لتحقيق الأمن، هو رفع سقف القدرات العسكرية1 . شدد سكوت تومبسون (Scott thompson) وكنت جانسون (Kenneth Jensen) في "توجهات للسلام" على هذا الخطاب مفصلين في شرحه وايضاحه، ومدللين كيف ان الاعتبارات العسكرية وقفت وراء كافة المعادلات الامنية منذ فجر الحياة الاجتماعية للانسان وحتى عصر العولمة2 . فهما يزعمان ان شعار "ماوتسي تونغ" القائل "لا تخرج القوة الاّ من فوهة سلاح"3 لا يزال يحتفظ بقيمته واعتباره، فالذي تغير هو وجه القوة دون جوهرها. يشكل هذا التصور للأمن، الخطاب الشائع في الدراسات الامنية، وبمراجعة مواقف القوى المختلفة يلاحظ ان أوجه القوة قد تعددت وكثرت عملياً، لذلك لم يعد التهديد أو الخطر مقتصراً على الشكل العسكري، وإنّما تمدد ليشمل الميادين التقنية، والعلمية، والبيئية، والاقتصادية و…الخ4 . فمثلاً يعرف بريجنسكي الامن القومي الامريكي تعريفاً متعدد الابعاد، فيقول مستفيداً من تجاربه التنفيذية: "ما أرومه من الأمن القومي، ليس معناه المحدود بالامن العسكري المحض، مع ان القوة العسكرية من الجوانب المهمة في التنافس التاريخي بين أمريكا والاتحاد السوفيتي. لكنني اعتقد ان الامن الوطني يشتمل على اعتبارات اكثر، منها الادارة السياسية، والازدهار الاقتصادي، والابداع التقني، والحياة الايديولوجية وغير ذلك"5 خلاصة القول هي ان اصحاب هذا الخطاب لايشددون على المخاطر العسكرية دون غيرها، إنّما يعتقدون بتعدد الاخطار وتنوعها. وبالطبع، لم تعتبر هذه التعددية ايجابية دائماً، فقد صرح محللون امنيون نظير "ريتشارد بارنت" (Richard Barnet) بأن الازدياد المضطرد لابعاد اللاأمن واشكاله، سيفضي إلى غموض والتباس في معنى مفردة "الخطر" المحورية6 . وعلى حد تعبير "سيمون دالبي" (Simon Dalby) فإن الامن القومي وبسبب تعدد ابعاده، لن يكون له معنى محدد، بل سيغدو كغطاء يمكن استخدامه في مواضع شتى. خلاصة هذا الخطاب يقدمها "ادوارد كلود زيج" (Edward Kalodziej) بالنحو التالي: الامن القومي من حيث المعنى يدل على عدم وجود اخطار، ومن حيث المديات فهو متنوع يمكن رسمه وتفسيره بانحاء مختلفة على امتداد الزمن"7 . ثانياً: الخطاب الايجابي (Positive Discourse) اثير هذا الخطاب كنقد جاد للخطاب السلبي. المؤاخذتان الرئيستان على الخطاب السلبي هما عدم وجود ركائز فلسفية مستقلة ومتماسكة للأمن، والتعامل مع الامن وكأنه مقولة ثانوية