ومعناه حتى ابتذَلوه فيما بينهم وفَاهُوا به في السرّاء والضرّاءواستدرّوا به الممتنع من الدرّ ووصلوا به إلى المطالب القصيّة وتفرَّجوا به عن الكرب والمكربة وهو من أَبْلغ الحكمة لأنَّ الناس لا يجتمعون على ناقص أو مقصّر في الجودة أو غير مبالغ في بلوغَ المَدَى في النَّفَاسة .
قال : والنادرة حكمةٌ صحيحة تؤدّي ما يؤدّي عنه المثل إلا أنها لم تشع في الجمهور ولم تَجْر إلا بين الخواصّ وليس بينها وبين المثل إلا الشيوع وحدَه .
وقال المرزوقي في شرح الفصيح : المثلُ جملة من القول مقتضّبةٌ من أصلها أو مرسلةٌ بذاتها فتتَّسم بالقبول وتشتهر بالتداول فتنقل عما وردت فيه إلى كلّ ما يصح قَصْدُه بها من غير تغيير يلحقها في لفظها وعما يُوجبه الظاهر إلى أشباهه من المعاني فلذلك تُضْرب وإن جُهلت أسبابُها التي خرّجت عليها واستجيز من الحذف ومُضَارع ضرورات الشعر فيها ما لا يُسْتَجازُ في سائر الكلام .
وقال أبو عبيد في المثل : ( أجناؤها أبناؤها ) أي الذين جَنَوْا على هذه الدار بالهدم هم الذين كانوا بنوها قال : وأنا أظن أن أصلَ المثل : جُناتها بُناتها لا أبناؤها لأنَّ فاعلاً لا يَجْمع على أفعال إلا أن يكون هذا من النوادر لأنه يجيء في الأمثال ما لا يجيءُ في غيرها .
قاعدة - الأمثال لا تُغيَّر بل تجري كما جاءتقال ابنُ دريد في الجمهرة وابن خالويه : كانت نساءُ الأعراب يُؤَخّذْن الرجال بخَرَزة يَقُلْن : يا قَبَلَة اقْبليه ويا كَرَار كُرّيه أُعيذه باليَنْجَلب .
هكذا جاء الكلام وإن كان ملحوناًلأن العَرَب تجري الأمثال على ما جاءت ولا تستعملُ فيها الإعراب .
انتهى .
قال الزجاجي في شرح أدب الكاتب : قال سيبويه : لا يجوزُ إظهار الفعل في نحو أمَّا أنتَ منطلقاً انطلقت .
وأجازه المبرد والقول ما قال سيبويه لأن هذا كلام جرَى كالمثل والأمثالُ قد تخرج عن القياس فتُحْكَى كما سُمعت ولا يطَّردُ فيها القياس فتخرج عن طريقه الأمثال