"ميثاق الوحدة الإسلامية" على ضوء السنة النبوية وسيرة النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم

"ميثاق الوحدة الإسلامية" على ضوء السنة النبوية وسيرة النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم

 

"ميثاق الوحدة الإسلامية"

على ضوء السنة النبوية وسيرة النبي الأعظم
صلى الله عليه وآله وسلم
 
 
د.خالد زَهْري

باحث و مفكر اسلامي - الرباط

 

 
من أهم ما يميز "ميثاق الوحدة الإسلامية" هو أنه مشروع مؤطَّر بالكتاب والسنة، بحيث يمكن الاستدلال على كل فقرة من فقراته، بل كل عبارة من عباراته، بآية من القرآن الكريم، أو حديث نبوي شريف، أو موقف من مواقف النبي الأعظم في سيرته العطرة.
وهذا أمر لا يحتاج إلى تسويغ، بسبب أن المشروع ذو وسائل ومقاصد إسلامية يرتبط بحاضر الأمة الإسلامية ومستقبلها، بل يرتبط أيضا بماضيها، ما دام الحديث عن التقريب بين المذاهب الإسلامية، لا يمكن أن يكون في معزل عن المراجعة النقدية للتراث الإسلامي، لاسيَّما ما كُتب منه بروح التعصب والإقصاء، دون أن نستثني من ذلك أي مذهب من المذاهب الإسلامية المعترف بها.
وبسبب أن الميثاق المذكور يصرِّح بأنه ذو منطلق إسلامي، وأن تحرير كل بنوده كان "انطلاقا من الإيمان بأن الإسلام أمانة في أعناق المسلمين، وعليهم الدفاع عنه، وعن مقدساته"، وبديهي أنه لا يمكن أن نتصور إسلاما دون الكتاب والسنة، كما أن الدفاع عنه وعن مقدساته يظل وَهْمًا دون تحكيمهما.
ورَدًّا للعجز على الصدر، ينتهي الميثاق - كما بدأ - بأهمية، بل وجوب، تحكيم القرآن والسنة، حين يتعلق الأمر بفتوى المفتي العالِم بهما، والخبير بأحوال الزمان والمكان ومتغيراتهما[1]، مع الأخذ بعين الاعتبار أن السنة النبوية تشمل أيضا سيرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بمقتضى التعريف الذي وضعه علماء الحديث كما سنرى عند ذكر التعريفات المختلفة لمصطلح "السنة".
وهذا يعني ، ضرورة واقتضاء، أن "ميثاق الوحدة الإسلامية" يتخذ من الكتاب العزيز والسنة الشريفة والسيرة النبوية منطلقا وغاية. فهو انبثاق منها، بل يمكن القول: إنه لا يزيد عن كونه تذكيرا بما أمر الله به في كتابه، وبما جاء به نبيُّنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم في سنته ودلت عليه سيرته وسيرة أصحابه رضي الله عنهم أجمعين.
هذا، وإنني سأقتصر في هذا البحث على الكلام على أهم الإشكالات المطروحة بين المذاهب الإسلامية، حول السنة النبوية والسيرة، ومحاولة تبديدها على ضوء "ميثاق الوحدة الإسلامية". أما القرآن الكريم، فإن ما يُطرح حوله من إشكالات بين المذاهب الإسلامية، كخرافة القول بالتحريف، فليس من الإشكالات في شيء، وإنما هي ترَّهات وأباطيل، يجب تجاهلها والإعراض عن مُثِيريها ما دامت لا تصدر إلا من أعداء التقريب وخصوم الوحدة[2]، وهؤلاء أجنبيُّون عن موضوعنا، مادام المشروع يهم أساسا العلماء والمفكرين الحاملين لِهَمِّ الوحدة والتقريب وجماهير الأمة الذين اكتووا بنار الفرقة.
وأبرز الإشكالات التي أبغي معالجتها في هذا البحث ما يلي:
- الاختلاف حول مفهوم السنة بين المذاهب الإسلامية.
- الصحابة بين التعديل والتجريح.
- الخلافة بين الشورى والوصية الإلهية.
- الموقف من الحديث الذي يخالف ظاهر القرآن.
- الاختلاف في مفهوم السنة والبدعة.
 
الاختلاف حول مفهوم السنة
لا شك أن "ميثاق الوحدة الإسلامية" ينص صراحة بأن السنة النبوية هي المصدر الثاني من مصادر التشريع الإسلامي المجمَع عليها بين كل المذاهب الإسلامية، وبعبارته: "إن الكتاب الكريم والسنة النبوية الشريفة، هما المصدران الأساسيان للشريعة، وسائر التعاليم الإسلامية، والمذاهب الإسلامية كلها تشترك في هاذين المصدرين، وإن اعتبار المصادر الأخرى رهن بكونها مستمدة منهما".
وجاء فيها أن "الإيمان بنبوة وخاتمية الرسول الأكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وأن سنته تمثل أحد مصدري الدين الرئيسين"[3] يعد من الأصول والأركان الضابطة للصبغة الإسلامية.
كما ورد في الفقرة الرابعة عشر (14) من "الخطوات العامة" وجوب "التصدي للمذاهب والاتجاهات الفكرية المغالية، أو المفرطة، التي تتعارض مع الكتاب والسنة"، وأشارت الفقرة السادسة عشر (16) من "الخطوات العامة" أيضا إلى أهمية السنة في الفتوى.
 بيد أن هذه الأحكام، إن كانت مقبولة، ولا يماري فيها مسلم عاقل غيور على مصير الأمة، من حيث الجملة، فإن الدخول في بعض التفصيلات يجعل للإشكال موطئ قدم بين أرباب الوحدة والتقريب. وأبرز هذه التفصيلات الخلاف حول مفهوم السنة، حيث يعرِّفها أهل السنة بما يخالف التعريف المعهود لدى الشيعة الإمامية.
فقد عرفها أهل السنة بأنها: "ما أثر عن النبي من قول، أو فعل، أو تقرير"[4]. هذا من حيث الجملة، وإلا فإن تعريفها يختلف بحسب اختصاص علماء الشريعة. فعند علماء الحديث هي: "كل ما أثر عن الرسول صلى الله عليه وسلم من قول، أو فعل، أو تقرير، أو صفة خلقية أو خلقية، أو سيرة، سواء كانت قبل البعثة أم بعدها".
وعند علماء أصول الفقه: "هي كل ما صدر عن النبي صلى الله عليه وسلم – غير القرآن الكريم - من قول، أو فعل، أو تقرير، مما يصلح أن يكون دليلا لحكم شرعي".
وعند الفقهاء: "هي كل ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يكن فرضا، ولا واجبا"[5].
وعرفها الشيعة الإمامية بما يضارع التعريفات السنية، إلا أنهم يضيفون "ما أثر عن الأئمة الاثني عشر، الموسومين بالعصمة، التي تعتبر من الخصائص المشتركة، بين النبي والإمام"، مما يجعل قولهما حجة على حد سواء، يقول هاشم معروف الحسني: "والذي تعنيه هذه الكلمة - أي: كلمة السنة - إذا وردت على لسان الفقهاء والمحدثين، هو ما صدر عن المعصوم، نبيا كان أو إماما، من قول أو فعل، أو تقرير، فيما لو كان قوله، أو تقريره، في مقام التشريع، وبيان الواقع"[6].
