كلمة الأمين العام الدكتور شهرياري في :

"المنتدى الاقتصادي الدولي - روسيا - العالم الإسلامي" في مدينة قازان مركز جمهورية تتارستان الروسية

كلمة الأمين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية في "المنتدى الاقتصادي الدولي - روسيا - العالم الإسلامي" في مدينة قازان مركز جمهورية تتارستان الروسية:


بسم الله الرحمن الرحیم

الحمد لله رب العالمین و الصلاة و السلام علی اشرف الانبیاء و المرسلین و علی آله  الطاهرین وصحبه المنتجبین .

اصحاب السمو والسماحة والفضیلة والمعالي والسعادة ایها الجمع المبارك ؛ السلام عليكم ورحمة الله وبرکاته .

اولاً نشکر مجموعة الرؤية الإستراتيجية "روسيا - العالم الإسلامي" علی عقد هذا الاجتماع الودي المهم حول القیم الانسانی والاخلاقي الذي منحني الفرصة بلقاء الاعضاء للمجموعة.

کذلك نشکر معالي الرئاسة الجمهوریة للتتارستان رستم مینیخانوف وایضا سماحة مراد حسنولین وسماحة فریت مخامیتشین لدعوتنا من المنظمة العالمیة للتقریب بین المذاهب الاسلامیة بجمهوریة الاسلامیة بایران للمشاركة في المنتدى والمعرض في کازان -اکسپو .

1 - في عصرنا وعالمنا الحالي حيث يتواجد الجميع معاً ويراقبون افعال بعضهم البعض وأصبح العالم قرية صغيرة ، تتوفر الأخبار والمعلومات للجميع و تجاوزت علاقاتها ومعاملاتها في الزمان والمكان و صارت التعايش السلمي من متطلبات العقلانیة البشریة دون إهانة الآراء والمعتقدات الأخرى وبدون الاستخفاف بکلام المعارض. اليوم ، أكثر من أي وقت مضى ، السلام العالمي والعالم السلمي هي الحاجة الحقيقية للمجتمع البشري.
اليوم ، لا يمكن للناس أن يتّبعوا أسلوب حياتهم بسلام و بهدوء و صحة دون مراعاة حساسيات الآخرين وأنماط حياتهم. تتطلب العقلانية الإنسانية أن يتوصل كل من في السلطة إلى إجماع نخبوي على أن جهود الحرب وسفك الدماء والإرهاب والتکفیر والصراع والاشتباك والتطرف والعنف والحظر والتقييد لأسباب عرقية أو إقليمية أو دينية او بلدیة في أي ركن من أركان العالم ، لن يأتي بأي نتيجة سوى معاناة الإنسانية وسيضر التراثَ العالمي والامنَ والصداقة. وهذه العقلائیة هي اولی القیم الروحیة والاخلاقیة التقلیدیة.

2 - ولابد ان نؤکد على أهمية العمل العالمي المشترك والتنسيق على كافة المستويات من أجل وقف المعاناة وتخفيف آثار الأزمات على ملايين البشر، وخاصة ما يعيشه المحرومین والمستضعفین في العالم، كما لابدّ من الاهتمام بقضايانا المعاصرة المشتركة مثل مشكلة اللاجئين والبِطالة ومشكلة المياه ومشكلات الطاقة والغذاء والتغير المناخي وغيرها في العالم. وهذا العمل المشترك هو الاحسان وهو القیمة الانسانیة الثانیة المشترکة بین الادیان.

3 - وفي الوقت نفسه ، نرى أن الغطرسة العالمية الغربیة التي يقودها الولایات المتحدة تحاول فرض قيمها على الآخرين. وانها یهتم فقط بمصالحها الخاصة ولو علی حساب ایذاء الآخرین. وبالترکیز علی الأحادیة على إدارة الطاقة والأغذية والمواد المعدنية في العالم ، لتحقیق مصالحها من خلال خلق حصار اقتصادي قاسٍ و غزو ثقافي و اعلامي، وحرب مفروضة. ومن خلال فرض حصار اقتصادي وإغلاق و تقييد طرق عبور البضائع، يضغطون على الدول و الحكومات المتنافسة التي ليست معهم ولا تتبع مصالحهم. هم الذین يُروّجون لقيمهم العلمانیة الكاذبة لشباب الدول المنافسة ، وبهذا القناع الزائف يَخدعون الشباب لتثبیت حكوماتهم المرتزقة بثورات ملونة وتضییع العدالة واجراء الظلم والجور باستخدام أدوات الشبكات والأقمار الصناعية لهذا الغرض. فاقامة العدالة في العالم والسعي نحوها هي القیمة الروحیة والاخلاقیة التقلییدیة الثالثة لابد يجب دفع ثمنها بالمقاومة ضد الظلم والاضطهاد العالمي. لذلك من الضروري المقاومة ضد هذا العدوان العالمي الجائر. فان الله تبارك وتعالی یأمرنا بالعدل و الاحسان. فما یوجد فی حیاة الانسان قیمة ارقی من العدالة  والاحسان.

