وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والسؤال: كيف هذه الحيلولة، وما وجه كونها عقوبة لمن نبذ أحكام الشريعة؟ وللإجابة على هذا السؤال وقع اختلاف عنيف بين أهل الجبر وأصحاب القول بالاختيار، كما تناوشها كلّ من الأشاعرة وأهل الاعتزال، كلٌّ يجرّ النار إلى قرصه، كما اختلف أرباب التفسير على وجوه أوردناها في الجزء الثالث من التمهيد، عند الكلام عن المتشابهات، ضمن آيات الهداية والضلال برقم (80). والذي رجحّناه في تأويل الآية، هو معنىً غير ما ذكره جلّ المفسّرين، استفدناه من مواضع من القرآن نفسه: إنّ هذه الحيلولة كناية عن إماتة القلب، فلا يعي شيئاً بعد فقد الحياة. لا تُعجِبَنَّ الجَهُولَ حُلَّتُهُ *** فذاك مَيْتٌ وَثَوْبُهُ الكَفَنُ الإسلام دعوة إلى الحياة، وفي رفضها رفض للحياة، تلك الحياة المنبعثة عن إدراكات نبيلة، والملهمة للإنسان شعوراً فيّاضاً يسعد به في الحياة، ويُحظى بكرامته الإنسانيّة العليا. أمّا إذا عاكس فطرته، وأطاح بحظّه، فإنّه سوف يشقى في الحياة، ولم يزل يتخبّط في ظلمات غيّه وجهله (الله وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُم مِنَ الظُّلُمَاتِ إلى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِنَ النُّورِ إلى الظُّلُمَاتِ)[284]. فالإنسان التائه في ظلمات غيّه قد فقد شعوره، وافتقد كرامته العليا في الحياة، فهذا قد نسي نفسه وذُهل عن كونه إنساناً، يحسب من نفسه موجوداً ذا حياة بهيميّة سفلى، إنّما يسعى وراء نهمه وشبع بطنه، لا هدف له في الحياة سواه. وهذا التسافل في الحياة كانت نتيجة تساهله بشأن نفسه وإهمال جانب كرامته، وهذا هو معنى قوله تعالى: (وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