رأيته في المعسكر بطوس مُطنِّباً في جوار الخيام النظامية مُنْطوياً في الخدمة على الإخلاص مشرَّفاً فيها بالاختصاص . وأصغيتُ إلى كلامه في مجلس النظر فإذا هو ألدُّ الخِصام يتمسّك من الجَدل بعُروة آمنةٍ من الانفصام . وقرأت له في كتاب " قلائد الشرف " من تأليف أبي عامر الجُرجانيّ ميمية مَوْسومةً بمدح الصاحب نظام المُلك استدللتُ على أخواتها واخترتُ لكتابي هذا ما يليق به من أبياتها وهي قوله : .
تأتي الأمورُ على النِّيَّات والهِمَمِ ... وإنْ تَمشَّتْ على الأقدار والقِسَمِ .
والرَّوحُ يصدرُ عن كَدٍّ وعن تَعَبٍ ... والمُلُكُ يُحرَزُ بالصَّمصام والقَلم .
ومنها في المدح : .
لم يُجْز " لا " قَطُّ في أثناء مَنطقِهِ ... كأنّه ما درى لفظاً سِوى نَعَمِ .
أحمد ين علي التِّرمذيُّ .
من المُنتظَمين في مُدّاح الصاحب نظام المُلك يقول من قصيدة : .
مَدَحتُكَ من بين البريّة واثقاً ... بأنّكَ تَدْري ما أقولُ وتَفْهمُ .
وما عَلقتْ إلاّ عليكَ خَواطري ... ولا كِدتُ إلاّ في ثَنائكَ أنظمُ .
وكلُّ نَوالٍ دونَ سَيبكَ ناقِصٌ ... وكلُّ مَديحٍ في سِواكَ مُحرَّم .
أبو نصر أحمد بن محمد النَّسَفيّ .
أنشدني الأديب الورع الحسن السمرقنديّ المحدِّث قال : أنشدني الأديب لنفسه من قصيدة يمدح بها قوماً : .
فمنهُمْ هُداةُ الدينِ في كلِّ مَحضَرٍ ... ومنهمْ كُفاةُ المُلكِ في كل عَسكر .
ولم يَخلُ من أخبارهم بطنُ دفترٍ ... يَبوحُ بعَلياهُمْ ولا ظَهرُ مِنْبرِ .
أبو الحسن علي بن محمد الكسائيّ .
المجتهد المقيم بنَسفَ وهو مَروَزيّ الأصل . أنشدني الحسين السمرقنديّ له : .
إن شئتَ أن تَلقى عصير الجَلْمَدِ ... أو مُخَّ ساقَيْ بقّةٍ في فَدْفَدِ .
فانظرْ إلى مستنزَرٍ مُستكرهٍ ... برّتْ به يدُ حاتم بن محمد .
أبو نصر الخالديُّ النَّسفيّ .
أنشدني القاضي أبو جعفر البحاثي C قال : أنشدني الأستاذ أبو محمد العَبدُلْكانيّ الزوزنيّ قال : أنشدني الخالديُّ لنفسه : .
اللهُ أكبرُ والمسعودُ من سُعِدا ... بالله قد أنجزَ الرحمنُ وما وَعَدا .
حُكمٌ من الله أنّ الأرض يملكُها ... مَسعودُ ثمّ بنوه خُلِّدوا أبَدا .
القاضي أبو عليّ النَّخْشَبيّ .
وليَ قضاء نيسابور وبها أقام وفي مروٍ نام . كتب إلى الوزير أبي القاسم البوزْجانيّ : .
بنى الشيخُ داريْن إحداهُما ... لدُنياه فائقةٌ فاخِرَهْ .
وأخرى إلى جَنبها للمَعاد ... وما هيَ عنها بمستاخِرَهْ .
فبوركَ للشيخ في مَنزلَيْ ... ه ؛ منزلِ دنياه والآخِرهْ .
محمد بن المؤمَّل اليَشْكُريّ .
المقيم ببخارا . كان عند أبي علي بن أبي الخير وقد رُدّ إليه غلامٌ كان حُمل إليه أسيراً إلى بَلْخان . فدخل عليه وقد ترنّم المغنّي بين يديه الوأواء الدمشقيّ : .
خُذْ يا غُلامُ عِنانَ طَرفكَ فاثْنِهِ ... عنّي فقد حَوتِ الشَّمولُ عِناني .
فأجاب بقوله : .
خلعَ العِنانَ أبو عليٍّ في النَّدى ... وخلعْتُ عنّي في هَواهُ عِناني .
إنّ الهلالَ منَ السماء طُلوعُهُ ... وهلالُهُ وافاهُ من بَلْخانِ .
والآنَ موكبُهُ يُطرِّز إذْ بدت ... في العين عِقدُ قِلادِة الغِلمانِ .
وله أيضاً في غلام نفخ في كوز ماء وهو سَقّاءٌ : .
ساقٍ يمرُّ بجَرَّةٍ في سوقِهِ ... والبَدرُ يطلعُ في مُزَرَّرِ زيقِهِ .
نفخَ القَذى عن كوزه والقلبُ من ... شوقٍ إليه مضرَّمٌ بحَريقه .
فأخذتُهُ وشربتُ منهُ مُعلِّلاً ... للقلب أنّ النَّفْحَ مَرَّ بريقِهِ .
وله في بعض أولاد العَلَويّة : .
غُصنٌ يلوحُ على تثنّي قدّه ... من نورِ أهل البيت فاخِرُ بُردِهِ .
فكأنّ يوسُفَ في الجمال أقامه ... لينوبَ عنهُ خليفةً من بعدهِ .
وكأنّما كتبتْ على وَجَناتِهِ ... بمِدادِ صُدغَيه ولايةُ عهدِهِ