الاطار المفهومي للرؤية الأولى (العولمة بمثابة عملية)، مع فارق ان نتائجها لن تكون ايجابية وراعية للأمن دائماً. بناء على هذا يمكن تعريف العولمة بأنها: "عملية اجتماعية، تتلاشى فيها القيود والحدود الجغرافية المخيمة على العلاقات الاجتماعية والسياسية والثقافية والاقتصادية، في ظل محورية القوى العظمى، ويزداد اللاعبون وعياً بزوال هذه القيود والحواجز". ينطوي هذا التعريف المستحصل من اعادة تشكيل التعريف الذي قدمه "مالكوم واترز" (MalcomWalterz)1 على عدة عناصر مفهومية اصلية: العنصر الأول هو اعتبار العولمة عملية. والثاني هو ان الدور المحوري في هذه العملية من نصيب القوى العظمى. واخيراً، التوكيد على وعي اللاعبين المضطرد، لا على الاجبار والاكراه. من هنا نرى هذا التعريف لم يجب سلباً وإيجاباً عن السؤال حول أمن اللاعبين جواباً حاسماً، إنّما انحاز إلى وجود "فرص ـ مخاطر" يواجهها كل لاعب بدرجات متفاوتة على الصعد الداخلية والعالمية بحسب مواهبه الفعلية والكامنة وهذا يصدق على "العالم الإسلامي" أيضاً، إذ يتسنى الاشارة لطيف متنوع من المخاطر والفرص الناجمة عن العولمة، تربو فيه المخاطر على الفرص بحسب الكاتب، لذلك كانت هذه المخاطر موضوع الدراسة التي بين يدي القارئ. 1ـ2: الأمن يذهب "باري بوزان" (Barry Buzan) إلى ان ابرز الخصائص المفهومية لمفردة الأمن هي كونها "مجوّفة" بمعنى ان الأمن مفردة حساسة ومهمة بوسع اللاعب ان يحمّلها معاني خاصة بحسب حاجته، فيصل تالياً إلى سياسات متفاوتة تماماً في مواجهة ظاهرة واحدة2 .ولهذا يمكن الوصول إلى تعاريف كلاسيكية متباينة للأمن قد تكون متعارضة بعض الاحيان3 . وعليه فمن الضروري عند تحليل مخاطر العولمة، تحديد رؤيتنا لمفهوم الأمن. عموماً يتسنى التمييز بين خطابين تحليليين للأمن: اولاً: الخطاب السلبي (Negative Discourse) السمة الابرز لهذا الخطاب توكيده على مفهوم "الخطر"، بحيث يغدو الأمن هو عدم الخطر، ويكون ارتفاع السقف الامني منوطاً بانخفاض مستوى التهديدات الخارجية يحظى هذا الخطاب بمكانة ذات قيمة عالية لدى المحللين التقليديين لمقولة الأمن، حتى انهم يعتبرون "الحرب مواصلة للعملية السياسية بادوات ووسائل مختلفة ويعتقدون ان العامل الرئيس