ولقد قصدت زيارةً فمنعتها ... والحج آفته من الإحصار .
فوسمت باسم أبي العلاء قصيدةً ... وجعلتها هدياً مع الأشعار .
ومنها : .
فالعقل جسري والجسارة معقلي ... والعذر صوني والصواب عذاري .
أبو جعفر محمد بن الحسن .
بن سليمان البحاثي .
هذا الذي ينسب البحاثيون إليه وهو جد القاضي أبي جعفر البحاثي الأخير المعدود من أئمة القضاة وأزمة الكفاة . ولي القضاء ببعض كور ما وراء النهر وبعض كور خراسان أيضاً . وأنشدني له حافده القاضي أبو جعفر البحاثي الأخير قصيدة قالها في الشيخ العميد أبي علي محمد بن عيسى يخطب فيها قضاء فرغانه ويصف الربيع : .
اكتست الأرض وهي عريانة ... من نشر نور الربيع ألوانه .
واكتنزت بالنبات وانتشرت ... حين سقاها السحاب ألبانه .
فالروض يختال في ملابسه ... مرتدياً ورده وريحانه .
تضاحكت بعد طول عبستها ... ضحك عجوز تعود بهنانه .
يعانق الأقحوان توأمه ... إن زار روح النسيم قضبانه .
ترى الخزامى المساء مسلمةً ... ثم تعود الصباح نصرانه .
فضاحك الشمس من جوانبه ... كواكب بالعبير ملآنه .
ومنها في خطبة القضاء : .
كم سائل لج في مساءلتي ... عن حالتي قلت وهي وسنانه .
منزوعة الحلي عاطل سلبت ... محاسن الوسع فهي عريانه .
ترى بحاراً يموج زاخرها ... وهي على شطهن عطشانه .
قال : فما حليها وملبسها ... وزيها كي تعود ريانه .
قلت : كسير فمن يجبره ... قال : ترى من يحب جبرانه .
سوى الوزير الذي تلوذ به ... يخدم برد الغداة إيوانه .
قلت متى قد أتى فدنا ... مفتتح العام كان إبانه .
فقلت : ماذا الذي تؤمله ... فقال : أبشر قضاء فرغانه .
من طلب التبر من معادنه ... أصاب من تبرهن عقيانه .
وأنشدني له كنيه وحافده في معنى الخيال ما لم أسمع لأحد مثله : .
يا من ينبهني عن رقدة جمعت ... بيني وبين خيال منه مأنوس .
دعني فإنك محروس ومرتقب ... وخلني وخيالاً غير محروس .
وله في اختلاس القبلة : .
توردت وجنتاه من خجل ... وقال : قبلتني على عجل .
فخل عني فإن في شفتي ... علامةً من تواتر القبل .
فلو رأى والدي علامتها ... حرمت ما عشت عذب مقتبلي .
فقلت : يا سيدي ويا سندي ... ويا رجائي ومنتهى أملي .
أسأت فاغفر إساءتي كرماً ... واعف عن الذنب واغتفر زللي .
وله في المدح وهو أبلغ ما سمعت في فنه : .
إن الخزائن للملوك ذخائر ... ولك المودة في القلوب ذخائر .
أنت الزمان فإن رضيت فخصبه ... وإذا غضبت فجدبه المتعاسر .
فإذا رضيت فكل شيء نافع ... وإذا غضبت فكل شيء ضائر .
وله في الشكوى وهو أيضاً حسن جداً : .
ألا فاصرفي عني ملامك إنني ... سقيت بكأس من جوى خالص صرف .
وحق لمثلي أن يساور قلبه ... لوافح حزن ما لجاحمها مطفي .
كأن ثراء المال عذراء أبصرت ... بكفي مشيباً فهي تنفر من كفي .
الأستاذ أبو علي .
الحسن بن عبد الله المطوعي .
يقول في مالين باخرز وأهلها : .
سقياً لمالين وأربابها ... وقدمة الفضل لأصحابها .
ظرافة الخلق غدت شيمةً ... أكثرهم دخل أبوابها .
ما منهم إلا له همة ... تسمو إلى الشمس وحجابها .
كفى لباخرز ومن حوله ... فخراً لمالين وكتابها .
إن غصت في أبحر آدابهم ... وجدت أصدافاً لطلابها .
الأستاذ أبو محمد العبد لكاني