وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

قال: «وأمّا دلالة قولهم: (آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِندِ رَبِّنَا) على التسليم المحض، فهو لا ينافي العلم، فإنّهم إنّما سلّموا بالمتشابه في ظاهره أو بالنسبة إلى غيرهم; لعلمهم باتّفاقه مع المحكم، فهم لرسوخهم في العلم، ووقوفهم على حقّ اليقين، لا يضطربون ولا يتزعزعون، بل يؤمنون بهذا وبذاك على حدٍّ سواء; لأنّ كلاًّ منهما من عند الله ربّنا، ولا غرو، فالجاهل في اضطراب دائم، والراسخ في العلم في ثبات لازم، ومن اطّلع على ينبوع الحقيقة لا تشتبه عليه المجاري، فهو يعرف الحقّ بذاته، ويرجع كلّ قول إليه، قائلاً: (آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِندِ رَبِّنَا)»[53]. وهذا يعني أنّ المتشابه متشابه في بدء النظر، سواء لدى العالم أم العامي، غير أنّ الجاهل القاصر يقتنع بظاهر اللفظ ولا يتجاوزه ،وربّما يزلّ به التعبير فيذهب به الوهم مذاهب بعيدة. أمّا العالم المتعمّق فيتصبّر ويتدبّر ليتكشّف عن واقع الأمر، حيث يرى أنّه كلام حكيم لا يهذو في كلامه[54]، فلابدّ أنّ وراء هذا الظاهر المريب حقيقة عصماء خفي وجهها، فيجدّ ويجتهد في الأمر حتّى يتحقّق ويتذوّق حلاوته، ومن جدّ وجد، ومن لجّ ولج (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ الله لَمَعَ الْمُـحْسِنِينَ)[55]. وهذا النجاح والفلاح إنّما نالهم بفضل إيمانهم القويم أوّلاً، حيث ثبتوا على العقيدة بأنّ كلام الحكيم حكيم، لا يسفه ولا ينطق بعبث. ولرسوخهم في العلم وتثبّتهم في الأمر، وبذل الجهد في سبيل معرفة الحقيقة ثانياً، ومن اطّلع على ينبوع الحقيقة لا تشتبه عليه المجاري. والباحث الصادق لا يضطرب أمام المتشابه اضطراب الجاهل الذي وضع إيمانه على حرف، (فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