وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

لهم أنّ أصحاب محمد ـ مقيمهم ومرتحلهم ـ قد تبدّلوا بخوفهم أمناً، وبقلقهم طمأنينة، وأنّ الثقة التي أودعتها نفوس المسلمين هجرتهم تلك، قابلها بنفوس أهل الوثنية شكّ في عقيدة الآباء يخامر خواطرهم وإن هم كتموه ولم يسفروا عنه استكباراً وصلفاً وضغينة. وأنّ ديناً يؤثره أبناؤه على الوطن والولد والمال لهو دين حقيق بالنظر والتفكّر إن لم يكن حقيقاً بالمؤازرة والاتبّاع. وأنّ ثمّة علائم توحي بوشك تضعضع الشرك والانفضاض عنه، بعد أن انقلبت عليه المسيحية ـ الدين الغالب على دنيا تلك الأيام ـ متمثّلة في النجاشي الذي ظنّ المكّيون أنّه وقومه حلفاؤهم الطبيعيون على مقاومة الإسلام. فهل كان هذا الذي حدث يعني ـ على أيّ وجه من الوجوه ـ انتصار دعوة التوحيد، أو ميل أعدائها إلى رفع الراية البيضاء; إيذاناً منهم بنبذ أسباب الشقاق والخصام، والفيء إلى الوفاق والسلام؟ كلاّ، فما وقع لم يكن ليعني هذا أو يعني ذاك، ولا خدع المسلمين عن حقائق الأوضاع السائدة فقارفوا الدعة، في وقت كان فيه الركون للدعة كمقارفة كبائر الفواحش والآثام، ولا جال ببالهم أنّه أمر وشيك الحلول وإن هو ظلّ دائماً أُمنيةً عذبةً، تراود أخيلتهم حين اليقظة، وتعيش في أحلامهم آونات المنام. فدونه سور شاهق من الغيّ والجهالة يحاجز بين قريش وبين النور، دونه استغراقها في ضلالة الآباء، دونه ذخر في وفاضها[491] مذخور من الحمق والعناد، ومن المواجد والأحقاد. بل قد كانت تلك الفترة لكلا الحزبين: حزب الله وحزب الشيطان، أدنى إلى مهلة للاسترواح أو لالتقاط الأنفاس، كانت تهيّؤاً للسباق.