وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

ويتزاحم الكلام حول فدك الفيء، حتّى ليحار المرء فيما خلص منها: أهو نصف الثمر، أم نصف الأرض، أم نصفهما جميعاً، أم كلّ ما تشمل رقعتها من أرض وزروع وأموال؟ وكذلك الحال بالنسبة لتفسير الإنفال، فتكثر فيها الأقوال كثرةً تتباين معها معانيها، وتتغاير الآراء تغايراً يؤدّي إلى البلبال. وما ظنّك بكلمة يجمع مفهومها الغثّ إلى الثمين، ونعني: الخسيس والقيّم في نفس الآن؟ فهي سلب الرجل: درعه وسيفه، أوالزوائد عن أُصول الأشياء، أو ما سقط من المتاع بعد قسمة الغنائم، أو ما شذّ عن المشركين إلى المسلمين من عبد أو جارية، وهي ميراث من لا وارث له، أو القرى والديار التي تركها أهلها بالجلاء، أو الآجام ورؤوس الجبال، أو بطون الوديان، أو قطائع الملوك. وكثرت ـ من هذين الوجهين: الضئيل والجليل ـ التفاسير، وتشعّبت الطرق أمام الاستقراء والاجتهاد، واحتدم الصراع الحجّي بين فريقي النزاع، وكلٌّ يحاول أن يتعلّق بدليل يجعل له الغلبة على الآخرين: الفريق الذي يسيطر ولا يملك ... والفريق الذي يملك ولا يسيطر، حيث هذه نتيجة طبيعية لتزاحم التفريعات. فإذا «فدك» غارقة في نقاش لا آخر له، ينتقل بها من ضيق الحصر الموضوعي إلى بسطة الانفساح الجدلي، حولها انعقدت اليقينيات بالظنّيات، واقترنت التآويل بالتهاويل، فيها أكثر المناطقة أُولوا الحجج البادهة والألسن الأزاعيل[1448]، على ساحتها اجتمع حسم التقرير بذبذبة الترجيح. والخلاف الذي هي محوره انقلب كفاحاً لتسويد مبدأ، لا تهافتاً على امتلاك مال، تحوّلت من مشكلة خاصّة إلى قضية عامة. لم تعد مجرّد «شيء» تخومه مرامي البصر، بل غدت «معنىً» يلمّ بأبعاده ومض البصيرة.