وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

كان قويّاً بالغاً رشده، وقد آتاه الله حكماً (بصيرةً نافذةً يفصل بها بين السليم والزائف) وعلماً (معرفةً كاملةً بحقائق الأمور وميزها عن السفاسف) فقد وجد من نفسه مكتملاً جامعاً بين قوة البدن وقدرة العلم والإيمان (وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ). وهكذا وجد موسى نفسه قوياً مقتدراً حيث ما شاء الله، فهبّ يشكر ربّه على وفور هذه النعم والآلاء، فكانت صيغة الشكر بهذا النمط الجميل الرزين: (رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِّلْمُجْرِمِينَ). وهذا تعهّد منه أن يبذل كلّ طاقاته في سبيل رضا مولاه، محاذراً أن يقع شيء من طاقاته موضع أطماع أهل البغي والإجرام، فيستغلوه في سبيل مصالحهم، الإجرامية، وفي سبيل الاستكبار. وفي هذه تذكار لأصحاب القُدَر العلميّة، وليحذروا استرخاصها من قبل أهل المطامع، فيستثمرونها لغايات هي وبال على العامّة، وعلى عكس رضا الله تعالى، وليعلموا أنّ ما لديهم من طاقات علميّة جبارة فإنّما هي نعم أنعم الله عليهم بفضله على الناس، مصداقاً لقوله تعالى: (وَعَلَّمَ آدَمَ الأسْماءَ كُلَّهَا...)[201] حيث أمكنه ـ وهو مثال الإنسانية مع الأبد ـ الاستطلاع على أسرار الطبيعة الكامنة، وكشفها واستثمارها في سبيل عمارة الأرض (هُوَ أَنشَأَكُم مِنَ الأرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيَها)[202]، وبذلك جعله خليفته في الأرض، يُنشئ ويُبدع ويتصرّف في مناحي الأرض والسماء بما شاء (وَسَخَّرَ لَكُم مَا فِي السَّماوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ إِنَّ فِي ذلِكَ لاَيَات لِقَوْم يَتَفَكَّرُونَ)[203].