وكأنَّ قُولَنْجَ النَّذالةِ مَسَّهُ ... فاستفَّ من إهْليلَجِ الأدبارِ .
وله : .
إذا ما عقدْنا مِنّةً عندَ جاحدٍ ... فلم نَرهُ إلاّ حَروناً عنِ الشُّكر .
رجَعْنا فعقَّبْنا الجميلَ بضِدِّهِ ... وقلنا له : ها فالْقَ عاقبةَ الكُفرِ .
وله في صفة المِسْرجة : .
ناظِرةٌ من شَفَتَيْها بها ... قد أبصرتْ عيني ولن تُبصرِ .
إنْ يسقي الكأسَ نديمي أَنَمْ ... وهذه إن تَسقِها تَسهرِ .
وله : .
أبى عزمةَ السُّلْوان قلبُ متيَّمٍ ... يمُدُّ التَّسلِّي عِشقَهُ بمُرودِ .
جليدٌ إذا حَرُّ الحديد أصابَهُ ... وليس على حَرِّ الهوى بجليد .
فلا تّعذِلا قوماً لهمْ عند عِشقهمْ ... عزائمُ صَعْوٍ في قلوب أُسودِ .
وله : .
لعنَ اللهُ مُبدِعَ التفخيذِ ... قد أتى لا أتى بغير لذيذ .
أيُّ طِيبٍ ولذةٍ لخَليعٍ ... شرِبَ الماءَ شهوةً للنبيذِ .
وله : .
دَعتْني الرُّبا من بُعدٍ فقلتُ لها ... لا شُجَّجتْ في محطِّ الضَّيم أوتادي .
كُفِّي فما لكِ عندي غيرُ مُلجَمةٍ ... تختال ما بين إصداري وإيرادي .
إن لو أرُعْك بخيلِ الصُّبح موقَرةً ... أُسْداً مُعبّأةً في نسج زَرّاد .
فلا لقيتُ أخِلاّءً بأرضكَ لي ... ولا تسمَّى بغير اليُتمِ أولادي .
وله : .
تالله تَعدُرُني العُلا ... والكأسُ تمرَحُ في يدي .
والحربُ لن تضربْ بنا ... خَيشومَ نقعٍ أربَدِ .
ورؤوسُ أعدائي جُثُو ... مٌ لم تَطِرْ بمُهنَّدِ .
وَيْلُمِّ دهرٍ لا يَسلْ ... لْمِني لطعنٍ أجرد .
قَلِقتْ بنا أيامُهُ ... فكأنّنا في مِزْوَد .
أرجو غداً وأقول عل ... لَ غداً ومَن لي بالغَدِ .
ابنه أبو الشرف عمادٌ .
اجتاز بناحيتي فاعتددتُ به واغتبطتُ واستكركتُه فارتبطت ووجدتُه شاباً أورثتْهُ الفضائل آباؤه ودلّ عليهم سيماؤه لولا سوءُ خُلقٍ ربما قمصَتْ به نَزَواته وشيطان سوءٍ ربما استهوته نَزَعاتُه . وقد قرأتُ في رسائل أبي الفضل البديع الهَمذاني : " للشيطان نزغات وللشبان نَزَقاتٌ ولكنْ يَربَعون إذا جاء الأربعون " .
وهذا الفاضل اطّلع شرفَ الأربعين وهو كالمُهر الأرِنِ قَمّاص وعلى إيقاع الزِّقِّ رقّاص . ولأدّب أولادي حَولين كاملين ولكنْ لم يتُمّ الإضاعة ألا لمن أراد أن يُتِمَّ الرضاعة . فأصبحتُ يوماً فإذا هو قد عرّى جَنابي من نفسه كدأبه في سياحته ومُغافصة وثْبته من عند كلِّ كريم أناخَ بساحته . وله شعر ليس كشعر أبيه ولكنّ النسب الكريم العريق قد أسْأر أثراً فيه وذلك كقوله : .
ألا عَلَّ العُلا تُمسي فَريسي ... أنا الضِّرغامُ والأقلامُ خِيسي .
وبالهِنديِّ ما أهدى ابنُ هِنْدو ... وضرْب الهام في يومٍ عبوسٍ .
وما في مُنتدى الفِتيانِ مِثْلي ... ولا في مُلتَقى الشُّجعان لي سِيْ .
وكَفِّي بالرماح السُّمرِ أولى ... ولكنْ قد عداني اليومَ بُوسي .
ولا طِرفٌ لديَّ ولا حُسامُ ... ولا آلاتُ أبناء الخميسِ .
فإنْ أُعَنِ اغتربتُ إلى كرامٍ ... حُماةِ حقائقٍ في الروع شُوسِ .
وموتي في الوغى بالسيفِ أشهى ... إليَّ منَ المُدام الخَنْدَريسِ .
لأنّي لا أرى للمرءِ بُدّاً ... منَ الموتِ الموكَّلِ بالنُّفوسِ .
وأنشدني لنفسه : .
أرومُ المعالي مرّةَ بعدَ مرةٍ ... وأجعلُ عِرضي عُرضةً للشدائدِ .
وأجعلُ عَزْمي فيهِ رائدَ هِمَّتي ... وعَزْمُ الفتى في أمره خيْرُ رائدِ .
فإما أصِدْ مجداً وإما يَصيدّني ... مُريحُ حِمامٍ صائدً كلَّ صائد .
وأنشدني أيضاً لنفسه : .
ألا كلُّ شيءٍ فيه للروح راحةٌ ... تركتُ لكم حتى الرياحين والراحا .
وحتى صَباحاً كالمصابيح في الدُّجى ... وحتى صَبوحاً حينَ أُصبحُ مُرتاحا