الشيخ احمد الشرباصي
الشيخ احمد الشرباصي
أمين لجنة الفتوى بالأزهر
(1918 م 1980 م)
بسم الله الرحمن الرحيم
من مواليد بلدة البجلات مركز دكرنس، مديرية الدقهلية. تخرج في كلية اللغة العربية ثم نال شهادة التخصص واشتغل مدرسا في وزارة المعارف ثم في معهد الزقازيق فمعهد القاهرة فمعهد سوهاج ثم أمينا للجنة الفتوى بالأزهر. ألّف اكثر من عشرين كتابا في مباحث الدين والتاريخ والأدب والاجتماع منها:
«حركة الكشف» «محاولة» «بين صديقين» «سيرة السيد زينب» «واجب الشاب العربي» «المحفوظات الأزهرية» «لمحات عن أبي بكر» «محاضرات الثلاثاء» «صلوات على الشاطيء» «أمين الأُمة أبو عبيدة» «عائد من الباكستان» «مذكرات واعظ أسير» «النيل في ضوء القرآن من اجل فلسطين» «في رحاب الصوفية» «غربة الإسلام» «أيام الكويت» «القصص في الإسلام» «في عالم الكونين» «الحاكم العادل عمر بن عبد العزيز». كان مبعوثا علميا للأزهر الشريف في الكويت ثم استندت إليه أمانة الفتوى في الأزهر (1).
_________________________
1 ـ الأزهر في ألف عام 3: 463.
له في مجال التقريب تحت عنوان نحو حياة دينية افضل اقتطفنا منها سطوراً:
(إذا كانت أديان قد زالت أو تقلص ظلها لان التحريف استبدبها ولم يقيض لها من ينفي الدخيل عنها، فإن الإسلام العالمي العام الذي نزل به الروح الأمين من لدن رب العالمين ليكون شرعة ومنهاجا في كل زمان ومكان حتّى يرث الله الأرض ومن عليها، لن يزول ولن يبيد، بل سيقيض الله له على الدوام من يذب عنه ويدعو إليه ويخلصه مما يعلق به، فالحق تبارك وتعالى يقول: ﴿انا نحن نزلنا الذكر وأنا له لحافظون﴾ والرسول الكريم عليه الصلاة والسلام وهو الصادق المصدوق يقول: (يحمل هذا الدين من كل حلف عدوّ له، ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين ويقول: لا تزال طائفة من أمتي قائمة على الحق لا يضرهم من خالفهم حتّى يأتي أمر الله ).
ولاشك أن حالتنا الدينية الآن مما يثير الأسى ويستدعي الأسف، فبعد أن كان للدين سلطانه على الفرد والجماعة، أصبحنا نرى الأكثرية منصرفة عنه مهملة لفروضه وحدوده، غير ملتزمة في شؤونها الداخلية والخارجية، وأصبحنا نألف سماع الشكوى من هذه الحال، وصيحات الاستنكار لضعف الروح الديني وصرخات الرجاء أن يقيض الله للمسلمين من الأسباب والوسائل ما يحدو ركابهم العام إلى حياة دينية افضل مما هم فيها الآن.
ومن الأمور المسلمة أن تشخيص الداء ركن هام في معرفة الدواء، وخطوة واسعة نحو العلاج فالشفاء، ومن هنا يصح أن يقال أن النص على رؤوس الأمراض التي تشكوها الأُمة الإسلاميّة نوع من المعاونة على الوصول إلى حياة دينية افضل.. وفي طليعة هذه الأمراض أن كثيرا من المسلمين يتلقون عقائدهم الدينية وثقافتهم الإسلاميّة عن طريق التلقين والتقليد والمتابعة والوراثة، وهذا الطريق التقليدي لا يجعل للعقائد المتلقاة أثرها العميق الوثيق في نفس المتابع وعقله كما يحدث ذلك عندما يدرس الإنسان ما يقي إليه ويمحصه، ويعرف شواهده وبراهينه، وهذا هو السر في إننا نرى إيمان الرجل الغريب عن بيئة الأقطار الإسلاميّة أقوى وأهدى من إيمان بعض المسلمين المقلدين، وما كان ذلك إلاّ لأن هذا الغريب كان على دين غير الإسلام. ثم سمع بالإسلام فاقبل عليه يدرسه ويقارنه بسواه، فوضحت له شمس صدقه سدية رائعة، فاسلم عن دليل وآض عن يقين، فاخذ يعمل للإسلام ويدعو إليه، ويبذل في سبيله أضعاف ما يقدمه الكثير من المسلمين.
وهذه الفرق الإسلاميّة والطوائف الدينية يجب أن يكون بشأنها جهد جاد عازم حازم للتقريب بينها، وتوحيد صفوفها، وإزالة البغضاء من بين أربابها فالكل يجب أن يكونوا اخوة متحابين، لأنهم مسلمون مجمعون على الأصول وان اختلفوا في الفروع، واختلاف الرأي لا يفسد للود قضية ونريد في هذا التقريب عملا سريعا جديداً واسعا لا يقتصر على التمني ولا على المحاولات السطحية أو المظاهر الشكلية (1).
_________________________
1 ـ رسالة الإسلام 4: 78، 203.