[ 89 ] اما الاول: فهو انه في باب الطرق ليس المجعول الا الطريقية والوسطية وتتميم الكشف، وعليه فمخالفة الطريق كمخالفة القطع له لا توجب التضاد وغيره مما اشير إليه. توضيح ذلك ان المجعول في باب الامارات والطرق ليس هو الحكم التكليفى كى تكون الحجية منتزعة عنه لما ذكرناه مفصلا في اوائل مبحث الاستصحاب من ان الاحكام الوضعية مستقلة في الجعل ولا تكون منتزعة عن حكم تكليفي، مضافا الى ان الحجية ليست من الاحكام التأسيسية بل هي من الاحكام الامضائية والشارع امضى ما عليه بناء العقلاء، ومن الواضح ان العقلاء لم يبنوا على جعل حكم تكليفي في موارد الامارات - مع - ان الحكم التكليفى ينعدم بالعصيان وليست الحجية كذلك. كما ان المجعول فيها، ليس هو التنجيز والتعذير، فان حسن العقاب على مخالفة التكليف وقبحه انما يكونان مترتبين على البيان وعدم البيان ومن لوازمهما غير القابلة للانفكاك، - وبعبارة اخرى - هما من الاحكام العقلية غير القابلة للتخصيص، فما دام لم يتصرف في الموضوع باعطاء صفة الطريقية للامارة لا معنى لجعل التنجيز والتعذير. وبالجملة في مورد الامارات غير العلمية بما ان موضوع حسن العقاب، وهو البيان والوصول غير موجود فما لم يتصرف الشارع فيها بجعل ما يكون موجبا لتحقق المقتضى للعقاب ليس للشارع جعل التنجيز والتعذير لانه تخصيص في الحكم العقلي. بل المجعول فيها الطريقية، أي ما للقطع بالانجعال وهو الطريقية والكاشفية التامة وتصير الامارة بذلك فردا اعتباريا للقطع، والبيان، والوصول. ودعوى ان اعتبار شئ يتصور على قسمين، الاول: ما يصير مصداقا حقيقيا للطبيعة بعد الاعتبار كالملكية. الثاني: ما لا يصير كذلك، والطريقية الاعتبارية من قبيل الثاني: إذ الامارة بعد اعتبار كونها علما لا تصير من مصاديق العلم حقيقة، وفى مثل هذا القسم لا بد وان يكون الجعل والاعتبار بلحاظ آثاره بخلاف القسم الاول فانه بعد صيرورته من مصاديق الطبيعة حقيقة بترتب عليه حكمها قهرا بلا احتياج الى لحاظ الشارع وجعله فاعتبار الطريقية لا بد وان يكون بلحاظ الاثر، وهو المعاملة مع المؤدى معاملة الواقع، فحينئذ لك ان تقول ان جعل المؤدى والمعاملة معه معاملة الواقع حيث انه ________________________________________