هو من خير فارس وفي الخير فارس . طلعتْ عليه سعادة الاتصال بالخِدمة النظامية وتشرَّفَ قدمُه بالمصير إليها وتعطَّر فمه بالثناء عليها . فممّا وقع إليّ من نتائج خاطره قوله : .
تظلّم مكروبٌ أضرَّ به الدهرُ ... وضاقَ بما يلقاهُ من ضَعفه صَدرُ .
زَمانٌ يُعادي الحُرَّ حتى كأنّما ... له عند من يأوي إلى حَسَبٍ وَتْرُ .
ويَحْنو على الأنذال تَعْساً لجَدّهِ ... كأنهمُ الأبناءُ وهْوَ الأبُ البَرُّ .
ومنها في المدح : .
سقى اللهُ خِيراً كلّما ذرَّ شارقٌ ... ولا زال في أفنائها يضحك الزَّهرُ .
إذا زارهُ العافي تَهلَّلَ وجهُهُ ... وبشَّرَهُ منهُ التَّبسُّم والبِشْرُ .
وإنْ صامَ أياماً عنِ الدمِ سَيفُه ... فسفْكُ دماءِ المارقينَ لهُ فِطْرُ .
الحسن بن جعفر بن محمد الفارسي .
مدح الصاحب نظام الملك بقصيدة اخترتُ منها قولَه فيها : .
أحيا البلادَ بعَدْلِهِ وأسامَهم ... مِن ظلِّه في الرَّوح والرَّيحانِ .
وبنى القِبابَ بأرض فارسَ مُغرماً ... بحِماية اللاجي وفكِّ العاني .
فالناسُ في أمْنٍ بعزِّ ظلاله ... والشاةُ في وِردٍ معَ السَّرْحان .
ولحُبِّ دين الله يُكرمُ أهله ... ويخصُّهم بالعَدْلِ والإحسان .
الزاهد أبو بكر الفيروز آباديُّ .
له شعر كالشُّهد يلوحُ عليه سيماء الزُّهد . اخترتُ له من قصيدة نظامية قوله فيها : .
ليتَ البرامكةَ الأُلى ... كانوا الجَحاجِحَ والخُضارمْ .
عاشوا إلى أن يُدركوا ... أيامَك الغُرَّ المباسمْ .
حتى يَرَوا لكَ مثل جع ... فرهم ويَحيى ألفَ خادمْ .
من حاتمُ قل لي ومَن ... كعبٌ ومن قيسُ بنُ عاصم .
فيما تفرِّقُه يَمي ... نُكَ كلَّ يومٍ ألفُ حاتم .
كم خالعٍ غادَرْتَه ... جَزَرَ الجَوامعَ والقَشاعمْ .
ومُؤمِّلٍ أعطيتَهُ ... ما لا يمرُّ بعين حالم .
طهَّرتَ فارسَ كلّها ... من عائثٍ فيها وعارمِ .
وأرحْتنا من كل عِلْ ... جٍ لا يَخافُ الله ظالمْ .
كانوا يضيمونَ العِبا ... دَ ويَستحِلّون المَحارمْ .
ومنها : .
ويُعطِّلونَ شرائعَ ال ... إسلام أمثالَ البهائم .
ولقد طويتُ الأرضَ نح ... وكَ مثلَ ما تُطْوى العَمائم .
أرجو نَداكَ وأتَّقي ... سَطواتِ ذي لُبدٍ ضُبارِمْ .
علي بن أحمد بن عبد الله .
الأنصاري الفارسي .
يقول من قصيدة نظامية قِوامية : .
له على الخلق إشفاقٌ ومَرْحَمةٌ ... وقاهُمُ بِهِما المَكروهَ والنَّصَبا .
قد كان مَقدمُه المَيْمونُ مَوهبةً ... من الإله وأُمّاً بَرّةً وأَبا .
قلت : هذا البيت عيالٌ على قول الأوّل : .
وقد كان لي عمّاً لطيفاً ووالداً ... رؤوفاً وأُمّاً مَهَّدتْ فأنامَتِ .
والشرطُ أن يزيدَ الأخر على الأول إذا أخذ منه ليسوغَ له التطفيل عليه فأما الأخذ مع القصور فالعجز عليه مقصور . وقد أحسن أبو تمام في تمهيد هذا البساط بقوله : .
وكنتَ لناشِيهم أباً ولكَهْلهِمْ ... أخاً ولدى التقويس بالكِبرة ابْنَما .
فلهذا العرض المشار إليه تَجنيحٌ مليح . ومعنىً صحيح ؛ وأدّاء لفظٌ فَصيح : .
أبو بكرٍ عبد الرحمن بن عبد القاهر الفارسيُّ .
قال يمدح الصاحب نظام الملك قوله : .
لوْ جاودَ الغيثَ غَدا ... بالجود منه أجْدرا .
أو قِيسَ عَرفُ عُرْفِه ... بالمِسكِ كانَ أعطرا .
ذو شِيَمٍ لو أنّها ... في الماء ما تغيّرا .
وهِمّةٍ لو أنّها ... للنَّجم ما تَغَوَّرا .
لو مسَّ عوداً يابِساً ... أروقَ ثُمَّ أثْمرا .
يَثْني شَبا أقلامه ... سودَ الخُطوب نُفَّرا .
إذا امتطتْ أناملاً ... منه خَلقْنَ أبحُرا