فهم يقررون "أن الأئمة من أهل البيت عليهم السلام ما كانوا مجتهدين، ولا مستنبطين، ولكن كانوا رواة السنة. لذا، فإن كل ما صدر عنهم كان سنة، وهم يروون ابنا، عن أب، عن جد، عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم"[7]، ويعتقدون أن "الإمامة خلافة عن النبوة، قائمة مقامها، إلا في تلقي الوحي الإلهي بلا واسطة"[8].
وليس يعني ذلك، أن للإمام حق نسخ الأحكام، أو الإتيان بشرع آخر غير الذي أتى به محمد صلى الله عليه وآله وسلم، بدليل قول الصدوق: "وشريعة محمد صلى الله عليه وآله وسلم لا تنسخ إلى يوم القيامة، ولا نبي بعده إلى يوم القيامة. فمن ادعى بعد نبينا، أو أتى بعد القرآن بكتاب، فدمه مباح لكل من سمع ذلك منه"[9].
إذًا، فمن المشاكل المطروحة، في سبيل التقريب بين المذاهب الإسلامية، الاختلاف في مفهوم "الحديث".
نعم، قد يتبدد الإشكال إذا كان سند الحديث لدى الإمامية متصل الحلقات إلى الرسول الكريم، دون انقطاع، أو إعضال، أو إبهام، أو إرسال، لكن الإرسال يثبت حين يكون الحديث منقطع السند، كما هو شأن كثير من الأحاديث الصحيحة لدى الإمامية، وإن كان الإمام يرفعها مباشرة إلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، أولا يرفعها إليه أصلا. فهذا الحديث، لا شك غير معمول به لدى أهل السنة، لما فيه من خرم في السند، يوجب التضعيف وعدم القبول.
فلو تعلق الأمر بالصحابة من الأئمة، كعلي، والحسن، والحسين، رضي الله عنهم، فقد يختلف في شأنه من حيث اختلاف أهل السنة في وجوب العمل بقول الصحابي، أو عدم وجوبه. وأيضا قد يختلف في أمر الإمام التابعي، كزين العابدين علي بن الحسين السجاد، ومحمد الباقر، ومحمد الصادق، من حيث الاختلاف في وجوب العمل بالحديث المرسل، أو عدم وجوبه، إذا رفع الحديث مباشرة إلى رسول الله.
أما إذا لم يرفعه إلى رسول الله، فلا يلتفت إليه أهل السنة، إلا أن يعتبروه رأيا، أو حكمة، يستأنس بها. بينما يوجب الإمامية العمل به، لدخالته في مُسَمَّى"الحديث"، يقول محمد حسين فضل الله: "وقد ينطلق الفريق الآخر[10]، من "مدرسة الخلافة"، بعيدا عن التراث الضخم في أحاديث أئمة أهل البيت، فلا يرون أحاديثهم حاسمة في المسألة الكلامية أو الفقهية، لأنهم لا يرون آراءهم حجة مطلقة، كما لا يعتبرون هذه الأحاديث متصلة الأسانيد بالنبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فينظرون إلى ما يرويه الأئمة عن النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم على أنها أحاديث مرسلة، لأن الأئمة لا ينقلون عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم معنعنا، بل يطلقونه مرسلا، فينسبونه إليه صلى الله عليه وآله وسلم مباشرة، من دون واسطة، بينما يرى فريق "مدرسة الإمامة"، أن الأئمة في كل أحاديثهم ينطلقون من كلمات الرسول، حتى لا ينسبون إليه، لأن الإمام جعفر الصادق (ع)، كان يقول – فيما روي عنه - ما مضمونه: "حديثي حديث أبي، وحديث أبي حديث جدي، وحديث جدي حديث رسول الله". هذا بالإضافة إلى اعتقاد فريق "مدرسة الإمامة" بعصمة الأئمة عليهم السلام عن الخطا، مما يجعل حديثهم يمثل الحقيقة الحاسمة التي لا مجال للجدل فيها، إذا صحت الأحاديث المنقولة عنهم"[11].
فما السبيل، إذا ، لتجاوز هذا الإشكال؟
الجواب، أن ذلك يكون بسبيل التطبيق الواعي للفقرة التاسعة (9) من "الخطوات العامة" من "ميثاق الوحدة الإسلامية"، وهو: "دعا القرآن الكريم المسلمين إلى اعتماد مبدإ الحوار المنطقي مع الآخر، بعيدا عن التهويل والضوضاء. وذلك، من أجل بلوغ الحقيقة. ولذا، يجب على المسلمين، من باب أولى، أن يتم حل اختلافاتهم عن طريق الحوار السليم، ومراعاة آدابه المنطقية والأخلاقية فيما بينهم، والقيام بخطوات علمية في سبيل ذلك، وكذلك الاهتمام بالجانب العملي للتقريب، وتجسيد هذهالقيم في حياتهم".
فهذه الفقرة، تنص على أن حل المسائل الخلافية رهينان بمراعاة الخطوات الأربع التالية:
1 - اعتماد مبدإ الحوار، لا التهويل والضوضاء.
2 - أن يكون هدف المتحاورين هو بلوغ الحقيقة.
3 - التركيز على الجوانب العملية في التقريب.
4 - تجسيد قِيَم التقريب في الحياة.
ولعل من أهل المسائل الخلافية، ما نحن الآن بصدده، مما يجعل حل إشكالاته باقتفاء أثر هذه الخطوات منسجما مع الغايات والمقاصد التي يهدف إليها "ميثاق الوحدة الإسلامية".
فبمقتضى الخطوة الأولى، وهي: "اعتماد مبدإ الحوار، لا التهويل والضوضاء"، يجب مراعاة الاختلاف في منهج الجرح والتعديل بين أهل السنة والشيعة الإمامية ، فيما نحن بصدده، وأن لا تتخذ ذريعة للطعن في أحاديث الطائفة المخالفة، دون النظر فيها. والقاعدة المعهودة في "أصول الفقه" تقول: "الاستدلال بالمختلف فيه على المختلف فيه لا يجوز".
هذا، وإن الأحاديث الواردة في كتب الحديث الموقوفة على الأئمة من أهل البيت، أو المنقطعة، يوجد لكثير منها نظائر متصلة السند، ومرفوعة إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في كتب الحديث التي عليها مدار الأحكام عند أهل السنة، فَلِمَ لا يعتبرها أهلُ السنة من قبيل الشواهد والمتابعات؟!
وبمقتضى الخطوة الثالثة، وهي: "التركيز على الجوانب العملية في التقريب"، فقد قام "المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية" بإصدار سلسلة هامة جدا، وهي "سلسلة كتب الأحاديث المشتركة"، حيث احتوت على الأحاديث ذات الصِّبْغة العملية، وهي أحاديث الأحكام، الواردة في المصنفات الحديثية السنية والإمامية على حد سواء، وتبويب موضوعاتها بحسب أشباهها ونظائرها، مع الإشارة في الهوامش إلى أن هذا الحديث من البخاري، والآخر من الكليني، أو غيرهما، كأبي داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، والموطأ، وأحمد بن حنبل، والصدوق، والطوسي، إلخ.
ولا ريب في أن هذه الخطوة العملية مباركة، وشجرة طيبة ستؤتي أكلها، لاسيَّما بعد إتمام مشروع هذه السلسلة، وتحويله إلى مرجع أساس في المعاهد المتخصصة ومراكز البحث العلمي، وأقسام وشعب علم الحديث خاصة، والعلوم الإسلامية عامة، في الجامعات الإسلامية.
