كذا مستعيدا منه سبية نزعها العدو اختلاسا وأخذها مخادعة لا افتراسا فما نزلها حتى استقادها ولا نزلها حتى استعادها وكأنما كان بها جنون فبعث لها من عزائمه عزائم وعلق عليها من رءوس القتلى تمائم .
وفي هذا من الحسن ما لا خفاء به فمن شاء أن ينثر شعرا فلينثر هكذا وإلا فليترك .
وقد جئت بهذا المعنى على وجه آخر وأبرزته في صورة أخرى وذاك أني أضفت إلى هذا البيت البيت الذي قبله وهو .
( بَنَاهَا فَأَعْلَى وَالْقَنَا تَقْرَعُ الْقَنَا ... وَمَوْجُ الْمَنَايَا حَوْلَهَا مُتَلاَطِمُ ) .
ولما نثرت هذين البيتين قلت في نثرهما ما أذكره وهو .
بناها والأسنة في بنائها متخاصمة وأمواج المنايا فوق أيدي البانين متلاطمة وما أحلت الحرب عنها حتى زلزلت أقطارها بركض الجياد وأصيبت بمثل الجنون فعلقت عليها تمائم من الرءوس والأجساد ولا شك أن الحرب تعرد عمن عز جانبه وتقول ألا هكذا فليكسب المجد كاسبه .
وهذا أحسن من الأول وأتم معنى .
وقد تصرفت في هذا الموضع بزيادة في معناه ونثرته على أسلوب أحسن من هذا الأسلوب فقلت بناها ودون ذلك البناء شوك الأسل وطوفان المنايا الذي لا يقال سآوي منه إلى جبل ولم يكن بناؤها إلا بعد أن هدمت رءوس عن أعناق وكأنما أصيبت بجنون فعلقت القتلى عليها مكان التمائم أو شينت بعطل فعلقت مكان الأطواق