ـ(138)ـ ?وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ?(1). وقد جعله سبحانه خير وسيلة للإنذار عن المقبّحات والموبقات، قال تعالى: ?وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ?(2). ?قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادةً قُلِ اللّهِ شَهِيدٌ بِيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللّهِ آلِهَةً أُخْرَى قُل لاَّ أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ?(3). فنيبغي أن يتبع المفسّر هذا المنهج القويم ويجعل تلك الأهداف السامية أمام عمليته المباركة في التفسير لا أن يكون التفسير بنفسه شغلاً شاغلاً لـه، وأن يستوعب الكلام في كلّ مورد بما عنده من القضايا والاصطلاحات العلمية في مختلف العلوم، فإنّ ذلك يحول بينه وبين الهدف الأصيل من التفسير وقد يؤدّي إلى أن يجعل القرآن في خدمة صناعته العلمية دون العكس. يقول الشيخ الأستاذ محمد عبده: "إنّ التفسير قسمان: أحدهما: جافّ مبعد عن الله وعن كتابه، وهو ما يقصد به حلّ الألفاظ وإعراب الجُمل وبيان ما ترمي إليه تلك العبارات والإشارات من النكت الفنّية، وهذا لا ينبغي أن يسمّى تفسيراً، وإنّما هو ضربٌ من التمرين في الفنون كالنحو والمعاني وغيرهما. وثانيهما: هو الذي يستجمع تلك الشروط لأجل أن تستعمل لغايتها، وهو ذهاب المفسّر إلى فهم المراد من القول، وحكمة التشريع في العقائد والأحكام، على الوجه الذي يجذب الأرواح، ويسوقها إلى العمل والهداية المودعة في الكلام ليتحقّق فيه معنى قولـه: ?هُدىً وَرَحْمَةً? ونحوهما من الأوصاف، فالمقصد الحقيقي وراء كلّ تلك الشروط والفنون هو الاهتداء بالقرآن"(4). ________________________________ 1ـ سورة الزمر: 27. 2ـ سورة الشورى: 7. 3ـ سورة الأنعام: 19. 4ـ تفسير المنار 1: 24- 25.