ومن أهم ما تحققه هذه السلسلة، الخطوة الرابعة المذكورة آنفا، وهي: "تجسيد قيم التقريب في الحياة"، إذ إن الأحاديث المشتركة تعتبر تطبيقا جيدا للفقرة الأولى، من "الخطوات العامة"، والتي تذكرنا بسيرة الرعيل الأول من الصحابة رضي الله عنهم، وهي: "ضرورة التعاون الكامل في الموارد التي يتفق المسلمون عليها". ولا يخفى ما في ذلك من تطبيق لأهم وأبرز قِيَم التقريب، وهي التي تنص عليها الفقرة الأولى، من "التطلعات": "السعي إلى جعل الوضع الذي يعيشه المجتمع الإسلامي المعاصر، أقرب ما يكون إلى عصر الرسالة الأول، من حيث الأخوة الدينية، والتعاون على البر والتقوى، والوقوف صفا واحدا أمام التحديات، والتواصي بالحق، والتواصي بالصبر، والابتعاد عن التفرق والتنازع، وعن كل ما يؤدي إلى وهن المسلمين وفشلهم".
ولا شك أن العمل بإخلاص من أجل تجسيد هذه القيَم المقرَّرة في سيرة الرسول الأعظم وسيرة صحابته رضي الله عنهم، ومن أجل تحويلها إلى واقع عملي في حياة المسلمين، مساوق للخطوة الثانية، وهي: "أن يكون هدف المتحاورين هو بلوغ الحقيقة"، بل إن هدف بلوغ الحقيقة من أهم القيم المندرجة في القيم المشار إليها، خاصة قيمة "التعاون على البر والتقوى".
بيد أن هذا العمل، وإن كانت أهميته وفائدته غير خافية على أهل الاختصاص، ينقصه عمل علمي آخر، وهو المتمثل في ذكر السند السني والسند الإمامي، والإشارة إلى درجة الحديث وما يتعلق به من سِيَر، من حيث الصحة، والحسن، والضعف، اعتمادا على توثيق كل مذهب لحديثه المعتمَد.
أعني، أن هذا الحديث النبوي أو الخبر الراوي لجانب من جوانب السيرة النبوية العطرة لدى أهل السنة، يشار إلى صحتهما، أو ضعفهما، من المنظور السني، لا الشيعي. والعكس يقال فيهما لدى الشيعة.
وبذلك، نجتنب الخلط، الذي يؤدي إليه الجمع غير المرتب، والانصهار غير المنهجي، في كتاب واحد، مما تأباه طبيعة كل كتاب، وترفضه الروح التي كتب بها.
يقول عبد الأعلى السبزواري في تقرير هذا التوجه: "يمكن أن تكون جملة كثيرة من التضعيفات من دسائس المعاندين، كما يصرحون في كتبهم القديمة والحديثة من أحاديث الشيعة ضعيفة ومزورة، والتوجه إلى هذه الجهة، يحتاج إلى فحص كامل في كتبهم. ومع ذلك، توثيقنا لرجالنا لا ينفعهم، كالعكس. ويا ليت العلماء بذلوا جهدهم في تطبيق أخبارنا مع أخبارهم النبوية، والأخذ بالمتفق عليه بيننا وبينهم، وهو كثير جدا، مع اختلاف في العبارة. وبذلك، ترتفع جملة من التفصيلات والخلافات، ثم إن جملة كثيرة من عبارات التضعيف، لا ينبغي صدورها من العلماء. وقد كان المرجو منهم عدم التعرض لها، إلا بعد الفحص والتثبت الأكيد"[12].
ويقول محمد مهدي شمس الدين: "... وحتى في مجال السنة، أنا أوشك أن أنجز قراءة كتابي البخاري ومسلم كليهما. وقد اكتشفت من قراءتي لهذين الكتابين عن نسبة التوافق بين السنة المروية في هاذين الكتابين، وبين السنة المروية عن أئمة أهل البيت. التوافق كبير جدا، وأنا لا أستطيع أن أغامر بذكر نسبة مئوية عالية جدا، وأقول تسعين بالمائة، أو خمسة وتسعين بالمائة، ولكن بالتأكيد نسبة التوافق تتجاوز سبعين في المائة. ومع وجود هذه النسبة، أتساءل: لماذا لا ينتفع الفقيه الشافعي، أو الحنفي، أو الحنبلي، أو المالكي، أو الزيدي، من السنة النبوية عن أهل البيت (ع)، والفقيه الشيعي الإمامي، لماذا لا ينتفع من السنة المروية عند البخاري ومسلم؟!"[13].
ومن الخطوات العملية التي أقترحُها في مجال التقريب، تخريج الأحاديث النبوية والآثار والأخبار من كتب الحديث والسيرة السنية والإمامية على حد سواء، عند تحقيق مخطوط، أو أي دراسة تفرض علينا التوثيق في سند الحديث ومتنه، عوض ما نشهده في البحوث والدراسات من استناد كل طائفة على كتبها المعتمدة، دون سواها، إما ازدراء بها، وتنقيصا من قيمتها العلمية، وإما جهلا بها.
ومن الإشكالات ذات الصلة بما نحن بصدده، تجريح هذه الطائفة لرجال الطائفة الأخرى، مما يستلزم عدم وثاقة الأحاديث والسِّيَر ذات الأسانيد المثلومة، والرجال المجروحة.
فالشيعة مبتدعة بمنظور أهل السنة، لأمور عدة، أبرزها القول بعصمة الإمام. وأهل السنة مختلفون في أخذ الخبر عن المبتدع. فمنهم من يرده بإطلاق، ومنهم من يقبله بإطلاق، مادام لا يستحل الكذب في نصرة مذهبه. ومنهم من يقبله إذا لم يكن يدعو إلى بدعته. أما الرد بإطلاق، فمرجوح لدى المحققين من علماء الحديث، يقول ابن الصلاح: "والأول[14] بعيد مباعد للشائع عن أئمة الحديث، فإن كتبهم طافحة بالرواية عن المبتدعة غير الدعاة. وفي الصحيحين كثير من أحاديثهم في الشواهد والأصول"[15].
وقد أقرَّ شرف الدين الموسوي بذلك، في معرض رده على من ادعى أن الشيعة لا يحتج أهل السنة بهم[16]، وذكر أسماء بعض رجال الشيعة، وصل بهم إلى المائة، ممن احتج بهم أهل السنة في كتبهم، وذكروهم في أسانيدهم[17].
هذا، وقد روى عن جعفر الصادق المحدثون والفقهاء من أهل السنة[18] الذين عاصروه، وروى عنه سفيان بن عيينة، وسفيان الثوري، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وغيرهم كثير. وروى عنه أصحاب السنن: أبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، والدار قطني، كما روى عنه مسلم[19].
فالعدالة والضبط هما المطلوبان في قبول الأخبار، لا مذهب الراوي. وهذا لا يماري فيه الإمامية أيضا، بدليل أن كتبهم الحديثية طافحة بالكثير من رواة أهل السنة، يقول عبد الأعلى السبزواري: "العدالة المعتبرة في الراوي طريقية لإحراز صدقه في المقال، لا أن تكون لها موضوعية خاصة، كما في إمام الجماعة، والقاضي، والمفتي، ونحوهم. فالمناط كله في صدقه في المقال، عادلا كان في سائر أموره أو لا، إماميا كان أو لا. ويشهد له، مضافا إلى وضوحه، قوله عليه السلام: "لحديث واحد تأخذه عن صادق، خير من الدنيا وما حملت من ذهب وفضة"[20].
