/ صفحه 262/
فآليت لا أرثى لها من كَلالة ولا منم حفى حتى تلاقي محمدا
متى ما تناخِي عند باب ابن هاشم تُراحِي وتلَقيْ من فواضله ندى (1)
ولهذا عابوا وهجنوا الشماخ على سوء صنيعه مع الناقة التي تحمله إلى عرابة الأوسى:
إذا بلغتني وحملتِ رحلى عرابة فاشرَقي بدم الوتين (2)
والأمثلة في النوعين كثيرة عند المقلدين للأعشي أو الشماخ من الشعراء الإسلاميين ومن بعدهم (3).
كما لا يصح أن يضاف إليها أيضاً وصف المتنبي كلب صيد باليقظة والتنبه بأنه في جلسته المتحفزة مقعياً يشاكل الأعرابي مصطلياً:
يُقعِي جلوسَ البدوي المصطلي بأربع مجدولة لم تجدلِ (4)
لأنه إنما قصد تشبيه بالبادي عند اصطلائه بالنار، لاتقائه برد المفازة، شنشنة المتبدين صغاراً كانوا أم كباراً، ووجه الشبه الهيئة الحاصلة من وقوع الأعضاء المختلفة في مواقعها على صورة خاصة.
ذلك ما دعا إلى الحديث عن هذه الأبيات الخمسة فقط، وإيثارها بالبيان،
ــــــــــ
(1) الكلالة: التعب، والحفي: رقة القدم، وتراحي: تستريحي، والقصيدة مشروحة في رغبة الآمل على الكامل (2: 157 ـ 160) ومذكورة في سيرة ابن هشام (1: 411) مطبعة حجازي.
(2) اشرقي: غصى بالشجافي الحلق، والوتين: عرق في القلب إذا انقطع مات صاحبه، والقصيدة مشروحة في رغبة الآمل على الكامل (2: 95 ـ 99).
(3) انظر الكامل شرح الرغبة (2: 99 ـ 102) وخزانة الأدب الشاهد الستين بعد المائة والموشح (70، 174) ووفيات الأعيان (ترجمة ذي الرمة).
(4) يقعي: يجلس على أليتيه وقدميه معتمدا على يديه، أربع: يداه ورجلاه مجدولة محكمة الخلق، لم تجدل: لم تفتل بيد الإنسان، فلا تناقض في البيت، والبيت من أرجوزة ارتجلها في وصف كلب أرسله أبو على الأوراجي على ظبي. الديوان (3: 201 ـ 208).