[ 62 ] [ اللفظ هو ذوات المعاني باوضاع عديدة، وليس في كل وضع تقييد المعنى بكونه مع قيد الوحدة بالوجدان ولا يكون منع من جهة الواضع ايضا، ضرورة ان كل احد لو راجع نفسه حين كونه واضعا للفظ زيد بازاء ولده ] = مستقلا في كلا النظرين، ووحدة النظر في الاولى وتعدده في الثانية غير مؤثر في احاطة الذهن بكل منهما بحياله، والشاهد على امكان ذلك وقوعه بالوجدان. إذا عرفت ذلك فنقول: ان كان الاستعمال عبارة عن افناء اللفظ في المعنى وذكر اللفظ وارادة المعنى مستقلا بالمعنى الاول، فلا اشكال في عدم جواز الاستعمال في أكثر من معنى، بل هو بديهي كالضرورية بشرط المحمول، وان كان عبارة عن افناء اللفظ في المعنى وارادته بنحو لم يكن اللافظ حين ذكر اللفظ ملتفتا الا إلى المعنى - وكأنه يلقي المعنى إلى المخاطب - لكن لا بحيث يكون ذلك المعنى تبعا لغيره في اللحاظ والارادة فلا اشكال في جوازه، لان المانع ان كان عدم امكان تعقل الشيئين مستقلا على نحو ما ذكرنا فالوجدان حاكم بامكانه، وان كان عدم تحقق معنى الافناء فلا نتعقل للافناء زائدا على ما ذكر من كون اللافظ حين ايجاد اللفظ غير ملتفت إلى اللفظ، ملقيا للمعنى إلى المخاطب، ولا فرق في ذلك بين أن يجعله فانيا في الواحد أو المعتدد مع عدم التفاته إلى اللفظ أصلا. وقد ذكر اشكال على أصل الاشتراك لا بأس بالاشارة إليه لمناسبة المقام، وهو: ان الوضع ان كان قصر اللفظ في المعنى فوضع الثاني مخالف للاول، وان كان قصر المعنى على اللفظ فينسد باب الاستفادة الا بالقرينة حتى في غير المشترك، لان معنى الوضع على هذا التزام ارادة المعنى من اللفظ لا عنده، وهو كما ترى. والظاهر: ان الوضع عبارة عن قصر اللفظ على المعنى بالتخصيص أو بالتعهد أو غيرهما من معانيه، ولا نتحاشى عن مخالفة الوضع الثاني للاول بهذا المقدار، فان مقتضى الاول عدم ارادة غير المعنى الاول من اللفظ الا بالقرينة الصارفة، ومقتضى الثاني ارادة المعنى الثاني أيضا بدون قرينة، وكذا الثالث والرابع إلى ما شاء الله، ولذا يحتاج إلى القرينة المعينة ولا يتعين شئ منها عند المخاطب الا بها، فيصير مقتضى الاوضاع المتعددة جواز ارادة تلك المعاني من ذلك اللفظ من دون قرينة صارفة، لكن ________________________________________