والعدالة المعتبرة، لدى كل المذاهب الإسلامية، هي المقرونة بالضبط والإتقان، إذ من العبث قبول خبر العدل الذي يعتريه النسيان، أو اختلط، أو داهمه الجنون.
وحيث إن مثقفينا وعلماءنا في حاجة ملحة لهذا الانفتاح الذي كان بين فقهاء المذاهب ومُحَدِّثيهم، فقد حث "ميثاق الوحدة الإسلامية" على ضرورة إحياء هذه الروح التي كانت سائدة بينهم ، وذلك في الفقرة الثانية من "التطلعات"، التي أوجبت على العلماء والمفكرين: "اقتداء الأتباع بسلوك أئمة المذاهب الإسلامية في التعامل بينهم، وتوسيع نطاق العمل به بين أتباع المذاهب اليوم".
 
الصحابة بن التعديل والتجريح
إن الصحابي هو أهم حلقة في طرق روايات الأحاديث والسيَر بعد النبي صلى الله عليه واله وسلم. لذا، كان تعديله، أو تجريحه، يؤثر في الخبر، قبولا أوردا.
فقد أجمع أهل السنة على تعديل الصحابة[21]﴿محمد رسول الله، والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم، تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا، سيماهم في وجوهم من أثر السجود، ذلك مثلهم في التوراة، ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار، وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما﴾[23]، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: "اللهَ اللهَ في أصحابي، لا تتخذوهم غرضا بعدي. فمن أحبهم ، فبحبي أحبهم. ومن أبغضهم، فببغضي أبغضهم. ومن آذاهم، فقد آذاني، ومن آذاني، فقد آذى الله، ومن آذى الله، يوشك أن يأخذه"[24].، بل اعتبروا ذلك من أصول العقائد وقواعد الإيمان الصحيح[22]. وذلك، بناء على عدة نصوص قرآنية وحديثية، منها قوله تعالى:
أما الإمامية، فالتجريح عندهم يشمل الصحابة أيضا، إلا زمرة منهم، كالصحابة من آل البيت، وخديجة، والمقدادين الأسود، وسلمان الفارسي. وهذا معمول به لدى الشيعة القدماء، كأبي جعفر الطوسي، والطبرسي، والمفيد، وغيرهم كثير[25]، وأيضا لدى المعاصرين منهم، كراضي آل ياسين[26]، ومحمد الحسين آل كاشف الغطاء[27]، وجواد مغنية[28]، ومحمد علي أسبر[29]، ومحمد كاظم محمد جواد[30].
لكننا نلمس في كتاب "سيرة رسول الله وأهل بيته"[31]، الذي تنشره "المعاونية الثقافية للمجمع العالمي لأهل البيت"، منهجا جديدا في دراسة سيرة الصحابة، حيث إنه يخلو من التجريح الشديد، المعهود في كتبهم القديمة والحديثة. إلا أن التجريح الضمني مازال ثابتا، والتجريح الصريح لا يبرح ينفلت من عقاله، خاصة في حق معاوية وأبي موسى الأشعري، وعمرو بن العاص، والوليد بن عقبة بن أبي معيط، وعتبة بن أبي سفيان، والمغيرة بن شعبة، وسمرة بن جندب، وأبي هريرة[32].
وأهم فقرة يمكن أن تكون لنا رِدْءًا في حل هذا الإشكال، الفقرة العاشرة (10)، من "الخطوات العامة"، وهي: "لا ندعو لإغلاق البحث في الجوانب التاريخية، والعقدية، والتشريعية، المختلف فيها. ولكن، يجب أن يُترك البحث فيها للمتخصصين، بروح من الأخوة، والموضوعية، وتحري الحقيقة. ولذا، ينبغي العمل على إيجاد مراكز للحوار العقدي، والفقهي، والتاريخي".
فبمقتضى هذه الفقرة نقول: إن الإنصاف يقتضي أن لا يكفر الإمامية لموقفهم المذكور من الصحابة، كما صنع بعض المتسرعين في تكفير أهل القبلة. فهم قد جُرِّحوا بتأويل، لا لكونهم صحابة. وقد نقل ابن حجر الهيتمي عبارة للبغوي: "من أنكر خلافة أبي بكر يبدع، ولا يكفر، ومن سب أحدا من الصحابة، ولم يستحل، يفسق"[33]، ثم قال: "واختلفوا في كفر من سب الشيخين، قال الزركشي - كالسبكي -: وينبغي أن يكون الخلاف، إذا سبه، لأمر خاص به، أما لو سبه لكونه صحابيا، فينبغي القطع بتكفيره، لأن ذلك استحقاق بحق الصحبة، وفيه تعريض بالنبي صلى الله عليه وسلم"[34].
وفي كتب "الإجماع"، لا نجد إجماعا على تكفير من سب صحابيا، بل التصريح بالاختلاف في المسألة هو الوارد، يقول ابن حزم في كتابه "مراتب الإجماع": "واختلفوا فيمن سب آل النبي صلى الله عليه وسلم، أو أحد أصحابه، أو ابتدع، أو لحق بدار الحرب، أيكون ذلك مرتدا؟"[35].
ولذا، لما سئل علي كرم الله وجهه عن الخوارج – وهم الدين حاربوه، وكفروه - "أكفارٌ هُمْ؟"، قال: "من الكفر فروا"، وسئل: "أَفَمنافقون هُمْ؟"، قال: "المنافقون لا يذكرون الله إلا قليلا، وهم يذكرون الله صباح مساء"، أو كما قال رضي الله عنه.
فلم يجسر رضي الله عنه على تكفيرهم، والحكم عليهم بالخروج عن الملة. وقد ذكر الزرقاني، في شرح حديث مالك، أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، قال: "من قال لأخيه كافر، فقد باء بها أحدهما"، أن أشهب قال: "سئل مالك عن هذا الحديث، فقال: "أرى ذلك في الحرورية"[36]، قيل: "أتراهم بذلك كفارا؟"، قال: "ما أدري ما هذا"[37]. فتوقف مالك عن تكفيرهم، ولم يعجل.
ولذا، أجمع المسلمون على وجوب قتل من سب نبيا، ولم يتب، لِما يستلزم ذلك من وجوب تكفيره، ولم يحكموا على من سب صحابيا بالقتل، بل قالوا بوجوب تعزيره وتأديبه، وهذا بداهة لا يستلزم تكفيره. يقول القاضي عياض: "وقال ابن حبيب: من غلا من الشيعة إلى بغض عثمان، والبراء منه، أُدِّب أدبا شديدا، ومن زاد إلى بغض أبي بكر وعمر، فالعقوبة عليه أشد، ويكرر ضربه، ويطال سجنه حتى يموت، ولا يبلغ به القتل، إلا في سب النبي صلى الله عليه وسلم"[38].
وليس يعني هذا أن يشمر أهل السنة عن سواعدهم - في عصرنا هذا خاصة – ليثخنوا الشيعة ضربا وجرحا! بل الجلوس على مائدة الحوار، والنقاش العلمي، يؤدي حتما إلى ما لا يبلغه العنف والتشنج. فالأمور بمقاصدها، لا بوسائلها.
