[519] وأقول: بعض من قارب عصرنا ألحق به الزبيب المطبوخ في الطعام، فحكم بحرمته لانه يغلى ماؤه في جوفه، وتابعه بعض من لم يشم رايحة العلم والفقه من المعاصرين، وهو وهن على وهن، وربما يستدل له بخبر النرسي، وقد عرفت حاله، مع أنه لا يدل على مدعاهم، إذ الظاهر أنه انما يحرم إذا أدى الحلاوة إلى الماء، حتى صار بمنزلة العصير، ومعلوم أن ما يوضع من الزبيب تحت الارز في القدور، ليس بهذه المثابة، ولا يحلى الماء بسببه كحلاوة العصير، وكذا ما يلقى في الشورباجات فلما يصير بهذه المنزلة، نعم ما يدق ويدخل فيها قد يكون قريبا من ذلك وكأنه الزبيبة، وقد مرت الرواية بحلها، وبالجملة الحكم بالحرمة في جميع ذلك مشكل، وان كان الاحتياط في بعضها أولى. السادس: قال في المسالك: لا فرق مع عدم ذهاب ثلثيه في تحريمه بين أن يصير دبسا وعدمه، لاطلاق النصوص باشتراط ذهاب الثلثين، مع أن هذا فرض بعيد، لانه لا يصير دبسا حتى يذهب أربعة أخماسه غالبا بالوجدان، فضلا عن الثلثين، ويحتمل الاكتفاء بصيرورته دبسا قبل ذلك، على تقدير امكانه، لانتقاله عن اسم العصير كما يطهر بصيرورته خلا لذلك، ولا فرق في ذهاب ثلثيه بين وقوعه بالغليان والشمس والهواء فلو وضع المعمول به قبل ذهاب ثلثيه كالملبن في الشمس فتجفف بها وبالهواء، و ذهب ثلثاه حل، وكذا يطهر بذلك لو قيل بنجاسته، ولا يقدح فيه نجاسة الاجسام الموضوعة فيه قبل ذهاب الثلثين كما يطهر ما فيه من الاجسام بعد انقلابه من الخمرية إلى الخلية عندنا انتهى. أقول: ويؤيد الاكتفاء بالدبسية ما رواه الشيخ في الصحيح عن عمر بن يزيد قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: إذا كان يخضب الاناء فاشربه (1) وان احتمل أن يكون من علامات ذهاب الثلثين كما فهمه الشيخ رحمه الله، حيث جعل في النهاية لذهاب الثلثين الذي هو مناط الحلية ثلاث علامات: صيرورته حلوا، وخضبه الاناء، وعلوقه به، وذهاب ثلاثة دوانيق ونصف منه عند كونه على النار، وروى الكليني رحمه الله (2) بسند ________________________________________ (1 و 2) التهذيب 9 ر 122، الكافي 6 ر 421. ________________________________________