ـ(201)ـ واعتبر الفواصل المتقدمة فواصل جزئية ظاهرية لا يجوز تقديمها على الروابط والمشتركات الكلية، وجعل التقوى وعمل الخير والجهاد في سبيل الله، وطاعة الله ورسوله، والإخلاص هو الميزان الذي توزن على ضوئه جميع الانتماءات والولاءات. فقد اقرّ التعددية في حدودها الجزئية لكي تكون وسيلة للتنافس المشروع في تطبيق المفاهيم والقيم الإسلامية في واقع الحياة، ويكون عنوان الإسلام هو الجامع للانتماء والولاء، وهو الدافع للعمل والسير وهو الحاكم على العلاقات والارتباطات المختلفة. وقد اثبت القرآن الكريم ان التعددية في الانتماء والولاء داخل الكيان الإسلامي لم تكن سببا للتناحر والتنافر، فقد اثنى على جميع الوجودات والانتماءات برؤوسها واتباعها، حيث تعاونوا وتآزروا في طاعة الله ورسوله، وشاركوا في أداء المسؤولية الواحدة ولم تكن التعددية عائقة من العمل والمثابرة لتحقيق الهدف الواحد والغاية الواحدة. والدرس المستنبط من القرآن الكريم وتعامله الموضوعي مع واقع التعددية، ان الوحدة الإسلامية لا تعني إلغاء الانتماءات والولاءات المنضوية تحت راية الإسلام، ولا تعني الانصهار في عنوان واحد، وإنّما تعني وحدة الموقف اتجاه مختلف القضايا التي تواجه المسلمين داخليا وخارجيا، والانصهار في عنوان واحد حالة مثالية لا تتحقق في الواقع، فيبقى المسلمون منقسمين إلى سنة وشيعة ومتوزعين على مذاهب مختلفة، وان كان الإسلام هو العنوان الجامع بينهما.