هذا، وان كثيرا من أحاديث الشيعة مرفوعة إلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بواسطة من جرَّحوه من الصحابة. ويكفي تمثيلا لذلك بكتاب "فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام"، الذي ذكر فيه صاحبه ابن شاذان القمي مناقب علي كرم الله وجهه من طريق أهل السنة، بالتركيز على الصحابة المختلف في تعديلهم بين الطائفتين، كعبد الله بن عمرو، وابن مسعود، وعبد الرحمن بن عوف، وعمر بن الخطاب، وغيرهم.
وكذلك الأمر فيما يتعلق بالأحكام الشرعية، حيث الكثير منها مرفوع إلى رسول الله بواسطة أولئك الصحابة، كما تشهد بذلك كتب الإمامية.
ونمثل لذلك بكتاب "السجود على الأرض"، الذي أورد فيه صاحبُهُ عليٌّ الأحمدي الكثير من الأحاديث، التي رواها الصحابة المجرَّحون لدى الإمامية ، في القول بأنه لا يجوز السجود إلا على الأرض، من تراب، ورمل، وحصى، وحجر، وما أنبتته الأرض، مما لا يؤكل، ولا يلبس.
ومهما يكن من أمر، فإن الجميع متفق على أن هؤلاء الصحابة رضي الله عنهم، قد أبلوا في نصرة دين الإسلام بلاء حسنا، وقدَّموا مُهَجهم وكل ما يملكون في سبيل ذلك، بحيث انطبق عليهم ما قاله فيهم زين العابدين علي بن الحسين السجاد رضي الله عنهما: "اللهم وأصحاب محمد، خاصة الذين أحسنوا الصحابة، والذين أبلوا البلاء الحسن في نَصْرِهِ، وكانفوه وأسرعوا إلى وفادته، وسابقوا إلى دعوته، واستجابوا له حيث أسمعهم حجة رسالاته، وفارقوا الأزواج والأولاد في إظهار كلمته، وقاتلوا الآباء والأبناء في تثبيت نبوته، وانتصروا به، ومَن كانوا منطوين على محبته، يرجون تجارة لن تبور في مودته، والذين هجرتهم العشائر إذ تعلقوا بعروته، وانتفعت منهم القرابات إذ سكنوا في ظل قرابته، فلا تنس لهم اللهم ما تركوا لك وفيك، وارضهم من رضوانك، وبما حاشوا الخلق عليك، وكانوا مع رسولك دعاة لك إليك، واشكرهم على هَجرهم فيك ديار قومهم، وخروجهم من سعة المعاش إلى ضيقه، ومَن كثَّرت في إعزاز دينك من مظلومهم"[39].
وما جرى بينهم من خلافات سياسية واجتماعية، خاصة حول مسألة "الخلافة" بعد وفاة عثمان بن عفان رضي الله عنه، مردُّها إلى أن العصمة غير مشروطة فيهم، والواجب في ذلك تفويض أمرهم إلى الله تعالى، الذي وصفهم بأنهم رحماء بينهم، ولم يكلفنا بمحاسبتهم، وقد صدق عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى إذ قال: "تلك دماء طهر الله منها يدي، فلا أحب أن أُخَضِّب بها لساني".
وفي هذا المقام، أقول بأن على الإمامية مراجعة تراثهم في تجريح الصحابة، بإعادة قراءة سيرتهم، على ضوء ما قاله المحققون من أهل السنة، ودوَّنوه في زُبُر السِّيَر وحياة الصحابة، وذلك من منطلق حسن الظن بكل الصحابة، وحمل ما ارتكبوه من مواقف سياسية مخطئه على أنه كان على تأويل وحسن نية.
هذا، وإن "ميثاق الوحدة الإسلامية"، قد وضع حدا للمشكل، حين دعا، في الجملة الأخيرة، من الفقرة السادسة، من"الخطوات العامة" إلى "احترام أهل بيت رسول الله الطاهرين، وأصحابه الميامين".
وقد ناقشتُ المسألةَ مع كثير من علماء الشيعة، فألفيتهم يقولون بتفاضل الصحابة، لا بتجريحهم. وهو الموقف السليم الذي يؤيد الجملة المذكورة من المشروع، ويصلح لأن يكون منطلقا للمراجعة، منها ما كنت أدعو إليه، ومازلت، من أن مسألة تعديل الصحابة، يجب أن تنقل من المبحث العقدي إلى المبحث الأصولي[40]، وهو: "هل قول الصحابي حجة؟".
 
الخلافة بين الشورى والوصية الإلهية
اتفقت المذاهب الإسلامية على وجوب نصب إمام بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك بناء على عدة نصوص قرآنية وحديثية، منها قوله تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم﴾[41]، ومنها ما رُوي "عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: لا يموت نبي حتى يؤمه رجل من أمته"[42]، إلخ[43].
بيد أن الاختلاف بين علماء المذاهب الإسلامية المختلفة بشأن تفاصيل "الخلافة" لا يخفى على العلماء والباحثين، وخاصة بين أهل السنة والشيعة الإمامية، حيث اعتبرها أهل السنة مبنية على الشورى، وجعلها الإمامية منصبا إلهيا أوصى به نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم لابن عمه علي بن أبي طالب كرم الله وجهه.
ولا شك أن الاختلاف حول هذه المسألة يمثل أبرز عقبة في طريق التقريب بين أهل السنة والشيعة الإمامية، وقد امتلأت المصادر العقدية والتاريخية بتفاصيل هذا الخلاف وصل إلى حد التكفير أحيانا، بل كان سببا لتجريح بعض علماء الشيعة للخلفاء الراشدين الثلاثة أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم وأرضاهم.
والحال أن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، لم يجرِّحهم، بل كان نِعْمَ المُعِين والمشير لهم، بل كان الساعد الأيمن لهم في الذود عن الإسلام والدفاع عن حرمة المسلمين.
جاء في "استراتيجية التقريب بين المذاهب الإسلامية": "معروف أن دوافع الاختلافات السياسية الأولى، كانت بسبب موضوع الخلافة، حيث مال كل فريق إلى ما ثبت لديه ورجَّحه من الرأي، بينما كان الإمام علي كرم الله وجهه قد حسم الخلاف بنفسه، وقَبِلَ الأمر، وبايع الخليفة الأول أبا بكر الصديق، ثم الخليفة الثاني مِن بعده عمر بن الخطاب، ثم الخليفة الثالث عثمان بن عفان (رضي الله عنهم جميعا)، حفاظا منه على جمع كلمة المسلمين ووحدتهم، حتى صار الأمر إليه، وقبل إمارة المؤمنين، ليسير بهم نحو نصرة الإسلام، وخير المسلمين"[44].
بيد أننا إذا وقفنا عند الرؤية الشيعية، فسنرى أنها لا تختلف في جوهرها عن الرؤية السنية، لاسيَّما إذا وضعناها في ميزان "المصالح والمفاسد" كما فعل كثير من أعلام الشيعة. وقبل عرض بعض أقوالهم في تقرير ذلك، نذكر – على جهة المثال لا الحصر – حديثين بحسب الرواية السنية:
"عن عائشة، أن عليا قال لأبي بكر: والله ما منعنا أن نبايعك إنكار منا لفضلك، ولا تنافس منا عليك لخير ساقه الله إليك، ولكنا كنا نرى أن لنا في هذا الأمر حقا، فاستبددتم علينا، ثم ذكر قرابته مع رسول الله حتى بكى أبو بكر، ثم صمت، ثم تشهد أبو بكر فقال: والله لقرابة رسول الله أحب إلي من قرابتي، وإني والله ما ألوت في هذه الأموال التي بيننا وبينكم عن الخير، ولكني سمعت رسول الله يقول: "لا نورث، ما تركنا صدقة، إنما يأكل آل محمد في هذا المال"، وإني والله ما أدع أمرا صنعه فيه إلا صنعته إن شاء الله، فقال: موعدك العشية للبيعة، فلما صلى أبو بكر الظهر أقبل على الناس، وعذر عليا ببعض ما اعتذر، ثم قام علي، فذكر أبا بكر وفضيلته وسابقته، ثم قام إليه فبايعه، فأقبل الناس إلى علي، فقالوا: أحسنت وأصبت، وكان الناس قريبا إلى علي حين قارب الأمر المعروف"[45].