4 - والغرض الاقوی لهم امتلاك ثروات العالم بقتل النفوس والجوع والخوف، فإنهم يُعرضون السلم والأمن العالميين للخطر من خلال شن الحروب وإراقة الدماء والصراعات ، وبيع الأسلحة لأطراف النزاع ، فهم يسعون وراء مصالحهم الخاصة من خلال بيع الأسلحة أو المؤن. وهذا ما نشاهده فی حرب اوکراین. حیث ان الولایات المتحدة ترید تطوير منظمة حلف شمال الأطلسي الی حد لا یقبل فی العالم. فاقامة الامن في العالم یحتاج الی تضحیة مالیة وغیر مالیة و من دونهما لا یحصل الامن مجاناً ولا یعطیها اعداء البشریة لنا. فالامن هي اهم قیمة الروحیة والاخلاقیة.
في غضون ذلك ، فإن دولتين الجمهوریة الاسلامیة فی ایران و الجمهوریة روسیا بذكاء قادتهما ، سماحة السید الامام الخامنه‌اي وسعادة السید ولادیمیر بوتین ومن خلال إنشاء تحالف سياسي وعسكري قوي ، وكانت هذه تجربة ناجحة لإيران وروسيا في سوريا، وقد کانت تجربة ناجحة لابد ان ندرس منها. مما لا شك فيه أن التعاون البناء بين البلدين جمهوریة الروسیا والجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة أدّی الی هزیمة داعش المخلوق  بید الکیان الصهیوني والاستکبار العالمي ودعم من بعض الدول الاخری واجبرهم علی الهزیمة و التراجع مما کانوا فیه. وهذا ما کان لِیتحقق لولا الاتحاد بین البلدین روسیا وایران وارادة الشعوب في العراق وسوریا.
بعد هذه الحرب ، شهدنا مرة أخرى تدخل الولایات المتحدة في المنطقة، وحاولوا وضع روسیا تحت مزيد من القيود بتحريض اوکراینا لتوسيع منظمة حلف شمال الأطلسي ناتو ، ولولا تبصر سعادة الرئاسة الجمهوریة بروسیا ولادیمیر پوتین لكانوا هم قد بدأوا الحرب بانفسهم و تسببوا في المزید من الضرر. وبهذا التبصر قد فشلت مؤامراتهم وأنظمتها المرتزقة الغربیة.
وفي حین حرب اوکراینا، عادت الغطرسة العالمية بقيادتها إلى الظهور بكل قوتها في حرب إعلامية جديدة لتشكيل غزو ثقافي جديد من خلال تعزيز القيم الغربیة ضد القيم الانسانیة وخداع بعض الشباب المُتَحَمَسين في البلد وفي إنفاق كبير من خلال إعلام الدول الغربية المعادية ، وكذلك من خلال تزويد أوكرانيا بأسلحة خطيرة ، تعمل الدول الغربية المتحاربة على تأجيج نیران الحرب.
والان في النظام العالمي الجدید یجب ان نرکز علی التعاون بین البلاد في الشرق وفي العالم الاسلامي للحصول علی العدالة والامن والسلام ونؤکد علی انه یجب انسحاب القوات الأجنبية من منطقة غرب آسیا وفي الوقت نفسه ندعو دول الخلیج الفارسي الی التعاون والتعایش السلمي مع کل من یدعو الی السلام الحقیقي العادل بین البشریة. 

5 - واخیراً ان العلماء في مختلف البلاد الاسلامي لابد ان یُرَکِّزوا على القدس الشریف باعتبارها القضية المحورية على الساحة الإسلامية والساحة العالمية، ونؤکد أن العقلانیة والعدالة والاحسان والأمن في المنطقة بل في العالم لا يمكن أن تَستَتِبَ إلا بإزالة بُؤَر في الأزمات المتمثلة بالصهائنة العالمية کغدة سرطانیة فی المنطقة. التي هي أوضح مثال على الارهاب الحکومي باجراء الضغوط علی غزة والضفة الغربیة. إنّ تطبیعَ العلاقات مع الکیان الصهیوني المحتل، خیانةٌ کبری للشعب الفلسطیني وللامة عموماً و إنّ جُنُوحَ بعضِ الدول الإسلامیة لارتکاب التطبیع الشنیع مع الصهاینة يَفتحُ الطريقَ أمامَ ارتكاب المزيد من الجرائم بحق الاَبریاء. نطلب منهم العودة من هذا الطريق الخطير.

نسأل الله سبحانه أن يوفق العاملين على أقامة هذا المؤتمر لبَلوَرَةِ مشروعه الذي يحقق القیم الانسانیة والاخلاقیة الحقيقية بين المتدینین وبين كل أحرار العالم. انه تعالى سميع مجيب.

 

شکراَ لاستماعکم والسلام علیکم و رحمة الله و برکاته