إذا هوَ لم يُسفَكْ بسيفٍ فإنّني ... أُصيِّرهُ دمعاً على الخَدِّ يُسجَمُ .
وله أيضاً : .
خلعَ الجمالُ على عِذارك خلعةً ... خَلعتْ قلوبَ العاشقين غَراما .
قد تمَّ حسنُك بالعِذار فمَن رأى ... قمراً يكونُ له الكسوفُ تِماما .
قلت : وقد اتّفق لي معنىً يقربُ من هذا وذلك قولي : .
وجهٌ حكى الوصلَ طَيباً زانَه صُدُغٌ ... كأنه الهَجرُ فوقَ الوصلِ عَلَّقّهُ .
وقد رأيتُ أعاجيبَ الزمان وما ... رأيتُ وصلاً يكونُ الهَجْرُ رَونقَهُ .
وأنشدني الدِّهخُدا أبو سعد بن علي بن سيفٍ بالريّ قال : أنشدني ابنُ هِنْدوُ لنفسه : .
وعهدِ شبابٍ قد خَلعتُ جديدهُ ... على خُلَّبيَّ الودِّ غيرِ أمينِ .
نَجلتُ له سرَّ الهوى وأبحتُه ... حِمى النُّصح إني ناصحٌ لقريني .
إذا قلتُ قد أعطى القيادَ رأيتُني ... ألفٌ على كفَّيَّ حبْلَ حَرون .
فلما تأبّى قلبه غيرَ خَفقةٍ ... وُدَّ كبيتِ العنكبوت طَنينِ .
أطرتُ غُرابَ البيْن في عَرَصاته ... وقلت : تأمّلْ غيرُ دينك ديني .
وودّعتُ أسبابَ الصَّبابة بعدَهُ ... فأخفيتُ دَمعي واختزْنتُ حنيني .
ولي مثل قوله في صديقٍ مهلهل الوُدِّ سخيف العهد : .
ولي ربُ مولىً غَرَّني من عُهدوه ... يَمينٌ عليها صافحتْني يمينُه .
أكابدُ منه ضدَّ ما أستحقُّه ... فأصدُقُ في وُدّي له ويمينُ هُو .
عجِبتُ لأخلاق اللِّئام كأنهمْ ... عن الكرم المعجون في شيَمي نُهوا .
ولأبي الفرج : .
كانت ليالينا قصُرنَ بوصلكُمْ ... حتى رماها هَجْركم فأطالَها .
وإذا الدموع جَمُدن عند جفائكم ... أهوى لها حَرُّ الهوى فأسالها .
لو شاء مَن شغلَ الفؤادَ بحُبّه ... لأعاد أيامَ الحِمى وأدالَها .
وله : .
أيا أملي دونَ كُلِّ الورى ... إلامَ تُخيِّبُ منّي الأملْ .
وحتى متى أنا في لَم وقد ... وسوفَ وكلاّ ولِم لا وبل .
ألستُ الذي يلتوي دونكُمْ ... ببيضِ السُّيوف وسُمر الأسَلْ .
ولو جاءَ أمرُكُم لي بأنْ ... أموتَ إذاً مُتُّ قبلَ الأجَلْ .
فسَقياً له إنْ دَنا أو نأى ... وحلَّ بعَرصَتنا أو رَحل .
إذا زارني خِفتُ أعداءَه ... فأُخفي مواطِئَهُ بالقُبل .
وما هِجْرتي بابه عن قِلىً ... ولكنَّها لفَناءِ العِلل .
وله : .
رياضُ أمانيَّ الرجال أنيقَهْ ... وأغصانُ أطماعِ الرجالِ وريقَهْ .
ومَن لَحظَ الدنيا بعينٍ حقيرةٍ ... فقد حفظَ الدنيا بعينٍ حقيقه .
وله : .
وهِمّةٍ في المعالي كنتُ أكبِتُها ... زِرّي مخافةَ أن تَجني على عُنُقي .
أباحَها السُّكرُ مني فامتلأ حَسداً ... خِلِّي وأَرعِد نَدْماني من الفَرَقِ .
هل تحفظُ الكأسُ يوماً سرَّ صاحبِها ... وسرُّها غيرُ محفوظٍ من الحَدقِ .
وله يهجو .
يؤلمه مضغيَ من خُبْزِهِ ... كأنني من جسمه أمضُغُ .
وقبلَ أنْ أهوى إلى لقمةٍ ... يصيح : يا ربِّ متى يَفرُغ .
بينَ يديه المِيلُ والتخْتُ كي ... يَحسبَ ما يبلَعُ كم يبلُغُ .
وله : .
ألا مَن لقلبٍ بالفِراقِ مَروعِ ... ودُفّاعِ جمرٍ صُبَّ بين ضُلوعي .
وقِرطاسِ خدٍّ في هواك مَشَقْتُهُ ... بأقلام هُدْبي من مِدادِ دُموعي .
وله : .
وإنَّ لصَرفِ الدهرِ بينَ جَوانحي ... وقائعَ أنفاسي لهُنَّ عيار .
تولّى شبابي فارتديْتُ الرِّضى به ... ولا عَجَبٌ أنْ يُستردَّ مُعار .
وقالتْ تفاريقُ الشباب بلمَّتي : ... تمتَّعْ فما بعدَ العَشيِّ عَرارُ .
وله أيضاً : .
كأنَّ الزمانَ فسا على الأحرار ... فالآنَ لطَّخهُمْ بسَلحٍ جارِ