"عن زيد بن أسلم، عن أبيه قال: لما بويع لأبي بكر بعد النبي، كان علي والزبير بن العوام يدخلان على فاطمة فيشاورانها، فبلغ عمر، فدخل على فاطمة، فقال: يا بنت رسول الله، ما أحد من الخلق أحب إلينا من أبيك، وما أحد من الخلق بعد أبيك أحب إلينا منك، وكلمها، فدخل علي والزبير على فاطمة فقالت: انصرفا راشدين، فما رجعا إليها حتى بايعا"[46].
أما موقف المحققين من علماء الشيعة، فيتجه – كما ذكرنا – اتجاها مقاصديا، باعتبار أن عليَّ بن أبي طالب كرم الله وجهه، وإن كان بحسب عقيدتهم في الإمامة صاحب الحق في خلافة النبي صلى الله عليه وسلم، فقد سلم بالأمر لأبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم، حفاظا على المصلحة العامة للأمة، وبيان ذلك في الاقتباسات التالية، والتي تكشف لنا أيضا عن المكانة السَّنِيَّة التي يتبوؤها عمر بن الخطاب في قلب علي بن أبي طالب:
مما جاء في كتاب علي بن أبي طالب: "بسم الله الرحمن الرحيم، أما بعد، فإن بيعتي بالمدينة لزمتك وأنت بالشام، لأنه بايعني القوم الذين بايعوا أبا بكر وعمر وعثمان على ما بايعوا عليه، فلم يكن للشاهد أن يختار، ولا للغائب أن يرد. وإنما الشورى للمهاجرين والأنصار، فإذا اجتمعوا على رجل، فسمَّوه إماما، كان ذلك لله رضا، فإن خرج من أمرهم خارج بطعن أو رغبة، ردوه إلى ما خرج منه، فإن أبى، قاتلوه على اتباعه غير سبيل المؤمنين، وولاه الله ما تولى، ويصليه جهنم، وساءت مصيرا"[47].
ويقول علي بن أبي طالب في خطبة له: "أما بعد، فإن الله بعث النبي صلى الله عليه وسلم، فأنقذ به من الضلالة، ونعش به من الهلكة، وجمع به بعد الفرقة، ثم قبضه الله إليه وقد أدى ما عليه، ثم استخلف الناسُ أبا بكر، ثم استخلف أبو بكر عمرَ، وأحْسَنا السيرة، وعدلا في الأمة، وقد وجدنا عليهما أن توليا الأمر دوننا، ونحن آل الرسول وأحق بالأمر، فغفرنا ذلك لهما، ثم ولي أمرَ الناسِ عثمانُ، فعمل بأشياء عابها الناس عليه، فسار إليه ناس فقتلوه، ثم أتاني الناس وأنا معزل أمرهم فقالوا لي: بايع. فأبيت عليهم، فقالوا لي بايع فإن الأمة لا ترضى إلا بك، وإنا نخاف إن لم تفعل أن يفترق الناس، فبايعتهم"[48].
يقول محمد حسين فضل الله: "إن هناك تجربة إسلامية رائدة، وهي الواقع الإسلامي الذي عاشه المسلمون في مرحلة الخلفاء الراشدين، فقد كانت المسألة التي واجهها الإمام علي (ع)، هي حقه في الخلافة، الذي لم يحصل عليه، من خلال طبيعة التطورات، التي عاشتها مسألة الحكم في تلك الفترة، مما قد تطرح في الموقف، قضية الشرعية وعدم الشرعية للحكم آنذاك، التي قد يستتبعها التفكير في التحرك السلبي المضاد، أو الوقوف بعيدا عن ساحة المسؤولية.
ولكننا رأينا الإمام (ع) يطرح الخط العملي، كأساس للموقف، فيقول في بعض كلماته المأثورة عنه: "لأسلمن ما سلمت أمور المسلمين"، ليعطي القاعدة الإسلامية، التي تؤكد على أن النظرة في مثل هذه الأمور، ينبغي أن تتركز على الخط العام للسلامة العامة، للواقع الإسلامي في الحكم الإسلامي، لا على المفردات التفصيلية، التي تتحرك في داخل الحكم وخارجه، فليست القضية المطروحة هي في الموافقة على هذا العمل أو ذاك، أو على هذا العمل أو ذاك، أو على هذا الفهم للحكم الشرعي أو ذاك، بل القضية المطروحة هي كيف الحفاظ على السلامة الإسلامية العامة، للوجود السياسي الإسلامي. ونجده (ع) يتحدث في حديث آخر، كما ورد في "نهج البلاغة"، فيقول: "فما راعني إلا انثيال الناس على فلان - ويقصد أبا بكر – يبايعونه، فأمسكت يدي، حتى إذا راجعت الناس قد رجعت عن الإسلام، يريدون محق دين محمد (ص)، فخشيت إن أنا لن أنصر الإسلام وأهله، أن أرى فيه ثلما أو هدما تكون المصيبة به عَلَيَّ أعظم من فوت وِلايتكم هذه، التي إنما هي متاع أيام قلائل، يزول منها ما زال كما يزول السراب، أو كما ينقشع السحاب، فنهضت في هذه الأحداث وتلك، حتى زاح الباطل وزهق، واطمأن الدين وتنهنه"[49].
ويقول حسن موسى الصفار: "إنما نقرأ عن حُكّام التاريخ، ونشاهد حكام اليوم، كيف ينسفون كل القيم، ويدرسون كل المبادئ، ويضربون بها عرض الجدار، إذا اعترضت طريق سيطرتهم، أو هددت عروشهم بالخطر. ولكن الإمام علي بن أبي طالب، عرضت عليه الخلافة بسعة نفوذها، وعظيم امتيازاتها، شرط أن يعطي التزاما مخالفا للحق، ويمكنه بعد ذلك أن ينقضه، ولكنه أبى ورفض الخلافة. وذلك بعد مقتل الخليفة عمر بن الخطاب، الذي وضع مجلس شورى لاختيار خليفة للأمة من بعده، وكان المجلس يتشكل من ستة أفراد، أحدهم الإمام علي عليه السلام: "ولما اجتمعوا قال عبد الرحمن ابن عوف - رئيس المجلس - : "نبايعك يا علي، على كتاب الله، وسنة رسوله، واجتهاد رأيي"، فأبوا عليه، فرفض الخلافة، وبايعوا عثمان بن عفان، وقد ذكرت كتب التاريخ هذه الحادثة، وبهذا المضمون، ومنها تاريخ الطبري وغيره"[50].
