في ذكری استشهاد الامام الباقر (ع) الإمام الباقر مستودع علوم آل محمد
ولد الإمام الباقر عليه السلام في شهر رجب المبارك عام 57 هجرية، وتلقفه أهل البيت بالتقبيل والسرور، إذ لطالما كانوا ينتظرون ولادته التي بشر بها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منذ عشرات السنين.
أمه الماجدة فاطمة بنت الامام الحسن المجتبى عليه السلام وقيل ام عبد الله، فأصبح عليه السلام ابن الخيرتين وعلوياً بين العلويين.
اسمه الشريف محمد، وكنيته أبو جعفر، والقابه الشريفة الباقر والشاكر والهادي، وأشهر ألقابه الباقر، وقد لقبه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم به كما ورد في رواية سفينة عن جابر بن عبد الله أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله يوشك أن تبقى حتى تلقى ولداً لي من الحسين عليه السلام يقال له محمد، يبقر علم الدين بقراً فاذا لقيته فاقرأه مني السلام.
وروى الشيخ الصدوق عن عمروبن شمر قال: سألت جابر بن يزيد الجعفي فقلت له: ولم سمي الباقر باقراً؟ قال: لانه بقر العلم بقراً أي شقه شقاً وأظهره إظهاراً.
وقال ابن حجر الهيثمي في الصواعق المحرقة : (أبو جعفر محمد الباقر سمي بذلك من بقر الأرض أي شقها وأثار مخبآتها ومكانها فلذلك هو أظهر من مخبئآت كنوز المعارف وحقائق الأحكام واللطائف مالا يخفى الا على منطمس البصيرة أو فاسد الطوية والسريرة، ومن ثم قيل هو باقر العلم وجامعه وشاهر علمه ورافعه الخ).
ومن مزايا هذا الوليد الطاهر أنه ملتقى ورابط بين أسرة الإمام الحسين وأسرة الإمام الحسن، فهو أول هاشمي علوي يولد من جهة الحسن والحسين عليهما السلام، لأن أباه علي بن الحسين وأمه فاطمة بنت الحسن عليهم السلام، فكان الباقر ملتقى الكرامات وآصرة علوية أثلج بولادته قلوب أهل البيت عليهم السلام فما أكرمه وما أعظمه.
وروي أن الإمام السجاد عليه السلام قال لابنه الباقر عليه السلام: بني إني جعلتك خليفتي من بعدي لا يدعى فيما بيني و بينك أحد إلا قلده الله يوم القيامة طوقاً من نار.
وروي عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: إذا فارق الحسين الدنيا، فالقائم بالامر بعده علي ابنه وهو الحجة والامام وسيخرج الله من صلب علي ابناً اسمه اسمي وعلمه علمي وحكمه حكمي، وهو أشبه الناس إلي وهو الامام والحجة بعد أبيه.
لقد عرف عهد الإمام الباقر بكثرة المناظرات والمحاججات والحوارات المفتوحة لان دولة بني أمية فتحت المجال للبدع والمذاهب المنحرفة والاتجاهات الضالة والآراء الفاسدة الكاسدة فجلس الإمام الباقر بكل جهاد إمام هذه التيارات المنحرفة يوعظهم ويرشدهم ويصحح أفكارهم ويهديهم إلى الصراط المستقيم.
كما ان العبادة بالنسبة للمعصومين تمثل حالة كمال وإشراق وليست عبارة عن تكلف يراد الخلاص منه بل كانوا يأنسون بالعبادة لله تعالى.
حكى (افلح) قال: حججت مع أبي جعفر محمد الباقر عليه السلام فلما دخل المسجد ونظر البيت بكى فقلت بابي أنت وأمي إن الناس ينظرون أليك فلو خفضت صوتك قليلاً.
قال: (ويحك يا افلح ولم لا ارفع صوتي بالبكاء لعل الله ينظر إلي برحمة منه فالفوز بها غداً).
تقول سلمى: انه كان يدخل عليه بعض إخوانه فلا يخرجون من عنده حتى يطعمهم الطعام الطيب ويكسوهم في بعض الأحيان ويعطيهم الدراهم قالت: فكنت اكلمه في ذلك لكثرة عياله وتوسط حاله فيقول: (يا سلمى ما حسنة الدنيا إلا صلة الأخوان والمعارف) فكان يصل بالخمسمائة درهم وبالستمائة ألف درهم.
من شهد كلام الامام الباقر عليه السلام:
قال عليه السلام: ما شيب شيء بشيء أحسن من حلم بعلم.
قال عليه السلام: الكمال كل الكمال التفقه في الدين والصبر على النائبة وتقدير المعيشة.
قال عليه السلام: ثلاثة من مكارم الدنيا والآخرة: أن تعفو عمن ظلمك وتصل من قطعك وتحلم إذا جهل عليك.
سلاح اللئام قبيح الكلم.
إياك والكسل والضجر فإنهما مفتاح كل شر من كسل لم يؤد حقا ومن ضجر لم يصبر على حق.
قال عليه السلام عالم ينتفع بعلمه أفضل من سبعين ألف عابد.
عالم ينتفع بعلمه أفضل من سبعين ألف عابد.
استشهاده:
ورد في الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي أن الإمام محمد الباقر قد استشهد مسموما في عهد مُلك هشام بن عبد الملك وتشير المصادر أن هشام بن عبد الملك كان وراء سم الإمام عليه السلام.
وقال الامام الصادق عليه السلام: ان ابي عليه السلام قال لي ذات يوم في مرضه: يابني أدخل أناساً من قريش من أهل المدينة حتى أشهدهم، قال: فأدخلت عليه أناساً منهم، فقال: ياجعفر إذا انا مت فغسلني وكفني وارفع قبري اربع اصابع ورشه بالماء.
فلما خرجوا قلت: يا ابت لو أمرتني بهذا لصنعته ولم ترد ان أدخل عليك قوماً تشهدهم؟ فقال: يابني اردت أن لا تنازع.
وروي أيضاً في بصائر الدرجات عن الإمام الصادق عليه السلام انه أتى أبا جعفر عليه السلام ليلة قبض وهو يناجي، فأومأ إليه بيده أن تأخر، فتأخر حتى فرغ من المناجاة ثم أتاه فقال: يابني أن هذه الليلة التي أقبض فيها وهي الليلة التي قبض فيها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
قال وحدثني أن أباه علي بن الحسين عليه السلام أتاه بشراب في الليلة التي قبض فيها، وقال اشرب هذا فقال: يا بني إن هذه الليلة التي وعدت أن تقبض فيها، فقبض فيها.و صلی الله عليك يا ابا جعفر يا محد بن علي (ع).