وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

إحساسها العميق بقرب بزوغ الفجر الموعود لكانت نهرها كلّها موجات من ليل يسبقه ليل، ويتبعه ليل، تمشي الهوينا على درب من حلك الظلمة لا تُرى له نهاية. وحدّثتها نفسها: إن هو إلاَّ نأي موقوت، فراق إلى لقاء، بعاد فمعاد. ثمّ تكشّفت لبصيرتها هذه الرحلة، وإنّها لسياسة بارعة، إن يكن هدفها الظاهر نجاة وفرار، فهدفها الخفيّ فتح الطريق واسعاً تيار الدعوة الإسلامية للتدفّق والانتشار، أَوَليست الحبشة حينذاك كسفينة نوح؟ بلى! انّها لكذاك، فهي عصمة لأتباع الله من طوفان العدوان، وهي عيبة تحتويهم بذوراً صالحة لاستنبات الإيمان. وصدق الشعور، وأيّدت صدقه الأحداث، كما أكّدته الأخبار. في بدء الأمر، كان أولئك النازحون عن ديارهم أحد عشر[483]، بعد وقت قصير، أصبحوا فوق الثمانين. ومن حيث أراد المشركون اقتناص هذا السرب الصغير من الطيور المهاجرة على حين غفلة منها، وهي في عشّها الحبشي الجديد، كفأ الله عليهم ميزان التقدير، فإذا السرب يلقون الأمن، وإذا الصيّادون ينقلبون بالخيبة. الأفراخ الغريبة الضعيفة، الخفيفة الريش، الرقيقة الأجنحة، الطريّة المناسر[484]، أمدّها ربّها بما لم يجل لأعدائها في حسبان، فصارت ـ في كَنَف النجاشي ـ وإنّها لعُقبان وشواهين، وصقور ونسور.