وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

ائتلاف روح بروح. وكان يشعر أنّها ـ بحسّها الرقيق ونفسها الشفّافة ـ تعلم عنه هذا الذي يخالجه من شعور، ففي عينيه صور أحاسيسه، ووراء شفتيه حروف عذراء خفرة[957]، يودّ لو أنّها انتظمت كلمات ينبض جرسها بخفقات فؤاده المتواتر الوجيب[958]. وأثناء حومه المستمرّ حول أبيها كانت ثمّة عاطفة أُخرى ـ إلى جوار حبّه المطلق لرسول الله ـ تحرّك أيضاً حركاته. إنّها لتراه، ظاهراً وباطناً تراه! أليست قريبة منه كوتينه؟ عارفة ـ كذاته ـ بمكنون ذاته؟ امتداداً لكيانه؟ قارّة في ضميره قرار إيمانه؟ ولم يكن هؤلاء الصحب أول ولا آخر الذين كاشفوه بأمر الزهراء، غيرهم كثير، نفر من أهله حثّوه على البدور[959]، لكنّه كان يحجم مهابةً أن يتحدّث في شأنها وشأنه إلى أبيها، فدون ذلك العيّ واحتباس اللسان. وكيف يقدم؟ وما السبيل، وبينه وبينها سوران شاهقان، اجتيازهما عسير عسير: سور من الحياء، وسور من الفاقة؟ فمع ملازمته رسول الله ملازمة الظلّ في كلّ وقت إلاَّ ساعات يقضيها في سعي وعمل أو في تعبّد واعتكاف، ومع فرط حبّ أحدهما الآخر، وإلْفه إيّاه إلْف أب لولده، وولد لأبيه. مع هذا كلّه، فقد كان حياؤه من الرسول يغلبه على ثبات جنانه، فيرتدّ بصره عنه كما يرتدّ عن وهج الشمس المتألّق ولمع البرق الخطّاف بصرك وهو حسير.