ـ(139)ـ ويرى فضيلة الشيخ الأستاذ شلتوت أنّ تفسير مجمع البيان نموذج من التفاسير التي لم تنحرف عن هذا المنهج حيث قال- بعد انتقاده على كتب التفسير-:"ولكنّ كتابنا هذا استطاع أن يجمع إلى غزارة البحث وعمق الدرس، هذا النظم الفريد القائم على التقسيم والتنظيم والمحافظة على خواصّ تفسير القرآن، وملاحظة أنّه فنّ يقصد به خدمة القرآن لا خدمة اللغويين بالقرآن، ولا خدمة الفقهاء بالقرآن، ولا تطبيق آيات القرآن على نحو سيبويه، أو بلاغة عبد القاهر،أو فلسفة يونان أو الرومان،ولا الحكم على القرآن بالمذاهب التي يجب أن تخضع هي لحكم القرآن"(1). القاعدة التاسعة عشرة: التفسير والحاجات العصرية: إنّ للإنسان في حياته حاجات ثابتة وأُخرى متطوّرة متغيّرة؛ ففي حين أنّه يحتاج إلى مسكن وملبس وبيئة في جميع الأزمنة والظروف، لكن صنوف ما يحتاج إليه في هذه المجالات قد تختلف حسب الأوضاع المختلفة كمّية وكيفية، فهناك تفاوت كبير بين ما يحتاج إليه الإنسان في أمور معاشه إذا كان يعيش في البادية أو نحوها، وبينها حين يكون قاطناً في مدينة كبيرة فيها معطيات العلم ونتائجه، وكذلك إذا قسنا البشر في عصرنا الحاضر، اعني بعد النهضة العلمية إلى ما قبلها، نجد تطوّرات كثيرة في عقليّته وثقافته؛ فهناك كثير من المسائل والمفاهيم الحيوية يطلب الإنسان المعاصر أن يتعرّفها في ضوء معارف الدين وقوانينه ما كانت مطلوبة لـه في العصور القديمة بهذا الحجم والكيفية، كمسألة الحرية ونظام الحكم ومعالم الحكومة والمناسبات السياسية بين الدول المختلفة وحقوق المرأة ومدى استقلالها في الحياة العائلية والأمور الاقتصادية ونحوها. هذا، والقرآن كتاب سماوي حجّة على البشر إلى آخر الدهر، وتبيان لكلّ شيء لـه صلة بأمر الهداية، فلابدّ وأن يجيب عن هذه الأسئلة ويبيّن ما فيه الرشد والصواب حتى ________________________________ 1ـ مقدمة مجمع البيان، طبعة مصر.