فعشنا نواتي بلا رقبة ... وما ضاق عنا نقير النواة .
فقولا لريا : أفاق الزمان ... فواتي بوصلك قبل الفوات .
وله : .
لمن رسم دار بذات الأشا ... وقد أوحش القلب إذ أوحشا .
عهدت به بين غزلانه ... غزالاً حشا بالغرام الحشا .
وأنشدني له بعض من أثق به من تلامذة القاضي أبي العلاء صاعد بن محمد هذه القصيدة : .
سقياً لمنزلنا بذات خبار ... حيث العذول يريبها أخباري .
إذ حاجتي ذات المداري والهوى ... أقصاه والفلك المدار مدار .
ألقى زماني مسعداً ومساعداً ... وأرى سواءً حبرتي وحباري .
صاحبت بكراً من زمان مقبل ... ففضضت عذرته بخلع عذاري .
بكرت أزهار الحيا بمزاهر ... وأخذت من أوتارها أوتاري .
فعريت فيه من المروءة لابساً ... ثوب الهوى والعار ثوب العاري .
ومنها : .
لما فطمت عن اللذاذة كلها ... داوى النهى بصراري إصراري .
فوقفت في ربع خلا من أهله ... والدمع جار في فراق الجار .
والحب يأكل كل قلب فارغ ... خال ويسروه عريم الساري .
والمرء بالأوزار مخذول إذا ... لم يلف من تقواه ذا أوزار .
فإذا أجرتني الغواية حبلها ... في شرتي فقصارها إقصاري .
والمرء يقتل بالفراق وما له ... غير التعلل بالمنى من ثار .
وإذا الفتى حرم الغنى في أرضه ... ألقاه إقتار إلى الإقتار .
وكذاك من منع الحيا أحياؤه ... تبع القطار وسار في الأقطار .
صاحبت أحداث الزمان مجاملاً ... فاستعتبت أقدارها أقداري .
وركبت أهوال الفلاة مساوراً ... فنعشت من أخطارها أخطاري .
وغنيت دهراً لو غنيت بنصره ... ولقد أواري في الضلوع أواري .
يعني بنصر الأمير العالم العادل ابن سبكتكين أخا السلطان محمود : .
وأملني طول التصرف أنني ... أبصرت بخس الحق في استمرار .
فشكا إلى الله العزيز هوانه ... فافتكه من عقله وإسار .
والدين أبدى للإله جواره ... حتى أتاح له أعز جوار .
يا أيها القاضي الذي آثاره ... قد غبرت في أوجه الآثار .
وتبسمت أفعاله وكأنها ... غرر وضحن على جبين نهار .
وعقائل جلت العقول وجوهها ... أبكارها كقلائد الأبكار .
حجج كمثل طرائق الصبح انجلت ... معها ظلامة ممتر وممار .
وأبحن للدين القويم سعادةً ... وقطعن عنه دوابر الإدبار .
وعليه درع تقى وحلة سؤدد ... ورداء مكرمة وتاج فخار .
إن الأمير رآك سيفاً مثله ... هو في النضال وأنت يوم نظار .
ذاك الذي لو قال للفرس اضطرم ... نزل الحضار به بجنب حضار .
زند به عضد السيوف فصاوكت ... حرباً وزند في المجاعة وار .
فنفى غواشيه بطلعة نير ... ورمى أعاديه بشعلة نار .
وجلوت عن وضح الهدى فجلوته ... متضاحك الأنوار والأنوار .
يا من أقام ببلدة مستوطناً ... وثناه في الأسفار والأسفار .
تروى محاسن لفظها وكأنها ... درر وآراء كمثل دراري .
ومآثر قد خلدت فكأنها ... غرر وعزم مثل حد غرار .
ومنها في صفة القلم : .
قصبات فضل قد حوى قصباتها ... فجرى موقى كبوة وعثار .
يبثثن في القرطاس أجباء النهي ... بلعاب منقار لها من قار .
فكأنهن من الحرير لوابس ... قميصاً لها مفروجة الأزرار .
سقياً لأيام مضين مضيئة ... وظلمن مظلمةً وهن عوار .
فسعدت قبل بقربه وبقربتي ... وشقيت بعد ببعده ودياري .
كم من يد أسدت يداه كلاهما ... يمناه يمني واليسار يساري