وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

عملية ارتقاء روحية للداعي، بحيث تنتشله من ربقة الأُطر المادّية الزائفة، لتحلّق به بعيداً إلى عام الملكوت، حيث المُثُل السامية العُليا. وقد امتازت الديانات السماوية بهذا اللون المقدّس من عملية الارتباط مع الله عزّ وجلّ، واشتملت على توصيات عدّة للأتباع للحثّ على طلب الدعاء، وتجنّب التفريط به. غير أنّ الإسلام امتاز عليها باهتمامه الفائق به من جهتين: الأُولى: من جهة تفصيله، إذ أنّ الدعاء لا ينحصر في الدعاء اللفظي، وإنّما هو على ثلاثة أقسام: دعاء بالجنان، ودعاء باللسان، ودعاء بالأركان. والأول: أن يتشوّق الإنسان إلى نيل مآربه من الله سبحانه، ويتمنّى ذلك عليه، قاطعاً بأنّه سوف يوصله ذلك. والثاني: أن يقول بلسانه ويتلو الأدعية المرويّة بألفاظها المأثورة، وهي عادةً ما تبتدئ بلفظ «اللّهم» أو «إلهي» ونحوهما. والثالث: بالأركان، وهو الحركة والسعي لتحقيق ذلك المراد، وتسبيب الأسباب الطبيعة التي من شأنها تحقّق ذلك الشيء المطلوب. والدعاء المستجاب في حقيقته هو إذا ما اشتمل على هذه الأقسام الثلاثة، بأن يتوجّه نفسياً إلى الله سبحانه بتحقيق رغبته، وأن يتحرّك بأركانه ليسعى إلى تحصيله من الطرق المعهودة، وأن يتعبّد الله سبحانه بالسؤال اللفظي في توفيقه وتمكينه من تحقيق رغبته. كما ورد التفصيل في الدعاء بين ما هو محدّد مؤقّت بأوقات معلومة وأماكن خاصة أو لأغراض معلومة خاصة، وبين ما هو ليس بمحدّد ولا مؤقّت... وهكذا والثانية: من جهة كثرة الروايات الواردة في شأنه، من الترغيب في تعاطيه، والنهي عن التفريط به، المأثورة عن النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله) وأهل بيته(عليهم السلام) وصحبه الأبرار. لذا فقد حفلت المكتبة الإسلامية بمئات المجلّدات من كتب الأدعية والأذكار والأوراد ممّا أُثر عن النبي(صلى الله عليه وآله) في هذا السياق، والأئمة الطاهرين من أهل بيته الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً، وأصحابه المنتجبين ممّن عُرفوا بالتقوى والزهد والعبادة، فعكف على ترتيبها وتنظيمها ونشرها علماء أبرار، قد بذلوا جهوداً كبيرة لاقتفاء الآثار الواردة في