وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

بابها رقد شيخ أبيض اللحية والرأس من الشيب، فتناجيا مليّاً، ثم فارقه أُمية راجعاً إلى رفاقه وهو كاسف البال[444] مهموم ... وواصل وإيّاهم السير. وكما فعل في ذهابه فعل في إيّابه، ارتقى الربوة ثانيةً، وتحدّث والديراني العجوز، لكنّه عندما آبَ[445] كان أسوأ حالاً، وعلى هيئة من الوجوم والهموم لم يروه عليها من قبل، كان باهت اللون، كالح الأسارير[446]، فمه المفغور[447] قد ماتت على شفتيه الكلمات، نظراته الجوفاء تنبعث من فراغ لتتّجه إلى فراغ، محيّاه كصفحة بيضاء لم يخطّ فيها يراع، وكان جامد الحركة، خطواته ثقيلة، مشيته خرساء، لكأنّه كان يسير في النوم، كأنّه غرس قدميه في الرمال. وعجب لأمره، وأشفق عليه أبو سفيان، فأحبّ أن يخفّف عنه، أو يغريه ببثّه ما يعانيه، همس له: قد شققت على نفسك وعلى رفقائك يا أُمية، فما بالك؟ وتلبّث به برهةً لا يسمع منه إلاّ لهثات، ثم جاءه أخيراً ردّه، وقد ثاب إلى نفسه بعض ثوب، يجيبه في مرارة وضيق: خلّوني، فإنّي أرتاد على نفسي لمعادي. فلم يفهم صاحبه منه، لكنّ أُمية ما لبث أن أسفر له عمّا في دخيلته، كأنّ قد أُكره على الإسفار، ينتزع من حلقه الكلام انتزاعاً، فيفضي بما أهمّه بصوت خافت الجرس، مهتزّ النبرات: إنّ ها هنا راهباً عالماً أخبرني أن تكون بعد عيسى ستّ رجعات، وقد مضت خمس وبقيت واحدة ولقف نغبة[448] من أنفاسه ثم أضاف: وكنت أطمع في النبوة، فلمّا رجعت أتيته قال: قد كانت الرجعة، وقد بُعث نبي من العرب، فيئست من النبوة، وأصابني ما رأيت.