وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

الرومان الذين تجمّعوا ليقتادوه للصليب! كيفما كان ما وقع لهم أو حاق بهم، فقد مضى النبي من بينهم إلى حيث صاحب هجرته، وهم أمثال خُشُب مُسنَّدة، أو كأصنامهم الصمّ العمي، لا يسمعون ولا يبصرون ولا يشعرون. وقبعت[767] فاطمة قلقة تسامر النهار! فماذا لو اقتحم عليها المشركون المكان؟ وماذا لو مزّقوا الشاب الراقد، ملتحفاً ببردة الرسول، قبل أن يفطنوا أنّه ليس الطريدة المبتغاة، التي تربّصوا لها بالسيوف الحداد؟ لقد خرج أبوها في الله. ولقد رقد علي في الله. وكما أنّ الهلاك يقف شاهراً منجله دون خطوة واحدة على طريق الارتحال، فهو يشهره أيضاً على مهاد الرقاد. فلا عجب إذاً لو اعترى قلب الفتاة حينئذ وجيف ووجيب[768]، حتّى لكأنّما في صدرها تنّور يفور، ويوشك أن يقذف ما بجوفه الملتهب كما يقذف حممه المنصهرة بركان. وهل من حيلة لها إلاَّ أن تضطرب وتوجل وتنزعج، وقد سبقت إلى بالها خشية ما عسى أن تنجاب عنه أستار الليل، ويطلع عليه ضوء النهار؟ لا حيلة! لا مناص وإن هي علمت ـ يقيناً ـ أنّ ربّها مانع كليهما، ومسلّمهما إلى منجاة. فالخوف غريزة، وديدن الغزائز الجموح، ورهبة المجهول المحجوب وراء قضاء الله من طبيعة الناس، لكنّه ليس يعني دائماً انتفاء اليقين، بل إنّه ليؤكّده ولا ينفيه. والفكر الإنساني في حياتنا الدنيوية محدود لا يعرف الإطلاق، والنظرة ـ بقدراتنا ومقاييسنا البشرية ـ إلى الأشياء والأُمور نسبية، تختلف من إنسان لإنسان