وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

إنّما كان مسجد الرسول بالمدينة، وكما ينبغي أن تكون المساجد، متّسعاً لكلّ صنوف النشاط البشري الذي ينفع الناس. فهو مسجد «جامع» يضمّ مختلف أنواع السلوك التي توافق طبيعة الإسلام، إنّه متعبَّد ومتهجَّد، ومكانٌ لبثّ الدعوة، ومدرسةٌ للتفقيه، وملتقىً للوافدين لاعتناق الدين، ومأوىً وملاذٌ لمن ليس لهم من المؤمنين مأوىً ولا ملاذٌ، ومجمعٌ للمسلمين حين الاستنفار لدفع الأعداء، وموقعٌ لعلاج الجرحى والمصابين، ودارٌ للندوة، ومقرٌّ للحكم. وعندما وصل محمد إلى «يثرب» بعد هجرته، واستخفّت الفرحة قدمها للقائه، وتخاطف كثيرون منهم مقود ناقته، كلّ فريق يحاول أن ينيخها بمنازلهم، ليكون لهم شرف حلوله بين ظهرانيهم ... ردّهم عليه الصلاة والسلام عن ذلك، وقال لهم: «خلّوا سبيل ناقتي» وقال: «دعوها فإنّها مأمورة»[841]. ثم ألقى بخِطام[842] الناقة على غاربها، وتركها تمضي إلى حيث أراد لها الله أن تمضي، وأن تبرك على حيثما أراد لها البروك. وبركت الدابّة على مربد سهل وسهيل ابني عمرو، فابتاعه النبي، وخطّ عليه مسجده على هيئة فناء فسيح، رفعت جدرانه الأربعة من آجر وتراب، وسُقِّف جانبٌ منه بسعف النخيل، وتُرك جانبٌ آخر مكشوفاً ... فكان بعضه مأوىً ومرقداً لفقراء المسلمين ممّن لا منازل لهم ولا ديار .... ثم بنى الرسول بيته حافّاً بالمسجد كقطعة منه، وعلى نفس طرازه، كأنّما عنى أن تكون داره مدد ذلك النشاط البشري المتعدّد الشعب والجوانب، وأن يتلاءم البناءان، طرازاً وهيئةً، حتّى ليبدو كلٌّ منهما وإنّه لمتمّم للآخر. كانت الدار لصيقة بالمسجد، ومطلّة على فنائه .... وكانت بضع حُجرات بسيطة بغير زخرف، بعضها من جريد يمسكه الطين، بعضها من حجارة مرصوصة .... بابها بغير حلقة يطرقها الطارق، اكتفاءً بقرعه بالأظافر عند الاستئذان للدخول[843].