله ارتضى لنا الإسلام دينا ومن سبعين قرنا سمانا أبو الأنبياء إبراهيم بهذا الاسم الكريم ثم جاء النبي الخاتم محمد بن عبدالله ـ صلى الله عليه وآله ـ فهدانا الصراط وأتم النعمة وترك فينا وحيه وهديه فنحن بميراثه مستمسكون وبهذا الإسلام مستظلون ومتشرفون(1).
____________________________
1 ـ رسالة الإسلام 11: 412، و14: 130.
لم نعثر على ترجمته لحد الآن..