وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

بعد بضع سنين، وكانت نذيراً بما ادّخره الله للمشركين من وبال وسوء مآل. قيل: أقبلت عاتكة يوماً على أخيها العباس تقصّ عليه: رأيت والله الليلة رؤيا أفظعتني، وتخوّفت أن يدخل على قومك منها شرّ ومصيبة. فسألها: وما رأيت؟ قالت: رأيت راكباً أقبل على بعير له حتَّى وقف بالأبطح، ثم صرخ بأغلى صوته: ألا انفروا يا لغدر لمصارعكم! ثم مثل به بعيره على رأس أبي قبيس، ثم أخذ صخرةً فأرسلها، فأقبلت تهوي، حتّى إذا كانت بأسفل الجبل ارفضّت، فما بقي بيت من بيوت مكة إلاَّ دخلته منها فلقة[487]. وكذلك كان موقف عاهل الحبشة، دخلت قصته بمكة في كلّ دار، فإذا هي نذير نقمة وشرّ لأهل الوثنية، وبشير نعمة وخير لجماعة الله. كانت لكلّ من الفريقين أشبه بسطحي القمر: سطح خبيء مظلم، وسطح ظاهر منير، أو كمثل درهم أو دينار، فأيّ عملة ـ كما تنطق هيئتها، ويجري مجرى الأمثال ـ لها وجهان، وبحسب اتّجاه النظرة إلى هذه الناحية أو تلك منها، تظنّ صفة المنظور. البيت المسلم رأى عاقبة سفارة الأفّاكين، وإنّها لعزّة تدعم جانب المؤمنين، وترويج للدعوة الإسلامية، يغري نفراً من الناس بالإقبال على الدين الجديد، أو ـ في أقل القليل ـ يشدّهم إلى الإرواد في تفهّمه بالتدبّر والرويّة، لا إلى مجابهته بالصدّ والنفور. والبيت المشرك رآها، وإنّها لمذلّة لأهله وأشباههم من أصحاب عصبية الجاهلية الذين ضلّ سعيهم عند حليفهم سيد أرض الحبشان، بعد أن كانوا موقنين أثبت يقين أنَّه لا محالة ناصرهم، فلا هو آزرهم وأيّدهم، ولا هو حاسنهم وداجاهم، بل عنّف بهم، وردّهم عن بلاده ردّاً قاسياً غير جميل، تطاردهم معرّة الهوان.