وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وانتهت الرحلة، وأغلق على أمل أُمية غلاف الكتاب[449]. * * * عاد العابد الثقفي ومن معه إلى مكة، فإذا محمد قد بُعث، وإذا قلّة معه وكثرة عليه، وإذا الآراء في رسالته تتأرجح بقومه من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، بين متابعته وبين منازعته، إلاّ ذلك النفير القليل الذين اهتدوا وأسلموا وجوهم لله. عندئذ حدّث أبو سفيان صاحبه: هذا محمد قد بُعث! قال أُمية: أما والله إنّه لحقّ فاتّبعه. قال أبو سفيان: وأنت، ما يمنعك أن تتّبعه؟ فأخرج ما بقلبه، وأجاب: الحياء من نساء ثقيف، إنّي كنت أُخبرهنّ أنّي هو، فكيف الآن أتّبع فتىً من بني عبد مناف[450]؟ بل الحسد ما قد منعه وليس الحياء، ولم يسلم، لم ينفعه علمه. كان كمن نزل فيه قول الله: (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ)[451]. ورحل ... انصرف عن متنزّل الرسالة السماوية، بعيداً إلى اليمن في أقصى جنوب الجزيرة، كأنّما فراراً بنفسه من الإيمان. لكن ندمه على هذا الذي فرط منه راح يطارده بقية العمر، أينما ولّى ورحل، أو حلّ ونزل، مطاردة ظلٍّ لظليل، لم يفارقه في يقظة ولا منام. فلمّا أن حضرته الوفاة، تحسّر وتلوّم، كما لم يتحسّر قطّ وأسباب الحياة مبسوطة حواليه، انتبه مرّةً وهو يعاني سكرات الموت، من غشية أخذته، فزجر نفسه ـ ولات حين زجر ـ أن استكبرت، فإذا هو بغير زاد ولا حميل على طريق هذا الرحيل.