وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

شعوره، لم يفه بحرف، خذلته بلاغة تعبيره، الصمت وحده كان جوابه، حتّى همساته تجمعّت على أطراف شفتيه. ومع ذلك فقد عاود الرسول خطابه، هذه المرة كان قلبه الكبير هو الذي يحدّثه، وكانت كلماته مصوغة من حنانه. كانت أعذب رنّةً، أنعم نبرةً، أحلى نغمة. وكانت أفسح ودّاً، وأرحب وعداً، وأفسح للرجاء ساحةً. إنّها لأحرى بأن تثير في عليٍّ مكنون مشاعره الخفرة، وأدعى إلى منحه القدرة على أن يوقظ نفسه التي خدرها خجلة، ويلمّ شتاتها بعد تبدّد وانتثار. قال له النبي: «لعلّك جئت تخطب فاطمة!»[972]. فما أن انطلقت هذه العبارة، حتّى اندفع الدم من عروق الشاب، تتسابق قطراته إلى وجهه حتّى لأوشكت أن تنبجس من مسامه! تضرّجت وجنتاه، برقت عيناه، وجف[973] قلبه يطفر بين جنبيه كما يرفرف جناحا طائر، وكانت خفقاته سريعة الإيقاع، لاتخفى حركاتها عن البصر وإن سترها عنه صدره، كما لا تخفى رنّاتها على السماع. حتّى إذا فاء قليلاً إلى هدوئه، وسكن جأشه بعض سكون، ترنّمت دقّات فؤاده شاديةً بلحن ساحر حلو، كأنّه نفث داود في الناي، لم تزد كُسوته اللفظية عن أحرف ثلاثة، لكنّها أحرف كانت تضمّ أغلى مرامي أحلامه. همس بصوت غضيض[974]، الحسيس، خفيض النبرات: «نعم». فصبّ الرسول ابتسامةً حلوةً في ناظريه، وأجاب: «مرحباً وأهلاً!»[975].