وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

ولا نأمة[756] نبرة، ولا حسيس أنفاس ... كأنّما غدت أثراً من طلل في وادي الرمل على مدرجة التيه، حتّى لقد لفّت الصبية وحشة مروّعة أوشكت أن تثبت في خلدها أن سوف تفارقها إلى آخر الحياة. ثم لعلّها رنّت ـ بعين العاطفة ـ إلى حَشيَّة أو مهاد ألفت في بواكير سنيّها تأوي فوقه إلى حضن خديجة، فإذا هو خال من الأم العطوف الرؤوم ... وإذا هي بامرأة أُخرى قد استوت عليه، أو رقدت فيه، ليس لها من صفات سيدته الأُولى نصيب إلاَّ عمر تقدّم بها إلى ما وراء الكهولة، وطيبة تعدّ في كرام المناقب وإن كانت أدنى إلى سذاجة الطفولة. فما سَودَة بنت زَمعة كخديجة. لا هي بذات جمال، ولا هي بذات فطانة، ولا هي بذات «شخصية» قوية آسرة، تجتذب الانتباه، وتمتلك العقول، وتتفرّى على حدّ بديهتها اللماحة وذكائها الألمعيّ خيادع الآراء وزيوف الأفكار. كانت ـ كأُنثى ـ لا تكاد تتوسّط بنات جنسها، بقدر ما كانت تداني مؤخّرة الصفوف. وعندما خطبها رسول الله، إنّما فعل برأيها، وعطفاً عليها، إذ كانت من أُوليات المهاجرات بالحبشة، ومات عنها زوجها السكران بن عمرو بعد أوبتهما من المهجر بقليل ... وكرّمها النبي، فمحا عنها وحشة الترمّل، بعد أن امّحت عنها وحشة الغربة عن الديار. ودخلت بيته زوجةً، وأُمّاً للمؤمنين ... ولم تكن ـ في الحقّ ـ تحلم أن تظفر بشيء خير من هذه الفضيلة التي رفعتها مقاماً عليّاً بين نساء العالمين. وكانت تتحدّث بنعمة الله، فتقول: «والله ما بي على الزواج من حرص، ولكنّني أُحبّ أن يبعثني الله يوم القيامة زوجاً للرسول». * * *