ومهما يكن من أمر، فإن مسألة الخلاف حول الإمامة قد صارت في ذمة التاريخ، وينبغي معالجتها بعيدا عن الضغائن والأحكام التي امتلأت بها كثير من كتب التراث، ومن أفضل ما قيل في تقرير ذلك قول أحد كبار علماء الإمامية في العصر الحديث، وهو محمد رضا المظفر، يقول: "ولا يهمُّنا مِن بحث "الإمامة" في هذه العصور إثبات مَن هم الخلفاء الشرعيون، وأهل السلطة الإلهية، فإن ذلك أمر مضى في ذمة التاريخ، وليس في إثباته ما يعيد دورة الزمن من جديد، أو يعيد الحقوق المسلوبة إلى أهلها"[51].
وإن أثير حوله النقاش، فليكن على ضوء المقاصد الكبرى التي بنى عليه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه موقفه من الخلافة، بحسب ما قرَّره المحققون من علماء الإمامية كما أشرنا إلى ذلك، وهو أيضا من صميم الأساس الأول من أسس "ميثاق الوحدة الإسلامية": "الإسلام هو الدين الخاتم، والسبيل الوحيد لعلاء الإنسانية، وهو أمانة في أعناق المسلمين، عليهم تطبيقه في كل مناحي الحياة، والذب عنه، وعن حرماته ومقدساته، وعليهم تقديم المصلحة الإسلامية العليا على باقي المصالح".
 
 
الموقف من الحديث المخالف لظاهر القرآن
تكلمنا آنفا على سند الأحاديث والسيَر، بيد أن مسألة تعتبر من متممات ذلك، ولها ارتباط بمتن الحديث، وهي عرضه على القرآن الكريم.
فالإمامية تذهب إلى أن "أيّ قول، أو فعل، أو تقرير، ينسب إلى رسول الله، يجب أن يقارن بكتاب الله، ويتأكد من صحته على ضوئه. فما وافق كتاب الله، فهو سنة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وما خالفه، فهو ليس من السنة بشيء"[52].
وذلك، بناء على عدة نصوص إمامية، منها ما رواه الطبرسي في "مشكاة الأنوار"، عن علي رضي الله عنه، أنه قال لمحمد بن مسلم: "يا محمد، ما جاءتك رواية، من بر أو فاجر توافق القرآن، فخذ بها، وما جاءتك من رواية، من بَرّ أو فاجر تخالف القرآن، فلا تأخذ بها"[53].
لكن منهج أهل السنة في الحديث، يخالف ذلك، ويأباه. حقا، وردت أحاديث في كتب أهل السنة تعضد مذهب الإمامية في المسألة، كحديث: "ما جاءكم عني، فاعرضوه على كتاب الله. فما وافقه، فأنا قلته، وما خالفه، فلم أقله".
بيد أن علماء أهل السنة، لم يثبتوا له صدورا ولا وثوقا، يقول الشافعي: "ما روى هذا أحد يثبت حديثه في شيء، صغير ولا كبير، وإنما هي رواية منقطعة، عن رجل مجهول. ونحن لا نقبل مثل هذه الرواية في شيء"، ويقول البيهقي: "وقد روي الحديث من أوجه أخرى، كلها ضعيفة"[54]، ويقول يحيى بن معين: "إنه موضوع وضعته الزنادقة"[55].
وهذا، بموجب الحديث الصحيح، الذي رواه الإمام الشافعي بسنده، في كتابه "جُماع العلم"، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قال: "لألفين أحدكم متكئا على أريكته، يأتيه الأمر مما أمرت به، أو نهيت عنه، فيقول: لا أدري، ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه"[56]، علاوة على أحاديث أخرى في هذا المعنى.
نعم، قد يُقبل المنهج الإمامي، فيما نحن بصدده، لدى أهل السنة، عند تعارض الحديثين، والعجز عن تطبيق كل وجوه الجمع، فحينئذ يؤخذ بما وافق الكتاب العزيز. وهذا لا يماري فيه الإمامية أنفسهم، يقول محي الدين الموسوي الغريفي: "وقد وضع الأئمة من أهل البيت (ع) طريقا لمعرفة الحجة من الخبرين المتعارضين، وهو عرضهما على كتاب الله تعالى، والأخذ بما وافقه، وترك ما خالفه، إذ لا إشكال في أن الموافق هو الذي صدر لبيان الحكم الواقعي"[57].
ومهما يكن من أمر، فإن هذه المسألة من مصاديق الفقرة الخامسة، من "الخطوات العامة": "التعامل باحترام، عند الاختلاف، باعتباره نتيجة لإقرار التعددية الاجتهادية في الإسلام".
الخلاف في مفهوم السنة والبدعة
من الإشكالات الحاصلة بين المذاهب الإسلامية، رمي المذاهب المخالفة بالبدعة، بحيث يدعي كل مذهب أنه على سنة رسول الله وسيرته وما عليه السلف الصالح، وأن سواه على البدعة.
ودون تطويل في المسألة، نقرر بأن الفقرة الرابعة، من"الخطوات العامة"، قد تكون حَكَما في مَن هو المبتدع، وهذا نصها: "تجنب تكفير وتفسيق المسلمين الآخرين، ورميهم بتهم مثل البدعة. علينا - باعتبارنا مسلمين مؤمنين بمشروعية الاجتهاد في إطار المصادر الإسلامية - أن نقبل مستلزمات هذا المبدإ وتبعاته، حتى لو كان الرأي الاجتهادي خطأ في نظرنا. لذا، يجب أن ننقل الاختلافات من مرتبة الكفر والإيمان إلى مرتبة الخطأ والصواب".


[1] - انظر البند السادس عشر(16) من "الخطوات العامة"، في "ميثاق الوحدة الإسلامية".
[2] - انظر تفصيل ذلك في كتابنا "تذليل العقبات في طريق التقريب بين أهل السنة والشيعة الإمامية"، مطبعة أكدال المغرب، الرباط، ط. 1، 1418 / 1998، ص. 23 – 34.
[3] - "الواو" في هذا الأصل تفسيرية، بمعنى أن الشق الثاني منه، وهو "أن سنته (صلى الله عليه وآله وسلم) تمثل أحد مصدري الدين الرئيسين"، مفسر للشق الأول منه، وهو "الإيمان بنبوة وخاتمية الرسول الأكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم".
[4] - التعريف بالقرآن والحديث لمحمد الزفزاف، ط.1، د. ت.، ص.195
[5] - المختصر الوجيز في علوم الحديث لمحمد عجاج الخطيب، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط.3، 1407/1987، ص. 15-17.
[6] - تاريخ الفقه الجعفري لهاشم معروف الحسني، دار الكتاب اللبناني، بيروت، ط. 2، 1973، ص. 211.
[7] - سيرة رسول الله وأهل بيته، تأليف لجنة التأليف في مؤسسة البلاغ، منشورات المعاونية الثقافية للمجمع العالمي لأهل البيت، طهران، ط. 1، 1414، ج.1، ص. 382.
[8] - "النافع يوم الحشر في شرح الباب الحادي عشر للعلامة الحلي" للمقداد السيوري، دار الأضواء، بيروت، ط.1، 1409/1988، ص.95.
[9] - علل الشرايع لابن بابويه القمي، دار البلاغة، د. ت.،ج. 1، ص. 123.
[10] - أي: أهل السنة.
[11] - تأملات في آفاق الوحدة الإسلامية لمحمد حسين فضل الله، مجلة "المنطلق" بيروت، العدد 113، سنة 1995، ص.23-24.
[12] - تهذيب الأصول لعبد الأعلى السبزواري ، الدار الإسلامية، بيروت، ط.2 ، 1406/1985، ج. 2، ص.109.
