وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

فهل لهم عن الخزي من محيص؟ هل كان أحد في العرب يحسب أنَّ النجاشي خاذل قريشاً حليفته، وبائع ودّها بالثمن البخس ـ بل بلا ثمن ـ من أجل نفير غير ذوي أيد، فارقوا عقيدتها، وسفّهوا حلومها، وعابوا آلهتها، وفسّقوا آباءها... ثم نفض سفيريها عن دولته نفض القذر عن طيلسانه الطاهر النظيف؟ هل ثمة ما هو أصدق من موقف ذلك العاهل العادل دلالة على شول[488] كفّة المشركين، وخطل[489] رأيهم، وفساد ملّتهم أن ينبو بهم وبمبعوثيهم ـ قولاً ومسلكاً ومقاماً ـ فينتصر منهم للجماعة المهاجرة كأنّه لها ولي حميم، وكأنّه لهم عدوّ غريم؟ * * * وكيفما كان ما وقع من بعدُ بمكة، من جبابرة الكفر والغواية، فإنّ تلك الهجرة إلى الحبشة كانت من طوق الاضطهاد الحديدي ـ الذي حبسوا المسلمين في نطاقه طوال ما فات من سنين ـ بمثابة مادة حمضية حارقة، راحت تجري عليه بالتآكل والتفتيت حتّى أوشك على الذوبان. فلقد فتحت عيون روّاد الإيمان من طلائع المسلمين على مراغم لهم كثيرة، وسعة بأرض الله فيما يلي حدود البلدة الحرام، وكانت في ذاتها حرباً صامتة على الكفر، لا تسمع فيها صلصلة أسنّة، ولا قعقعة سلاح، كانت كفاحاً هادئاً مستأنياً، لا يقابل العنف بالعنف، ولكنّه لا يقابله أيضاً بالاستسلام، كانت مقاومة سلبية، هي بسلبها في هذه الأيام الحازبة أفعل من الإيجاب، وأقدر على اتّقاء الأخطاء، ثم على الإثمار والإخصاب. وأهل مكة الذين رأوا كيف زلزل موقف النجاشي عنجهية[490] أشراف قريش، تبيّن