[13] - الوحدة الإسلامية: إطلالة على المؤثرين التاريخي والمنهجي، لمحمد مهدي شمس الدين، مجلة "المنطلق"، بيروت، العدد 113، سنة 1995، ص. 101-102.
[14] - أي: مذهب الرادّ لحديث المبتدع بإطلاق.
[15] - مقدمة في علوم الحديث لابن الصلاح، دار الكتب العلمية، بيروت، 1409/1989، ص.55. الاقتراح في بيان الاصطلاح لابن دقيق العيد، دار الكتب العلمية، بيروت، 1406/1986، ص.58-59.الإحكام في أصول الأحكام لابن حزم الأندلسي، دار الكتب العلمية، بيروت، د. ت.،ج.4، ص. 629-631.
[16] - المراجعات لشرف الدين الموسوي، دار المرتضى، د. ت.، ص. 48، المراجعة الرابعة عشر.
[17] - المصدر نفسه، المراجعة السادسة عشر.
[18] - وعلى رأسهم أبو حنيفة ومالك بن أنس.
[19] - الإمام الصادق لأبي زهرة، دار الفكر العربي، د. ت.، ص.252.
[20] - تهذيب الأصول، ج.2، ص.103-104.
[21] - مقدمة ابن الصلاح، ص.146-147.
[22] - قواعد العقائد لأبي حامد الغزالي، ضمن المجموعة الثانية من رسائل الإمام الغزالي، دار الكتب العلمية، بيروت، ط. 1، 1414 / 1994، ص. 99. الاقتصاد في الاعتقاد لأبي حامد الغزالي، دار الكتب العلمية بيروت، ط.1، 1409/1988، ص.152.
[23]- سورة الفتح، الآية 29.
[24] - الحديث ذكره القاضي عياض في "الشفا بتعريف حقوق المصطفى"، تحقيق محمد أمين قرة علي وآخرِين، دار الفيحاء، عمّان، ط. 2، 1407/1986، ج. 2، ص. 651.
[25] - الإفصاح في إمامة علي بن أبي طالب عليه السلام للمفيد، دار المنتظري، بيروت، ط. 2، 1409/1989، ص.39.
[26] - صلح الحسن لراضي آل ياسين، منشورات ناصر خسرو، بيروت، ط.4، 1399/1979، ص.46.
[27] - أصل الشيعة وأصولها لمحمد الحسين آل كاشف الغطاء، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت، ط.4، 1413/1993، ص.84.
[28].- مع بطلة كربلاء السيدة زينب بنت أمير المؤمنين لمحمد جواد مغنية، دار التيار الجديد – دار الجواد، بيروت، ط. 5، 1412/1992، ص. .58.
[29] - المقدادين الأسود لمحمد علي أسبر، دار الأصالة، بيروت، ط.1، 1412/1992، ص.204.[29]
 [30]- أهل البيت القيادة الربانية لمحمد كاظم محمد جواد، دار البيان العربي، بيروت، ط.1، 1412/1992، ص. 7، 314.[30]
[31] - مؤلفه: لجنة التأليف في مؤسسة البلاغ بطهران. وهو في جزأين ضخمين. ليفأليف [31]
[32] - سيرة رسول الله وأهل بيته، ج. 2، ص. 18، 20، 21، 30-31، 34، 35، 38، 39 – 40، 41.[32]
 [33]- الإعلام بقواطع الإسلام لابن حجر الهيتمي، دار الكتب العلمية، بيروت، 1407/1987، ص. 28.[33]
 [34]- المصدر نفسه، ص.28[34]
[35]- مراتب الإجماع لابن حزم، وبهامشه "نقد مراتب الإجماع" لابن تيمية، دار الكتب العلمية، بيروت، د. ت.، ص. 126.
[36] - الحرورية: هم فرقة من غلاة الخوارج، يكفرون الأمة، ويتولون الشيخين، ويستحلون الأموال والفروج، ويأخذون بالقرآن، ولا يقولون بالسنة أصلا، كانت نساؤهم تقاتل على الخيل كما تقاتل رجالهم، وهم أصحاب خيل وشجاعة (التنبيه والرد على أهل الأهواء والبدع لابن عبد الرحمن الملطي، تحقيق محمد زينهم محمد عزب، مكتبة مدبولي، القاهرة، ط.1، 1413/1992، ص. 42).
[37] - شرح الزرقاني على موطإ الإمام مالك، دار الفكر، د. ت، ج. 4، ص. 400.
[38] - الشفا بتعريف حقوق المصطفى، ج. 2، ص. 653.
[39] - الصحيفة السجادية للإمام السجاد، شرح علي حسن مطر الهاشمي، منشورات ناظرين، قُمّ، ط. 1، 1425 / 2004، ص. 69.
[40] النسبة إلى "أصول الفقه".
[41] - سورة النساء، الآية 59.
[42] - كتاب فضائل الصحابة لأبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني، تحقيق وصي الله بن محمد عباس، مركز البحث العلمي وإحياء التراث الإسلامي، جامعة أم القرى، مكة المكرمة، سلسلة "من تراثنا الإسلامي: الكتاب الثامن والعشرون" - مؤسسة الرسالة، بيروت، ط. 1، 1403 / 1983، الحديث 568.
[43] - انظر تفصيل ذلك في كتابنا "تذليل العقبات في طريق التقريب بين أهل السنة والشيعة الإمامية" (ص. 68 – 84).
[44] - استراتيجية التقريب بين المذاهب الإسلامية، منشورات المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو)، 1431 / 2010، ص. 48.
[45] - فضائل الصحابة، الحديث 507.
[46] - المصدر نفسه، الحديث 508.
[47] - وقعة صفين لنصر بن مزاحم المنقري، تحقيق عبد السلام محمد هارون، مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي، قُمّ، ط. 3، 1417، ص. 29.
[48] - المصدر نفسه، ص. 201.
[49] - الحركة الإسلامية: هموم وقضايا، لمحمد حسين فضل الله، دار الملاك، بيروت، ط. 2، 1412 / 1991، ص. 309 – 310.
[50] - أئمة أهل البيت ورسالة الجهاد، لحسن الصفار، دار الواحة – دار المحجة البيضاء، بيروت، ط. 3، 1424 / 2003، ص. 23.
[51] - عقائد الإمامية لمحمد رضا المظفر، دار الصفوة، بيروت، ط. 9، 1413 / 1992، ص. 94.
[52]- سيرة رسول الله وأهل بيته، ج.1، ص.377.
[53]- نقلا عن "سيرة رسول الله وأهل بيته"، ج.1، ص.377.
[54]- انظر تفصيل ذلك في "مفتاح الجنة في الاحتجاج بالسنة" للجلال السيوطي، تحقيق مصطفى عبد القادر عطا، دار الباز، مكة المكرمة- دار الكتب العلمية، بيروت، ط.1، 1407/1987، ص. 36-43.
[55]- إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول للشوكاني، ضبط وتصحيح أحمد عبد السلام، دار الكتب العلمية، بيروت، ط.1، 1414/1994، ص.54.
[56] جماع العلم للشافعي، تحقيق محمد أحمد عبد العزيز، دار الكتب العلمية، بيروت، ط.1، د. ت.، ص- 86. ورواه أيضا أبو داود، والترمذي، وابن ماجه، وابن حبان، والحاكم، والبيهقي، وأحمد.
- قواعد الحديث لمحي الدين الموسوي الغريفي، دار الأضواء، بيروت، ط.2، 1406/1986، ص152.[57]